«المساء» ترصد واقع التغذية المدرسية عبر أزيد من 20 ولاية

وجبات باردة، منظّفات «طباخات» ومديرون يتنازلون عن المطاعم على مضض

وجبات باردة، منظّفات «طباخات» ومديرون يتنازلون عن المطاعم على مضض
  • القراءات: 2713
 زهية.ش/ن. زيداني/زبير.ز زهية.ش/ن. زيداني/زبير.ز

رصدت «المساء» واقع الإطعام المدرسي عبر أزيد من 20 ولاية، بالموازاة مع شروع البلديات عبر التراب الوطني في استرجاع تسيير هذه الهياكل التي كانت موكلة لمديري المؤسسات التربوية، وذلك تنفيذا للمرسوم الوزاري الصادر في أوت 2016، والذي يتم بموجبه تحويل تسيير المطاعم المدرسية في الإبتدائيات على وجه الخصوص إلى الجماعات المحلية. وفي انتظار صدور المناشير التنفيذية التي تحدد كيفية وشروط تسيير هذه الهياكل، أحدث هذا الملف تجاذبا في المواقف والآراء بين مسؤولي المؤسسات التعليمية التي تراوحت بين المؤيد والمتحفظ على قرار تحويل تسيير الإطعام للبلديات. فيما ذهبت آراء أخرى إلى دعم وتزكية الإجراء، الذي من «شأنه أن يخفف العبء عن الأسرة التربوية».  عديد رؤساء البلديات أكدوا أن التكفل بمشاكل التنمية أولى من تسيير وجبات التلاميذ.

بين هذا وذاك، رصد مراسلو «المساء» واقع القطاع الذي مازال فيه التلاميذ يتناولون وجبات باردة في يومياتهم، إلى جانب نقص اليد العاملة المؤهلة، التي عوّضت بالمنظفات وعاملات الشبكة الاجتماعية، في حين اصطدم المسيّرون بالسعر المقنّن لكل وجبة. والذي لا يتعدى في غالب الأحيان 45 دج، وهو ما أجمعت كل الأطراف على أنه «من المستحيل تقديم وجبة متكاملة بهذه القيمة المالية أمام غلاء المواد الغذائية»، إلى جانب ما يتم تداوله من تلاعبات في هذا الملف، على حساب وجبات التلاميذ وصحتهم أيضا.

في هذا العدد تطالعون الجزء الأول من هذا الملف، على أن يُنشر الجزء الثاني والأخير في عدد الغد.    

«أميار» العاصمة أكدوا لـ «المساء» استفادتهم من إعانات مالية ...  البلديات تشرع في تنفيذ قرار تسيير المطاعم المدرسية  

كشف رؤساء بعض بلديات العاصمة لـ «المساء»، عن تلقّيهم إعانة مالية من ولاية الجزائر خلال الأيام القليلة الماضية،لفائدة المطاعم المدرسية، التي قررت وزارة التربية تحويل تسييرها للجماعات المحلية، عوضا عن مديري المؤسسات التربوية، حيث دخل هذا الإجراء فعليا حيز التنفيذ باستلام هؤلاء الإعانة المالية، لحل مشكل تأخر فتح المطاعم في بعض البلديات،التي ثمّن بعض مسؤوليها ما قامت به وزارة التربية، والذي يسمح لهم بفرض الرقابة على الممونين الذين كانوا يختارونهم بدون أن تكون لهم رقابة عليهم، غير أنهم أكدوا أن الإعانة جاءت متأخرة، وتستدعي صرف الأموال المستلمة في بداية الموسم الدراسي المقبل، في الوقت الذي كان يُفترض أن تغطي الثلاثي الأول من السنة الدراسية الحالية مثلما جاء في المراسلة التي تسلّموها .

رئيس بلدية برج الكيفان قدور حداد:  ملف تسيير المطاعم غير واضح 

في هذا الصدد أوضح رئيس بلدية برج الكيفان قدور حداد لـ «المساء»، أن ملف تسيير المطاعم المدرسية لم تتضح معالمه بعد، حيث تلقّى المجلس الشعبي البلدي في الأيام الأخيرة، إعانة مالية من الولاية مقدرة بـ 80 مليون سنتيم، مقابل ثمانية مطاعم بالبلدية، مشيرا إلى أن الإعانة التي تم استلامها تتحدث عن تمويل المطاعم وليس تسييرها، ما جعل الأمور غير واضحة بخصوص هذا الملف؛ لأن «الأميار» لم يتلقوا أي تعليمة تخص التسيير، مقترحا إسناد هذه المهمة لمسيرين، وإبعاد مديري المؤسسات التربوية ورؤساء البلديات عن هذا الملف، أو منحها للخواص من خلال عقد اتفاقية معهم، وتحميلهم المسؤولية ووضعهم تحت مراقبة الوصاية. 

