طباعة هذه الصفحة

المحاصيل الكبرى في تحسّن مستمر كمّا ونوعا

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة 3

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة 3
  • القراءات: 3714
❊ ر.ك/ المراسلون ❊ ر.ك/ المراسلون

يشهد مردود المحاصيل الكبرى من الحبوب والبقوليات الجافة، تحسنا كبيرا من سنة إلى أخرى، وهو ما يترجمه التوسع المحسوس في المساحات المزروعة، والإقبال الكبير للفلاحين والمستثمرين على العمل في هذا القطاع الهام، الذي صار  ـ بحق ـ قاطرة الأمن الغذائي، ورهانا كبيرا للاقتصاد الوطني، ومصدر أرباح طائلة للعديد من أصحاب رؤوس الأموال، الذين اتجهوا خاصة إلى الأراضي العذراء بالجنوب الكبير؛ كغرداية وأدرار وورقلة، حيث انتقل المهنيون من الفلاحة المعاشية إلى اقتحام نشاط المحاصيل الكبرى، فتحولت آلاف الهكتارات من المساحات المهملة إلى جنات خضراء، وصارت خزانا كبيرا للحبوب بمختلف أنواعها، تنافس ولايات الهضاب العليا الرائدة في هذا المجال، وذلك بفضل الدعم المالي والتقني الذي وفرته الدولة للراغبين في المساهمة في هذا النشاط المربح، تقارير مراسلي المساء في هذا الملف الخاص بالمحاصيل الكبرى، تؤكد أن التطوّر النوعي والكمي في إنتاج الحبوب يبشر بمرحلة جديدة، تؤسس لعودة الجزائر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال المحاصيل الكبرى؛ ما يبعث على الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنه التوجه نحو التصدير، مثلما كانت عليه بلادنا في سابق العقود تمول الدول الأوروبية بخيراتها ذات الجودة العالية.

ر.ك

واقع محاصيل الحبوب بالبويرة ... إنتاج قياسي رغم شح المياه ونقص الأسمدة

تعتبر ولاية البويرة قطبا فلاحيا بامتياز، بمساحات شاسعة فاقت 180 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية الصالحة للزراعة، أثبتت إنتاجيتها في مجال زراعة مختلف أنواع الحبوب، واعتلت بذلك سلم الولايات الأكثر إنتاجا خلال الموسم الأخير بإنتاج مضاعف فاق المليوني قنطار، رغم العوائق التي تقف في وجه مساعي تحسين الإنتاج وتكثيفه، خاصة فيما يتعلق بنقص المياه، بيروقراطية توزيع الأسمدة والمبيدات، وكذا غياب التنويع في الأصناف المنتجة من الحبوب.

عرفت ولاية البويرة خلال الموسم الفلاحي المنصرم، قفزة نوعية في مجال إنتاج الحبوب، بعدما تجاوز المردود 65 قنطارا في الهكتار الواحد دون اللجوء إلى السقي التكميلي، لتحقق بذلك رقما قياسيا لم تستقبله تعاونية الحبوب منذ نشأتها حسب القائمين عليها، على مساحة إجمالية فاقت 66 ألف هكتار، أغلبها بالجهة الغربية والجنوبية للولاية، رغم الخسائر المسجلة في محاصيل زراعة البقوليات، التي أتلفت أغلبها بسبب الأعشاب الضارة التي حالت دون القدرة على حصادها، حيث بلغ إنتاج القمح الصلب 307817 قنطارا، 57800 قنطار من القمح اللين، و43 ألف قنطار من الشعير، بالإضافة إلى 4012 قنطارا من الشوفان، و662 قنطارا من الحمص.

