احتفالا برأس السنة الأمازيغية 2968

ينّاير له طعم خاص هذه السنة ببومرداس

ينّاير له طعم  خاص هذه السنة ببومرداس
  • القراءات: 2556

يكتسي الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هذه السنة بولاية بومرداس، نكهة خاصة تتعدى بكثير الاحتفال الفولكلوري ومعارض التراث الأمازيغي المادي وغير المادي، ليصبح تعبيرا حقيقيا عن تصالح الشعب الجزائري مع هويته الامازيغية بعد أن تم ترسيمه عيدا وطنيا وتخصيص 12 يناير من كل سنة عطلة مدفوعة الأجر..

لا تختلف ولاية بومرداس في احتفالاتها بيناير عن باقي ولايات الوطن، سواء في التقاليد المصاحبة لهذا العيد الذي تعدى في بعده التاريخي والوطني منطقة القبائل ليصبح عيدا يخص كل جزائري أينما كان بكل ربوع الوطن، إلى تقاسم التضامن الاجتماعي بكل صوره في خطوة تعكس حقيقة اللحمة الوطنية، هذا ما تأكد لـ«المساء» خلال حديث جمعها بأعضاء المجتمع المدني لبلديات سوق الأحد وعمال وبني عمران، ممن اهتدوا لفكرة «قفة يناير» كتعبير عن التآزر المجتمعي مع المحتاجين، لاسيما الأرامل ممن قد لا يتمكنّ من إحياء عادة «أمنسي  يناير»، من خلال توزيعها عليهم وهي تحمل كل مستلزمات تحضير العشاء من كسكسى وحبوب وزيت وغيره. في السياق، يؤكد الرئيس السابق لجمعية «اسيرم» الثقافية، أنه ثم خلال السنة الماضية توزيع عدد محدود من القفف بقرية ايت سي رابح ببلدية بني عمران، وستعرف هذه السنة أيضا نفس الالتفاتة بتوزيع حوالي 30 قفة في 11 يناير الجاري، آملا في  أن يتم تعميم مثل هذه المبادرة على عدة بلديات وولايات أيضا، حتى يتم الترسيخ الفعلي للمعنى التضامني ليناير.

ولئن كان رأس السنة الأمازيغية أو «باب العام» مثلما يسمى مرتبط كذلك بالأرض والزراعة، فإن نفس القرية شهدت السنة المنقضية، توزيع عدد من أشجار الزيتون تشجيعا للفلاحة الجبلية وهو نفس ما يتم التحضير له عن طريق جمع أكبر عدد ممكن من الأشجار المثمرة لتوزيعها تطوعا يوم 12 يناير، لترسيخ البعد الحقيقي لهذا العيد الوطني وجعله عيدا تشاركيا دائما مرتبطا بالأرض وخيراتها.

ونبقى في نفس الصورة التضامنية التي يعكسها يناير، من خلال مختلف الأطباق التقليدية التي يتم تحضيرها وتوزيعها، فإن كان طبق الكسكسي بالدجاج والبقول الجافة بسبعة أنواع أو إحدى عشر نوعا، هو الطبق الرئيسي المتعارف عليه إلا أنه تظهر أطباق تقليدية أخرى مثل البركوكس بالحبوب والخضر الموسمية، وكذلك الرفيس المعروف بمنطقة الثنية والذي يحضر من عجائن المسّمن المقطعة والمطهية على البخار يضاف إليها زيت الزيتون والسكر والزبيب، لتلتم حولها الأسرة ليلة يناير، تقول الحرفية في الأطباق التقليدية فاطمة قرمال من بلدية الثنية، مؤكدة أن اهتمامها بباب العام الامازيغي أصبح يتزايد السنة تلو الأخرى بفضل الترويج الإعلامي له، ما جعلها تحاول ترسيخ إحياء يناير من خلال مختلف المعارض التي تشارك فيها بعرض أطباق تحضر حصريا بالمناسبة مثل الشرشم بالقمح (وهو طبق يحضر بالقمح والفول والحمص) وكذا حلويات تقليدية تحضر بكل بيت  مثل البغرير والخفاف وروينة الخروب.

