فيما ألهبت حفلات الطلاق مواقع التواصل الاجتماعي

الخلع.. عندما يتحوّل الحق إلى أداة للتفكك الأسري

الخلع.. عندما يتحوّل الحق إلى أداة للتفكك الأسري
  • القراءات: 573
أحلام محي الدين/ رشيدة بلال أحلام محي الدين/ رشيدة بلال

تراجع دور مجالس الصلح العائلية وراء ارتفاع قضايا الخلع

الطلاق بأنواعه معول دمار  يُهدد الاستقرار الأسري والمجتمعي

❊ التغيرات الاجتماعية لها بصمة في ارتفاع قضايا الخلع

❊ تفعيل دور المجالس العائلية ضرورة للحد من الخلع

❊ أصابع الاتهام توجه لوسائل التواصل الاجتماعي

شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في نسب الطلاق بين الخلع والتطليق والطلاق التعسفي، إذ استقبلت شؤون الأسرة بالمحاكم الجزائرية، ملفات مختلفة تجتمع على هدف واحد ألا وهو فك الرابطة الزوجية، حيث تتأرجح الكفة بين امرأة تتمسك بالرجوع وأخرى تسارع إلى الخلع... آلاف الملفات فوق مكاتب المحامين، تحمل بين طياتها قصص نساء تروى بمرارة بين إهمال أسري أو امتناع عن تسديد النفقة، أو التعرض للضرب من قبل الزوج.

عشرات المطالب ترفع يوميا سواء عن طريق المحامين أو من خلال عرائض تكتب لدى الكتاب العموميين، وسط تزايد رهيب في قضايا الخلع، إذ كشفت إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة العدل، أن 10 آلاف جزائرية خلعت زوجها خلال السداسي الأول من العام 2021، وهو رقم صادم، فيما يطالب أهل الاختصاص بدق ناقوس الخطر حياله، خاصة بعدما أصبح الانفصال يعتمد على الإرادة الفردية لأحد الزوجين، بعيدا عن رأي الأهل أو حتى السماح لهم بالتدخل للصلح، كما كانت عليه الأمور في عهد مضى وكما يجب أن تكون عليه.

الى جانب تراجع أدوار المؤسسات الاجتماعية الأساسية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي، التي أقنعت الكثيرات بالهامش الأكبر من الحرية ومساواتها مع الرجل، كما أشار إليه أهل الاختصاص في حديثهم لـ"المساء في هذا الملف، حيث أكدوا على ضرورة تعديل قانون الأسرة في طابع استعجالي وتفعيل دور المجالس العائلية.  

* أحلام محي الدين


 

مراسيم فك الرابطة الزوجية.. حفلات الطلاق موضة مواقع التواصل الاجتماعي

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ مدة حضورا موازيا لحفلات الطلاق مع منشورات الزواج والاستعداد لدخول القفص الذهبي، وفي مفارقة غريبة يحتفل أصحاب حفلات الطلاق بفسخ العقد بأساليب مختلفة، تنوعت بين العشاء وتحضير قالب الحلوى الذي يحمل عبارات خاصة بالمناسبة، مع دعوة المقربين وحتى الأصدقاء لحضور مراسيم "التخلص من الشريك"، في محاولات لرد الاعتبار أمام الجميع، لاسيما من قبل النساء اللواتي تؤكدن لأنفسهن قبل غيرهن أنهن "تخلصن من علاقة سامة" على حد تعبيرهن والانطلاق من جديد. 

الاحتفال بالطلاق، عادة غربية ودخيلة على المجتمعات العربية، نفذها بعض المشاهير من الجنسين بغرض لفت الانتباه وشغل الجماهير بأمورهم من أجل الحفاظ على الإضاءة المستمرة، إلا أن ما شد انتباهنا خلال مشاهدتنا لمنشورات حفلات الطلاق على مواقع التواصل الاجتماعي "التيك توك"، "انستغرام" و"فايسبوك"، هو انتشار الظاهرة بقوة خلال السنوات الأخيرة، فإذا كانت حفلات الطلاق من بين العادات والتقاليد في المجتمع الموريتاني، التي يتم من خلالها فتح الباب لمشروع زواج جديد، لأن القصد منها إظهار السيدة المحتفلة رغبتها في إعادة الارتباط من آخر، وأنها بصدد الاستعداد لفتح علاقة زوجية جديدة، وأنها في استقبال الخطيب الجديد، أصبحت حفلات الطلاق على المواقع تحمل مدلولات أخرى، ترجمتها الطرق التي عبر بها الأفراد عبر الوسائل عن الانفصال في قالب مختلف.

