الدكتور قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين لـ"المساء”:

لا مناص من القصاص لبناء جزائر جديدة

لا مناص من القصاص لبناء جزائر جديدة
الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين
  • القراءات: 2037
رشيدة بلال رشيدة بلال

تطرق الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين في هذا الحوار مع ”المساء”، إلى الوضع الذي آل إليه المجتمع الجزائري، بعد أن تفشت فيه الجريمة المتبوعة بالتنكيل والحرق بالنكسة الكبرى، حيث شخّص الأسباب وقدم بعض الحلول التي تعتبرها الجمعية، كفيلة بإعادة المجتمع الجزائري إلى أصوله العريقة المجاهدة والمتشبعة بالقيم الدينية.

بداية، ما هو تشخيصكم للوضع الذي آل إليه المجتمع الجزائري، بفعل تفشي جرائم القتل والحرق والتنكيل بالضحية؟

❊❊ ينبع تشخيص هذه الظاهرة المأساوية التي أصابت المجتمع الجزائري، من خلال معرفة الأسباب أولا، ومن الرسالة التي تضطلع بها جمعية العلماء، في إصلاح المجتمع، وحمايته من كل الآفات، ومن ثمة فإن المشخّص لواقع مجتمعنا اليوم، يتأكد من أنه أمام مجتمع لا يمت إلى الجزائر المجاهدة، الأصيلة، المسلمة بصلة.

فنحن الذين عشنا الثورة الجزائرية، وعانينا ويلاتها، واكتوينا بنارها، عشنا مع مجتمع جزائري آخر، هو المجتمع الإسلامي النموذجي المثالي، الذي هو أشبه ما يكون بمجتمع الصحابة المبشرين بالجنة. وعليه، فإن أي مجتمع تتفشى فيه جرائم الحرق، والقتل، والاغتصاب واللصوصية، هو مجتمع أبعد ما يكون عن الإسلام وعن الوطنية وعن المواطنة، وهو ما يمثّل النكسة الكبرى التي أصابت مجتمعنا الجزائري اليوم.

إلى ما تعود أسباب الاستخفاف بالروح البشرية؟

❊❊ هناك مجموعة من الأسباب تجتمع كلها لتجيب عن هذا السؤال، ولعل في مقدمتها، التفكك الأسري الذي فقدت فيه الأسرة الوئام والانسجام والتكفل بالأبناء، وحتى التخلي عن كل الواجبات في الأداء، يليها التسيب المدرسي، حيث فشلت المدرسة في أداء دورها التعليمي وواجبها التربوي، فالمدرسة الجزائرية التي تحارب الصلاة في صفوفها، وتتنكر لكل مظاهر التخلق والعبادة، كالبسملة، والتنكر للتربية الإسلامية، والدعوة إلى وضع التاريخ في المزبلة، كلها من الظواهر التي أخرجت لنا جيلا يكفر بالعقيدة، ويخون القيم الوطنية، ويتنكر بحقوق الوالدين ويدوس على كل أخلاق المجتمع.

دون أن ننسى غياب الردع بالقانون والاستهانة بالأرواح البشرية، وانعدام القصاص، إلى جانب تفشي المخدرات، والخمور والتشجيع على مظاهر الانحلال الخلقي، كل ذلك باسم مصطلحات مظلومة عنوانها الحداثة، والعصرنة والتقدمية، وهو ما أوقعنا في هذه المصائب والمحن.

فضلا عن انعدام القدوة والمثل من الأولياء والأمراء على الوطن والحكماء الموكول إليهم أمر الإصلاح الاجتماعي والسياسي، كل هذه الظواهر ـ على سبيل المثال ـ هي التي ولّدت جيلا ديدنه العنف ومنهجه الإرهاب، وسلوكه القتل والحرق والاغتصاب.

ما الذي تقترحونه لمحاربة مثل هذه الظواهر؟

❊❊ نقترح أن يعاد للمدرسة الجزائرية دورها الحقيقي الذي يقوم على التربية والتعليم، من خلال تصحيح مناهجها وتعاليمها، كما يجب أن يمكن الخطاب المسجدي من أداء دوره الإسلامي، النافذ إلى صميم المجتمع، بالتعاون مع الإعلام الهادف، الذي ينشر الفضيلة، ويحارب الرذيلة، على أن الله قد يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فكيف إذا اجتمع السلطان والقرآن معا؟.

أنا أؤمن بأن القصاص وسيلة ناجعة لعلاج قضايا الدماء، [وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ] (سورة البقرة، الآية: 179). وعليه أنا ضد تنفيذ الإعدام في القضايا ذات الطابع الفكري، أو السياسي، أما مختطفو الأطفال، ومغتصبو النساء وحرقهم، والاعتداء بالقتل على الأصول، فليس لهم من علاج إلا علاج القرآن: ”العين بالعين، والسن بالسن، والجروح قصاص”.

لقد جربت أمم مثلنا هذا العلاج الرادع ونجحت، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ـ على سبيل المثال ـ، هناك ولايات قررت تنفيذ حكم الإعدام،  عندما يكون الحكم عادلا، ومدعما بالأدلة التي لا تقبل الشك.

هل تعتقدون أن التعديلات الأخيرة لقانون العقوبات، من شأنها أن تحدث تغييرا أم أنه لا مفر من تطبيق عقوبة القصاص؟

❊❊ لا مفر من القصاص، إذا أردنا أن نبني الجزائر الجديدة الخالية من الفساد والمفسدين والعدوان والمعتدين، والقتل والقاتلين، والاغتصاب و المغتصبين.