وحسب المتحدث فإن البلدية لا يمكنها تسيير المطاعم المدرسية، وأن من الأفضل وضع مسير إداري على مستوى مديرية التربية يقوم بهذه المهمة، ويكون تحت سلطة المدير، وتابع لمفتش التغذية.

رئيس بلدية سيدي موسى علال بوثلجة:  الإجراء يمكّن الأميار من الرقابة على الممولين

أما رئيس بلدية سيدي موسى بوثلجة علال فاقترح في تصريح لـ «المساء»، مواصلة العمل بالنظام القديم فيما يخص تمويل وتسيير المطاعم إلى غاية حلول السنة الدراسية المقبلة، حيث يتم استغلال الدعم المالي الذي منحته الولاية للمطاعم المدرسية، لإعطاء الوقت المناسب للبلديات لتحضير استشارتها وطرح المناقصة المتعلقة بالتمويل ودفاتر الشروط، حسبما ينص عليه قانون الصفقات العمومية.

واعتبر المتحدث أن هذا الإجراء ينعكس إيجابا على الخدمات المقدمة بالمطعم المدرسي، لأن رؤساء البلديات هم من كانوا يختارون الممولين بدون أن تكون لهم المراقبة عليهم؛ «إذ ليسوا من يدفع لهم حقوقهم»، مضيفا أن اختيار الممول يسمح «للأميار» بالرقابة على هؤلاء، وفسخ الاتفاقيات المبرمة معهم في حال ارتكابهم تجاوزات، فضلا عن حفظ حقوق التلاميذ والسلطات على حد سواء.

وحسب المسؤول الأول عن بلدية سيدي موسى، فإن عملية تسيير المطاعم معقدة، ومن الأفضل  أن تبقى في أيدي المسيرين السابقين، لأن تسيير البلديات المطاعم يتطلب وضع إطاراتها تحت تصرف هذه الأخيرة، وهذا يخلق - يضيف المتحدث - تعقيدات، مفضلا أن يتواصل تسييرها بمسيريها السابقين، بينما تتكفل البلديات باستقدام الممولين عن طريق قانون الصفقات العمومية، خاصة أن البلدية قامت في بداية السنة، بعقد المجلس الإداري للمطاعم المدرسية حسب النظام القديم، وأمضت اتفاقيات سنوية معهم، بينما تلقّى المجلس الشعبي البلدي خلال هذه الأيام، مراسلة تتعلق بإعانة مالية للمطاعم بدون توضيحات أخرى بخصوص هذا الملف. 

رئيس بلدية رايس حميدو جمال بلمو: إعانة الإطعام جاءت متأخرة

من جهته، رئيس بلدية رايس حميدو جمال بلمو اعتبر في تصريح لـ «المساء»، أن رؤساء البلديات يجهلون الطريقة التي كانت تسيَّر بها المطاعم المدرسية من طرف مديري المدارس الابتدائية، مشيرا إلى أن المجلس الشعبي البلدي تلقّى مؤخرا إعانة مالية من الولاية للتكفل بشراء لوازم المطعم، لكنها لا تغطي احتياجات وتكاليف الإطعام، خاصة بالنسبة للبلديات الفقيرة مثل رايس حميدو، التي تسلمت إعانة قيمتها مليون و912 ألف دينار، مضيفا أن هذا المبلغ لم يأت في الوقت المناسب، لأن المجلس لا يمكنه التعامل مع نفس الممول الذي تم اختياره في بداية السنة الدراسية، ويضيف له المبلغ المالي الذي تسلمه من الولاية، بل هو مضطر للقيام بإجراءات أخرى للبحث عن ممول آخر، وهذا ما يعطل -حسبه - تسيير المطاعم؛ كون الإعانة جاءت على أساس تغطية الثلاثي الأول من السنة الدراسية 2016-2017.

