والي تبسة مولاتي عطالله في لقاء خاص بـ "المساء":

حرّكنا مشاريع السكن المتوقفة وأنهينا التلاعب بالصفقات العمومية

حرّكنا مشاريع السكن المتوقفة وأنهينا  التلاعب بالصفقات العمومية
والي تبسة مولاتي عطالله
  • القراءات: 2334
❊❊ حاورته: نجية بلغيث ❊❊ ❊❊ حاورته: نجية بلغيث ❊❊

لكشف النقاب عن واقع التنمية بتبسة وتبيان الآفاق المستقبلية للولاية، حاورت "المساء" الوالي السيد مولاتي عطالله، الذي أكد عزمه على تحقيق انشغالات وتطلعات المواطنين، وتجسيد كل البرامج التنموية المسجّلة بعد أن استطاع أن يحرّك العديد من القطاعات التي كانت تشهد عراقيل ومشاكل، أخّرت عملية تجسيد المشاريع العمومية، التي تهدف إلى تحسين الإطار المعيشي للمواطن، مع إعادة بعث مشاريع تضم آلاف السكنات التي كانت متوقفة، ووضع حدّ للتلاعب في صفقات الإطعام المدرسي.

ما مدى تقييمكم للوضع أو المسار التنموي بالولاية؟ وماذا تحقق في القطاعات الاستراتيجية؟

❊❊ لقد كانت لنا زيارات ميدانية إلى أغلب البلديات، وكانت "المساء" ترافقنا فيها، وبقي فقط 05 بلديات سنزورها قريبا، وبذلك نُتم جولتنا التقييمية لكافة البلديات، قصد النزول إلى الميدان، والتعرف عن قرب بصفة مباشرة على ظروف حياة المواطن بولاية تبسة. ونحن نؤكد المجهودات المتواصلة لمن سبقونا من ولاة، إلاّ أن شساعة الولاية وتعقّد بعض المشاكل جعلاها تتطلب بذل مجهودات أكبر.

أما عن تقييمنا للوضع التنموي بالولاية فإنّه متفاوت من قطاع إلى آخر، فهناك قطاعات ذات أولوية؛ كالموارد المائية والتربية والطرقات والطاقة والصحة بدون أن ننسى السكن، الذي يُعتبر ثاني أولوية بالنسبة لنا.

كنا في كل زيارة ميدانية نقوم بحصر ما يجب فعله، واتّخذنا إجراءات عاجلة وفورية، أولها إعادة انطلاق المشاريع التنموية القطاعية المتوقفة، وثانيا استدراك العجز المسجّل في تزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب، وهو الإشكال الذي بدأ يعرف انفراجا في الولاية.

وفي قطاع السكن، هناك آلاف الوحدات السكنية متوقفة، إما بسبب فسخ عقود المقاولين أو لعدم إسنادها تماما، أو لوجود نزاعات بين ديوان الترقية والتسيير العقاري والمقاولين، لذلك عملنا على معالجة المشاكل، علما أنّ عدد السكنات التي كانت متوقفة آنذاك، كانت مقدّرة بحوالي 5100 وحدة، لكن تمت معالجة مشاكلها ولم يتبق إلاّ حوالي 900 مسكن تواجه ملفاته بعض المشاكل، وستُحلّ تدريجيا.

وفيما يخص توزيع السكن فقد شهدت سنة 2018 توزيع حصص سكنية هامة، حيث بلغ عدد السكنات الموزّعة في 2018، أكثر من 3200 وحدة. ونصبو بعد الانتهاء من عملية دراسة الطعون المتعلقة بتوزيع 2011 سكن بعاصمة الولاية، لتسليم المفاتيح التي ستتزامن، بالتأكيد، مع اكتمال إنجاز أشغال التهيئة الخاصة بـ 1000 سكن بالدكان، تليها عملية ثانية لتوزيع 1000 وحدة سكنية أخرى خلال السداسي الثاني بمدينة تبسة، بالإضافة إلى باقي الصيغ من السكن المدعم من طرف الدولة، مع العمل بقاعدة انطلاق المشاريع التنموية خلال هذا العام.