يحتار المشاهد فيه هل يعزي أو يجبر الخاطر أو يبارك، ردود الأفعال المختلفة وغير المتوقعة أحيانا من قبل صاحبات حفلات الطلاق على وجه الخصوص من النساء، محيّرة، ففي الوقت الذي تحزن فيه الكثيرات والكثيرون بسبب الانفصال والهدم، تجد من صاحبات الحفلات التي تنفخ فيها بالونات خاصة "مبروك الطلاق"، "حرة أنا الآن "لا أريدك جنبيقد خرجن للعلن بسعادة قد تكون مفتعلة ومغيظة للطرف الآخر، أو كتعبير عن الانتصار والتحرّر من قيود كبث الأنفاس طيلة مدة الارتباط.والملاحظ من خلال التعليقات، التي تتركها هؤلاء المحتفلات، سواء على حساباتهن أو من خلال الكعكة التي كتبت عليها كلمات معبرة عن حالتهن "سعيدة بعد الطلاق"، "حرة الآن كالطير".

 وأوضح البعض ممن تحدثنا إليهن من السيدات حول الظاهرة: أن طريقة الاحتفال هذه "جريئة جدا"، وأن أغلب صاحباتها ذات تجارب مؤلمة، وما الاحتفال الا رد اعتبار للكرامة المسلوبة، أو المعاملة السيئة خلال فترة الزواج أو نتاج التخلص من زوج خائن لا يستحق البقاء معه تحت سقف واحد، أو أنها فرحة بالحرية لاسيما بعد مرارة الارتباط ومعاملات الطلاق في المحاكم، مع الإشارة إلى أن هذا التصرف قد يجعل المرأة تدفع الثمن غاليا، وهو الوحدة وعدم رغبة أي شخص للتقرب إليها لسخطها الكبير على الزواج".

في حين أكد بعض الرجال من تحدثنا إليهم، أن هذه الحفلات نوع من التمرد على العادات الاجتماعية، التي تدعو للتماسك الأسري، إذ طرح عبد الواحد، طبيب عام 35 سنة، السؤال التالي، هل يتم الاحتفال بدمار البيت وتشتت الأبناء؟ بم يتم الاحتفال؟ أكيد هي فرحة باهتة ليست حقيقية ولا توازي أبدا حفلة الزفاف وسعادته".

في حين هاجم مروان 44سنة الفعل لكونه دمار للمجتمع، قائلا: "كيف نحتفل بالانفصال والدموع والشتات، من جهتي أرى أن هذه الحفلات انفصامية، لأن أصحابها من الجنسين لا يعبرون بصدق عن حقيقة مشاعرهم، وإنما مظاهر من أجل إثبات أمور معينة للآخرين، لا علاقة لها بحقيقة أحاسيسهم".

* أحلام محي الدين

طالع أيضا/

* بعدما أصبحت العلاقة الأسرية مهدّدة بالإرادة المنفردة للزوجة.. مختصون في القانون: الخلع حق أُريد به باطل

رئيسة جمعية "آلاء للتنمية الأســرية" لــ"المساء": سوء الاختيار وضعف الوعي بمقاصد بناء أسرة وراء الخلع

* الأئمة يستنكرون الظاهـرة ويقـرّون: تفعيل دور المجالس العائلية يقلّل من حالات الخلع ويحفظ الأسر

* المختص في علم الاجتماع الأستاذ حسين زوبيري: التغيرات الاجتماعية تعصف بالمفهوم التقليدي للزواج