وفي هذا الصدد ذكر بلمو أن المجلس الشعبي لرايس حميدو، شرع في الإجراءات المتعلقة بتطبيق الإجراء الجديد الخاص بالمطاعم المدرسية، داعيا السلطات العمومية إلى تقديم الإعانات في الوقت المناسب، وتزويدهم بالمعطيات حول الإطعام الذي يستفيد منه حوالي 900 تلميذ من البلدية التي تضم مطعمين، واحدا على مستوى مدرسة بابا عروج وآخر على مستوى سيدي لكبير.

رئيس لجنة التربية ملهاق: الإجراء يفعّل تجربة البلديات في تسيير المطاعم

بدوره اعتبر رئيس لجنة التربية بالمجلس الشعبي الولائي محمد ملهاق في تصريح لـ «المساء»، أن تحويل الوصاية تسيير المطاعم المدرسية إلى البلديات مبادرة جيدة، وأن من الأفضل إسناد هذه المهمة لمديري المدارس، معتبرا أنه كان من الأفضل منحهم هذه الإعانة المالية في نهاية السنة الدراسية من أجل التحضير للدخول المدرسي القادم، واستقرار الأمور بالنسبة للمطاعم المدرسية. 

وحسب المتحدث، فإن الإعانة التي قُدمت هذه الأيام للبلديات، ستُحدث اضطرابا في خدمات الإطعام إلا إذا دعمت الوزارة الوجبة، وسخّرت الإمكانيات المادية اللازمة للبلديات «التي ستوفر الخدمات بصفة أفضل في حالة عدم تنصّل الوصاية من مسؤوليتها في التمويل»، خاصة بالنسبة للبلديات الفقيرة التي يطرح بها مشكل تغطية العجز، مشيرا إلى أن الإجراء الجديد يفعّل البلديات التي لها تجربة في تسيير المدارس، من خلال صب جميع الاعتمادات المالية في ميزانية البلديات، وسحب صلاحيات تسييرها من مديري المدارس الابتدائية، حيث يكون للبلديات الصلاحيات الكاملة في اختيار الممولين وتزويد المطاعم المدرسية بكافة المستلزمات. كما يتكفل «الأميار» بمهمة التسيير من دون مديري المؤسسات، الذين سينسحبون من أي مشاركة في العملية، عكس ما كان في وقت سابق، حيث كانت مهمة التسيير مشتركة بين الطرفين.

 

رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ لـ «المساء»:  لابد من تحويل التسيير للخواص

انتقدت المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ على لسان مسؤولها الأول، علي بن زينة، الوضعية التي آلت إليها المنظومة التربوية، لاسيما إذا تعلق الأمر بتسيير المطاعم المدرسية، حيث اقترحت هذه الأخيرة إنشاء ديوان وطني لتسيير الخدمات المدرسية أو تحويل هذه الخدمة للخواص ورفع الحرج عن مديري المؤسسات التربوية الذين فشلوا في عملية التسيير.

علي بن زينة، وفي اتصال مع «المساء»، أعرب عن أسفه الشديد لما آلت إليه المنظومة التربوية، خاصة فيما تعلق بشق الإطعام المدرسي الذي يسير ـ حسبه ـ من سيئ إلى أسوأ، واصفا إياه بالإشكالية الكبيرة، مشيرا إلى أن مدير المدرسة لم يعد يقوم بمهامه في التسيير والإدارة، بل أصبح يقوم بمراقبة المطاعم المدرسية ويحاول أن ينقص من لتر الزيت وكيلو اللحم والبقوليات على حساب التلاميذ، ليقتصدوا في المواد الغذائية التي تطبخ بها وجبة التلاميذ بقلوب باردة قصد توفير الملايين لوضعها في جيوبهم.  

وأشار أن وجبة التلميذ المسكين الذي حرم من وجبة صحية في مدرسته طالها التقشف، حيث تقدم باردة وتفتقر لمعظم المغذيات والفيتامينات الضرورية، حيث وقفت المنظمة الوطنية على العديد من التجاوزات خلال قيامها بالتحقيقات الميدانية، ناهيك عن الشكاوى التي وصلتها من طرف أولياء الأمور وعدد من التلاميذ مؤخرا والتي كشفت المستور وفضحت كيفية تعامل المسؤولين مع تقديم وجبة العار للتلاميذ.

وأعرب ذات المسؤول، عن سخطه من الواقع المزري للإطعام المدرسي الذي يميّز أغلب المطاعم الموزعة عبر المؤسسات التربوية، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى غياب رقابة رسمية للوقوف على نوعية الوجبات المقدمة، بالإضافة إلى متابعة عملية توزيع وأماكن حفظ الوجبات، محملا بذلك المسؤولية للمدراء المسيرين.

