فاتح داودي مدير التعاون الدولي بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات لـ"المساء":

يقظة الجيش والأمن تخنق بارونات المخدرات

يقظة الجيش والأمن تخنق بارونات المخدرات
  • القراءات: 1113
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

❊ أرقام مرعبة وقصص شباب دمرتهم المخدرات 

❊ كميات الأقراص المهلوسة المحجوزة زادت بـ 115 بالمائة

مخابر سرية تنتج هذه السموم والساحل ممر لها

هناك توحيد للرؤى بهدف التصدي لهذه الآفة الخطيرة

تكفل بـ 114200 طالب للعلاج خلال خمس سنوات

❊ قضايا المخدرات المعالجة لسنة 2022 تجاوزت 65459

ثمن فاتح داودي، مدير التعاون الدولي بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات، جهود رجال الأمن وأفراد الجيش الوطني الشعبي في مكافحة المخدرات، والمرابطة على حدود الوطن، لحمايته من أخطار المخدرات، لاسيما بعد تسجيل تراجع ملحوظ في نسب الكميات المحجوزة، والذي تؤكد الإحصائيات هذه الهيئة الرسمية، وأشار محدث "المساء"، إلى أن محجوزات القنب الهندي لسنة 2021، قدرت بـ71.439 طنا، وبالنسبة لمحجوزات سنة 2022، قدرت بـ 58.258 طنا، وتراجعت أيضا محجوزات الكوكايين، حيث قدرت سنة 2021 بـ512.965 كيلوغرام، بينما تراجعت سنة 2022 إلى 61.845 كيلوغراما، وهنا نلاحظ الجهود المبذولة في سبيل التصدي لهذه الآفة الخطيرة.

أكد السيد داودي، من جهة أخرى، تسجيل ارتفاع معتبر في حجز الأقراص المهلوسة، التي قدرت سنة 2021 بـ 5267694 قرص، أما سنة 2022، فقد بلغ عددها 11351813 قرص، بارتفاع تجاوز نسبة 115 بالمائة، وذكر أن سبب هذا الارتفاع يعود إلى أنها، إلى جانب نقلها من قبل المسافرين، تأتي من الورشات السرية لإنتاج هذه المهلوسات، بالموازاة مع دخول كميات معتبرة منها عن طريق الحدود مع ليبيا، والتي تصلها من المخابر المتواجدة بالهند، كما تعد دول الجوار بالمنطقة الجنوبية، على غرار مالي ونيجيريا، مصدرا لها، مؤكدا على وجود مخابر سرية على حدود الوطن، تنتج هذه المهلوسات. واعتبر أيضا أن منطقة الساحل، تعد ممرا لهذه الحبوب الخطيرة.

أشار المتحدث، إلى أنه تنفيذا للسياسة العامة للدولة، فقد بادر الديوان، إلى جانب قطاعات وزارية، يبلغ عددها 14 شريكة في إطار مهام هذه الهيئة، بتسطير برنامج هام للتحسيس والوقاية من آفة المخدرات، موضحا بقوله: "على سبيل المثال، شارك الديوان في عدة عملية تحسيسية، نظمتها قطاعات وزارية ومؤسسات تربوية وجامعية، غايتها توحيد الرؤى بهدف التصدي لهذه الآفة الخطيرة، التي تعد مشكلة عالمية، ليس في الجزائر فقط، وقد شارك الديوان مؤخرا، في يوم دراسي تحسيسي، نظمته وزارة التضامن وقضايا المرأة، حيث قام ممثل الديوان بالحديث عن أهمية الجانب الوقائي في التصدي لها".

مراكز وسيطة ومعالجة الإدمان في كل ولاية ضرورة

فيما يخص التكفل بالمدمنين في الجزائر، أشار السيد داودي، إلى أن برنامج وزارة الصحة لسنة 2007، كان يلح على إنشاء 53 مركزا وسيطا لعلاج الإدمان، و15 مركزا وسيطا لإزالة التسمم، في حين أن الوضعية الحالية تؤشر إلى وجود 46 مركزا فقط، تعمل على مستوى التراب الوطني، و6 مراكز لإزالة التسمم من أصل 15، هي كذلك موزعة على مستوى التراب الوطني. مضيفا أنه منذ تاريخ 5 جانفي 2021، تم إدخال في النظام الصحي الجزائري، العلاج البديل المعروف بـ"الميتادول"، الذي شهد في نفس السنة، تسجيل 100 طالب للعلاج، فيما وصل عددهم من عام 2022 إلى غاية 2023، أكثر من 300 طالب للعلاج. داعيا إلى ضرورة تعميم هذا النوع من العلاج عبر كامل التراب الوطني.

