تبنّاه مخطط الحكومة ضمن تطبيق برنامج رئيس الجمهورية
ماكرون مطالب بالاعتراف بجرائم فرنسا في الجزائر

- 1701

❊ استرجاع رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية والأرشيف الوطني
❊ تعويض تفجيرات التجارب النووية بالصحراء ومفقودي ثورة التحرير الوطني
يشكل حفظ الذاكرة الوطنية محورا رئيسيا في مخطط عمل الحكومة، التي تسعى إلى الحفاظ على رموز وإنجازات المقاومة الشعبية والحركة الوطنية وكذا ثورة الفاتح نوفمبر 1954 وتثمينها ونقلها. وهو المنطلق الذي حددت من خلاله أهم الملفات التي ستسهر على تنفيذها، ومن أهمها "تحيين الترسانة القانونية المتعلقة بالذاكرة". ويعد إحياء ذكرى ثورة الفاتح من نوفمبر 1954، جزءا من الحفاظ على ذاكرتنا الوطنية، التي دأبت الجزائر على إحيائها سنويا، باستذكار بطولات رجال ونساء أثبتوا أن الاستقلال من عبودية المستدمر، مهما كانت قوته، ليس وهما أو معجزة، وإنما هو إرادة يغذيها حب غير مشروط للوطن.
وأكدت الحكومة في مخطط عملها على مواصلة مسار "استكمال ملفات الذاكرة بصفة شاملة بما تحمله من ثقل في ذاكرة الأمة الجزائرية"، مشيرة بالخصوص إلى تحيين الترسانة القانونية، إضافة إلى "استرجاع رفات وجماجم شهداء المقاومة الشعبية"، "الأرشيف الوطني"، "تفجيرات التجارب النووية بالصحراء" و«مفقودي ثورة التحرير الوطني"، إضافة إلى الملفات الأخرى المرتبطة بحالة المنفيين والمهجرين وكذا جميع أشكال الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية بحق الشعب الجزائري. ويأتي إحياء الذكرى 67 لثورة نوفمبر التحريرية هذه السنة في سياق خاص، تميز بتجاذبات سياسية غير مسبوقة بين الجزائر وفرنسا، تقف وراءها تصريحات من أعلى هرم السلطة الفرنسية، عشية الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها فرنسا منتصف العام المقبل. ومسّت التصريحات الفرنسية ركائز الدولة الجزائرية في الماضي والحاضر، وهو ما يعتبر مساسا بالسيادة الوطنية وكذا بتاريخ الجزائر العريق. وجاء الرد من أعلى السلطات في البلاد، على لسان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ومختلف المسؤولين والوزراء في حكومة أيمن بن عبد الرحمان، والتي أجمعت على رفض أي مساس بالسيادة الوطنية وبالدفاع على الذاكرة وعلى أسس الدولة الجزائرية على مرّ العصور.
ربيقة: العمل على صيانة الذاكرة اليوم وغدا
في هذا الصدد، أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة أن كل القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون المرتبطة بالذاكرة الوطنية، "تعكس الإرادة السياسية القوية في سبيل الدفاع عن الذاكرة الجماعية بالأفعال". وقال الوزير إن "الذاكرة الوطنية تحتاج إلى دعم لصيانتها من خلال إعادة النظر في بعض الأحكام الواردة في القانون 07/99، حتى تحظى بعض العناصر المتعلقة بالذاكرة الوطنية بالأهمية اللازمة". وردا على التصريحات الفرنسية، قال ربيقة "نحن الجزائريون نحترم تاريخنا ونعمل على أن يحظى بما يجب أن يكون، ولن يكون هناك أي تأثير للتصريحات التي جاءت من هنا وهناك وكل ما قيل هو مردود عليه". وأضاف "سنواصل العمل على صيانة الذاكرة الوطنية والحفاظ عليها وتبليغها للأجيال الناشئة".
لعمامرة: الجزائر لا تقبل التدخل في شؤونها
من جهته، أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، أن الجزائر لا تقبل التدخل في شؤونها من أي طرف كان، "خاصة عندما يتعلق الأمر بسلطات الدولة الاستعمارية السابقة". ولفت إلى أن "الجزائر اتخذت إجراءات ملموسة، للتعبير عن عدم رضاها للتدخل في شؤونها الداخلية، من خلال استدعاء سفيرها للمشاورات، وبادرت باتخاذ قرار سيادي يتعلق بإيقاف رخصة تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية في مجالنا الجوي"، مؤكدا أن الخطوات التي قامت بها الجزائر "سيادية، تطبق من طرف دولة صاحبة سيادة، للتعبير عن سخطها وغضبها، جراء ما تم من اعتداء لفظي". ووصف وزير الشؤون الخارجية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول الجزائر بـ«الخطأ الجسيم"، مجددا رفض الجزائر لأي تدخل في شؤونها الداخلية.
