رغم تطمينات مصالح الأرصاد ووزارة الموارد المائية

هاجس الجفاف يسكن الفلاحين.. والمواطنين

هاجس الجفاف يسكن الفلاحين.. والمواطنين
  • القراءات: 1379
رشيدة بلال رشيدة بلال

هاجس الجفاف لم يعد يشغل بال الفلاحين والموالين وحدهم، بل بات يؤرق الناس تقريبا جميعا، ويصنع أحاديثهم في كل الأماكن؛ في المقاهي والشوارع وأماكن العمل، وفي المساجد ووسائل الإعلام وحتى في مقاعد الدراسة وداخل وسائل النقل العمومية والخاصة.  اِنتظار الغيث أو الأمطار خرج من دائرة الفلاحة وأهل الاختصاص ليشغل جميع الجزائريين في كل ربوع الوطن. الفلاحون لا يريدون موسما أبيض والدخول في متاهة الدعم ومسح الديون، لذلك هم مازالوا يأملون وينتظرون قدوم الأمطار وتغيّر الأجواء والمناخ. هذا ما وقفت عنده جريدة "المساء" في هذا الملف، الذي شمل عديد الأطراف التي تعتبرها معنية بملف الجفاف.


 

المواطنون يستبعدون التحليل العلمي ويفضلون "إيمان العجائز" 

عبّر عدد من المواطنين الذين تحدثت إليهم "المساء"عن تخوفهم من شح الأمطار وهاجس الجفاف الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق، مجمعين على أن التحليل العلمي للظاهرة المرتبطة بوجود اضطراب جوي يمنع دخول الهواء البارد غير مقنعة. "ربي راه غضبان علينا" كان أول رد فعل رصدته "المساء" على لسان سيدة في مقتبل العمر لدى جس نبضها حول حالة الجفاف التي يجري الترويج لها؛ بسبب ندرة الأمطار بحلول شهر جانفي، قائلة: "الأحوال الجوية كانت ولاتزال تشغل تفكيرنا، ولا نكفّ عن متابعة وتصفح كل المعلومات المتعلقة بأسباب ندرة الأمطار، فكل الأخبار التي يجري تداولها من المتخصصيين على مستوى الأرصاد الجوية وحتى على ألسنة الخبراء، غير مقنعة.

وبالنسبة لي، فهي تشير إلى أنها ظاهرة طبيعية تحدث كل 10 سنوات. وأعتقد أننا نعيش إحدى علامات القيامة، وإلا كيف نفسّر اللجوء إلى صلاة الاستسقاء بدون جدوى؟!"، وهو نفس الانطباع الذي لمسناه لدى طالب جامعي، قال: "إذا عدنا إلى الناحية العلمية فأعتقد أن الأمر فيه الكثير من الإقناع، ويجعلنا نشعر بنوع من الطمأنينة، ولكن بالرجوع إلى ما يجري تداوله على الألسنة من أن المولى عز وجل غضبان منا لما يحدث، ينتابنا شعور بالرعب والخوف الشديد، لا سيما أن مجتمعنا اليوم يعيش بعض مظاهر الانحلال الخلقي، وإلا كيف نفسر استجابة البعض فقط لأداء صلاة الاستسقاء فيما كانت بعض المساجد فارغة، وعزوف الأغلبية عن أداء مستحقاتهم من الزكاة، وانتشار الفقراء والمحتاجين والجري الدائم وراء تحصيل الأموال؟!"، ويعلّق: "حقيقة، ربي راه غضبان علينا، ولا بد أن نسارع إلى الإكثار من فعل الخيرات والاستغفار".

طرحنا سؤالنا على شريحة أخرى من المجتمع، وهم أصحاب الخبرة في الحياة، فكانت لنا دردشة مع الحاج محفوظ بن عدة الذي تجاوز العقد السابع من عمره، فرد عن استفسارنا حول ندرة الأمطار والتلويح بالجفاف بالقول: "ما يحدث لنا يعكس أفعالنا، نحن، إن لم أقل كلنا، لسنا على استقامة مع خالقنا، ونيّتنا غير صافية، من أجل هذا لم تأت صلاة الاستسقاء بنتيجة"، ويضيف: "فيما مضى كنا عندما نخشى تأخر هطول الأمطار نسارع إلى الصلاة، ولكن ليس بالطريقة التي تتم اليوم، وإنما نباشر الصلاة بتطبيق ما جاء في سنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام خارج المساجد. وأذكر أن المولى عز وجل لم يخذلنا، كان يستجيب لنا؛ لأن القلوب كانت صافية على خلاف ما يحدث اليوم، حيث غابت النية ورحلت البركة وساد الفساد". وقالت سيدة مسنّة إن التأخر في نزول المطر ليس بالشيء الجديد؛ لأنه من المظاهر التي كانت تحدث فيما مضى.

وحسبما أذكر بولايات الشرق حيث أنتمي، كانوا يبادرون بممارسة بعض التقاليد التي تعزّز صلة التراحم والتآخي ليرحمنا المولى عز وجل، حيث يتم جمع كبار السن من النسوة اللواتي يتكفلن بالطرق على الأبواب، رافعات الغراف بالمقلوب لطلب الصدقة، وبعدها يتم جمع كل ما حصلوا عليه من مواد غذائية يجري طبخها وتوزيعها على الفقراء، والكل يرفع يديه بالدعاء راجين المولى عز وجل بانقلاب الأحوال وهطول المطر. ولا أخفيكم، كان هذا التقليد يأتي بنتائجه، وسرعان ما تمطر السماء! لأن القلوب كانت صافية وخالية من الخبث والأحقاد". ومن جملة الاقتراحات التي أطلقها بعض من مسّهم الاستطلاع بعد فشل الكبار في استحضار النية الصافية في صلاة الاستسقاء لنزول المطر، الاستنجاد بدعاء الأطفال لنزول الأمطار، خاصة أن الوعي بأزمة الجفاف قد مسّهم أيضا، وعبّروا لـ "المساء" عن تخوفهم.