طباعة هذه الصفحة

المحاصيل الكبرى في تحسّن مستمر كمّا ونوعا

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة 4

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة 4
  • القراءات: 1872
❊  ر.ك/ المراسلون ❊ ر.ك/ المراسلون

يشهد مردود المحاصيل الكبرى من الحبوب والبقوليات الجافة، تحسنا كبيرا من سنة إلى أخرى، وهو ما يترجمه التوسع المحسوس في المساحات المزروعة، والإقبال الكبير للفلاحين والمستثمرين على العمل في هذا القطاع الهام، الذي صار  ـ بحق ـ قاطرة الأمن الغذائي، ورهانا كبيرا للاقتصاد الوطني، ومصدر أرباح طائلة للعديد من أصحاب رؤوس الأموال، الذين اتجهوا خاصة إلى الأراضي العذراء بالجنوب الكبير؛ كغرداية وأدرار وورقلة، حيث انتقل المهنيون من الفلاحة المعاشية إلى اقتحام نشاط المحاصيل الكبرى، فتحولت آلاف الهكتارات من المساحات المهملة إلى جنات خضراء، وصارت خزانا كبيرا للحبوب بمختلف أنواعها، تنافس ولايات الهضاب العليا الرائدة في هذا المجال، وذلك بفضل الدعم المالي والتقني الذي وفرته الدولة للراغبين في المساهمة في هذا النشاط المربح، تقارير مراسليالمساءفي هذا الملف الخاص بالمحاصيل الكبرى، تؤكد أن التطوّر النوعي والكمي في إنتاج الحبوب يبشر بمرحلة جديدة، تؤسس لعودة الجزائر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال المحاصيل الكبرى؛ ما يبعث على الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنه التوجه نحو التصدير، مثلما كانت عليه بلادنا في سابق العقود تمول الدول الأوروبية بخيراتها ذات الجودة العالية.

ر.ك

تزوّد 12 ولاية بمنتوج ذي جودة ... تيزي وزو خزان حبوب بامتياز

أجمع المهنيون من إطارات مديرية الفلاحة بتيزي وزو الفاعلون بعدة قطاعات؛ كالغابات والصندوق الجهوي للتعاضدية الفلاحية والغرفة الفلاحية للولاية والمجلس المهني المشترك لشعبة الحبوب وغيرهم، أجمعوا في تصريح لـ "المساء"، على أن الولاية ذات طابع فلاحي بامتياز، وتعمل على مرافقة ودعم الفلاحين بغية تطوير المنتجات الفلاحية المختلفة وبالأخص الحبوب، مؤكدين على أن المنطقة تُعتبر خزان حبوب بامتياز، على اعتبار أنها تضمن تغطية أزيد من 12 ولاية بحبوب ذات جودة وإنتاج نوعي وكمي.

تشير معطيات مديرية الفلاحة بولاية تيزي وزو، إلى أنه يُنتظر أن يسجل موسم حصاد 2018 ـ 2019، إنتاجا استثنائيا للحبوب بأنواعه، حيث يُرتقب إنتاج 175600 قنطار من مساحة كلية مزروعة قدرها 7272 هكتارا، مما كان وراء الاستعداد المبكر للقطاع عبر المقاطعات الفلاحية، لضمان توزيع عادل لآلات الحصاد، وضمان جمع الغلة في وقتها؛ لتفادي ضياعها لأسباب مختلفة خاصة الحرائق.

البقول الجافة في تراجع

واستنادا إلى الأرقام التي قدمها بوسة نذير رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني التابعة لمديرية الفلاحة بتيزي وزو، فإن موسم الحصاد لهذه السنة يُنتظر أن يحقق إنتاج 175600 قنطار من الحبوب بمختلف أنواعها؛ 140 ألفا منها من القمح الصلب مقابل 2500 قنطار من القمح اللين و6600 قنطار من الشعير، بينما يصل إنتاج الشوفان إلى 1500 قنطار.

وتتوفر الولاية على مساحة 7272 هكتارا لإنتاج لحبوب، 6748 منها لإنتاج القمح الصلب، مقابل 92 هكتارا للقمح اللين، و349 هكتارا لإنتاج الشعير، و82 هكتارا للشوفان، مع تخصيص 695 هكتارا لإنتاج القمح الصلب موجهة للبذور.