وذهب بعيدا في تحليله للتصريحات الفرنسية، عاكسا إياها على الواقع الإفريقي الراهن، بمناسبة لقاء جمعه برئيس الوزراء المالي، حين قال إن "فرنسا الرسمية بحاجة إلى تصفية الاستعمار من تاريخها، من أجل القيام بإصلاح مستعجل للإفلاس الذاكراتي الذي ينتقل للأسف بين الأجيال لدى بعض الفاعلين في الحياة السياسية الفرنسية، وأحيانًا في أعلى المستويات". وصرح رئيس الدبلوماسية الجزائرية قائلا "شركاؤنا الأجانب بحاجة إلى تصفية الاستعمار من تاريخهم، فهم بحاجة إلى التحرّر من بعض المواقف والسلوكيات ومن رؤى مرتبطة بشكل وثيق بمنطق غير متناسق، يتعلق بالمهمة الحضارية المزعومة للغرب والتي كانت في الحقيقة غطاء إيديولوجيا استُخدم لمحاولة تمرير الجريمة ضد الإنسانية التي شكلها استعمار الجزائر ومالي والعديد من الشعوب الإفريقية".
بلحيمر: السيادة الوطنية مسألة وجودية لا تقبل المساومة
بدوره، أكد وزير الاتصال عمار بلحيمر أن تصريح الرئيس الفرنسي العدائي ضد الجزائر، "دليل على أن الذهنية الاستعمارية لا تزال متموقعة على المستويات الرسمية في فرنسا"، مشدّدا على أن "السيادة الوطنية الجزائرية هي مسألة وجودية لا تقبل المساومة ولا تسمح بالمزايدة". وقال في تصريحات صحفية أن الجزائر لا تقبل المساومة ولا تسمح بالمزايدة بأية مسميات كانت، "سواء لدواع انتخابية أو استحقاقات سياسية أو استعطافا لوعاء انتخابي يكن الضغينة للجزائر". وفي تصريح سابق له لإذاعة فرنسا الدولية، اعتبر بلحيمر أن "الاستقلال الذي ضحت من أجله بلادنا بالنفس والنفيس، لن يكتمل إلا بالتركيز على ثلاثة محاور أساسية هي : اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية وتجريم الفعل الاستعماري في القانون الجزائري للقضاء نهائيا على ثنائية المستعمر والمستعمر الجديد مثلما يذهب إليه المجاهد فرانس فانون والتقدم باعتذار رسمي وتعويض عن كل الخسائر البشرية، المادية والبيئية التي اقترفتها فرنسا إبان الاستعمار".
وكانت وزارة الاتصال قد شدّدت على أن الحفاظ على الذاكرة الوطنية والدفاع عنها "واجب مقدس"، ستتم ملاحقة فرنسا بشأنه، "إلى أن تعترف بمسؤولياتها كاملة". وفي بيان لها، عشية إحياء الذكرى الستين لمجازر 17 أكتوبر 1961، أكدت وزارة الاتصال على أن "التعريف بهذه المحطات التاريخية الخالدة يعد واجبا وطنيا"، كما أن "الحفاظ على الذاكرة والدفاع عنها يعد واجبا مقدسا سنلاحق به فرنسا اليوم وكل يوم". كما أشارت إلى أن هذا المسعى سيظل مستمرا "إلى أن تعترف (فرنسا) بمسؤولياتها كاملة وتلتزم بتحمل تبعات كل الجرائم التي اقترفتها ضد الأمة الجزائرية الأصيلة وشعبها الأبي". وذكرت الوزارة بأن الجزائر تحيي الذكرى الستين لهذه المجازر التي "اقترفها البوليس الفرنسي في باريس بكل وحشية وبربرية ضد المهاجرين الجزائريين المسالمين المطالبين بالحرية والسيادة والاستقلال".
حنان. ح
أوليفي فانون من الطارف: ماكرون مطالب بالاعتراف بجرائم فرنسا في الجزائر
قال أوليفي فانون نجل الشهيد المناضل فرانس فانون، في تصريح له بمقبرة الشهداء ببلدية عين الكرمة الحدودية بولاية الطارف، حيث يرقد والده، "إن تصريحات ماكرون الأخيرة التي يريد بها زعزعة استقرار بلد المليون ونصف المليون من الشهداء لن تغير شي في سياسة جميع الدول الإفريقية التي تكن كل الاحترام والتقدير لبلد الشهداء الجزائر"، مشددا على أن "الرئيس ماكرون مطالب بالاعتراف أولا بالجرائم التي اقترفتها فرنسا في حق الجزائريين، بدلا من التجريح والتهريج".
وأكد فانون أن إفريقيا كلها تكن الاحترام والتقدير لوالده فرانس فانون الذي ناضل واستشهد من اجل القضية الجزائرية التي أثرت فيه، حتى وصل به الامر الى المطالبة بدفنه بالأراضي الجزائرية وهو يصارع مرض سرطان الدم بالولايات المتحدة الأمريكية.. في الوقت الذي سارعت فيه فرنسا إلى اتهامه بالخائن..".
وجاءت تصريحات أوليفي فانون في إطار زيارة وفد إفريقي هام إلى مقبرة الشهداء ببلدية عين الكرمة، حيث يرقد المرحوم فرانس فانون، حيث ضم الوفد الذي رافقته وزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال، ابن وابنة الشهيد فرانس فانون إلى جانب الرئيس السابق لدولة الموزمبيق ووزير دولة السنغال السابق ووزير دولة سابق لدولة السينغال وسفير دولة الموزمبيق إضافة الى المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة ومبعوث الجزائر الخاص لدول الساحل وافريقيا. وقد أكد الجميع في تدخلاتهم احترامهم الكبير لبلد الشهداء والثوار .
محمد صدوقي