 كما أكد بن زينة، أن الإحصائيات المصرح بها والمتعلقة بعدد المطاعم بعيدة عن الحقيقة رغم الميزانية المعتبرة المخصصة لذات الخدمة، متسائلا بدوره عن أسباب عدم توازن كفتي نوعية الخدمات المقدمة والغلاف المالي المعتبر المخصص لها، مناشدا بذالك الوزارة لإنشاء هيئة مكلفة بالإشراف على العملية وتحسين خدمات الإطعام المدرسي بالجزائر.  

واقترحت المنظمة إنشاء ديوان وطني لتسيير الخدمات المدرسية، بما فيها المطاعم المدرسية، حيث أشار إلى أن مدراء المدارس فشلوا في تسييرها بسبب اختلاس البعض للأموال المقدمة لهم واستغلالها في أمور أخرى، بما فيها شراء المستلزمات المدرسية، وهناك مدارس أخرى تستغل المطاعم لفائدة الأساتذة والمفتشين، بينما حق التلميذ غائب في ظل غياب الرقابة، يقول مصدرنا.  .  

مديرية التربية تحصي استفادة 93 ألف تلميذ من الإطعام  ....تسيير المطاعم ينتقل  إلى البلديات بقسنطينة

كشف السيد محمد بوهالي مدير التربية بولاية قسنطينة، أن 193 مؤسسة تربوية منتشرة عبر كامل تراب الولاية، تقدم وجبات باردة للتلاميذ بدلا من الوجبات الساخنة، حيث أضحت هذه المؤسسات رغم توفر الكثير منها على المطابخ المجهزة بالعتاد الضروري، تكتفي بتقديم اللمجة الباردة. وأضاف محدثنا أن من بين 342 مؤسسة تعليمية ابتدائية منتشرة بتراب الولاية فقط 149 ابتدائية تقدم وجبات ساخنة لتلاميذها، والمؤسسات المتبقية لا يستفيد تلاميذها إلا من وجبات باردة رغم أن العديد من هذه المؤسسات مجهزة بمطبخ وكل المستلزمات، على غرار المؤسسات التربوية التي تم افتتاحها مؤخرا بالمدينة الجديدة علي منجلي، والتي تسجل للمقاييس المعمول بها.

وأرجع محدثنا السبب الرئيس لغياب الوجبات الساخنة عن هذه المؤسسات التربوية، إلى النقص الكبير في اليد العاملة المؤهلة، على غرار الطباخ ومساعديه، وهو الإشكال الذي طرحته مديرية التربية الولائية بشدة مع الدخول المدرسي، معتبرا أن المصالح البلدية هي المسؤولة عن توفير الجانب البشري.

وأكد السيد محمد بوهالي أن الولاية تضم 93 ألف تلميذ مستفيدين من الإطعام المدرسي طيلة 135 يوما في السنة، مضيفا أن المديرية كانت تعاني من تمويل العملية، خاصة أن دعم الولاية والمجلس الشعبي الولائي في هذا الصدد لا يتعدى 3 ملايير سنتيم سنويا؛ أي بمعدل 1.26 دج للتلاميذ خلال الوجبة الواحدة تضاف إلى 45 دج ثمن الوجبة الواحدة للتلميذ، وهي القيمة المالية التي تبقى ضعيفة بالنظر إلى ارتفاع مجمل المواد الغذائية في السوق مع عدم الزيادة في قيمة الوجبة الغذائية.

وقال مدير التربية بولاية قسنطينة إن مصالحه وعلى رأسها   المفتشون ومستشارو التربية سيرافقون البلديات في أول مراحل تسيير المطاعم المدرسية بعد القرار الذي صدر في الجريدة الرسمية في جانفي الفارط، والذي سينقل لتسيير الإطعام في المدارس إلى البلديات بدلا من مديرية التربية، حيث أبدى تخوفا من غياب الخبرة لدى البلديات في هذا الشأن، وحصول بعض المشاكل مثلما حدث في بلديات أخرى عبر الوطن، وأثر على عملية الإطعام عندما توقفت المطاعم المدرسية في الابتدائيات مدة 15 يوما.

