العثور على نسخة من القرآن عمرها 1370 عاما

العثور على نسخة من القرآن عمرها 1370 عاما
  • القراءات: 1913
عثر باحثون في جامعة برمنغهام على صفحات من المصحف الشريف، بين فحصها بتقنية الكربون المشع، أن عمرها يبلغ نحو 1370 عاما، وهو ما قد يجعلها من أقدم نسخ المصحف في العالم. وقد بقيت الأوراق في مكتبة الجامعة مدة قرن لم يلتفت إليها أحد، ويقول خبير المخطوطات في المكتبة البريطانية، الدكتور محمد عيسى والي؛ إن هذا «الاكتشاف المذهل» سيدخل «السعادة في قلوب» المسلمين، وحفظ المخطوط مع مجموعة أخرى من كتب ووثائق عن الشرق الأوسط، دون أن يعرف أحد أنه من أقدم نسخ المصحف في العالم.
وخضع المخطوط للكشف عن طريق الكربون المشع لتحديد عمره، بعدما اطلع عليه أحد طلبة الدكتوراه، فحدثت المفاجأة «المثيرة». وقالت مديرة المجموعات الخاصة في الجامعة؛ إن الباحثين لم يكن «يخطر في بالهم أبدا أن الوثيقة قديمة إلى هذا الحد»، وأضافت: «امتلاك الجامعة صفحات من المصحف قد تكون هي الأقدم في العالم كله أمر غاية في الإثارة».
وبين الفحص الذي أجري في وحدة تقنية الكربون المشع في جامعة أوكسفورد، أن النص مكتوب على قطع من جلد الغنم أو الماعز، وأنها كانت من بين أقدم نصوص القرآن المحفوظة في العالم. ويحدد هذا الفحص عمر المخطوط بنسبة دقة تصل إلى 95 في المائة، ويشير إلى أن النص الموجود على هذه الجلود يعود تاريخ كتابته إلى الفترة الممتدة بين عامي 568 و645 ميلادي. ويقول البروفسور ديفيد توماس، الأستاذ المختص في المسيحية والإسلام؛ إن «هذه النصوص قد تعيدنا إلى السنوات الأولى من صدر الإسلام»، إذ تشير السيرة النبوية إلى أن الوحي أنزل على الرسول محمد الأعظم بين سنتي  610 و632 ميلادي، وهو تاريخ وفاته.
ويضيف البروفيسور توماس أن «العمر التقديري لمخطوط برمنغهام يعني أنه من المحتمل جدا أن كاتبه عاش في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام». وأكمل «الشخص الذي كتب هذه الصفحات لابد أنه عرف النبي محمد، وربما رآه واستمع إلى حديثه، وربما كان مقربا منه، وهذا ما يستحضره هذا المخطوط». للإشارة، تعد هذه المخطوطة جزءا من مجموعة القس الكلداني ألفونس منغنا، المولود في العراق، تضم أكثر من 3000 وثيقة من الشرق الأوسط.
وقال البروفيسور توماس؛ إن بعض نصوص «الوحي» كتبت على رقائق من السعف أو الصخور أو الجلود وعظام أكتاف الجمال، وإن نسخة نهائية من المصحف جمعت عام 650 ميلادية. وأشار إلى أن «هذه الأجزاء من القرآن التي كتبت على هذه الرقائق، يمكن وبدرجة من الثقة، إعادة تاريخها إلى أقل من عقدين بعد وفاة النبي محمد». وأضاف: «إن هذه الصفحات قريبة جدا من القرآن الذي نقرأه اليوم، وهو ما يدعم فكرة أنه لم يعرف تغييرا، ويمكن إعادة تاريخها إلى لحظة زمنية قريبة جدا من الزمن الذي يعتقد بنزوله فيه».
وكتب النص بخط حجازي، وهو من الخطوط العربية الأولى، مما يجعل الوثيقة واحدة من أقدم نسخ القرآن في العالم. وبما أن تقنية الكربون المشع تعطي مدى زمنيا لفترة كتابة النص، وثمة عدد من المخطوطات القديمة في المكتبات العامة والخاصة قد يكون عمرها مقاربا، لذا يصبح من المستحيل الجزم بأن هذه الصفحات هي أقدم نصوص المصحف في العالم. ولكن تاريخ كتابة نسخة برمنغهام يعود إلى 645 ميلادي، وهو ما يجعلها حتما من أقدم نسخ المصحف.
قال محمد أفضل رئيس مجلس مسجد برمنغهام المركزي؛ «لقد تأثرت كثيرا عندما رأيت هذه الصفحات». وقال الدكتور والي، المتخصص البارز في المخطوطات الفارسية والتركية في المكتبة البريطانية؛ إن هاتين اللفافتين  المكتوبتين بخط يد حجازي جميل ومقروء بشكل مدهش، تعودان بكل تأكيد إلى زمن الخلفاء الثلاثة الأوائل». وتمتد فترة حكم الخلفاء الثلاثة للمجتمع الإسلامي بين نحو 632 إلى 656 ميلادية.
ويقول الدكتور والي؛ إن نسخا من «النسخة النهائية» للمصحف وزعت في زمن الخليفة الثالث، عثمان بن عفان، ويضيف «أن المجتمع الإسلامي لم يكن غنيا بما فيه الكفاية ليوفر مخزونا من جلود الحيوانات لعقود، فإعداد مصحف كامل أو نسخة من القرآن الكريم كان يتطلب كمية كبيرة منها». ويشير الدكتور والي إلى أن هذه المخطوطة التي اكتشفت في برمنغهام تمثل «لقية ثمينة محفوظة» عن نسخة من تلك الفترة أو حتى من فترة أسبق منها.
ويكمل «العثور على هذه المخطوطة بجمال محتواها الخالص وخطها الحجازي الواضح بشكل مثير، خبر يدخل السعادة إلى قلوب المسلمين». هذه المخطوطة هي جزء من مجموعة «منغنا» التي تضم أكثر من 3000 وثيقة من الشرق الأوسط، جمعها في العشرينات ألفونس منغنا، القس الكلداني المولود قرب مدينة الموصل في العراق.
يقول الخبراء؛ إن الصفحات المكتوبة بالخط الحجازي تعود إلى عصر الخلفاء الراشدين وقام برحلات إلى الشرق الأوسط لجمعها برعاية من إدوارد كادبري الذي ينتمي إلى أسرة عرفت بصناعة الشوكولاطة. وعبر أعضاء المجتمع الإسلامي المحلي في برمنغهام عن ابتهاجهم بهذا الاكتشاف في مدينتهم، وتقول الجامعة؛ إن المخطوطة ستوضع في مكان للعرض العام.