مدير البيئة بتيزي وزو مبارك آيت عودية لـ ”المساء”:

رصد 460 نقطة سوداء بسبب الرمي العشوائي للنفايات

رصد 460 نقطة سوداء بسبب الرمي العشوائي للنفايات
مدير البيئة بتيزي وزو مبارك آيت عودية
  • القراءات: 2563
❊ حاورته: سميرة زميحي ❊ حاورته: سميرة زميحي

كشف مدير البيئة بولاية تيزي وزو مبارك آيت عودية لـ المساء، عن إحصاء أزيد من 460 نقطة سوداء بالولاية نتيجة الرمي العشوائي للنفايات والقمامة المنزلية، الأمر الذي انعكس سلبا على الصحة العمومية، مضيفا أنّ المواطن هو المتسبب الأول والرئيس في التدهور الذي طال محيطه البيئي، إذ يستدعي الأمر، حسبه، العمل على تجاوز فكرة المعارضة، والسماح بإنجاز وحدات لعلاج النفايات وإعادة تدويرها، مؤكّدا أن مشكل الانتشار الكبير للنفايات بالولاية مازال مطروحا رغم نشاطات التحسيس والتوعية، والمساعي الرامية إلى تجسيد عمليات الفرز الانتقائي، وهو الوضع الذي فصله نفس المسؤول في هذا الحوار.

أحيت تيزي وزو اليوم العالمي للبيئة المصادف لتاريخ 5 جوان، فما هي مكانة البيئة بالنسبة لسكان الولاية؟ وما مدى تجاوبهم مع إحياء هذا اليوم؟

❊❊ أحيت ولاية تيزي وزو اليوم العالمي للبيئة المصادف لتاريخ 5 جوان من كل سنة كباقي ولايات قطر الوطن، عبر التحسيس والتوعية بأهمية حماية البيئة، حيث تم هذه السنة إحياء هذا اليوم موازاة مع إحياء اليوم العالمي للتنوع البيولوجي المصادف لتاريخ 22 ماي، الذي كان فرصة لتحيسس المواطن بضرورة الوعي بالأخطار والأضرار التي تلحق البيئة، على اعتبار أنّ المواطن هو المتسبّب الأول في التدهور الذي يطال محيطه البيئي ووسطه المعيشي؛ إذ نجد الوديان ملوثة بالنفايات، والزيوت التي تلوث المياه وتقتل الأسماك... وغير ذلك. ونفس الوضع تواجهه الشواطئ والغابات، وهو الأمر الذي جعل مديرية البيئة تدق ناقوس الخطر إزاء الانتشار الرهيب للأوساخ، وانعكاسها السلبي على البيئة والمحيط بشكل عام.

وكما يعلم الجميع، تم مؤخرا، بسبب التلوث الكبير الذي طال الوسط البحري بالولاية، تسجيل نفوق 4 حيتان من نوع العنبر الكبير بشاطئ تيقزيرت، وفقدان أنواع من الحيوانات والأسماك لانعدام الوعي عن بعض المواطنين الذين يلوثون المحيط والطبيعة، وهو ما أدى إلى انتشار العديد من الأمراض. وما إحياء اليوم العالمي للبيئة إلاّ مناسبة للتحسيس والتوعية بالنتائج السلبية التي تحصيها المديرية بالبيئة، ما يتوجّب عليها دقّ ناقوس الخطر للتجاوز الصارخ الذي يهدّد البيئة بسبب تصرّف الإنسان، حيث تعمل عدة قطاعات في إطار التحسيس بهذا التعدي غير المقبول على الوسط البيئي، على غرار الحماية المدنية وأجهزة الأمن ومديرية الفلاحة... وغيرها من القطاعات التي تبذل مجهودات جبارة للتحسيس بأهمية نظافة البيئة، لتفادي حرائق الغابات وغيرها من الرهانات والمخاطر الأخرى، على اعتبار أنّ الكل معنيّ بتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة، فهي ليست مهمة قطاع البيئة أو مديرية الحماية أو محافظة الغابات فقط، وإنّما هي مسألة تخصّ الجميع، والنظافة تبدأ من المنزل لتساهم في حماية البيئة.