وعن ظاهرة تناول الوجبة الباردة خارج المدرسة ومظاهر التلاميذ وهم يتناولون وجباتهم يسيرون عبر الشوارع والطرق التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة بقسنطينة، أكد مدير التربية أنه وجّه تعليمات للمفتشين على مستوى مديريته من أجل مراقبة المدارس التي لا تحترم قرار المديرية؛ بإبقاء التلاميذ في القسم أو المطعم لتناول وجباتهم قبل الخروج من المؤسسة التربوية، مضيفا أن المديرية لم تسجل أي حالة تسمم جماعي في المدارس خلال السنوات الأخيرة. 

 الأولياء متخوفون ويعتبرون الوجبات فقيرة غذائيا 

انتقد أولياء التلاميذ بقسنطينة تجدد معاناة أبنائهم المتمدرسين بالمؤسسات التربوية خاصة بالابتدائيات في كل موسم دراسي، حيث تفتقر بعض الهياكل التربوية، حسبهم، إلى العديد من الضروريات التي يحتاجها التلميذ خلال مساره التعليمي. وعبّر أولياء التلاميذ عن استيائهم من الوجبات البادرة التي تقدم للأطفال الصغار، والتي تفتقر إلى النوعية والقيمة الغذائية التي يحتاجها جسم الطفل الصغير.

وحسب السيد (ب. سليم) 38 سنة ولي تلميذ وطبيب بمستشفى عمومي، فإن الوجبات التي تقدمها المطاعم المدرسية فقيرة من الناحية النوعية وغير مدروسة، مضيفا أن الوجبة الغذائية للطفل يجب أن تكون منوعة، وتشمل مختلف العناصر الضرورية بما فيها البروتينات الحيوانية والنباتية، السكريات، الدهون والفيتامينات. وقال إن أغلب المواد التي يتناولها التلاميذ في المطاعم المدرسية تكون من النوعية الثانية أو الثالثة، كما تكون مدة صلاحيتها قريبة الانتهاء.

أما السيد (ب. خليل) 41 سنة، ولي تلميذ ومهندس في التغذية، فقد أكد أن المطاعم المدرسية تقدم الكم على حساب النوع، مضيفا أن اللمجة تضم قطعة خبز كبيرة تحتوي على نشويات، تتحلل بدورها إلى سكريات تضاف إليها السكريات الموجودة في العصير المقدم أو علبة الياغورت، وتساهم بذلك في زيادة وزن الطفل، الذي يتناول أيضا كميات كبيرة من الحلويات. وقال إن هناك غيابا في هذه الوجبات للتوازن بين البروتينات والدهون والسكريات وكذا الأملاح المعدنية والفيتامينات.

وعبّر السيد (ب. عادل) 37 سنة، ولي تلميذة وسائق بمؤسسة عمومية، عن تخوفه من غياب النظافة في الوجبات التي تقدم للأطفال. وقال إن الطفل يكون مجبرا على نزع قشور البيض لوحده، وأحيانا يتناول القشور مع البيض بدون وجود رقابة، خاصة أن جل التلاميذ يتناولون الوجبات الباردة في الشارع وخارج المدرسة. كما أبدى تخوفه من الأطعمة المعلّبة التي تقدم للأطفال، على غرار سمك السردين وما تشكله هذه الأطعمة المعلّبة من خطورة على صحة الأطفال وتهديدها بالتسممات.

أما السيد (ب. مخلوف) 65 سنة، متقاعد، فقد اقترح على وزارة التربية التفكير في العمل بنظام الدوام الواحد من أجل التخفيف من معاناة الأولياء أثناء مرافقة أبنائهم عند دخول المدرسة والخروج منها، مضيفا أنه مع تعميم تقديم وجبات ساخنة للتلاميذ بدلا من الوجبات الباردة التي يمكن أن تضر بصحة الطفل أكثر من أن تنفعه.   

     بلدية قسنطينة ستسيّر 106 مطاعم وتتخوف من هذا العبء

انتقل تسيير المطاعم المدرسية عقب الاجتماع الذي ترأّسه مؤخرا الأمين العام لولاية قسنطينة بحضور رؤساء البلديات ومديرية التربية، إلى البلديات خلال هذا الفصل الدراسي بعدما كان مقررا ابتداء من الثلاثي المقبل وفق المرسوم الوزاري الصادر بتاريخ 15 أوت 2016، حيث ستوكل مهمة تسيير المطاعم عبر الابتدائيات، للبلدية بدلا من مديرية التربية التي كانت تشرف على هذه العملية، حيث سيبقى التعامل مع نفس الممونين إلى غاية إجراء مناقصة بعد الدخول من العطلة الربيعية، من أجل تزويد البلديات بالمواد الغذائية اللازمة لضمان إطعام التلاميذ في المدارس الابتدائية. 

