في غياب مصالح الرقابة بولاية تبسة

خبازون يتلاعبون بصحة المستهلكين

خبازون يتلاعبون بصحة المستهلكين
  • القراءات: 2431
❊نجية بلغيث ❊نجية بلغيث

رغم كونه أهم مادة غذائية يسعى الإنسان لتوفيرها، وعلى الرغم من أنه المادة الأكثر مبيعا بولاية تبسة بل وفي الجزائر ككل، بات التلاعب بمادة الخبز ببلديات ولاية تبسة ظاهرة واضحة للعيان، إذ تطرح أحجامه وأثمانه وطرق عرضه للبيع أكثر من سؤال، ما شكل مصدر قلق للمواطنين الذين يضطرون لإقتنائه من المخابز والمحلات وحتى من الشوارع والأزقة.

يتساءل المستهلك عن المعايير الحقيقية للخبز لأن ما يلاحظ في جميع الأسواق والمخابز وجود أحجام دون الوزن المعمول بها قانونا تباع بنفس الثمن، كما أن الخبز الذي يعد المادة الأساسية ذات الاستهلاك المباشر يتم صنعه وعرضه بطرق غير صحية، فالسوق الأساسية على سبيل المثال الكائنة بوسط مدينة تبسة أو ما يطلق عليها بـ«زنقة الشواية" بعاصمة الولاية تعج بباعة الخبز الذين يعرضونه للبيع بطريقة عشوائية تطرح أكثر من سؤال حول حماية المستهلك، ومدى خطورة هذا الأمر المخالف للقانون والذي صار مألوفا لدى المواطن في ظل الغياب التام للمكلفين بحماية المستهلك بما في ذلك الجهات الرقابية، ما يعطي الانطباع بان حماية المستهلك هي آخر الاهتمامات.

تلاعب في الأسعار للظفر ببعض الدنانير

في جولة قادت "المساء" إلى العديد من المخابز وقفنا على الواقع المزري لعشرات المخابز التي تعمل في أوساط غير صحية أهم ما يميزها الانتشار الكبير للأوساخ والحشرات والفئران وانعدام النظافة، بل وبلغ ببعضهم الأمر إلى الاحتيال على جيوب المواطنين حيث يقومون بإنقاص وزن الخبزة من وزنها المحدد قانونا بـ250 غرام إلى ما بين 200 و180 غرام، ورغم دراية العديد من الخبازين بذلك إلا أنهم يتعمدون عدم تطبيق المعايير اللازمة في صناعة الخبز للظفر ببعض الدنانير الزائدة ولو كان ذلك على حساب صحة المواطن.

يحدث ذلك في غياب الرقابة التي يفترض أنها تقوم بمراقبة طرق صنع الخبز بالمخابز وظروف بيعه بالمحلات التجارية أو بالأحرى بمحلات بيع المواد الغذائية التي تبيعه هي الأخرى في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير صحية، وهو ما أكده سكان العديد من المناطق على مستوى ولاية تبسة الذين اشتكوا من وزن الرغيف إلى جانب فقدانه للجودة، حيث لم يعد يكفي في بعض الأحيان حتى لوجبة الطعام، فبعض المخابز تبيع خبزا طويل الشكل لكنه فارغ من الداخل.

كما لاحظنا بأن اللافتات المتواجدة ببعض المخابز والمحلات بعاصمة الولاية والتي تحمل  أسعار الخبز تكون غير مطابقة لسعر البيع، حيث يبيع الجميع الخبزة الواحدة بـ10 دج، وعند سؤالنا عن السعر الحقيقي أو القانوني للخبزة أكد الخبازون بأنه مقنن بـ7.50 دج، مرجعين ذلك إلى التكاليف الباهظة للمواد التي يصنع منها الخبز، وأجور العمال ومصاريف أخرى يتكبدها أصحاب المخابز منها الكهرباء والمياه والضريبة مما يجعلهم في وضع صعب.

الاعتماد على الملح غير المعالج والرقابة غائبة

وسمحت جولتنا الاستطلاعية ببعض البلديات الوقوف على أسعار فاقت كل التوقعات، ففي بلدية بكارية تبيع المخابز الخبز العادي بـ15 دج للخبزة، أما ببلديات بئر العاتر أو نقرين وفركان بأقصى جنوب الولاية فإن السعر المتفق عليه بجميع المخابز يتراوح بين 20 و25 دج للخبزة الواحدة دون أن تكترث الجهات الرقابية أو المسؤولة لذلك. 

إلى جانب ذلك، امتدت ظاهرة الغش في صناعة الخبز خاصة بمدينة تبسة إلى عدم استعمال الملح المعالج في بعض المخابز، إذ يلجأ هؤلاء لإضافة الملح غير المعالج بمادة اليود مستعملين ملحا من نوع آخر باعتبار أن سعر هذا الأخير أرخص من الملح المتوفر بالأسواق، الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلك تحديدا على مستوى الغدة الدرقية التي تصاب بالتضخم في حال فقدان أو نقص في ملح اليود.

لم يتوقف التلاعب عند السعر والنوعية وإنما تعداه إلى أبعد من ذلك، حيث يقوم بعض أصحاب المخابز خلال الفترة الصباحية ببيع الخبز العادي لمحلات بيع المواد الغذائية أو المطاعم وبعد الظهيرة ينفد هذا الأخير ويكون المواطن مجبرا على شراء الخبز المحسن بداية من سعر 20 دج فما فوق. الأمر الذي دفع بالمواطنين إلى طرح تساؤلات حول دور مصالح مديرية التجارة لوضع حد لهذه الممارسات من بعض أصحاب المخابز الذين بلغ بهم الحد الى الرفع من سعر الخبز إلى 50 دج بحجة أنه محسنة، أو أنه من السميد الممتاز.

وأكد لنا أحد أصحاب المخابز أن عبارة خبز السميد ما هي إلا حجة واهية إذ يتم وضع ثلث الوزن فقط من مادة السميد والبقية من مادة الفرينة ويباع للمواطن على أنه خبز سميد،أما السعر الرسمي فلم يعد سوى حبرا على ورق أو في أذهان مصالح الرقابة فالكثير من المواطنين أكد لنا بأن أغلب المخابز تقوم بإنتاج كميات قليلة من الخبز العادي وبسعر 10 دج وبنوعية رديئة جدا، ومن ثم الشروع في بيع الخبز الذي يوصف بالمحسن أو خبز السميد والذي يبدأ سعره من 15 دج فما فوق، وإذا تعلق الأمر بالخبز الصحي كخبز الشعير ونظرا لحاجة المواطن إليه يتعمد بعض الخبازين بيعه بـ50 دج للخبزة الواحدة.