البيئة تعاني من تدهور كبير أمام انتشار المفارغ، ما تقييمكم لواقع الولاية بهذا الخصوص؟

❊❊ للأسف تقييمنا لذلك مرّ، حيث قمنا بإحصاء المفارغ التي تضمها الولاية، ووصلنا إلى تسجيل أكثر من 460 نقطة سوداء نتيجة تكدس أكوام النفايات المنتشرة في الطبيعة والمحيط، حيث إنّ هذا العدد يؤكّد بوضوح، التصرّف السلبي للمواطن إزاء البيئة، على اعتبار أنّه يقوم بالرمي العشوائي للنفايات على مستوى الطرقات والغابات والوديان.. بدون وعي منه بالأخطار والأضرار المترتبة عن ذلك، والتي لها انعكاس سلبي كبير على البيئة والكائنات الحية والنباتات والأشجار.

تسجيل الولاية هذا العدد من النقاط السوداء هو أكبر دليل على عدم التقيّد بالفرز الانتقائي للنفايات والتخلّص من القمامة برمي كل شيء في المحيط، ما يترتب عنه تلوث التربة، وتضرر المحاصيل الزراعية والفلاحية، ناهيك عن تخريب نظام الطبيعة، فرغم نشاطات وحملات التوعية والتحسيس النقص مازال مطروحا، الأمر الذي دفع مديرية البيئة إلى توجيه نداءات مستمرة إلى المواطنين، للعمل على تغيير سلوكاتهم والتحلي بالحسّ الحضاري، واستعمال الطرق التقليدية في معالجة النفايات، حيث كان القدماء يستعملون تقنية الكمبوستاج في ما يخص المواد العضوية والفرز الانتقائي، عبر إعادة رسكلة ما يمكن رسكلته من خلال تثمين النفايات وتقليص حجمها، ما يعود بالفائدة على السكان والمحيط البيئي بشكل عام.

استفادت تيزي وزو من برنامج لإنجاز وحدات لمعالجة النفايات، كم عددها اليوم؟

❊❊ استفادت الولاية من وحدات لمعالجة النفايات، منها مركز الردم التقني للنفايات المنزلية بكل من واد فالي ببلدية تيزي وزو وذراع الميزان وواسيف، إضافة إلى مفرغة منتظمة تخضع للمراقبة، بكل من بني زمنزار وبني دوالة، في حين يُنتظر فتح وحدات لمعالجة النفايات بكل من أقوني قغران وتادميت، وأخرى ببني زمنزار. ورغم تسجيل الولاية نحو 8 نقاط لمعالجة النفايات، إلاّ أنها تبقى قليلة؛ كون تيزي وزو تضمّ كثافة سكانية تزيد عن مليون ونصف مليون مواطن، الأمر الذي يترتّب عنه تزايد حجم النفايات المنزلية. والسؤال المطروح: إلى أين تتّجه هذه الأكوام، علما أنّ مركز واد فالي يستقبل نحو 400 طن من النفايات يوميا؟

وأكّد المتحدث أنه يجب على المواطن اليوم التفكير في جهود أعوان النظافة، الذين يجمعون نفايات وأوساخا يتم رميها في كلّ مكان، ويسهرون على ضمان نظافة المحيط الذي نلوّثه نحن، حيث يجب علينا احترام عملهم النبيل الذي يقومون به، علما أنّه يتم حاليا جمع أكثر من 400 طن من النفايات يوميا عبر إقليم الولاية، لكن في المقابل، هناك أكثر من 400 طن أخرى مرمية بالطبيعة والمحيط، كما أنّ الوضع اليوم يتطلّب إنجاز مراكز للردم والمعالجة، تسمح باستقبال النفايات، وعلى المواطن التوجه نحو سياسة الفرز بالتنسيق والعمل مع الجميع، خاصة أنّ هناك من القرويين من توجه نحو عملية الفرز رغم قلة الإمكانيات، لكنهم نجحوا في عملهم، ما يؤكّد أن المسألة لا تتعلق بالإمكانيات ولكن بالإرادة والعزيمة في حماية البيئة، حيث تمّ استحداث وإنجاز مراكز للفرز التقني، سمحت بحلّ ومعالجة جزء كبير من معضلة النفايات بالولاية، والتي تعمل مديرية البيئة على تعميمها، في انتظار صدور نصوص تنظيمية للفرز الانتقائي على المستوى الوطني.