وأكد السيد عبد الغني مسعي، نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي بقسنطينة في تصريح إلى جريدة «المساء»، أن بلدية قسنطينة تناولت تفاصيل تطبيق هذه النقطة خلال اجتماع انعقد مؤخرا، حيث من المقرر استرجاع تسيير 106 مطاعم منتشرة عبر مختلف أحياء المدينة، مضيفا أن أغلب المدارس بمدينة قسنطينة يضم مطاعم على مستواها بها تجهيزات مناسبة. وقال إن ما يناهز 30600 تلميذ يستفيدون من خدمة الإطعام المدرسي ببلدية قسنطينة.

وحسب ذات المتحدث، فإن هناك العديد من المقترحات التي تم طرحها خلال هذا الاجتماع، على غرار التفكير في تزويد تلاميذ المدارس التي لا تحتوي على مطاعم بدلا من الوجبات الباردة التي تقدم فيها، بوجبات ساخنة انطلاقا من المطاعم المدرسية المجاورة، أو تخصيص مكان شاغر أو قسم غير مستغل داخل هذه المدارس من أجل تحويلها إلى مطاعم مدرسية. وقال إن بلدية قسنطينة ستخصص ميزانية للإطعام تناهز 18 مليار سنتيم.

من جهته، رئيس بلدية عين أعبيد السيد فوزي بومنجل عن مشكل تقديم الوجبات الباردة بعدد من المؤسسات التربوية التابعة لبلديته، أكد أن الإشكال الرئيس يعود إلى غياب المناصب المالية غير المتوفرة حاليا وحتى عقود العمل في إطار التشغيل، حيث أضاف المتحدث أنه على دراية بالمشكل، وأنه سيقوم بمحاولة إيجاد الحلول المناسبة.

وانتقد بعض المنتخبين عبر مختلف المجالس البلدية من مختلف التيارات السياسية، هذه الخطوة التي تحتّم على البلديات تسيير المطاعم المدرسية بقرار من وزارة الداخلية والجماعات المحلية، معتبرين أن مشاكل البلدية كثيرة ليضاف إليها مشكل تسيير المطاعم المدرسية، والذي سيقتطع حتما جزءا من ميزانية البلدية التي تبقى ضعيفة، حسب رأيهم. 

البروفسيور جمال زوغيلش:  65 % من التسممات تسجَّل بالمؤسسات التي تقدم إطعاما جماعيا

يؤكد البروفيسور جمال زوغيلش، رئيس مصلحة الطب الوقائي بالمستشفى الجامعي الحكيم بن باديس، أن ظهور التسممات الغذائية في أغلب الأحيان، ناتج عن غياب احترام قواعد النظافة، وأن الماء هو أكبر ناقل للجراثيم في حالة التسممات الغذائية. وقال إن البكتيريا المتسببة في التسممات الغذائية بنسبة 71 %، هي السلمونيلا الموجودة في البيض ومشتقاته، على غرار الحلويات، كريمة الشكولاتة إضافة إلى اللحوم ومشتقاتها.

ونصح البروفيسور زوغيلش العاملين بالمؤسسات التي تقدم إطعاما جماعيا على غرار المدارس والجامعات، بضرورة التوعية بالاهتمام بجانب نظافة الأيدي؛ لما تمثله من تأثير على الجانب الصحي، حيث أكد أن أكثر من 47 % من الإسهالات التي تسجلها المؤسسات الاستشفائية بقسنطينة، ناتجة عن التسممات الغذائية، وسببها المباشر تلوث على مستوى اليد، مضيفا أن 65 % من التسممات تسجل بالمؤسسات والتجمعات الكبيرة، 30 % على مستوى المنازل، و5 % على مستوى مصانع إنتاج المواد الغذائية. كما قال إن 11 % من المرضى يدخلون المستشفيات بسبب التسممات الغذائية، وتصل أحيانا النسبة إلى 30 % في المواسم وفترة الصيف.

ودعا البروفيسور زوغليش إلى ضرورة توفير دورات مياه نظيفة وأماكن لغسل الأيدي عبر مختلف المؤسسات التي تقدم إطعاما جماعيا، وإعطائها أولوية قبل التفكير في التجهيزات بالمكيفات والديكور، الذي يكلّف أموالا إضافية، ولا يقدم أي فائدة بالنسبة لصحة مستعملي المؤسسات التي تضم فئات هشة على غرار الأطفال الصغار.