من جهته، أكّد الحرفي في الفخار التقليدي من بلدية شعبة العامر حميد مخوخ، المشارك بمعرض التراث الامازيغي بدار الثقافة «رشيد ميموني»، أن يناير هو مناسبة متجددة لإبراز الهوية الوطنية من خلال التراث المادي الذي ينحصر بالنسبة إليه في الصناعة التقليدية التي يبقى متمسكا بها يقول «لكونها أعطتني قيمة اجتماعية لأنها مصدر رزقي وبفضلها أصبحت معروفا بكل الوطن.. تماما مثل يناير فبفضله مازلنا متمسكين بأرضنا وهويتنا». واعتبر المتحدث إحياء المناسبة بشعبة العامر يشبه بكثير الاحتفال بكامل المناطق الأخرى بتحضير الكسكسي بالبقول الجافة والحلويات التقليدية، مع التأكيد على عادة تبادل الأطباق بين الجيران التي مازلت راسخة إلى اليوم.

ويناير بالنسبة لجيلالي تيكرريين، من منطقة بولزازن ببلدية قدارة وبوزقزة الحرفي في السلالة التقليدية، هي مناسبة متجددة مع خيرات الأرض عن طريق التمسك بعادة تحضير «الطعام بالحبوب»، فحتى وإن كان الكسكسي يكاد لا يغيب عن موائدنا طيلة السنة، إلا أنه في يّناير ذو نكهة خاصة، لأنه رمز الخير والبركة، أما باب العام فيمثل فرصة «للشكر عن خيرات الأرض ودعاء لتكون السنوات المقبلة أعوام خير كذلك».

«وإذا جاك يناير حاير..غير كول قمحك خماير»، أي إذا هل باب العام بالأمطار فمعنى ذلك أن محصول السنة من القمح سيكون وفيرا، وهو ما يعكسه الاحتفال بتحضير «أمنسي ن يناير» بالكسكسي بكل أنواع الحبوب التي يتم تخزينها من الموسم الزراعي الماضي، وعملا على تخزين الحبوب في الموسم الجاري وهكذا دواليك، يقول احد مواطني بلدية زموري مؤكدا أن ترسيم 12 يناير عيدا وطنيا مدفوع الأجر «خطوة ايجابية لتصالح الشعب مع هويته الامازيغية وترسيخا للحمة الوطنية، ودعوة للعودة إلى عادات زمان بالالتفاف حول اللمة العائلية بعيدا عن ملهيات العصر الحالي».

وإحياء يناير هذه السنة بولاية بومرداس، يعرف تنظيم عدة تظاهرات تعكس التراث الامازيغي تشمل معارض للحرف التقليدية، إلى جانب تنظيم ندوات ومحاضرات بالمناسبة عبر مختلف المراكز الثقافية، مع الإشارة إلى أن التجار يتحضرون من جهتهم لإحياء باب السنة الامازيغية بطريقتهم الخاصة، عن طريق تحضير البلوط و«ثازرت» أو الكرموس (التين المجفف) والفول السوداني  واللوز والقسطل وغيرها من الثمار الجافة التي تقدم بالعادة مخلوطة بالحلويات والشكولاطة تقدم للغير تعبيرا عن التآخي..

حنان. س

البويرة ... « يناير» بنكهة الأعياد الوطنية

يعود «يناير» ليتخطى سنة أخرى من التقويم الأمازيغي الذي يعتبر أقدم التقويمات التي استعملها البشر، وتعود الاحتفالات بهذه المناسبة بالبويرة لهذه السنة بنكهة الأعياد الوطنية ببرنامج ضخم تشترك فيه جميع القطاعات، البلديات والجمعيات، إحياء للمناسبة التي تعتبر جزءا من التراث الأمازيغي الذي يعتبر أقدم منظومة قيم حضارية سنت لقانون تاجماعت قبل أن يأتي الإسلام ليهذبها، ورسما تفاؤليا للمستقبل تشترك فيه جميع العائلات عبر مختلف ولايات الوطن.

وعلى غرار إحتفالات العائلات التي لازالت تحافظ على عدم تفويت إحياء هذه المناسبة ولو بطبق تقليدي كعشاء يجمع شمل العائلة لليلة «العام» كما يسميها البعض، جاءت الإحتفالات الرسمية مكثفة شملت مختلف بلديات وأرجاء الولاية، لتبرز مدى تمسكها بأصالتها والسعي إلى التعريف بموروثها الذي يشترك فيه جميع الشعب في تنوع يبرز التنوع الثقافي التاريخي لأمازيغ الجزائر.

