خالد يونسي مدير الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الطارف لـ "المساء":

"المسجد الإلكتروني" للتكيّف مع التكنولوجيا وبرنامج خاص لرعاية مناطق الظل

"المسجد الإلكتروني" للتكيّف مع التكنولوجيا وبرنامج خاص لرعاية مناطق الظل
الأستاذ خالد يونسي مدير الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الطارف
  • القراءات: 1392
 حاورته : حنان سالمي حاورته : حنان سالمي

في هذا الحوار الذي خص به "المساء"، يتحدث الأستاذ خالد يونسي مدير الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الطارف، عن البرنامج الخاص المسطر من طرف مصالحه لمناطق الظل، معتبرا الاهتمام بالمساجد والزوايا والمدارس القرآنية إلى جانب الأطقم البشرية القائمة عليها، جزءا لا يتجزأ من عملية تنموية متكاملة. كما تحدث عن مشروعه "المسجد الإلكتروني"، الذي قال إنه حتمية التكيف مع التكنولوجيا وروح العصر، مؤكدا التفاعل الكبير الذي لقيه هذا المشروع، سيما من طرف جاليتنا المقيمة بالمهجر.

تابعنا عبر صفحتكم على "فيسبوك" الخرجات التي تقومون بها إلى مناطق الظل، لو تفصّلون لنا في ذلك، وكيف اهتديتم إلى فكرة رعاية مناطق الظل؟

❊❊ أولا، فكرة رعاية مناطق الظل جاءتنا ونحن نتابع آخر خطاب للرئيس عبد المجيد تبون خلال أول إطلالة له وهو بألمانيا خلال فترة علاجه من تبعات فيروس كورونا. وبالمناسبة، نسأل الله أن يحفظ رئيسنا ووطنا. فبعد الاستماع إلى التوصيات التي أدلى بها في مختلف الميادين، وكان من أكثر الوصايا تلك الموجهة للاهتمام بالتلاميذ وتحسين ظروف التمدرس والوجبات المدرسية، وكانت مناطق الظل وسكانها من أكثر ما أوصى به، فكرنا، من جهتنا، في كيفية المساهمة في تنمية هذه المناطق والاهتمام بسكانها؛ فهم جزء لا يتجزأ من الجزائر ووحدتها وتلاحم شعبها، فكرنا، إذن، في المؤسسة الدينية، والأدوار الكبيرة التي تلعبها في ضمان هذه الوحدة وهذا التلاحم، فشرعنا في تنظيم سلسلة خرجات إلى هذه المؤسسات عبر ولاية الطارف، وعددها 216 مسجد، جلّها تقع بمناطق الظل. أما عملُنا فيشمل الاهتمام، بادئ الأمر، بالسادة الأئمة والقيّمين والأخوات المرشدات الدينيات، ومن ثمة تفعيل الدور الاجتماعي للمؤسسة الدينية، لتلعب الأدوار المنوطة بها على كل الأصعدة.

ماذا تقصدون هنا بتفعيل الدور الاجتماعي للمؤسسة الدينية؟

❊❊ لا يخفى على أحد المكانة الكبيرة التي يكتسيها المسجد في مجتمعنا؛ فهو حلقة هامة للتضامن والتآزر. ونحن نسعى ـ من خلال رعايتنا القائمين على هذه المؤسسة عبر الاستماع لانشغالاتهم واقتراحاتهم ـ إلى تفعيل الدور الاجتماعي التضامني الكبير للمسجد. وحاليا نحن نطمح لرعاية البروتوكول الصحي الخاص باحترام إجراءات الوقاية من جائحة كورونا، ليتحول إلى ثقافة أو إلى تربية وقائية تدوم بالمجتمع. أضف إلى ذلك رعاية العمل التضامني بكل أوجهه؛ من خلال تعزيز دور المسجد، وكل ذلك يأتي ضمن مجهودات الدولة لبناء جزائر جديدة. ولقد سطرنا من أجل ذلك عدة مشاريع.

هل لنا أن نعرف طبيعة هذه المشاريع؟

❊❊ المشروع الأول يهتم بإجراء زيارات ميدانية لمعاينة وضعية المؤسسة الدينية، والوقوف على احتياجات رجالها، وتسوية الوضعيات العالقة، وهي مختلفة، تتعلق أساسا بتسوية أرضية المسجد، والوقوف على الحاجات المالية للمشاريع الجارية، وأخرى تتعلق بسكنات الأئمة، وغيرها من الأمور الاجتماعية. وإلى حد اليوم زرت 15 مسجدا، والزيارة متواصلة لاستكمالها كلية، بما في ذلك زيارات أخرى إلى المدارس القرآنية، وبالطبع فإن هذا يتم بالتنسيق مع رؤساء المصالح والمفتشين والأئمة المعتمَدين على مستوى الدوائر.