إنتاج قياسي خلال الموسم الحالي

ويدخل إنتاج الموسم الفلاحي الأخير ضمن القفزة النوعية التي يعرفها القطاع خلال السنوات الأخيرة بالولاية، في ظل وعي الفلاح بمختلف تقنيات الزراعة، الإرشاد والتحسيس وكذا المنافسة في مجال الأدوية والمبيدات ونوعية الأسمدة، دون إغفال الدور الأكبر لنسبة التساقط التي تعتبر أهم العوامل المساهمة في تكثيف الإنتاج بنسبة تفوق 70 بالمائة حسب المختصين، وتوزيعها على مدار السنة خلال المراحل الحساسة للزرع، وهي أحد أبرز العوامل التي رفعت من إنتاج الموسم الفلاحي الأخير بالولاية بدون اللجوء إلى السقي التكميلي عبر مختلف المزارع النموذجية والخواص، بالإضافة إلى الإمكانيات المتوفرة لمرافقة وإنجاح المواسم الفلاحية، منها توفير قرابة 90 ألف قنطار من البذور والأسمدة لحملة الحرث والبذر لهذه السنة، 3300 جرار، وما يفوق 2000 آلة حرث وأزيد من 260 آلة حصاد ضمن تحضيرات حملة الحصاد القادمة.

أزمة المياه تعيق تكثيف الإنتاج

يقف عائق نقص مياه السقي حاجزا في طريق برنامج تكثيف الإنتاج الفلاحي وتطويره بولاية البويرة، في ظل التغيرات المناخية الأخيرة، الذي يعتبر من بين أهم الإجراءات المنتهجة لتطوير المحاصيل الزراعية، ورغم توفّر الولاية على 3 سدود تصل مياهها إلى ولايات مجاورة، غير أن مشكل السقي الفلاحي لا يزال الشغل الشاغل لفلاحي الولاية والقائمين على المزارع النموذجية الست، وهو ما حال دون تحقيق الطموحات المرجوة على مساحات شاسعة لا تزال تعتمد على مياه الأمطار، في ظل تلاشي آمال الفلاحين بمساهمة مشروع توسيع المساحات المسقية في التخفيف من حجم معاناتهم، بعدما أشارت مصادر مختصة إلى التكلفة المادية الضخمة التي تقف على عاتق الفلاح والمزراع النموذجية، التي تتجاوز 400 مليون سنتيم للهكتار الواحد فيما يتعلق بالدراسة الخاصة بالمشروع، وهو المبلغ الضخم الذي يتجاوز إمكانيات مختلف الأطراف، سواء بالنسبة للفلاح أو المزارع النموذجية التي لا تقل مساحة كل مزرعة منها عن 800 هكتار، وهو ما جعل من المشروع مستحيل التجسيد حاليا، في انتظار مساهمة الدولة في هذا المجال، مع العلم أن المشروع يمتد حسب مصالح الفلاحة على مساحة 8815 هكتارا، منها 2200 هكتار بسهل اعريب بعين بسام من سد لكحل المخصّص للسقي الفلاحي منذ عدة سنوات، وأزيد من 6 آلاف هكتار على طول سهل الأصنام نحو شرق الولاية، وهو المشروع الذي يعرف تأخرا ويحتاج إلى دفعة جادة تضمن استلامه في أقرب وقت ممكن، نظرا لمساهمته الكبيرة في إزاحة مشكل السقي، الذي يعتبر أحد أبرز العوائق التي يواجهها برنامج تكثيف الإنتاج الفلاحي وتطويره بولاية البويرة.

نقص أصناف الحبوب عائق آخر

ويشكو فلاحو البويرة من نقص فادح في أصناف القمح والحبوب بصفة عامة، على خلاف الولايات المجاورة، حيث تعتمد الولاية، منذ سنوات عديدة على صنفين فقط من القمح، رغم أنّ تنويع الأصناف يعتبر من بين عوامل تحسين المنتوج، كون الاعتماد على صنف واحد يؤثّر على كمية الإنتاج ونوعيته حسب المختصين الزراعيين، حيث تصبح أصناف مقاومة للأمراض ولا تنفع معها جميع محاولات المعالجة، وهو ما يؤثر على المردود ونوعيته في ظل خصائص التربة القاعدية التي تحتاج إلى جهود أكبر، وهو نفس المشكل الذي تعرفه زراعة البقوليات كالحمص والعدس في ظل توفر صنف واحد لأكثر من 10 سنوات مضت، والذي بات غير مقاوم للأمراض وقليل الإنتاج.