وتتوزع مناطق إنتاج الحبوب بولاية تيزي وزو، على كل من ذراع الميزان التي تضم 50 بالمائة من مجموع المساحة الكلية المنتجة للحبوب، التي تتربع على مساحة 2860 هكتارا، تليها منطقة فريحة (782 هكتارا) وتيزي غنيف (583 هكتارا) وغيرها من المناطق التي حققت وفرة بنسب متباينة حسب المساحة المزروعة.

وبالنسبة للمساحة المزروعة بالبقول الجافة ذكرت رئيسة مصلحة المحاصيل الكبرى لدى مديرية الفلاحة للولاية صوريا لعداوري، أنها في تراجع بعد توجه الفلاحين نحو زراعة الحبوب، موضحة أن في الموسم الفلاحي 2018 ـ 2019 تمت زراعة 739 هكتارا بالبقول الجافة، حيث يُتوقع إنتاج 10070 قنطارا من البقول الجافة، منها 488 هكتارا مخصصة للفول؛ إذ يُنتظر إنتاج 6900 قنطار مقابل 9 هكتارات للعدس، الذي يُرتقب أن يحقق 130 قنطارا، فيما زُرع 215 هكتارا بالحمص الذي يصل إنتاجه إلى 2650 قنطارا، و9 هكتارات بالبازلاء الجافة والتي ستحقق منتوجا يصل إلى 120 قنطارا، و18 هكتارا بالفاصولياء المنقطة، التي يُنتظر أن تحقق إنتاج 220 قنطارا.

خزان للحبوب بامتياز

أكد مدير المصالح الفلاحية بتيزي وزو مخلوف لعيب، أن الولاية تمتاز بطابع فلاحي يؤهلها لتحقق إنتاج وفير من الحبوب، سيضمن تغطية الطلب بالولاية واحتياجات ولايات أخرى، موضحا أن الإنتاج يغطي 12 ولاية من الوطن، في حين أن البذور تكفي لتلبية طلب الفلاحين من منتجي الحبوب عبر إقليم الولاية و13 ولاية أخرى، مؤكدا أن تيزي وزو تُعتبر "خزانا كبيرا للحبوب" مثلما هي خزان لزيت الزيتون والثوم والحليب وغيرها.

وذكر المتحدث أنه قام مؤخرا بعقد اجتماع مع مسؤولي المقاطعات الفلاحية على مستوى المعهد التكنولوجي المتوسط للفلاحة المتخصص في الفلاحة الجبلبة بتيزي وزو، بغية توزيع آلات الحصاد؛ سواء منها التابعة لتعاونية الحبوب والبقول الجافة أو للخواص، ومتابعة مستجدات ملف اقتناء آلات الحصاد الجديدة لضمان بداية موسم الحصاد والدرس، الذي انطلق رسميا في 15 جوان من منطقة ذراع الميزان.

وطالب المدير مسؤولي المقاطعات الفلاحية بإشراك وإعلام كل من محافظة الغابات للولاية ومديرية الحماية المدنية بخصوص انطلاق موسم الحصاد والدرس، لاتخاذ تدابير التدخل في حال نشوب حرائق. كما دعا إلى إطلاع رؤساء البلديات على الحملة؛ بغية مساهمتهم في توفير الصهاريج للاستعانة بها عند الحاجة، وغيرها من الإجراءات والتعليمات التي أقرتها المديرية الولائية لضمان إنجاح موسم الحصاد وتفادي ضياع المنتوج. كما دعا أصحاب آلات الحصاد للانطلاق بالمواقع الأكثر استهدافا والمهددة بخطر الحرائق؛ لكونها تتواجد بحواف الطرق، مع الالتزام باحترام برنامج الدرس وإتمامه في الوقت.

الغرفة الفلاحية ترافق المهنيّين ميدانيا

أكد رئيس الغرفة الفلاحية بتيزي وزو حميد سعيداني، أن إدارته أنشأت أول مجلس مهني مشترك لشعبة الحبوب في فيفري 2018 من بين 12 مجلسا مهنيا في مختلف الشعب، مشيرا إلى أن المجلس المهني لشعبة الحبوب هو الأكثر نشاطا حاليا، حيث تم تنظيم عدة لقاءات لتحسيس الفلاحين بأخطار الحرائق، والتحضير لموسم الحصاد والدرس، وتوزيع الآلات مع بداية الموسم بدون مشاكل، وغيرها من النشاطات المنظمة بالتنسيق مع مديرية الفلاحة.