  كيف يمكن تعميم تجربة القرى في الفرز الانتقائي لإنقاذ البيئة من الضرر الذي طالها؟

❊❊ مديرية البيئة تعمل على مرافقة الفاعلين وأصحاب المشاريع لإنجاز مراكز ووحدات الفرز الانتقائي للنفايات، فعند إبداء أيّ قرية رغبتها في إنجاز مركز للفرز، يقوم فريق من مديرية البيئة مكوّن من إطارات ومهندسين جامعيين إلى جانب مصالح البلدية، بزيارة القرية بغية تفقّد المكان المخصّص للفرز، والتأكّد من ملاءمة الموقع المختار من عدمه، ثم يتمّ تحرير بطاقات تقنية، تتكفّل البلدية من خلالها بإنجاز هذا الفضاء، فيما تضمن مديرية البيئة الجانب التقني، وتوفر الجوّ الملائم بين لجان القرى وأصحاب وحدات استرجاع النفايات، على اعتبار أنّ عملية الفرز تستهدف بشكل خاص، نفايات البلاستيك والكرتون والكمبوست... وغيرها من القمامة التي تحتاج إلى من يستعيدها.

ونأمل أن تعمل الأجيال القادمة على حماية البيئة من خلال التوجّه نحو الفرز الانتقائي للنفايات؛ بتثمينها؛ عبر استعادتها وضمان حماية البيئة في آن واحد، حيث إنّ مديرية البيئة تعمل على تصحيح الأضرار عبر برمجة بعض الحملات التطوعية للتنظيف، وبعث الحياة البرية والبحرية بفضل مجهودات قطاع الغابات في إطار إثراء الطبيعة بالحيوانات والنباتات عبر عمليات الغرس، وإطلاق أنواع من الطيور في الغابات، وإنشاء غابات وفضاءات خضراء ترفيهية تُعد رئة الولاية، وهذا باحترام معايير بيئية، وكذا مصالح الصيد البحري عبر زرع أنواع من الأسماك بالسدود وتطوير وتربية الثروة البحرية.

  كم تحصي الولاية من وحدة لاسترجاع ما توفره القرى في عملية الفرز؟

❊❊ حاليا مجال الاستعادة ليس متطوّرا بما فيه الكفاية على مستوى الولاية، لأنّ المهمة الرئيسة في ذلك هي ترقية النشاطات وتفادي الوقوع في المشاكل الإدارية، كون المسألة تتعلّق بمعالجة النفايات، وكان الأجدر أن يتم اعتماد هذه الوحدات من قبل الوزارة الوصية، لكن هذا العمل يمكن القيام به بالتوازي، حيث توجد أزيد من 30 وحدة نشطة لاستعادة النفايات بالولاية والتي تحوز المديرية على معطياتها، تضاف إليها وحدات أخرى غير محصية.

وتعمد البلديات والقرى إلى إبرام اتفاقيات مع وحدات التحويل، ليتم بعد عملية الفرز استعادة النفايات القابلة للرسكلة وإعادة التدوير.

دخلنا موسم الاصطياف والنفايات لاتزال تصنع الديكور بكلّ زاوية، ما هو برنامج المديرية لتحسين صورة الولاية؟

❊❊ إنّنا قيد وضع برنامج بالتنسيق مع عدّة قطاعات ومصالح ذات صلة بالبيئة إلى جانب الحركة الجمعوية، حيث يسمح هذا المخطّط بالتدخل عبر الشواطئ المسموحة فيها السباحة الموزّعة على الشريط الساحلي للولاية، من خلال تحسيس المصطافين بأهمية ضمان بقاء الشواطئ نظيفة، ووضع حاويات لتحفيز المصطافين على العمل بنظام الفرز الانتقائي للنفايات، حيث إن نشاط التحسيس بالتنسيق مع البلديات الساحلية، سيتعزّز هذه السنة بإدراج فكرة مسؤول الشاطئ، الذي يتكفّل بمرافقة وتطبيق برنامج مديرية البيئة.