ويعتبر الاعتماد على تنويع الدورات الزراعية أحد أبرز الأساليب المنتهجة لتحسين الإنتاج وزيادة مردوديته، كونها تعتبر معالجة دورية تزيد من خصوبة التربة لتحويلها للآزوت الجوي المفيد للنبتة، عوض الاستعمال المفرط للأسمدة الاصطناعية، غير أنّ هذه الزراعة اصطدمت بولاية البويرة بواقع توفّر صنف واحد أصبح إنتاجه خلال السنوات الاخيرة لا يتجاوز 8 قناطير في الهكتار بالولاية لغياب التلاؤم مع المناخ والتربة، في الوقت الذي يصل فيه مردوده إلى 25 قنطارا في الهكتار في مناطق أخرى، وهو ما قلَص من المساحة المغروسة لهذه السنة بعد الخسائر المسجلة خلال الموسم المنصرم وتعرض مساحات شاسعة للتلف بسبب نسبة التساقط التي كانت نقمة على هذه المساحات التي غزتها الأعشاب الضارة وصعب حصادها.

إهمال المسار التقني

أكد المختصون في الزراعة بولاية البويرة، أنّ الكمية الممنوحة من الأسمدة الآزوتية غير كافية، رغم نداءات المختصين وطلباتهم الداعية مصالح الفلاحة والغرفة الفلاحية بالولاية إلى رفع الكمية الممنوحة، وفقا للمعايير المعمول بها، التي تستوجب توفير 3 كلغ من الأسمدة لكل قنطار، فيما تسمح المصالح المختصة بكيلوغرام واحد لكل قنطار، وهذا في إطار قرض الرفيق وحتى لمن يرغب في دفع تكاليف الكمية الإضافية، على خلاف الولايات المجاورة، وهو ما يعتبر - حسب العارفين بالقطاع الفلاحي- ضغوطات إدارية تقف في وجه تحسين الإنتاج ورفع مردوديته، الذي يحتاج إلى مصاريف خاصة من جهة ورفض منح شهادة المصالح المعنية، وهو المشكل الذي يقف الفلاح عاجزا أمامه في ظل السعي لتحقيق إنتاج أوفر وذو نوعية جيدة خاصة بالنسبة لمن يلجأ إلى كراء الأراضي الفلاحية للاستثمار بها. 

بذور مغشوشة تثير سخط الفلاحين

ويشكو فلاحو الولاية لموسمين متتاليين من مشكل البذور المغشوشة أو الخلط الذي عرفته عديد أصناف البذور، وهو أحد أبرز المشاكل التي تواجهها حقول تكثيف البذور بالولاية، رغم الإجراءات المتخذة من طرف تعاونية الحبوب من خلال برنامج خاص لتوزيع كل نقطة لصنف واحد لتفادي الخلط النوعي والصنفي، بعدما فاقت خسائر الفلاحين حسب مصدر موثوق 20 ألف هكتار ومس المشكل مختلف جهات الولاية، فيما عرف المشكل مدا وجزرا بين مختلف الأطراف لإيجاد حلول مرضية للجميع، وهو ما تجدد هذا الموسم حسب شكاوى الفلاحين.

ع. ف الزهراء

فيما ينتظر الفلاحون دعما أكبر ... المساحات المزروعة بغليزان في توسع

تشتهر ولاية غليزان بإنتاج الحبوب والبقول الجافة كالقمح بنوعيه، الصلب واللين، والشعير والخرطال، بالإضافة إلى العدس والحمص، وهو النشاط الذي عادت إليه الولاية في السنوات الاخيرة، كما تساهم في إنتاج الفول الموجه للاستهلاك والبذور، بالإضافة إلى البازلاء (الجلبانة)، علما أن المنطقة ذات طابع فلاحي بامتياز، وتتربع على مساحة جغرافية تقدر بـ4851.21 كلم مربع 297387 هكتار منها أراضي فلاحية تستغل 94 بالمائة، وهي مصنفة بين 281875 هكتارا منتجة و15512 غير منتجة، وبذلك تعتبر غليزان الولاية الثانية من حيث إنتاج الحبوب بعد ولاية تيارت.