تسجيل رغبة قوية من المدمنين للعلاج

فيما يتعلق بعدد الأشخاص الذين استفادوا من العلاج عبر المراكز المتخصصة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، أي منذ سنة 2018 إلى غاية 2022، فقد قدر بـ 114200 طالب للعلاج، معتبرا أن هذه الإحصائيات تشير إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة الجزائرية في مجال التكفل بالمدمنين. موضحا أنه وللتخلص من الإدمان: "يمكن القول بأن العلاج يتطلب إرادة قوية من الشخص المعني"، مؤكدا أن "العلاج وحده بدون إرادة ومتابعة ومرافقة في أغلب الأحيان، يؤدي بالمريض إلى ما يسمى عند الأخصائيين النفسانيين بمرحلة العود نفسيا، أي أن المدمن قد يعود مرة ثانية إلى تعاطي المخدرات، لكن إذا كان هناك رعاية ومتابعة مستمرة، فإن هذا المدمن سيتحلى بإرادته ومساعدة العائلة، التي تعد الأساس لكل دواء، في سبيل الخروج من هذه المعضلة، بعد ذلك المحيط الخارجي".

ارتفاع في عدد القضايا المعالجة

بالنسبة لعدد القضايا المتعلقة بالمخدرات، فقد عالجت الجهات المختصة، حسب ما ذكر ممثل الديوان، أزيد من 65459 قضية سنة 2021، فيما قدر عددها عام 2022، أزيد من 84693، مسجلة بذلك ارتفاعا نسبيا في عدد القضايا المتعلقة بالاستهلاك والترويج والاتجار بالمخدرات.

الجانب الوقائي لابد أن ينال حقه من الانتشار

أشار مدير التعاون الدولي بديوان مكافحة المخدرات، إلى أن الجانبين القمعي والتحسيسي، أخذا خلاله ندوة وزارة التضامن، نصيبا معتبرا من الأهمية، في حين لم يأخذ الجانب الوقائي الأهمية التي يستحقها، بالتالي، حسبه، ينبغي الرجوع إلى الموضوع وإعطاءه ما يستحق من الاهتمام الذي أُعطي للجانب القمعي والتحسيسي، معتبرا أن الوقاية تقع على عاتق الجميع، مع توحيد جهود كل القطاعات، موصيا بأن "تتم العملية الوقائية على مدار السنة، ومشاركة الفاعلين من المدرسة والمساجد والجامعات ووزارة الصحة والأطباء والأساتذة الجامعيين، وكل من له دور، ويرى أن في تدخله نقطة إيجابية لمجابهة هذه الآفة، فهو مرحب به".

وبخصوص انتشار آفة المخدرات في الوسط المدرسي، قال داودي: "إن الديوان أجرى تحقيقا سنة 1016، وتوصل إلى أن نسبة استهلاك المخدرات لدى هذه الفئة تقدر بـ2.72 بالمائة"، مشيرا إلى أن التحقيق شمل 12834 تلميذ بين المتوسط والثانوي، موزعين عبر 426 مؤسسة تعليمية، أما بالنسبة للفئة الشبانية، فقال محدث "المساء": "أعمارهم تراوحت بين 15 و17 سنة، وهي الفئة المراهقة، التي قدرت فيها نسبة تعاطي المخدرات بـ3.63 بالمائة"، مقدرا بأنها "مرتفعة" والحذر هنا مطلوب، حسب المختص.

وأشار ممثل الديوان إلى أنه، أصبح من الضروري تغيير طريقة التعامل والمرافقة داخل المؤسسات التربوية وخارجها، مؤكدا على ضرورة تعزيز دور المدرسة والأساتذة للعب دور أكبر، مع تعزيز الرقابة وتحسيس التلاميذ بمخاطر هذه الفئة، ودق بذلك ناقوس الخطر. مع التأكيد على دور الأولياء الذين يستوجب عليهم حماية أطفالهم من أصدقاء السوء، ومراقبتهم في المحيط الخارجي، والسهر على عدم ترك أبنائهم في الشوارع، وقال في هذا الصدد: "لابد أن يستفسر الأولياء عما يفعله الطفل، لأن الأستاذ يلعب دوره ويشكر عليه، والأولياء وهم الحلقة الأولى، يتوجب عليهم مرافقة ومتابعة أبنائهم ومعرفة ما قومون به داخل البيت وخارجه وتحسيسهم بمخاطر المخدرات، كما ينبغي على الأسرة تحسيس الطفل بالآفات الاجتماعية وما يترتب عنها، في حالة ما إذا كان لهم أصدقاء سوء، لأن على الأسرة رفع درجة الوعي لديهم، وتحسيهم بمختلف المخاطر المحيطة بهم، على غرار تفادي التدخين، أو قبول أي حلويات أو طعام يقدم لهم خارج البيت"، مؤكدا أن المجرمين يستعملون كل الطرق لجلب هذه الفئة الشبانية وتحطيمها. وفيما يخص دور الإعلام في التحسيس في هذا الشأن، قال داودي: "الإعلام أداة هامة للتحسيس، ودق ناقوس الخطر، ويتعين على وسائل الإعلام التكثيف من الدورات والأخطار بكل الوسائل المتصلة بمخاطر آفة المخدرات".

