طباعة هذه الصفحة

تغطية مسيرة الحراك عبر الإذاعة والتلفزيون الجزائري:

هامش حرية وإضافة للمسار المهني ودحض للمعلومات المشبوهة

هامش حرية وإضافة للمسار المهني ودحض للمعلومات المشبوهة
  • القراءات: 1065
مريم. ن مريم. ن

شكّل الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر تحولاّ ملحوظا في مضمون الرسالة الإعلامية، حيث كسّرت القوالب المهنية الموروثة وانفجرت قدرات كامنة في قاع الفضاء الإعلامي العمومي، عكس مدى النضج السياسي، وثمّن قدسية هذه الرسالة اتجاه الشعب والوطن، وازدادت أهمية الإعلام لما وقع على عاتقه حمل ثقيل ودور كبير في هذا الراهن، لما له من التأثير في المجتمع سواء في القاعدة أو في القمة. لقد أجبر الحراك العديد من وسائل الإعلام عندنا على إعادة تعريف ذاتها، وجعل منتوج صحفييها أكثر نضجا والتزاما وخدمة عمومية، وثراء للمسار المهني للصحفي الممارس. عن هذا الراهن الإعلامي الذي أفرزه الحراك في الوسط الإعلامي، تحدث مسؤولون وصحفيون من الإذاعة والتلفزيون الجزائري لـ«المساء عارضين تجربتهم ووجهات نظرهم فيما تم تقديمه من تغطيات إعلامية ومسايرة لأحداث الحراك وما جاورها، كما تحدثوا عن الإعلام الموازي سواء الخاص أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الذي لم يخل من الأخبار الخاطئة ومن المهنية ولم يكن المرجع الأول للمعلومة.

لطفي سالمي نائب رئيس تحرير بقسم الأخبار بالتلفزيون الجزائريالتلفزيون كان المعيار والمرجع

أشار المتحدث إلى أنه لا يمكن في هذا الإطار الخاص بالحراك (أو غيره) تمييز من يحمل رأيا خاصا بصفة نمطية دون الخلط بين رأيه وبين رأي مؤسسة إعلامية عمومية أو خاصة يعمل بها، لكن بالمقابل محكوم على أية مؤسسة إعلامية الانتقاء وتدارك الأمور أثناء مسار العمل اليومي، كما قال أنه ليست هناك درجات لتقييم وتحديد الخدمة العمومية.

بالنسبة للحراك، أكد الأستاذ سالمي أنه بالنسبة للإعلاميين والمؤسسات يعكس صورة مسيرات سلمية، ويمثل لكل الصحفيين لحظات تاريخية غير مسبوقة، ونموذجا جديدا كليا، وموقف حضاري لم نعهده لا في الجزائر ولا في غيرها.

بالنسبة للتغطية الإعلامية لمؤسسة التلفزيون الخاصة بالحراك، أكد المتحدث أن أية مؤسسة لها توجهان، تغطية الحدث وذلك من منطلق وباسم حق المواطن في الإعلام، مع ضمان مساحة لإعطاء مصداقية وتوضيح الصورة أكثر، علما أنه تتم ملاحظة ومتابعة تغطيات أجنبية تنصاع لموقف أو لتيار معين دون غيره.

كما أن الإعلام الثقيل (التلفزيون الجزائري) حسب الأستاذ سالمي- لا يمكنه تدارك بعض الهفوات والأخطاء عكس الإعلام الالكتروني مثلا أو وكالة الأنباء أو الصحافة المكتوبة، حيث تدرك بعض الأخطاء بالتصحيح، لكن في المباشر وفي الصورة الحية ومع التفاصيل تظهر الصورة العامة وحدها كانعكاس لمفهوم الخدمة العمومية.

قال المتحدث: كإعلام ثقيل رافقنا المسيرات السلمية من حيث التغطية الميدانية، وحاولنا أن نوازن ونبحث عن النقاط المشتركة المتمثلة في المطالب المرفوعة وفي صوت الشعب وفي تدخلات وتصريحات المتدخلين من المتظاهرين الذين أدرجت أقوالهم في نشرات الأخبار، وأعطينا حيزا كبيرا للهبة الشعبية من خلال الحصص التي يحضرها خبراء في الإستراتيجية والاقتصاد والسياسة وغيرها لتوضيح الصورة، ولنتمكن من التفاعل مع الشعب هذا الأخير الذي ينتظر الرأي والتحليل، ونحن ننقل ونتفاعل مع أصحاب الحدث.