 

وتؤكد مصادر المساء، أنه إضافة إلى الحبوب، بدأت زراعة البقول الجافة تأخذ مكانتها، خاصة بعد أن عمدت الدولة إلى تدعيم شعبتي الحمص والعدس بتخصيص منحة لمنتجي هذين النوعين من البقول، إضافة إلى أن زراعة الحمص والعدس تساهم بشكل كبير في تخصيب الأراضي وكذلك رفع المساحة المستغلة عكس السنوات الماضية، حيث كانت تبقى نصف المساحة أراضي بور.

كما عرفت المساحات الزراعية توسعا من موسم لآخر، حيث شهد موسم 2003/2004 حرث مساحة 103370 هكتارا وجمع أزيد من مليون قنطار من الحبوب، بينما ارتفعت هذه المساحة خلال موسم 2008/2009 إلى 122215 هكتارا، وارتفع الإنتاج إلى حوالي 2.2 مليون قنطار من الحبوب أي بمعدل 18 قنطارا في الهكتار، وقفزت السماحة المزروعة خلال المسوم الموالي إلى 133339 هكتارا، بينما انخفض الإنتاج إلى نحو 1.4 مليون قنطار، بسبب نقص الأمطار. كما ارتفعت المساحة المزروعة الموسم الماضي إلى 194419 هكتارا، ليقفز معها إنتاج الحبوب إلى 2563537 قنطارا أي بمعدل 13 قنطارا في الهكتار، بينما بلغت المساحة المحروثة في الموسم الفلاحي الحالي 148649هكتارا، وتتوقع مديرية الفلاحة إنتاجا يصل إلى 1993974 قنطارا بمعدل 15 قنطارا في الهكتار الواحد.

في مجال البقول الجافة فقد عادت الولاية إلى إنتاجها وتطوير زراعتها، حيث وصلت المساحة المزروعة خلال موسم 2003/2004 إلى 1460 هكتارا أنتجت 13075 قنطارا، وارتفعت خلال موسم 2008/2009 إلى 2920 هكتارا، وإنتاج 33960 قنطارا، كما ارتفعت هذه المساحة خلال الموسم الفلاحي 2013/2014 إلى 4050 هكتارا، وبلغ إنتاج 33250 قنطارا، لترتفع في الموسم الفلاحي 2018/2019 إلى حوالي 5702 هكتارا ووصل الإنتاج إلى 60587 قنطارا.

أما المساحات المسقية تتربع على مساحة 17632 هكتارا بمحيط الشلف السفلي ومحيط مينا المخصص للأشجار المثمرة والخضر وقليل من المحاصيل الأخرى، منها 4870 هكتارا من أشجار البرتقال و7134 هكتارا من أشجار الزيتون، كما عملت الولاية في السنوات الاخيرة على تطوير شعبة البطاطا والبصل إضافة إلى بعض الخضر الأخرى لكن بكميات قليلة.

القطاع الفلاحي كغيره من القطاعات يواجه بعض العراقيل التي تحد من تطويره رغم مجهودات السلطات المحلية التي تعمل على جعل الفلاحة بديلا عن النفط، وكذا تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنها على وجه الخصوص العوامل الطبيعية المتمثلة في نقص الأمطار، إضافة إلى التذبذب في لتوزيع مياه السقي واقتناء البذور والأسمدة في بعض المرات، وعدم الاستعمال العقلاني للمياه بالنسبة للمساحات المسقية فبينما تحتاج الشجرة 2 لتر يوميا يلاحظ تدفق المياه في العديد من المرات وهذا ما يرفع من تكلفة الإنتاج.