أسباب وراء وقوع الأطفال في شراك المخدرات

عرض داودي، بعض أسباب لجوء الطفل إلى تناول المخدرات، قائلا: "يمكن حصرها في النقاط التالية: أصدقاء السوء، والإحساس بالسعادة ونسيان الواقع عند تعاطي المخدرات، والحد من الألم المعنوي، والإحساس بالسعادة، ملء الفراغ وسهولة التواصل، ومكافحة القلق، وهناك أسباب أخرى، لكن هذه الأسباب علاجها في يد الأولياء، إذ يستوجب عليهم شغل الطفل وتسجيله في النشاطات الرياضية، وعدم تركه بلا نشاط، لأن بقاءه في المنزل قد يقلق الأولياء، بالتالي هناك من يتركونه يخرج، وخارج الدار يلتقي بأصدقاء السوء من المروجين للمخدرات والتجار ومتناوليها، فقد يستغلون الطفل كمروج أو مستهلك، بداية من استقبالها كهدية، حتى يتعود عليها، ثم الضغط عليه من طرف المروجين إذا لم يكن بحوزته مال، ويتم استعماله لنقل هذه المهلوسات".

وفي الختام قال: "نتمنى أن تراقب العائلات أبناءها، لأن الإدمان خطير، وتعودهم على هذه المخدرات تدفعهم إلى ارتكاب عدة جرائم، كالسرقة، وحتى القتل وكل الآفات، بغرض الحصول على المال، بالتالي استهلاك المخدرات".

 


 

سم يتسلل إلى  العقول.. أغان ماجنة تروج لتناول المخدرات!

لاتزال الأغاني الهابطة تشكل خطرا جسيما على الشباب والمراهقين على وجه الخصوص، لاسيما ذات الإيقاع الخفيف الراقص، التي تلعب على الأعصاب، وتجد تناغما في لاشعور الفرد، والتي يدعو أصحابها وبدون حياء أو خجل، إلى اقتناء "الصاروخ"، أو ما يعرف بدواء "ليريكا" المهلوس والخمور، مع تزيين الفعل المشين بكلمات ربطت بـ"الرجلة" أو التنفيس عن الذات، في دعوة كاذبة للهروب من الواقع، والتحليق في الخيال القاتل.

وقد اخترنا، في هذا المقام، مقطعا ـ فقط ـ لعدم خدش حياء قرائنا الكرام، للتأكيد على خطورة الوضع، فمنها ما يردد: "عندي السلعة الطرش.. عندي الصاروخ.. عندي كلش".

تشهد الساحة "الفنية" عشرات الأغاني الصاخبة، التي يجتهد أصحابها في صب البنزين على النار، مع توجيه رصاصة الكلمات القاتلة نحو الشباب والمراهقين، وهو ما شد انتباهنا خلال إنجازنا لهذا الملف، حيث يصرخ أحدهم بأعلى صوته، مشيرا إلى أن "الصاروخ" موجود وأنه "يمكنك أخذ ما يمتعك من الحبوب ...الكل عندي موجود"، في إشارة إلى المروج الذي يقدم مختلف الممنوعات القاتلة.

والمتصفح للأغاني العفنة، وهيمنة الكلمات الهابطة التي غذاها الركض وراء الربح السريع، ولو على حساب الأخلاق وتفريق أفراد البيت عند الاستماع إليها، مثل "راكي لاصقة"، في إشارة إلى مفعول مخدر "الحلوى"، وهو ما يستوجب الانتباه إليه ومحاربته كآلية تحرر من كل أسباب الوقوع في فخ المخدرات، ومنها الأغاني الهابطة التي تشيد بالمهلوسات والخمور، وتدفع بالشباب إلى تحطيم عنفوانهم أمام نشوة زائلة...