وأوضح المتحدث أن الغرفة استقبلت شكاوى الفلاحين الخاصة بحملة الحصاد والدرس للموسم الماضي، التي انصبت على نقص الآلات وسوء توزيعها كما حدث بذراع الميزان، حيث تنتهي الحملة أوائل أوت، في حين تبقى متواصلة بمناطق أخرى في شهر سبتمبر، علما أن تأخر الموسم يُفقد الفلاح ما بين 30 و40 بالمائة من الإنتاج، مشيرا إلى أن الغرفة تدخلت لحل المشاكل المطروحة لتفادي تكرارها هذا الموسم؛ بالتوزيع العادل لآلات الحصاد، مضيفا أن بعد الانتهاء من حملة جمع الغلة تبدأ حملة التحضير للموسم المقبل عبر مباشرة "الحرث العميق"، الذي من شأنه تقليص الأمراض التي تصيب الحبوب، والقضاء على الأعشاب الضارة وغير ذلك مع تحسيس الفلاحين.

600 منتج حبوب منخرطون في المجلس المهني

تحصي الولاية انخراط نحو 600 فلاح في المجلس المهني المشترك للحبوب، حسب مسؤوله بن علي عبد الغني، الذي ذكر أن المنتجين المسجلين بتيزي وزو تتباين مساحاتهم المزروعة لإنتاج الحبوب، مضيفا أن القطاع الفلاحي بالولاية سجل دينامكية كبيرة، حيث تميز الموسم الفلاحي هذه السنة بتساقط كميات كبيرة من الأمطار، مكنت من حماية الغلة، مشيرا إلى أن المجلس يعمل على اقتراح أحسن طرق التسيير وخدمة الفلاح؛ من خلال الإصغاء لانشغالاته، وجمع قاعدة بيانات توجه لإعداد خطة عمل يتم السير عليها في المستقبل؛ بغرض تطوير الشعبة، وتحسين الإنتاج والمردودية.

عُشر المساحات المزروعة زُوّد بالأدوية

أكد رئيس مفتشية الصحة النباتية لدى مديرية الفلاحة بتيزي وزو قاسي بوخلفة، أنه تم هذا الموسم خلافا للماضي، تحقيق مردود هائل من الحبوب بالنظر إلى العوامل المناخية ووفرة الأدوية لمواجهة الأمراض، التي كشفت سلسلة الزيارات للحقول عن عدم تسجيل أمراض مضرة بها. كما أن المصالح الفلاحية قامت بتحسيس الفلاحين باستمرار؛ بغية التخلص من الأعشاب الضارة، حيث تم إخضاع 80 بالمائة من حقول الحبوب لحملة نزع الأعشاب. وفي المقابل تمت مضاعفة البذور بنسبة 100 بالمائة بالحقول المزروعة التي تزيد مساحتها عن 600 هكتار، والتي مستها عملية نزع الأعشاب الضارة.

واعتبر المتحدث كل المؤشرات إيجابية، ومن شأنها الرفع من منتوج الحبوب بالولاية، حيث إن الفلاحين عازمون على إنجاح الموسم، مؤكدا أن هناك من يقوم بإعادة زراعة بذور الحبوب في حقول زُرعت سابقا بالحبوب. ولتفادي انتقال الأمراض من محاصيل لأخرى استعانوا بالأدوية، حيث تمت معالجة نحو 10 بالمائة من المساحة الإجمالية هذا الموسم، في حين لم يكن الفلاحون يعتمدون عليها في العام الماضي.

الفلاحون بين الارتياح والتخوف

استبشر فلاحو تيزي وزو خيرا بالوفرة التي حققتها شعبة الحبوب بالولاية خلال الموسم الفلاحي الحالي، حيث يُنتظر تحقيق منتوج استثنائي بفضل المجهودات التي بذلها الفلاحون عبر توسيع المساحة المزروعة والعناية بالحقول التي عززتها كميات الأمطار المتساقطة، ومتابعة قطاع الفلاحة في تجسيد حملة نزع الأعشاب الضارة.