في مجال تكثيف الحبوب، تضم ولاية غليزان 3 مستثمرات فلاحية مختصة في إنتاج وتكثيف البذور المنتقاة للمواسم الفلاحية المقبلة، كما تعمل الولاية على تموين باقي ولايات الوطن بالبذور مثلها مثل ولاية تيارت، وتقدر المساحة المخصصة لهذا النوع من الزراعة 977 هكتارا ببلدية منداس بمعدل إنتاج يصل إلى 19023 قنطارا في الموسم، و1167 هكتارا ببلدية سيدي لزرق، التي تصل كمية بمعدل إنتاج يصل إلى 29605 قناطير.

نور الدين واضح

وهران ... تراجع في مردود الحبوب وارتفاعٌ في محاصيل البقوليات

يُعدّ ملف المحاصيل الزراعية الكبرى بولاية وهران من أهم التحديات المرفوعة من طرف مصالح مديرية الفلاحة، التي رغم كونها ولاية غير فلاحية إلا أنّها حقّقت قفزة نوعية في إجمالي المساحات المزروعة، التي ارتفعت بفضل التوجّه نحو زراعة البقوليات كتجربة عمرها لم يتعد 3 سنوات، وأعطت ثمارها مقابل استمرار مشكل تذبذب الإنتاج، بسبب تراجع المغياثية وقلة عمليات ومشاريع الرش المحوري.

ذكرت المكلّفة بمكتب الحبوب والإنتاج بمصلحة تنظيم الإنتاج والتدعيم التقني بمديرية الفلاحة لولاية وهران فريدة بلاش، أنّ مصالح مديرية الفلاحة تقوم قبل إطلاق عملية البذر، بتحضير أهداف الموسم الفلاحي، والعمل على إنجاحه، والذي شهد العام الماضي إنتاجا وفيرا وغير مسبوق بفضل تساقط الأمطار. وبلغت مساحات المحاصيل المزروعة خلال الموسم الجاري، 53652 هكتارا، موزعة على 9758 هكتارا من القمح الصلب، و2824 هكتارا من اللين، و39856 هكتارا من الشعير و2205 هكتارات من الخرطال.

المتحدثة أكدت لـ "المساء" أن من إجمالي هذه المساحة يبقى 700 هكتار فقط من الأراضي الفلاحية تُسقى عن طريق الرش المحوري أو الرش الارتوازي، فيما باقي المساحات المزروعة مرهون بتساقط الأمطار، وهو ما يجعل التوقعات الخاصة بالمنتوج مرهونة كذلك بكميات تساقط الأمطار، التي تراجعت في الموسم الحالي.

وأوضحت المكلفة بملف الحبوب أن التوقعات التي كانت تنتظرها المديرية بخصوص المساحات المزروعة من الحبوب، تقلصت بفعل الجفاف ببعض المناطق، حيث تتوقع تراجع المساحات المنتجة إلى نحو 24330 هكتارا، بما يشكل نصف المساحة المزروعة التي كانت مسطرة للإنتاج.

تراجع المردود إلى 10 قناطير في الهكتار

أوضحت المتحدّثة أن تراجع المساحات المنتجة خلال الموسم الحالي، سيؤثر على التوقعات المسطرة بخصوص الإنتاج، حيث تتوقع المديرية حصاد 219039 طنا من الحبوب؛ بمعدل 10 قناطير في الهكتار الواحد، وهي كمية تشكل ربع المنتوج الذي سُجل خلال الموسم الفلاحي الماضي، الذي عرف إنتاج نحو مليون قنطار من الحبوب، مضيفة أن باقي المساحات المتضررة من الجفاف وتراجع المغياثية سيحوَّل إلى أعلاف، وأن الموسم المنصرم شهد أمطارا هامة بلغت حدود 306 ملم، توزعت خلال فترات النمو وفق ما تحتاجه المزروعات، لاسيما خلال الفترة الممتدة من شهر ديسمبر إلى غاية مطلع شهر مارس وأفريل الماضيين. ومقابل ذلك شهد الموسم الفلاحي تراجعا كبيرا في المغياثية التي لم تتعد 200 ملم بين الفترة الممتدة من ديسمبر 2018 إلى غاية شهر مارس 2019، مع تسجيل 0 بالمائة مغياثية خلال شهر فبراير، الذي تحتاج فيه المساحات المزروعة إلى الأمطار؛ ما شكل فارقا في الإنتاج للموسم الحالي، وأن معدل المغياثية المسجل خلال السنوات العشر الأخيرة بولاية وهران يقدر بـ 221 ملم، وهو ما يوضح حجم المشاكل التي يواجهها الإنتاج الخاص بالحبوب بولاية وهران، الذي يبقى بحاجة إلى الأمطار بمعدلات تسمح بالرفع من الإنتاج.