أما المشروع الثاني فيتعلق بمراقبة مدى احترام تطبيق البروتوكول الصحي الموصى به. ويشرف عليه المدير، ويجسده المفتشون المعتمَدون في مقاطعاتهم. وفي هذا السياق باشرنا وضع إجراء جديد على مستوى كل مسجد؛ من خلال إنشاء فريق منظم بشارة خاصة، ينظم إقامة شعيرة الجمعة داخل وخارج المسجد، تقوم عليه لجنة التفتيش والاعتماد. ويهتم ثالث مشروع بفتح مدرسة قرآنية بكل مسجد وفي كل قرية، لاستقطاب الشباب بمناطق الظل نحو هذه المدارس، التي لا نريدها فقط لتحفيظ القرآن، وإنما لتعليم وترسيخ القيم الدينية والوطنية؛ حيث يقوم على هذا المشروع مجلس "اِقرأ والتعليم المسجدي" التابع لمؤسسة المسجد بالولاية. ويتلخص المشروع الرابع في مكافحة الآفات الاجتماعية، وهذا بالتنسيق مع السلطات المحلية والمجتمع المدني. كما يُعنى المشروع الخامس بحملة تطهير وتشجير وتزيين الشوارع والأحياء بمناطق الظل كذلك بالتنسيق مع السلطات المحلية، كلٌّ في مجاله، فهكذا نكون كلا متكاملا، نعمل لصالح مجتمعنا وأفراده. وأود فقط الإشارة إلى أن تجسيد كل هذه المشاريع بـ"عقل جمعي"؛ أي بطريقة تشاركية لا تقصي أحدا بمن فيهم الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، حتى تتكاتف الجهود، ونوحد الأهداف لخدمة هذه الولاية والمجتمع ككل. وهذه الرؤيا ستكون محور ندوة حول دور الخطاب الديني في ترسيخ القيم الوطنية.

وماذا عن شهر رمضان؟.. ماذا أعددتم له وهو على الأبواب؟

❊❊ خصصنا لشهر رمضان مشروعا آخر، يتضمن، لوحده، عدة محاور ضمن الأنشطة الاجتماعية والتضامنية لرعاية مناطق الظل، تجسَّد عن طريق مجلس "سبل الخيرات" لصالح الفئات المحرومة، بدون إغفال الاهتمام بمطاعم الرحمة، وكسوة اليتيم، وغيرها من أعمال التضامن التي ألفها المجتمع الجزائري ويسارع إليها كل مرة للتعبير عن التلاحم والتضامن، طبعا بدون إغفال الاهتمام بالدروس المسجدية، وإقامة الشعائر الخاصة بهذا الشهر الفضيل، بما في ذلك تكييف الخطاب على المسجد الإلكتروني برمضان، وكل ما يشغل الصائمين بهذا الشهر. 

ما هو "المسجد الإلكتروني"؟ ولماذا اعتبرتموه مشروعا في حد ذاته؟

❊❊ إنه البصمة الخاصة بنا، ونحن نعتبره مشروعا مهمّا، أطلقناه مؤخرا على الشبكة العنكبوتية. هو مشروع في حد ذاته، يتمثل في نقل النشاط المسجدي إلى الفضاء الإلكتروني؛ من خلال استغلال وسائط التواصل الاجتماعي لمد جسور التواصل مع الآخرين؛ من خلال تفعيل دور المؤسسة الدينية، وهذا يكون عبر عدة آليات، منها البث المباشر، وتناول مواضيع من الواقع.

واليوم وأكثر من ذي قبل، علينا بالتكيف مع العصر الحديث، والتحكم في التكنولوجيا بكل أشكالها، والبحث المستمر لتحسين وتفعيل الخطاب الديني، ليكون بصورة واقعية؛ حتى لا يبقى غارقا في العموميات، ويكرر نفس المفردات، ومقتصرا على ترديد نفس الآيات ونفس الأحاديث في كل مرة، وبالتالي يكون عاجزا عن ترشيد السلوك الإنساني. نريد من خلال التكيف مع روح العصر، أن يعود لهذا الخطاب حضوره القوي؛ لذلك لا بد له أن يتماشى مع العصر الحديث، ومنه استعمال تقنيات التواصل الاجتماعي من أجل التجديد والتطور، هذه حتمية لا مفر منها، وإلا سنكون على هامش التاريخ.

ومنذ إطلاق هذا المشروع على الفضاء الأزرق تحديدا لقي تفاعلا إيجابيا وقويا؛ سواء من داخل الوطن أو من طرف جاليتنا المقيمة بالخارج، حتى إننا تلقينا مقترحات لتناول مواضيع معيّنة تتعلق بحياة هذه الجالية، وأخص بالذكر هنا الجالية المقيمة بكندا، حتى إن هذا التفاعل وصل إلى حد أن طالبة تحضّر دكتوراه في الإعلام الآلي بكندا حول تصميم موقع إلكتروني، تبرعت به للمسجد الإلكتروني حتى يتطور ويرقى للتطلعات.

ومن ضمن أهدافنا إطلاق تقنية جديدة للتحاضر عن بعد عبر تطبيق زووم؛ حتى يكون المسجد الإلكتروني حاضرا بقوة عبر كل  التقنيات. ومن أجل ذلك قمنا بفتح المجال لكل المبادرات والاقتراحات؛ فنحن نريده مشروعا للجميع. وعبر "المساء" أوجّه نداء لكل الراغبين في المشاركة، بأن يتفضلوا؛ فاهتمام المشروع الأول والأخير هو القضايا الوطنية. نحن نريد أن نشحن الشباب بالطاقة الإيجابية حتى يكون عنصرا فعالا في بناء الجزائر الجديدة.

❊❊ الشكر لجريدة "المساء"؛ لإتاحتها لنا فرصة الحديث عن بعض مشاريعنا الهادفة في المقام الأول، إلى خدمة الفرد والمجتمع. ونجدد الدعاء لرئيس الجمهورية بالسداد، لاستكمال مسيرة بناء الجزائر الجديدة كما يريدها الجميع.. والسلام عليكم.