من جهة أخرى، أكد السيد سالمي أنه يتم العمل في جو إعلام حر ومسؤول بالدرجة الأولى، علما أنه تمت ملاحظة غياب أخلاقيات المهنة، وهنا ليست المؤسسة الإعلامية المعنية بذلك بقدر ما هو الصحفي، ولكنها فرصة، يضيف، لكل الصحفيين والإعلاميين لاكتساب هامش كبير من الحرية، لأن هذه الهبّة وهذا الحراك غيّر حتى المفاهيم السوسيولوجية للمجتمع الجزائري، أو، كما يردد، حرّر الجميع، وأنه فرصة هامة يجب حسن استغلالها لتكون في مستوى حضارية هذا المجتمع، وذلك بتقديم إعلام حر ومسؤول، وهو الإعلام الذي يتطلع إليه الجميع.

ويضيف المتحدث قائلا: الحراك الشعبي كما سبق وأشرت إليه هي لحظة تاريخية بالنسبة للجزائر، وأنا متأكد بل متيقن من أنها تكون محط دراسة سوسيولوجية عالمية ليكون الأولى بها أساتذة علم الاجتماع في بحوثهم.

ويقول أيضا: بالنسبة للإعلام أعلم جيدا أن الحراك شكّل بمعناه الإيجابي صورة أعادت النظر في عدة مفاهيم بما فيها مفهوم العمل الإعلامي وهي دافع وبإلحاح على ضرورة تقديم إعلام حر ومسؤول يرقى إلى تطلعات المجتمع ونضجه.

السيد سالمي أكد أن مؤسسة التلفزيون العمومي الجزائري حاولت أن ترافق هذا الحراك، وأن تتفاعل معه سواء من خلال التغطية الإخبارية أو النقاش في فضاءات الحصص من خلال الأخصائيين، وفي هذا لإطار، حاول التلفزيون الجزائري أن يكون مرافقا بالدرجة الأولى وغير موجّه بمعنى التوجيه لكي لا يدخل في طائل التضليل، و«حاولنا قدر الإمكان أن نأخذ بعين الاعتبار القواسم المشتركة والضوابط المعمول بها والتي تحدّد طبيعة الرسالة الإعلامية المطلوبة بعيدا عن النقاشات التي لا تقدم خدمة عمومية بقدر ما تبحث عن جمهور متابع وهنا يجب التفريق بين نقاش أو حصة أو برنامج متابع جماهيريا وفقط وبين نقاش وحصة وبرنامج مقبول جماهيريا.

خلص محدث المساء إلى أن التلفزيون كان حاضرا عبر 48 ولاية بإمكانيات مسخرة وبمحطاته الجهوية وبمراكزه وموفديه، وكان في الموعد كل جمعة للنقل والتغطية المباشرة والحيّة، إضافة لمواضيع جوارية تناولت البعد السوسيولوجي والفني والثقافي للمسيرات، موضحا حاولنا قدر الإمكان أن نعكس هذا السلوك الحضاري والسلمي الذي طبع هذه المسيرات والتي تعد في نهاية الأمر تجربة رائدة وأنا متيقن أن تكون محط أنظار الإعلام الدولي والبحوث العالمية.

أشار السيد لطفي سالمي إلى أن التلفزيون شهد زيارات وفود القنوات الأجنبية له منها مثلا سكاي نيوز، ووقفوا على عمله وتحاوروا مع الصحفيين بشأن الحراك وخرجوا بانطباعات ايجابية كما سجلوا دهشتهم من تحضر المتظاهرين، كما قال إن التلفزيون كان معيار ومرجع، فالجميع يتابع ما شاء من قنوات ومواقع لكن يبقى المرجع هو ما يبثه التلفزيون العمومي.