وفرة في الأسمدة الكيمائية المعالجة وحملاتُ تحسيس

مديرية الفلاحة شرعت في حملات تحسيس قبل بداية موسم الحرث والبذر، من خلال أبواب مفتوحة ولقاءات ميدانية مع الفلاحين بمشاركة الفاعلين في الميدان، حيث انطلقت الحملات التحسيسية وفق برنامج يقوم على متابعة كامل مراحل زراعة الحبوب. وشملت الحملات "حملة ضبط آلة البذر" و«التعشيب الكيميائي" و«ضبط آلة الحصاد" وحملات "الحماية من الأخطار الكبرى". وقد أعطت الحملات ثمارها من خلال التفاعل الكبير للفلاحين.

وأكدت رئيسة المكتب المكلف بالحبوب، أن كل الحملات المنظمة من طرف المديرة الولائية للفلاحة بوهران، تتمّ بالتنسيق مع المحطة الجهوية لوقاية النباتات والمعهد الوطني التقني للمحاصيل الكبرى ومختلف المؤسسات التقنية المكلفة بملف المحاصيل الكبرى، وقد تم إنشاء لجنة خاصة تقوم بمتابعة الملف طوال الموسم الفلاحي.

كما شهد الموسم الفلاحي للمحاصيل الكبرى توزيع كميات هامة من البذور لصالح الفلاحين، حيث وفر الديوان الوطني للحبوب والبقول الجافة 23737 قنطارا من الحبوب لصالح الفلاحين، ولم يسجَّل أي نقص خلال الموسم الجاري، مع توفير الأسمدة الخاصة بمعالجة العمق ومعالجة السطح التي تُستخدم خلال مراحل حملة البذر، إلى جانب التعشيب الكيميائي لـ 3387 هكتارا من المساحات المزروعة. كما استفاد 49 فلاحا من قرض "الرفيق" بمساعدة مصالح مديرية الفلاحة لولاية وهران.

رضوان.ق

بين مواجهة الصعوبات وتحدّي الاكتفاء الذاتي ... المحاصيل الكبرى بتلمسان في تحسن

تُعتبر المحاصيل الكبرى خاصة شعبة الحبوب، أهم وأكبر الشّعب الفلاحية بولاية تلمسان من حيث المساحة المزروعة والمحاصيل المنتجة، وهو ما صنّف الولاية ضمن الولايات الرائدة على المستوى الوطني؛ إذ تمكنت خلال حملة الحصاد والدرس للموسم الفلاحي الماضي، من تحقيق 2.850.500 قنطار من الحبوب على مساحة إجمالية تقدّر بـ 172.500 هكتار، منها دائرة الرمشي الرائدة، التي حققت أزيد من 273 ألف قنطار من الحبوب من مساحة 17.049 هكتارا تم زرعها، وتتوقع إنتاجا أكبر هذا الموسم.

أرجعت المصالح الفلاحية ارتفاع مستوى إنتاج الحبوب هذا الموسم، إلى ملاءمة الظروف المناخية وتساقط كميات معتبرة من الأمطار مقارنة بالسنة الفارطة، حيث تنتظر إنتاج 2.211.000 قنطار من الحبوب من مختلف الأصناف، حسبما أكد رئيس مكتب تنظيم الإنتاج الفلاحي والدعم التقني بمديرية الفلاحة، الذي أوضح أنّ المساحة الإجمالية المزروعة بالحبوب خلال هذا الموسم، بلغت 174.900 هكتار، إذ يُرتقب خلال هذه الحملة التي من المنتظر أن تنطلق مع بداية الأسبوع الأول من شهر جويلية القادم، تحقيق 1.135 ألف قنطار من الشعير، و738 ألف قنطار من القمح الصلب، وكذا 87 ألف قنطار من القمح اللين إضافة إلى 51 ألف قنطار من الخرطال.