وبالنسبة للعمل الذي تقوم به المديرية، فلا يمكن تغيير تصرفات وسلوكات المواطنين في ما يخصّ الحفاظ على نظافة الأوساط الإيكولوجية، لكن ذلك سيكون تدريجيا عبر التحسيس المستمر والدائم.

وماذا عن دور الحركة الجمعوية بتيزي وزو في مجال حماية البيئة؟

❊❊ تعرف الولاية نشاطا قويا وكبيرا للحركة الجمعوية في مجال حماية البيئة والمحيط بشكل عام، وكذا في مجالات أخرى مختلفة، فعمل الجمعيات لا يتوقّف في إطار البيئة فقط، فهي تتكفّل بالتحسيس والمشاركة في عدّة نشاطات تسمح بتطوير وتحسين الإطار المعيشي للمواطن، حيث توجد أزيد من 40 جمعية بيئية ناشطة ومعتمدة بالولاية، لكن، للأسف، هناك جمعيات غائبة عن الميدان، بسبب مشكل التمويل الممنوح لها، والذي تمّ تداركه فيما بعد.

وبالمناسبة، أدعو الحركة الجمعوية إلى الانخراط أكثر لضمان حماية البيئة؛ إذ هناك من الجمعيات الناشطة التي أثبتت جدارتها في الميدان رغم قلة الإمكانيات، فهي تعمل على أسس تقنية وخبرة متقدمة، فالحركة الجمعوية بالولاية تنشط في كل المجالات كالثقافة والشبيبة والرياضة والتضامن... وفي كل المجالات ضمن حس مجتمعي متطور جدا.

إلى أين وصلت إشكالية المعارضة في إقامة مراكز الردم التقني؟

❊❊ أجل استفادت الولاية من مراكز للردم التقني للنفايات المنزلية ببعض بلديات الولاية التي تسمح باستقبال نفايات مجموعة بلديات. هذه المراكز منها ما تمّ إنجازه، وأخرى واجهتها المعارضة، إذ تم في بداية الأمر، نشر أفكار على أساس أن هذه المراكز خطيرة ومضرة بالصحة، وهو ما جعل ولاية تيزي وزو في مؤخرة الولايات التي خطت خطوات كبيرة في هذا المجال، إذ استطاعت مراكز للردم فيها احتواء مشكل النفايات.

وبالنسبة للإزعاج الذي تسببه هذه المراكز، فهو راجع إلى سوء التسيير، وهذا شيء يمكن حله بالحوار، فلا يجب اعتماد المعارضة من أجل المعارضة، والأحسن أن تكون هناك نقطة سوداء أفضل من 460 نقطة، وأن يكون مكان ملوث أفضل من أن تكون كل الولاية ملوثة. للأسف هذا الوضع نعيشه اليوم، حيث توجد مناطق ملوثة وسوداء بالولاية، والمعارضة لا تسمح بحلّ مشكل النفايات، حيث عقّدت الأمر أكثر.

وأمام استمرار معارضة إنجاز مراكز للردم  التقني، ندعو البلديات إلى بذل مجهودات على الأقل، للسماح بمعالجة نفاياتها محليا، وأن يتم تحسيس المواطن بأنّ العيش في بيئة سليمة ونظيفة أو ملوثة هو في آخر المطاف اختيار يجب القيام به، ومادمنا نعيش في هذه الرقعة يجب التفكير في البيئة، حيث إنّ الأمر المؤسف أنّ الولاية تضمّ ميزانيات لإنجاز وحدات لمعالجة النفايات لكنها تفتقر لإرادة المواطن؛ ما يبعث على التساؤل: إلى متى يستمر هذا الوضع في الوقت الذي تحولت الغابات إلى مفارغ، هي اليوم السبب الرئيس في اندلاع الحرائق، وتضرّر الحياة البرية، وتدهور وضعية الشواطئ وغيرها من الفضاءات الأخرى؟!

ولهذا أغتنم الفرصة لأوجه نداء إلى زوار الولاية وسكانها، للعمل على إبقاء الولاية نظيفة، وتفادي رمي النفايات بكل مكان، وكذا العمل على تغيير السلوكات والتصرفات المضرة بالمحيط والطبيعة، لأن إنقاذ البيئة هو إنقاذ للصحة العمومية.