ف. ز.عباد

بجاية ... الجمعيات تسطّر برامج متنوّعة

تتواصل التحضيرات على مستوى ولاية بجاية، استعدادا للاحتفال برأس السنة الأمازيغية أو ما يعرف بـ«يناير» وهذا بتسطير برنامج ثري من مختلف الجمعيات الناشطة بالميدان أو المصالح المعنية.

وفيما انطلقت الاحتفالات منذ السبت الماضي، على مستوى دار الثقافة من خلال المعارض التي تقوم بها بعض الجمعيات من أجل ابراز أهمية هذه المناسبة خاصة فيما تعلق بعادات وتقاليد مختلف المناطق، فإن المسرح الجهوي «عبد المالك بوقرموح»، من جهته سطر برنامجا ثريا سينطلق الخميس المقبل، من خلال عرض مسرحية بعنوان  «موح تري» من تأليف لطرش موهوب، كما سيتم إعداد مائدة «كسكسي يناير» من إهداء جمعية «أكاي» ببجاية يوم السبت، وسيتخلله حفل فني بمشاركة العديد من المطربين المحليين على غرار «أزيفاس»، دليلة براهيم، فافا البجاوي وغيرهم بالإضافة إلى معرض للألبسة التقليدية، الحلويات والأطباق التي تمتاز بها منطقة القبائل. من جهتها سطرت الجمعية الثقافية النسائية «يتمونانت نتولاس» ببلدية توريرت إغيل، برنامجا خاصا ليوم الجمعة الفاتح من يناير، من خلال تنظيم معرض حول ما تمتاز به المنطقة من أطباق وغيرها، الشعر والمسرح بالإضافة إلى مسابقة حول أحسن طبق وعادات وتقاليد المنطقة فيما يخص الزواج. أما بلدية بن كسيلة فقد سطرت مختلف الجمعيات بها برنامجا خاصا بـ«يناير» تم على إثره تنظيم معرض حول ما تمتاز به المنطقة، وكذا عرض الأزياء إلى جانب حفل فنّي من تنشيط بعض الفنانين المحليين يوم الجمعة.

الحسن حامة    

العائلات التلمسانية تستحضر تقاليد وعادات يناير ... كرنفال «أيراد»... رموز جميلة وتقاليد شعبية عريقة

يحتفل سكان ولاية تلمسان، عـلى غـرار الولايات الأخرى بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2968، وبات ملحوظا اهتمام الجزائريين في السنوات الأخيرة بالاحتفاء بمناسبة تظاهرة «أيناير» التي تنطلق فعاليات ابتداء من 11 والى غاية 13 يناير، حيث تحتضن دائرة بني سنوس هذه السنة الاحتفالات الرسمية بالملعب البلدي «للفحص»، حيث سيقام بالمناسبة استعراض شعبي فلكلوري حسب التقاليد المحلية المعروفة بشتى القرى من خلال الكرنفال الذي تعودت على الاحتفاء بمراسمه تحت اسم «أيراد» و«اللبؤة».

في هذا السياق أكّـد الباحث علي عبدون، أنّ مهرجان إيراد الذي تنظّمه سنويا منطقة بني سنوس الجبلية الأمازيغية بولاية تلمسان، يعدّ ظاهرة اجتماعية تجعل منه التشكيلات الفنية مسرحا تقليديا أصليا، وهي كلمة معناها أسد نحو عشرة شبان ليلة يناير ويلبس هؤلاء الشبان جلود العجل أو الماعز ويجولون شوارع القرية تحت إيقاعات  الطبول، بينما يتم سحب «إيراد» الكبير بواسطة سلسلة من قبل شخص حتى لا يفر، وينتقل المشاركون في هذا الحفل من بيت إلى آخر لجمع الهبات التي توزع على فقراء القرية ومعوزيها، وأشار عبدون إلى «الشدة» الدرامية التي تميز عيد إيراد من خلال الأزياء التي يتم ارتداءها والأغاني والرقصات واللوحات المسرحية التي يؤديها المشاركون في المهرجان مضيفا أن الأمر يتعلق هنا بتكريس الهوية والحفاظ عليها.