وقد تم توفير كل الظروف المادية والبشرية لإنجاح حملة الحصاد والدرس، التي عرفت تأخرا بسبب التقلبات الجوية؛ من خلال تخصيص 279 آلة حصاد، منها 35 تابعة لديوان الحبوب والبقول الجافة، وأكثر من 200 حاصدة تابعة للخواص، و40 شاحنة ذات سعة 20 طنا، من شأنها نقل الحبوب من نقاط الجني والتخزين 22 إلى وحدات المعالجة والتخزين النهائي، الموزعة على كل من أبوتاشفين وعين فزة وأولاد ميمون.

ولضمان الاستقبال الجيد للحبوب تمّ تخصيص 17 نقطة تخزين تابعة لتعاونية الحبوب والبقول الجافة، بطاقة استيعاب تقدر بـ 948.400 قنطار، بالإضافة إلى الاستنجاد بالمخازن الخاصة لحماية المنتوج؛ كمخازن مطاحن السواني لتخزين الحبوب التي يتم جنيها من السهول الغربية، في انتظار استكمال المخازن الجديدة التي استفاد منها الديوان، منها مخزن بعين تالوت بسعة 300 ألف قنطار، الذي من المنتظر أن يدخل حيز الخدمة خلال الموسم الجاري، ومخزن آخر بسعة 100 ألف قنطار بمنطقة بن سكران، الأمر الذي من شأنه رفع سعة تخزين الولاية للحبوب من 1.8 إلى 2.2 مليون قنطار.

تطوير زراعة العدس بالمناطق الحدودية

عرفت مؤخرا منطقة مغنية بولاية تلمسان، أوّل تجربة لزراعة منتوج العدس في أربع مستثمرات فلاحية، بمجموع 13.5 هكتارا، موزعة على المناطق الحدودية، حيث اعتبر المختصون هذه الزراعة كهدف أوّلا، وكتحدّ ثانيا على مستوى الولاية، التي تحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج البقوليات بدون تطوير زراعة العدس، مشيرين إلى أن بالإمكان تطوير زراعة الفول والحمص والفاصوليا التي تملك خصوصيات ومناطق خاصة متأقلمة مع هذا النوع من الزراعات، ولكنّ العدس غير متطور في الولاية، ومنحصر فقط  في 20 هكتارا في كامل الولاية، والإنتاج لا يفوق 6 قناطير في الهكتار الواحد.

الجفاف يهدّد المحاصيل الكبرى

من أبرز العوائق المسجلة في حملة الحصاد والدرس، قلة آلات الحصاد المجندة للعملية رغم تطمينات الجهات المختصة بتوفيرها قبل عملية الحصاد، ورغم توفيرها عددا من الحاصدات موزعة على وحداتها بمختلف البلديات، لاسيما تلك المعنية بما يسمى ببرنامج المحاصيل الكبرى، كعين تالوت وأولاد ميمون... وغيرها، إلا أن ذلك لم يكن كافيا من حيث العدد بالنسبة لها، ولا لسد الاحتياجات والطلبات الكبيرة، لاسيما أصحاب المستثمرات والمرتبطون بعقود النجاعة مع تعاونيات الحبوب والبقول الجافة بتلمسان، وهو ما جعلها تستنجد بكراء حاصدات أخرى من شركاء آخرين من ولايات مجاورة؛ كعين تموشنت وسيدي بلعباس، لاسيما تعاونيات حمام بوحجر، واقتضى الأمر أيضا تعزيز ذلك باللجوء إلى آلات حاصدة من ولايات بعيدة؛ كإجراءات احترازية واستباقية تحسبا لأي طارئ. ووصل عدد الحاصدات التي تم الاستعانة بها خلال بعض المواسم الماضية إلى ما لا يقل عن 60 حاصدة، تم توزيعها بشكل متباين حسب أهمية كل منطقة؛ من أجل ضمان عمليات الحصاد في وقتها المناسب.

