بعد 3 سنوات من حكم الرئيس تبون

معالم دولة الحق والقانون تتجسد ميدانيا

معالم دولة الحق والقانون تتجسد ميدانيا
  • القراءات: 543
شريفة عابد شريفة عابد

مقاربة تشاركية لتسطير السياسات العمومية والمعركة ضد الفساد متواصلة

* تمكين الشباب من القيادة والمجتمع المدني مرافق لجهود الدولة

عصرنة المؤسسات وفق معايير الدولية

توّجت فترة ثلاث سنوات من حكم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإصلاحات عميقة في قطاع العدالة والمؤسّسات الرسمية والاستشارية، لإرساء أسس الحكم الراشد وبناء دولة الحق والقانون، وتجسّد ذلك في وضع  ترسانة قانونية تفرّعت عن الدستور الجديد، حقّق مبدأ الفصل بين السلطات وأحدث توازنا غير مسبوق بين السلطات التنفيذية، التشريعية، القضائية، تجسيدا للحوكمة والتجديد وفق مقاربة ديمقراطية عصرية قائمة على إشراك جميع القوى الحية في معركة البناء من المجتمع من مجتمع مدني، وشباب وفواعل سياسية جديدة لتحقيق المشروع النهضوي الذي التزم به الرئيس تبون عند اعتلائه سدة الحكم في 12ديسمبر 2019. تطلّبت مرحلة البناء التي يلمس الشعب آثارها في الميدان، المرور بمراحل عصيبة، تمكّنت خلالها السلطة السياسية في البلاد، من تجاوز كلّ الاستحقاقات بنجاح بفضل عزيمة وإخلاص وتضحيات الرجال.

إعادة الكلمة للشعب عبر حماية الصندوق

كانت أوّل خطوة في معركة البناء، إعادة الكلمة للشعب، حيث نُّظمت الانتخابات الرئاسية لـ12 ديسمبر 2019، بشكل ديمقراطي وعصري وبسلمية، رغم المؤامرات الخارجية التي كانت تنتظر تعثّر مشروع الجزائر الجديدة، لكن إرادة الرجال وتمسّك الشعب بمشروع التغيير لبناء مؤسّساته ديمقراطيا، مكّن من تجاوز هذا الامتحان العسير الذي واجهته الجزائر. وتحقّق المشروع بإعادة الكلمة للشعب في التعبير عن خياراته بكلّ شفافية وديمقراطية، لأوّل مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، حيث  تمكّنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بجدارة واستحقاق، من تحقيق هذا الرهان رغم صعوبة الظرف وشدّته، ونظّمت استحقاقات شفافة، أسّست للانطلاقة الفعلية في مرحلة بناء الجزائر الجديدة، التي تجسّدت معالمها بانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، الذي شرع في تنفيذ التزاماته 54 التي تضمّنها برنامجه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وواصلت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، إعادة بناء المؤسّسات المنتخبة وفق خيارات المواطن، التي حصّنها قانون الانتخابات الذي أنهى عهد الفساد بميلاد ما يعرف بالقائمة الحرة في خطوة تاريخية لطي صفحة الفساد وشراء الذمم، ونظّمت  انتخابات برلمانية وفق النصّ الجديد، حيث كانت فيها الحصة للشباب، كما شهدت ميلاد قوى حية جديدة ممثلة في الأحرار كبديل عن بعض الأحزاب السياسية التي أدانها الشعب لتورّط قياداتها في الفساد المالي. وشهدت الجزائر، لأوّل مرة، ميلاد برلمان برئاسة نائب حر، وهو ما شكّل ضمانة لحماية المؤسّسة الرقابية من كلّ التجاذبات السياسية، كما عزّزت في البرلمان الجديد حق المعارضة.

وتواصلت، معركة التجديد بتنظيم انتخابات المجالس الشعبية المحلية، وبعدها تجديد جزئي لأعضاء مجلس لأمة، شهد كذلك ظهور ولأوّل مرة كتلة الأحرار في تركيبته مع وصول أحزاب سياسية حديثة النشأة قبته لأوّل مرة، بعدما كانت الغرفة سابقا حكرا على أحزاب معينة فقط.