وما هي الإجراءات التي اتّخذتموها والآليات المتاحة للحد من توسّع البناءات الفوضوية ببلديات الولاية؟

❊❊ البنايات الفوضوية ظاهرة وطنية، وتتزايد بتناقص برامج السكن، ولها سببان؛ أولهما النزوح الريفي الذي بدأ يتناقص في ولاية تبسة، وأسباب استثنائية كتناقص التنمية الريفية، لكن في الوقت الحالي أصبحت الظاهرة عكسية، والحمد لله فالسكان أصبحوا يطالبون بالعودة إلى الريف، وهو ما حدث بالفعل في إحدى مشاتي بلدية صفصاف الوسرى مؤخرا، مما يبشر بالخير، لكن بالمقابل، من واجبنا نحن كمسؤولين، السعي لتحسين ظروف حياة ساكنة الريف، من خلال أمور بسيطة، متمثلة في فك العزلة وإنجاز مدارس والسكن الريفي والكهرباء وكذا الدعم الفلاحي، الذي نعتبره استراتيجيا، لكن الآن بالنسبة للأحياء التي تُعتبر أمرا واقعا على مستوى كبريات المدن كتبسة والشريعة وبئر العاتر والونزة، فتعرف إنشاء أحياء فوضوية، وهي نوعان؛ أحياء تضم حدا أدنى من الهيكلة كأحياء الميزاب 1 و2 و3، وحي تراب الزهواني ورفانة ببلدية تبسة، التي أصبحت أمرا واقعا، فالعقد الأخلاقي بيننا وبين السكان، هو الحد من تنامي أو توسع هذه الأحياء، لكن في نفس الوقت هي أحياء تتطلب حلولا عمرانية، وإعادة هيكلتها شرط الحد من التوسع، لذلك نستطيع القول إنّنا نسعى لتوفير العقار؛ من أجل بناء برامج سكنية وتوفير السكن؛ أي لا بد من توفير البديل لجعل البناءات الفوضوية تتوقف.

وماذا عن قطاع الطاقة وتزويد الساكنة بضروريات الحياة؟

❊❊ لا يزال قطاع الطاقة يعرف عجزا فيما يتعلق بالكهرباء الريفية نظرا للتجميد والتأخر في الإنجاز، كما نعاني مشاكل في إيصال الغاز الطبيعي إلى بعض الأحياء داخل المدن والقرى أو حتى التجمعات السكانية الثانوية الهامة. كما لا ننسى قطاع الأشغال العمومية والتأخر الكبير الذي تعانيه الولاية فيما يخصّ فكّ العزلة، لا سيما أن تبسة ولاية فلاحية رعوية يغلب عليها الطابع الريفي، وتتوفر على تجمعات ريفية تُعد بالعشرات في كل بلدية، ما يتطلّب منا بذل مجهود خاص تجاه فك العزلة، وهو ما نقوم به حاليا بفضل الإعانات المقدّمة من طرف صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية، حيث استفادت الولاية من إعانة قُدرت بـ 287 مليار سنتيم، وُجّه أغلبها لمشاريع فك العزلة. وقد استفادت في هذا الإطار 17 بلدية من عمليات فك العزلة من طرق بلدية وطرق داخلية، وسنواصل بذل مجهودات أكثر لفك العزلة عن أرياف ومشاتي الولاية، كما أن البناء الريفي حقق قفزة نوعية. وأشير صراحة إلى أنّ المجهود الذي بُذل في هذا الشأن يُعد استثنائيا، لأنّ الريف بتبسة تحسّن كثيرا، وذلك من خلال العمل على تثبيت السكان في الريف، وتقديم الدعم والإعانة لهم.

وما مكانة الصحة في أجندتكم؟

❊❊ هذا القطاع الذي يتعلق بصحة المواطن، يتطلب توفير قاعات علاج مجهزة بالأرياف، فهناك 29 قاعة علاج مغلقة لسببين؛ الأول وهو أساسي، يتمثل في التأطير شبه الطبي، فهناك حاليا دفعات من شبه الطبيين سيتخرجون، ونتمنى أن يكونوا من أبناء المنطقة؛ لأن من غير المعقول أن يتم توظيف شخص سواء كان طبيبا أو ممرضا من خارج المنطقة بدون أن يوفَّر له سكن يقيم به أو وسائل نقل، لذلك يتوجب تضافر الجهود من طرف الجميع، لتغطية العجز الكبير المسجل في فتح قاعات العلاج المتناثرة هنا وهناك.