ورغم ما يكلف الفلاح ذلك من تكاليف إضافية نتيجة بعد المسافة، إلا أن ذلك كان بمثابة الأمر الحتمي، خاصة أن العملية سجلت هذا العام تحسنا ملحوظا من حيث التحضير لها مقارنة بالعام الماضي؛ في محاولة منها لاحتواء الأمر وإتمام العملية في أقرب وقت؛ تفاديا لأيّ أخطار أخرى محتملة، خاصة الحرائق التي تهدّد المحاصيل بين الفينة والأخرى.

معالجة المشاكل المهدّدة لاستقرار الفلاحين

تتّجه ولاية تلمسان نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح والشعير بفضل الاستراتيجية الجديدة التي أقرتها الدولة لتشجيع الاستثمار في إنتاج هذه المحاصيل الزراعية، التي تعمل على تقليص فاتورة الاستيراد بداية من سنة 2020، فيما يُرتقب في هذا الصدد، أن تحقق نسبة 90 بالمائة من الاكتفاء الذاتي من مادة القمح الصلب، و100 بالمائة بالنسبة للشعير. كما تراهن على توسيع المساحات المسقية بالسهول والأراضي الخصبة عن طريق توفير المياه بكميات كافية بفضل تحويل مياه السدود السبعة المنتشرة في تراب الولاية، فضلا عن الإنتاج اليومي الذي تضمنه محطتا تحلية مياه البحر بسوق الثلاثة وهنين؛ إذ سمح استغلال هاتين المنشأتين بالقضاء على العجز الذي كانت تعاني منه الولاية منذ سنوات بسبب الجفاف.

ويُعدّ توفير المياه الصالحة للشرب بكميات كافية ومتواصلة، من العوامل التي أراحت الفلاحين نسبيا في الوقت الحالي؛ من خلال تحويل مياه السدود لاستغلالها للري الفلاحي، وتوسيع المحيطات المسقية الثلاثة المتربعة على مساحة تفوق 2500 هكتار الممتدة عبر مناطق الزوية ومغنية والحناية، حيث تم تخصيص ما يقارب ثلاثة ملايين متر مكعب سنويا من مياه سد "السكاك" لسقي الأراضي الفلاحية المجاورة والموزعة على بلديات الفحول والرمشي وعين يوسف، إلى جانب إطلاق حوالي 10 ملايين متر مكعب من المياه من سد "سيدي العبدلي" عبر وادي "عيسر"، لسقي مساحة إجمالية تقدر بحوالي 1060 هكتارا.

ونفس الطريقة شهدها سد "حمام بوغرارة" الذي أطلق حوالي 3 ملايين متر مكعب عبر وادي "تافنة" لفائدة الأراضي المجاورة بولايتي تلمسان وعين تيموشنت، والمقدرة بحوالي 750 هكتارا، وكذا سد بني بهدل الذي يوفر أكثر من 7.5 ملايين متر مكعب لسقي قرابة 1350 هكتارا.

للإشارة، تقدر المساحة الصالحة للفلاحة بولاية تلمسان بـ 537.301 هكتار، تستغل منها 350.312 هكتارا. كما تضم الولاية 3572 مستثمرة فلاحية بها 46.791 مستثمرة، و8 مستثمرات فلاحيه نموذجية تستغل 6.320.500 هكتار، الأمر الذي جعلها تحتل المرتبة 11 وطنيا بنسبة 2.78 بالمائة، بقيمة إنتاج تقدر بـ 76.7 مليار دج. كما سجّلت الولاية نسبة نمو قدّرت بـ 1.44٪؛ ما جعلها تحتل المرتبة 25 وطنيا.

ل.عبد الحليم