طقوس قديمة ببني سنوس

تبقى الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية أو ما يسمى عندنا بـ’’الناير’’ تتمثل مراسمها بالخصوص بالأكلات الشعبية التي تشتهر بها بني سنوس في هذه المناسبة الذي تثمنها المحافظة السامية للأمازيغية، لما ترسخه من رموز جميلة وما تؤرخه لحضارات عديدة، في إحضار وجبة عشاء مميزة عن باقي الأيام الأخرى، وذلك تيَمُنا بسنة فلاحية جيدة، وتكون الوجبة في الغالب الكسكس بالدجاج، المسمّن، تريد، السفنج، كما يتم إعداد طبق الشرشم فضلا عن تحضير أطباق من الحلفاء مملوءة من المكسرات مختلفة الأنواع والمذاق، من خلال توفير الفواكه الجافة كالتين و«الزفيزف» والمكسّرات كالجوز واللوز المقطوفة من بساتينهم، كما يتم طهي خبيزات من كسرة الدار مزركشة باللوز تتوسطها «بيضة العرب»، وتوزع على الصغار دون استثناء، وتوزعها ربات البيوت في أكياس من القماش محشوة بالمدخرات الشتوية الممزوجة مع المكسرات، وكذا التحضير لكل ما له علاقة بسنة زراعية أمازيغية جديدة، فضلا عن ذلك ستقوم كل من الفنانتين محند سهام من تيزي وزو، ونسرين من البويرة بإحياء حفل فنّي من التراث الأمازيغي بالملعب البلدي، كما سيتخلل هذه الاحتفالات معرض كبير للمأكولات التقليدية والمنتوجات الزراعية المحلية.

ولبني سنوس تاريخ زاخم بالأحداث فسكان المنطقة الأمازيغ سكنوها منذ ملايين السنين ولازالت اللغة الأمازيغية والشلحة منتشرة لحدّ الآن، ثقافة السكان المتنوعة دفعت بعالم الإجتماع الفرنسي إيدموند ديستنغ إلى القيام بدراسة أنثروبولوجية لسكان الكاف والخميس ما بين 1900 و1907، وتتكون هذه المنطقة من مجموعة من القرى والتجمعات السكانية أهمها تافسرة، بني هديل، ثلاثة، زهرة، بني بهدل، أولاد موسى، بني عشير، بني زيداس ومازر، سيدي يحي، الكاف.

«كرنفال» و«غناء الصف» يعكسان تراث الكاف

منطقة «الكاف» بسيدي يحيى ببلدية سيدي مجاهد، بدورها تحتضن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية الجديدة، إذ سطرت في هذا الشأن جمعية «بصائر الكاف» برنامجا احتفاليا ثريا بالمناسبة سيتم من خلاله إبراز تراث المنطقة وإعادة بعث التراث داخل هذه المنطقة، حيث سينشط الدكتور سعيداني أحمد في الأنثروبولوجيا ندوة بالمناسبة حول هاته التظاهرة الثقافية التي تعد من ذاكرة هذه المنطقة، هذا إلى جانب عرض مجموعة نسائية «غناء الصف» الذي يدخل ضمن تراث منطقة الكاف، مع تنظيم معرض لأهم المنتوجات المحلية والمأكولات التقليدية، والأواني الفخارية، إضافة إلى عرض صور تاريخية للمنطقة، وكذا زيارة المسجد العتيق الذي يعد من أقدم المساجد على مستوى تلمسان، كما يتضمن البرنامج أيضا زيارة لبعض الأماكن الأثرية

ومن العادات أيضا «كرنفال» وهي عادة «هايما» كانت تنظم سنويا من طرف الشباب، حيث يجوبون المنازل ويكرمون ثم يرفعون أكف التضرع لله سبحانه وتعالى، كما فيها نوع من الفكاهة ولباسهم كله من الطبيعة ما يدل على ارتباط الإنسان بالطبيعة كون شهر يناير السنة الفلاحية، حيث استبشر سكان المنطقة «الكاف» خيرا بقدوم هذا الشهر والاحتفال بهذا اليوم 12 يناير الذي يختلف عن منطقة بني سنوس حسب أهالي منطقة «الكاف» بحوالي ثلاثة أيام.

ـــــــــ ل. عبد الحليم