تولي الدولة اهتماما خاصا بملف الاستثمار، ماذا قدّمتم في هذا السياق؟

❊❊ منذ تنصيبنا منذ عام ونصف تقريبا لايزال هذا الملف في فترة حلحلة مئات القرارات التي سُلمت للمستثمرين بدون وضوح رؤية دقيقة، لتوفر العقار في شقيه؛ الأول توفر فيزيائي؛ أي تواجد العقار بالفعل، خاصة أن هناك من المستثمرين من تحصّل على قرار بدون توفر الأرضية أو العقار، والثاني قانوني؛ أي أن يكون صاحب العقار قانونيا موافقا على تسليم العقار للمواطن؛ أي لا تكون هناك مشاكل ونزاعات بشأنه؛ كأن يكون تابعا لأملاك الدولة أو ملكا للبلدية، وخير مثال على ذلك مشكلة 05 محيطات فلاحية متعلقة بالاستصلاح الفلاحي بجنوب الولاية التي لاتزال قائمة، بسبب نزاعات عقارية يتم العمل على حلها، وتضم 34 ألف هكتار، وُزعت القرارات بشأنها، لكن العقار غير موجود. وأنا متفائل بالنسبة للاستثمار لعاملين؛ لوجود وعي حقيقي عند بعض الأفراد والمستثمرين الواعدين، خاصة أنّ هناك استثمارا معتبرا يجعلنا نتطلع إلى الوصول إلى استثمارات كبرى ومهيكلة، والأهم خلق ديناميكية استثمارية، ونسعى حاليا لإنشاء منطقة صناعية كبرى حول مدينة تبسة بالنظر إلى الطلب الملح جدا لمستثمرين محليين ووطنيين. كما سنعمل على خلق مناطق صناعية صغيرة، ستساهم في خلق فرص توظيف للشباب، وتوفير مداخيل للبلديات، لذلك نستطيع القول إن الاستثمار بتبسة بدأ ينتعش، ما يتوجب علينا بذل مجهودات أكبر، والسعي للتصدير.

قطاعا الصحة والتربية يتخبطان في مشاكل كبيرة؛ الأول من حيث التأطير الطبي ونقص الأجهزة، والثاني يتعلق بنتائج النجاح وتراجع الترتيب الولائي والوطني؟

❊❊ هناك جديد بالنسبة لقطاع الصحة، حيث استفاد من تجهيزات هامة مقدمة من سوناطراك، ونحن نشكر الرئيس المدير العام للشركة على ذلك، لكن، في المقابل، لازلنا نعاني العجز في الأطباء الأخصائيين، ونسعى لجلب المزيد منهم. وأوجه نداء عبر "المساء" للمواطن التبسي، ليكون أكثر تفهما وهدوءا وعقلانية في التعامل مع الأطباء رغم مساعينا المكثفة لإيجاد أرضية لاستمالة واستقطاب الأخصائيين. كما نسعى لفتح قاعات العلاج، وتأهيل الوحدات المتوسطة وإصلاحها، وسنواصل العمل، أولا من أجل تحسين القطاع وتجهيزه تجهيزا حديثا، وفتح بعض الأجنحة الخاصة بالاستعجالات الطبية، كما نسعى لفتح استعجالات خاصة بطب الأطفال بمستشفى "بن جدة مهنية" بدون أن ننسى تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الصحة، لاسيما بالنسبة للوحدات الصحية والعيادات الطبية والمصحات، التي لن أتردد دقيقة واحدة في دعمها وتقديم الإعانة لها.

أما قطاع التربية فهو، بالفعل، يعاني من عدة جوانب، أهمها الهياكل وتدني النتائج؛ سواء من حيث التحصيل أو الامتحانات... لكن هناك تحسنا جعل القطاع يعرف حاليا هدوءا نسبيا، يعود الفضل فيه إلى سياسة التواصل المنتهجة من قبل مدير التربية الحالي، وهناك تحسن في مستوى النتائج، وكلنا تفاؤل لأن تحتل تبسة مركزا هاما في نتائج الامتحانات النهائية، من خلال مواصلة التواصل مع مختلف التأطيرات التربوية؛ من بيداغوجية وإدارية ونقابات... ومواصلة الجهد لتحسين ظروف التمدرس بعد قطع شوط كبير في تصفية الملفات الإدارية لكافة الطواقم؛ كالرواتب المتأخرة والدرجات وغيرها.

على ذكر قطاع التربية، ماذا عن مشكل الإطعام المدرسي؟

❊❊ فيما يخصّ المطاعم المدرسية بالبلديات فتقدم وجباتها بطريقة منتظمة، لكن يكمن المشكل في بلدية تبسة، التي لم تقدم فيما سبق الوجبات أو الإطعام المدرسي لمدة عامين كاملين؛ لأن ـ وأقولها بصراحة وبكل مسؤولية ـ الإطعام المدرسي ببلدية تبسة كان بالنسبة للكثيرين "صيدا محروسا"؛ أي يستفيد منه بصفة شخصية أولا، لذلك وقفنا بالتنسيق مع رئيس بلدية تبسة ضد هذا الاحتكار غير العادل وغير القانوني وغير المنصف، واكتشفنا تلاعبا في الصفقات الخاصة بالإطعام المدرسي، واتّخذنا الإجراءات اللازمة، لكن، في المقابل، لمسنا مقاومة ضد الشفافية في إسناد الصفقات، وذلك ما جعل البلدية تتأخر في معالجة الموضوع في بداية السنة، وحتى بين الثلاثي الأول والثاني، علما أن المشكلة كانت مسجلة بأربع بلديات فقط من بينها تبسة، وما عدا ذلك لا توجد عوائق في هذا المجال، فالأموال متوفرة بما يكفي لتغطية الإطعام المدرسي على مستوى الابتدائيات، ونبذل قصارى جهدنا كي لا تتوقف عملية الإطعام..

