الشاعرة المغربية صباح الدبي لـ "المساء":

نحتاج إلى "الماركتينغ" في الثقافة

نحتاج إلى "الماركتينغ" في الثقافة
  • القراءات: 2675
حاورها: زبير. ز   حاورها: زبير. ز
 من مواليد تازة بالمغرب، عشقت اللغة العربية فكان اختيارها الأوّل بالجامعة وعادت لتشتغل في حقل اللغة العربية من خلال تدريسها سحر لغة الضاد للأجيال الجديدة في المرحلة الثانوية من التعليم العام، ترى أنّ اللغة وسيط للتعبير عن خلجات الذات وأنّ التدفق الوجداني الشعري مرتبط بالبيئة التي يعيش فيها الفرد، تدافع عن الشعر وترى أنّه وسيلة للتعبير عن القضايا الهامة، كما هو وسيلة للتعبير عن أحاسيس الحب والغرام، وترفض التفريق بين المرأة والرجل في الشعر الذي تعتبره إبداعا إنسانيا، تطالب بتطبيق فنون التسويق الحديثة في الثقافة، هي صاحبة «ديمة الأحلام»، «حين يهب الماء»، «لوعج»، «المزاد»، «ملكوت الماء»، «سدرة الضوء»، «تبريرات واهمة» و«زاد السفر»، هي الشاعرة المغربية صباح الدبي التي نزلت ضيفة على ليالي الشعر العربي في ليلة المغرب، ضمن تظاهرة «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية».. «المساء» اقتربت منها وكانت لها معها هذه الدردشة.
❊ كيف وجدت مشاركتك في ليالي الشعر العربي في تظاهرة قسنطينة؟
— نحن جدّ سعداء بحضورنا في «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية»، لم نشعر أنّنا في مكان غريب، نشعر بأنّنا في مكان وجدنا فيه أحبتنا وإخواننا في الجزائر، هي فرصة جميلة لأنّنا التقينا معهم على جسر المحبة وجسر القصيد، وأثمّن هذه المبادرة الطيّبة لقسنطينة التي احتفت بالقصيد والشعر واحتفت بكلّ الدول العربية، كما احتفت بليلة المغرب ليظلّ هذا الرابط الإنساني والأخوي القائم على أساس المحبة هو الأقوى وهو الذي يمكن أن يمحي كلّ الأشياء الأخرى.
- كيف استقبلتم كمثقفين، حدث احتضان قسنطينة لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية؟
— طبعا، كنا مسرورين لهذا الاختيار كمثقفين وهذا ليس غريبا على الفن والإبداع، لأنّ الإبداع إنساني، والفنون والآداب تجعل الإنسان يراهن على كلّ ما هو إنساني فينا، على كل ما هو كوني بغض النظر عن الأشياء الأخرى، ويسرنا اللقاء بأحبتنا في قسنطينة والجزائر عموما.
- ماذا قدّمت صباح في ليلة الشعر العربي؟
— جئت بمجموعة من القصائد، اشتغلت فيها على الشعر التفعيلي من خلال مواضيع مختلفة والقصيدة الموزنة التفعيلية، قرأت من قصيدة «تبريرات واهمة»، كما قرأت من قصيدة «زاد وسفر» والتي أقول فيها:
«حينما يسحب الصمت عينك للنور أذهب إلى حيث لا عتمة في المدىالندى مشرع والنوافذ يومئ بلورها للرحيل خذ من الزاد ما يجعل البحر رهوا...»
❊ هل تجدين فرقا بين الساحة الشعرية في بلدك وفي الجزائر؟
— هناك نوع من التآلف والتقارب الفني، الأدبي والثقافي بين البلدين بشكل عام، وأظن أنّ هناك خصوصية مغاربية حاضرة إذا تأمّلنا في الإبداعات المغاربية على العموم ليس بين الجزائر والمغرب فقط وإنّما في مختلف دول المغرب العربي، هناك طابع شامل يضيف على هذه الأعمال اللمسة المغاربية، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الخصوصيات والقسمات التي ترتبط ربما بتجربة الشاعر، بعلاقته مع الأخر، بالقصيدة والكون.
❊ هناك من يعتبر أنّ المثقف في المغرب العربي على عكس المشرق، لا يحسن تسويق أعماله، فهل أنت مع هذا الرأي؟
— في الحقيقة، نحن نحتاج إلى التسويق، وربما يسمح لي القارئ إذا استعرت كلمة «ماركتينغ» التي تستعمل في المجال الاقتصادي من أجل إسقاطها على المجال الأدبي، نحن نحاول قدر الإمكان أن نجعل أعمالنا على صلة مع المتلقي من خلال الانفتاح على الآخر، وكمثقفين نحتاج أكثر إلى وسائط أخرى، إلى مبادرات أخرى، تجعل النص أو الإبداعات المغاربية بشكل عام تصل إلى أبعد الحدود، وأظن أنّه الآن وبفضل التطور التكنولوجي الذي تشهده بلداننا، على غرار باقي دول العالم، من أنترنت و»فايسبوك»، أصبحت النصوص تخترق الحدود فتصل بشكل ضوئي وأصبح المتلقي العربي قادرا على أن يأخذ فكرة على المنتوج الفكري والإبداعي في المغرب العربي، كما هو الحال بالنسبة للمنتوج في المشرق الذي يصلنا دائما بهذا الشكل عبر الوسائط التكنولوجية المتعدّدة.