لكن الفلاحين أكدوا لنا أن المشكلة التي يواجهونها هي تأخر حصولهم على آلات الحصاد والدرس في الوقت المناسب، مما يترتب عليه تأخر إنهاء حملة الحصاد والدرس إلى غاية الأسابيع الأولى من شهر سبتمبر، وهو ما يؤثر سلبا على المردودية، إضافة إلى مخاطر ضياع الهكتارات من الحبوب في حال نشوب حرائق وغير ذلك. كما طرحوا مشكلة القروض؛ حيث تحصّل الكثير منهم على آلات الحصاد بفضل إجراءات أجهزة دعم التشغيل "كناك" و«أونجام"، ليجدوا أنفسهم أمام عائق الحصول على قروض بنكية أخرى، وإن تمكنوا من ذلك فإن الإجراءات الإدارية تبقى ثقيلة وتعرقل نشاطاهم، ليستنجدوا بمصالح الفلاحة لحلها.

40  آلة حصاد تحت تصرف المنتجين

أكد مصدر من تعاونية الحبوب والبقول الجافة بذراع بن خدة، أنه تم تسخير 40 آلة حصاد لإنجاح الموسم، ووضعها تحت تصرف المنتجين من أجل الانطلاق في حملة الحصاد والدرس في 15 جوان الجاري، وأن 10 من هذه الآلات تابعة لتعاونية الحبوب والبقول الجافة التي تضاف إليها آلة تم الاستعانة بها من ولاية بومرداس، إضافة إلى 29 آلة حصاد تابعة للخواص، سيتم استغلالها هذا الموسم.

وأفاد المصدر بأن التعاونية تحصي 155 فلاحا أودعوا ملفات الاستفادة من قرض"الرفيق" هذه السنة على مستوى الشباك الموحد، حيث يقوم المستفيدون من القروض في نهاية موسم الحصاد، بإيداع المنتوج لدى التعاونية التي تعمل على منح منتجي الحبوب قروضا على شكل أسمدة وبذور.

كما ترتقب التعاونية جمع 142500 قنطار من القمح بنوعيه اللين والصلب. والولاية ترتقب هذا الموسم إنتاج أكثر من 175 ألف قنطار.

وبخصوص جديد تعاونية الحبوب والبقول الجافة، شرعت في إنشاء شباك "بطاقة الزبون"، لتمكين الفلاحين من التسجيل وإيداع ملفاتهم للحصول على هذه البطاقة المغناطيسية، التي تسمح بتحديد الفلاحين المنتجين للحبوب، لتكون لديهم بيانات قاعدية لدى التعاونية وعلى المستوى الوطني، لتسهيل التعرف عليهم. كما أن هذا الإجراء يسمح للفلاحين بتفادي إعداد ملف جديد في كل مرة ومع كل موسم، للحصول على الأسمدة والبذور مقابل الحبوب.

تأمين أقل من 30 بالمائة من المحاصيل

لم تتعد نسبة تأمين المحاصيل الكبرى بولاية تيزي وزو، عتبة 30 بالمائة، حسب مدير فرع الصندوق الجهوي للتعاضدية الفلاحية حمداد مجيد، والتي تمثل 2900 هكتار من حقول الحبوب تابعة لـ 140 فلاحا تحصلوا على قرض "الرفيق"، وهذا الرقم ضعيف، حسبه، مقارنة بالمساحات الموزعة على مستوى الولاية؛ ما يتوجب، كما قال، مواصلة الجهود لتحسيس الفلاحين وتحفيزهم على تأمين المنتوج تحسبا للموسم الفلاحي المقبل، حيث تصل قيمة تأمين الهكتار الواحد من الحبوب إلى 1700دج. وأشار المتحدث إلى أن الصندوق قام قبل بداية موسم الحصاد والدرس، بحملات تحسيسية بأهمية تأمين المحاصيل، مع شرح التسهيلات التي وُضعت لفائدة الفلاحين، على غرار منح تخفيضات على هذه العملية بنسبة 40 بالمائة، إلى جانب مرافقة الفلاحين، وتنظيم زيارات للحقول مع خبير في التأمين، ودفع بالتقسيط قيمة الاشتراك أو التأمين وغيرها من الإجراءات، موجها نداء للفلاحين إلى التقرب من إحدى 18 وكالة تابعة للصندوق من أجل تأمين محاصيلهم؛ لكون العملية تمثل استثمارا بالنسبة للفلاح من خلال حماية الغلة من الخسائر.

س.زميحي