تعاني العديد من البلديات تذبذبا كبيرا في التزود بالماء، ما القرارات والإجراءات المتخذة للحد من هذه المشكلة؟

❊❊ بالنسبة للتزود بالمياه الصالحة للشرب المشكل كان مطروحا بشدة، لكنه بدأ يتناقص شيئا فشيئا، خاصة بعد إعداد برنامج استعجالي مسّ 24 ولاية، منها تبسة. وقد أعددنا تقريرا واضحا وشاملا، وطلبنا الدعم بمبالغ مالية ومشاريع، أهمها 6 آبار عميقة بمدينة تبسة، هي تشتغل حاليا، لكن التذبذب الذي لايزال موجودا يعود إلى قدم شبكات المياه التي تتطلب إعادة التأهيل، ومشكل التسيير الذي نعمل على تسويته، إذن الأمور في تحسن كبير، ونأمل أن نصل إلى هدفنا المنشود، المتمثل في بلوغ التوزيع اليومي لماء الشرب لسكان المدينة، وإذا تطلّب الأمر رفع عدد مناقب المياه فلا مشكل في ذلك، علما أنّ هناك 03 آبار عميقة قيد الإنجاز لتزويد الجهة الشمالية الغربية بالمياه، لكن بمجرد تشغيل تحويل المياه من سد واد ملاق سينتهي المشكل تماما. وبحلول فصل الصيف لن يكون هناك مشكل في التزود بالمياه، فقد تم إنجاز محطة لتصفية المياه من سد واد ملاق الذي ارتفع منسوب المياه به إلى 100 مليون متر مكعب، وتقدر طاقة استيعابه بـ 154 مليون متر مكعب.

تطوير السياحة يقتصر على طبع المطويات بدون إجراءات فعالة، فما هي إجراءات دعمها بالنظر إلى المؤهلات الهامة؟

❊❊ تبسة ولاية سياحية بحكم موقعها الجغرافي وموروثها الثقافي ونشاطها الاقتصادي؛ فهي منطقة عبور وبوابة الشرق، وكلّها عوامل تجعلها تحوز على فرص تجعلها ناجحة سياحيا، وهنا نطرح سؤال: "كيف بولاية سياحية تحوز على فرص، لكن منشآتها وخدماتها ضعيفة، ونشاطها ضعيف؟"، وذلك يعود، حسب رأيي، إلى المنافسة من طرف الدولة الجارة، لذلك لا بد لنا أولا من تدعيم الاستثمار السياحي، وإزالة كل العراقيل عمن يرغب في الاستثمار السياحي مع رد الاعتبار للموروث الثقافي وتأهيله، حيث أنهينا الدراسة الخاصة بالموقع الأثري "لابازيليك"، الذي سيعرف عملية رد الاعتبار والتحسين ودراسة القرية الأثرية التي اكتُشفت ببلدية بئر العاتر ومنطقة قسطل الأثرية، بدون أن ننسى رد الاعتبار لمسبح بلدية الكويف الكبير، وفتح مسابح ببعض البلديات، والأهم تصنيف قرية سياحية ببلدية نقرين أقصى جنوب الولاية، الذي يُعتبر مشروعا سياحيا هاما. وهناك مشاريع أخرى لدعم السياحة بالولاية، فبتأهيل الموروث الثقافي نشجع السياحة الثقافية.

رسالتكم للمواطن التبسي..

❊❊ أوجه كلمة للمواطن وأقول إن المدن الكبرى تغيرت بسواعد المواطنين، الذين وضعوا اليد في اليد وحققوا الأفضل، لذلك أطلب من فعاليات المجتمع المدني أن تكون حاضرة في بناء مستقبل ولايتها، علما أننا سنواصل جهودنا التي سوف تلاحظونها في الميدان. كما أشكر "المساء" على هذه الالتفاتة الإعلامية، وأتمنى التوفيق لطاقمها، ومزيدا من التألق.