❊ هناك مفرد جديد بدأ يجد لنفسه حيزا في المجال الأدبي الخاص بالشعر، وهو التقسيم الجديد وتخصيص المرأة عن الرجل في الشعر أو بما يسمى بالشعر النسوي، أنت كشاعرة هل تشعرين بهذا التقسيم وهل أنت معه؟
— أظنّ أنّ هذا التصنيف إذا قام على أساس الجنس وعلى أساس التفريق بين كل ما هو رجالي ونسائي، قد لا يكون له معنى ويكون ضيقا ومجحفا، صحيح هناك بعض الخصوصيات ربما تكون متناغمة مع أحاسيس المرأة، فأنا كامرأة قد أكتب ربما أكثر عما أشعر به كأنثى وكلّ ما يتعلّق بالمرأة، لكن ليس قائما على هذا الجانب بالضرورة، لأنّه يجب المراهنة أيضا على كلّ ما هو إنساني، فالإنسان عندما يكتب فهو يخاطب الحسّ الإنساني بغض النظر على كونه رجلا أو امرأة، فالمهم أن يحضر النص وأن يكون جيدا وأن يناقش قضايا الكون وقضايا الذات، أن يستطيع المبدع من خلال نصه استغوار ذاته ونقل أحاسيسه عبر اللغة، ويجب أن يكون التكامل الوجداني حاصلا بين الرجل والمرأة بعيدا عن الخلاف.
❊ ما هي الظروف التي تساعدك وتهيئ الحالة الوجدانية لصباح الدبي للكتابة؟
— الكتابة تكون حسب المزاج، وعندما تأتيك الفكرة هكذا، ينساب القلم وتستطيع التعبير من خلال الدفق الوجداني، عما تختلج به نفسك، أحيانا يحاول الشاعر أن يكتب شيئا ما لكنه لا يستطيع أن يقبض على تلك الجمرة الأولى، عندما يأتيك القبس الأوّل من الكتابة تستطيع بعد ذلك أن تتابع هذا العمل وتنقح النص وتشتغل عليه، الأكيد أنّ الكتابة تحتاج إلى هذا الدفق الوجداني الذي يخرج الشحنة عبر أضواء اللغة التي تعتبر وسيطا وتتلبس بحالاتنا عندما تختلط مع هذا الفيض الداخلي والوجداني والتأثري بين ذاتك والعالم الخارجي من خلال قضايا بسيطة أو قضايا كبرى، تكون اللغة في هذه الحالة أكثر شاعرية.
- بما أنّك أثرت موضوع اللغة، كيف تجدين لغة الشعر العربي بعدما طغت اللغة العامية على التواصل بين الأفراد عبر الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟
— صحيح، فهذه الإكراهات أصبحت تنغّص قليلا على اللغة كشخصية حاضرة إذا استطعنا وصفها بهذا، لكن حسب رأي فاللغة لديها أشياؤها الداخلية التي تجعلها محصّنة من كلّ تهديد، وطبعا حصانة اللغة تكمن في المحافظة على رونقها وجمالها، لأنّ أساس الشعر هو هذا اللعب بالكلمات، هو هذا الخيال الذي يتحوّل عبر الوسيط اللغوي، فحينما ننتقل إلى مرحلة الإبداع والشاعرية فنحن مطالبون بأن ترتقي لغتنا إلى مدارج عليا وأن تتحقّق فيها شعريتها، وإلا لكان كل من يتكلم كلاما بسيطا شاعرا.
❊ هناك من يتهم الشعر بأنه لغة الحب والرومانسية فقط، ماذا تردين؟
— ليس بالضرورة.. هذا الأمر صحيح، فالشعر يتناول حقيقة قضايا الحب والرومانسية، لكنّه أيضا ابن بيئته ويتأثر بمحيطه الخارجي وبالقضايا الراهنة في كلّ بيئة وعصر، الشعر وليد لحظة إنسانية تعيشها كذات مبدعة، يمكن أن تتأثّر بالقضايا الكبرى فتكتب القصيدة ويمكن أن تتأثّر بمشهد طائر على أغصان الشجر، يلهمك ذلك فتكتب أيضا قصيدة ويمكن أن تعيش حالة حب فتكتب قصيدة، فالشعر مرتبط بالأحاسيس وبالنفس الإنسانية التي تعدّ مجالا عميقا ولا محدودا، وكلّ ما يدقّ نواقيسها الداخلية ويمسّها بشكل من الأشغال، يخرج متفتقا بشكل شعري بديع.
❊ كيف تعيشون كشعراء، حالة الفوضى التي يشهدها العالم العربي؟
— نتأسّف لما حلّ بالعالم العربي ونأسّف على هذا الوضع الذي تعيشه الأمة العربية بسبب هذه التحوّلات الكبرى والنكسات، لكن أكيد أنّ الأمور سيكون لها منافذ من الضوء وأنّ الأمة لن تدوم على هذا الحال، ونتمنى أن يكون لنا دور كمثقفين في مجال العطاء والتعبير عن ذواتنا من خلال رفض كلّ الأشكال التي من شأنها أن تزلزل الكيان العربي، أظن أنّ الأمة العربية ستعود وبعد النكسات ستسترجع قوتها.
❊ هل لنا أن نعرف بمن تتأثر الشاعرة صباح الدبي من الشعراء العرب ولمن تقرأ من الشعراء الجزائريين؟
— تأثّرت بكثير من الشعراء أو بالأصح بكوكتال من الشعراء العرب وحتى من الشعراء الفرنسيين، كما أجد متعة في حضور القصيدة العربية القديمة والتجارب في كل العالم، أظن أنّ النص الشعري الجيد يجذبك وتقرأه وإذا وجدت نفسك فيه فإنه يترك شيئا منه فيك..أكيد أقرأ للشعراء الجزائريين، فبحكم الجوار، نلتقي في الملتقيات والتظاهرات الثقافية ونقرأ لبعضنا البعض.