التوازن بين السلطات ضمانا لاستقرار أركان الدولة

وفي مجال الإصلاحات السياسية، تمّ تعديل الدستور عبر استفتاء شعبي بتاريخ1 نوفمبر 2020، تمخّضت عنه حزمة من القوانين العضوية والعادية نظّمت مختلف المجالات، كما تمّ بموجبه تنصيب هيئات استشارية ومؤسّسات رقابية، كما ضمن الدستور التوازن بين السلطات التنفيذية التشريعية والقضائية، لأوّل مرة في الجزائر الجديدة، وهذا رغم النظام شبه الرئاسي الذي تعتمده الجزائر. ومن أبرز المؤسّسات الرسمية التي تمخضت عن دستور نوفمبر، المحكمة الدستورية الذي جزء من أعضائها أساتذة في القانون الدستوري منتخبون من بين زملائهم، وقد أسندت لهذه الهيئة صلاحيات واسعة كهيئة لتحكيم وتقويم التوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية، القضائية والتشريعية، لضمان استقرار الدولة وعدم تدخّل سلطة في مجال تخصّص الأخرى. 

كما عزّزت المحكمة الدستورية حقّ المواطن في الدفع بعدم الدستورية، من خلال توسيع حقّ الطعن إلى المراسيم التنظيمية التي تستعمل في التقاضي بعدما  كان فقط منحصرا في الأحكام التشريعية. إلى جانب هذا، وفي إطار مسعى رئيس الجمهورية لعصرنة قطاع العدالة وضمان استقلاليتها، نصّب المجلس الأعلى للقضاء الذي وسّعت صلاحياته كأساس في بناء عدالة فعّالة وشفّافة ونزيهة، وبما يسمح بتعزيز مكانة القضاة وحمايتهم من أيّ ضغوط، للحفاظ على مكاسبهم وتكريس استقلاليتهم، كما أسند منصب رئيس المجلس إلى قاضي بدل وزير العدل الذي يمثّل السلطة التنفيذية، وفي هذا خطوة لإعادة الاعتبار للسلطة القضائية، كما وسّعت فيه صلاحيات القضاة وتم تعميق حق الانتخاب.

هيئات استشارية تشارك في صنع القرارات

إلى جانب هذا، جاء بموجب دستور الفاتح نوفمبر تنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتهما كجهاز فعّال لردع الفساد تعزيزا لأركان دولة الحق والقانون، وتضع السلطة الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الفساد واعتماد معايير النزاهة، كما تقوم بإخطار رئيس الجمهورية بتقرير سنوي. وبغرض تعميق الديمقراطية التشاركية وتمكين كلّ القوى الحية ذات التمثيل الشعبي القاعدي من إيصال كلمتها إلى السلطات العليا للبلاد، تمّ تنصيب المرصد الوطني للمجتمع المدني كشريك أساسي في دعم جهود الدولة في نشر الوعي والتحسيس ضدّ الآفات الاجتماعية، ومرافقة جهود الدولة بالعمليات التضامنية خلال الأزمات والمواسم والأعياد، وأبرز أعمال المرصد تجلّت خلال جائحة كورونا والتضامن مع ضحايا الحرائق سنتي 2021 و2022 وكذلك في مكافحة المضاربة وجرائم مختلفة.

كما شهدت الجزائر الجديدة ميلاد المجلس الأعلى لشباب ميدانيا، بعد سنوات طويلة من التجميد، ويساهم المجلس، حديث التنصيب، في تمكين هذه الشريحة التي تمثّل أكثر من نصف المجتمع، في إسماع صوتها للسلطات العليا في البلاد والتكفّل بانشغالاتها عبر برامج متنوّعة، إلى جانب نشر الوعي والمواطنة بين صفوف الشباب وحمايتهم من كلّ أشكال الاستقطاب والتوظيف في أجندات مشبوهة.وحرصا على ضمان الحقوق والحريات والارتقاء الدائم بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدّمة، نصّب المجلس الوطني لحقوق الإنسان كهيئة دستورية استشارية، وفق مقاربة جديدة.

طالع أيضا/

* لوضع حدّ لعصابات الإجرام والعابثين بقوت الجزائريين.. فرض هيبة الدولة عبر القانون

* الخبير الدستوري وعضو مجلس الأمة أوسهلة محمد رضا لـ"المساء": توكيل التحكيم للمحكمة الدستورية ميزة نادرة في النظام شبه الرئاسي

* الوقاية من الفساد ومكافحته.. تعزيز المنظومة القانونية ورفع التجريم عن التسيير