خليل مراطلة رئيس نشرة بالتلفزيون الجزائريالتلفزيون مرافق لمسيرة الحراك

أكد السيد خليل مراطلة رئيس نشرة بالتلفزيون الجزائري أن التلفزيون العمومي لم تكن تغطيته موفقة مع بداية الحراك الشعبي الذي كان مفاجئا للجميع من حيث حجمه ومطالبه، وكذا الوعي الشعبي الذي رافقه، حيث يمكن وصف المرافقة الإعلامية للحراك في جمعته الأولى بالفاترة، والأمر ربما راجع إلى عنصرين أولهما السقف العالي واللامحدود من حرية التعبير التي رفع رايتها الحراك وكيفية التعامل معها، وثانيهما عنصر المفاجأة وتسارع الأحداث الذي لا يترك للصحفي أو لرئيس التحرير وقتا كبيرا للتفكير في ما يبث على شاشة التلفزيون الرسمي، والذي يفترض أن يلتزم بخدمة عمومية وبدفتر شروط محدد.

وهو ما تم تصحيحه فيما بعد، أي في الجمعات اللاحقة بالتغطيات المباشرة للمظاهرات الشعبية في مختلف الولايات وعبر بلاطوهات مخصصة للتحليل والنقاش، إضافة إلى مختلف الحصص لمديرية الأخبار التي تأقلمت فيما بعد مع الحدث، وتمكنت من إعطاء الكلمة لمختلف الآراء والتوجهات السياسية، مع استضافة وجوه من المعارضة وشخصيات سياسية عبرت عن رأيها بكل حرية وأعطت وجهة نظرها لحل الأزمة.

من الإنصاف أيضا يضيف المتحدث- الأخذ بعين الاعتبار ظروف العمل الصعبة التي يواجهها الزملاء الصحفيون والمصورون وكل الطاقم التلفزيوني أثناء تغطياتهم للمظاهرات، والتي تمثل لهم تحديا كبيرا وخطيرا في نفس الوقت، حيث أنهم كثيرا ما قوبلوا بالشتم والتهديد من طرف بعض الشباب، الذين لا يمثلون إلا قلة في بحر من المتظاهرين السلميين.

يقول السيد مراطلة: يعلم الجميع أن الوعي الشعبي الجزائري مستوياته كبيرة جدا، لذلك فإن تغطية الشمس بالغربال، كما يقال، أو تسمية الأشياء بغير مسمياتها لن تنطلي عليه، كما أن اللعب على الشعبوية والإثارة واختلاق الأنباء الذي تمارسه بعض الوسائل الإعلامية، ليس من مبادئ عمل التلفزيون العمومي الجزائري ولا صحفييه، لذلك تجديننا منهمكين في التحري عن صحة المعلومة أكثر من تسابقنا في نشرها كما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي أو بعض القنوات.

ويضيف المتحدث أنه رغم ما نبذله من جهود إلا أن ذلك لا يجعلنا راضين عن التغطيات التي نقوم بها أو ما يتم بثه خلال النشرات، لأن سقف المطالب التي رفعها الحراك الشعبي يجعلنا نطالب من جهتنا كصحفيين وكأفراد من هذا المجتمع بهامش حرية أكبر ومستديم، وهذا ما نصبو إليه وندعو غليه، لأنه من صميم الخدمة العمومية.

الصحفي رشاد خطوفالحراك مر عبر مراحل في التغطية التلفزيونية

أشار الصحفي بالتلفزيون الجزائري رشاد خطوف لـ«المساء إلى أن الإذاعة الجزائرية كانت سباقة لتناول وتغطية الحراك الشعبي، موضحا أنه ﻻ يدري تفاصيل تعاملها مع الحراك اﻻ كمستمع أحيانا....

لكن التلفزيون الجزائري يختلف ومرت تغطيته للحراك عبر مراحل، ففي اﻷول كان التجاهل التام، ثم جاء الاستدراك، وبعد ذلك كانت التغطية الإيجابية الكاملة للحراك سواء عبر المباشر لمسيرات الجمعات أو الموائد المستديرة، والحصص شبه اليومية للحديث عن المسيرات والتحوﻻت والمرحلة المقبلة، وذلك لخلق تفاعل بين ما يقدم والجمهور مع ربطه بخبراء ومحللين ساهموا في توضيح الصورة أكثر وتقديم قراءات أعمق للواقع وللراهنات المحتملة.