المحاصيل الكبرى في تحسّن مستمر كمّا ونوعا

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة

نحو تحقيق الأمن الغذائي واستعادة المكانة المفقودة
  • القراءات: 4744
ر. ك / المراسلون ر. ك / المراسلون

يشهد مردود المحاصيل الكبرى من الحبوب والبقوليات الجافة، تحسنا كبيرا من سنة إلى أخرى، وهو ما يترجمه التوسع المحسوس في المساحات المزروعة، والإقبال الكبير للفلاحين والمستثمرين على العمل في هذا القطاع الهام، الذي صار  ـ بحق ـ قاطرة الأمن الغذائي، ورهانا كبيرا للاقتصاد الوطني، ومصدر أرباح طائلة للعديد من أصحاب رؤوس الأموال، الذين اتجهوا خاصة إلى الأراضي العذراء بالجنوب الكبير؛ كغرداية وأدرار وورقلة، حيث انتقل المهنيون من الفلاحة المعاشية إلى اقتحام نشاط المحاصيل الكبرى، فتحولت آلاف الهكتارات من المساحات المهملة إلى جنات خضراء، وصارت خزانا كبيرا للحبوب بمختلف أنواعها، تنافس ولايات الهضاب العليا الرائدة في هذا المجال، وذلك بفضل الدعم المالي والتقني الذي وفرته الدولة للراغبين في المساهمة في هذا النشاط المربح، تقارير مراسلي المساء في هذا الملف الخاص بالمحاصيل الكبرى، تؤكد أن التطوّر النوعي والكمي في إنتاج الحبوب يبشر بمرحلة جديدة، تؤسس لعودة الجزائر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال المحاصيل الكبرى؛ ما يبعث على الأمل في تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنه التوجه نحو التصدير، مثلما كانت عليه بلادنا في سابق العقود تمول الدول الأوروبية بخيراتها ذات الجودة العالية.

ر. ك


مدير مصالح الفلاحة بسكيكدة لـ المساء”: تطوّر نوعيّ وكمي في إنتاج الحبوب

أكد مدير الفلاحة بولاية سكيكدة ميلود بن معمر، أنّ المحاصيل الكبرى بالولاية المتمثلة أساسا في شعبة الحبوب، عرفت خلال السنوات الأخيرة، تحسنا كبيرا في الإنتاج كمّا ونوعا، وأنّ تعاونية الحبوب والبقول الجافة بالولاية، تتوفر على 10 مخازن بطاقة استيعاب إجمالية تصل إلى 600 ألف قنطار، كانت استقبلت خلال السنة الفلاحية الأخيرة، 440 ألف قنطار من الحبوب، مقابل 263 ألف قنطار خلال سنة 2014.

أوضح السيد ابن معمّر أنّ تحقيق هذه النتيجة يعود إلى مختلف صيغ الدعم التي استفاد منها منتجو الحبوب، وفي مقدّمتها القرض الرفيق، زيادة على مختلف الوسائل المادية التي وفّرتها التعاونية؛ سواء خلال موسم الحصاد أو الحرث والبذر، ناهيك عن تدعيم وحدات التخزين بعمّال موسميين، ممّا ساهم في التحكم في تحصيل المنتوج.

وأوضح المسؤول أنّ ولاية سكيكدة أصبحت من الولايات الرائدة في إنتاج بذور الحبوب ذات النوعية الجيدة، حيث تقوم بتموين 15 ولاية، مضيفا أنّه تم خلال الموسم الفلاحي الأخير، إنتاج حوالي 180 ألف قنطار من البذور ذات الجودة العالية اختص فيها 70 فلاحا. وفي ما يخص الأهداف المسطرة للموسم الفلاحي 2018 ـ 2019، أشار مدير المصالح الفلاحية بسكيكدة إلى أن من أصل 36050 هكتارا من المساحة الإجمالية المسطرة لإنتاج البذور بمختلف أنواعها، تم بذر 35600 هكتار خلال الموسم الفلاحي الجاري؛ بنسبة تقدّر بـ 98 بالمائة من الأهداف المسطرة.

ويبقى القمح الصلب ذو النوعية الجيّدة يحتل المرتبة الأولى؛ بمساحة مزروعة مقدّرة بـ 26822 هكتارا، منها 2981 هكتارا مخصصة للبذور، يليها القمح اللين، الذي تقدّر مساحته بـ 29133 هكتارا، منها 27 هكتارا من البذور، فيما يحتل الشعير مساحة تقدّر بـ 5224 هكتارا. وتتوقع المصالح الفلاحية خلال هذا الموسم، تحقيق إنتاج إجمالي من كل أنواع الحبوب يقدر بحوالي 750 ألف قنطار.

وفي ما يخص البقول الجافة بأنواعها، قدر المتحدث مساحاتها الإجمالية هذا الموسم، بـ 6905 هكتارات؛ ما يعادل 97 بالمائة من الأهداف المسطرة، والمقدّرة بـ 7090 هكتارا، يحتلّ فيها الفول المرتبة الأولى من حيث المساحة (5500 هكتار)، يليه الحمص (1250 هكتارا)، ثم العدس (92 هكتارا)، فيما تقدّر المساحة المزروعة باللوبيا (الفاصولياء)، بـ 59 هكتارا، والجلبانة بـ 4 هكتارات. كما تتوقّع المصالح الفلاحية للولاية خلال هذا الموسم، تحقيق إنتاج من البقول بمختلف أنواعها على مساحة مزروعة تقدر بـ 84 ألف قنطار.

أما الإنتاج المرتقب تخزينه بمخازن تعاونية الحبوب والبقول الجافة لسكيكدة، فيقدّر ـ حسب المتحدث ـ بـ 500 ألف قنطار، بزيادة معتبرة مقارنة بالموسم الأخير؛ نتيجة التسهيلات المقدّمة للفلاحين، خاصة في إطار القرض الرفيق، إذ يقدَّر عدد الملفات المودعة لدى بنك الفلاحة والتنمية الريفية (بدر)، بـ 578 ملفا، تم قبول 575 منها، مع العلم أنّ المبلغ الإجمالي المخصص لهذا القرض يقدّر بـ 428.175.897.51 د.ج.

ومن جهته، اعتبر مسؤول بغرفة الفلاحة لولاية سكيكدة، أن شعبة الحبوب عرفت في السنوات الأخيرة، نموا معتبرا بسبب الإمكانات التي تمّ توفيرها للمنتجين، والدور الذي تلعبه تعاونية الحبوب والبقول الجافة؛ من خلال تفعيل الشباك الموحد، والقرض الرفيق، الذي أصبح الفلاحون يحصلون عليه بدون عناء وبدون تعقيدات بيروقراطية.

للعلم، ينحصر إنتاج الحبوب بسكيكدة في سهول رمضان جمال، والحروش، وسيدي مزغيش ومجاز الدشيش، وأجزاء كبيرة من محيط الصفصاف وبني ولبان وأم الطوب. كما تُعتبر الولاية منطقة تكثيف أنواع الإنتاج الفلاحي، خاصة ببذور الحبوب ضمن المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والتجديد الريفي؛ لنوعية أراضيها الفلاحية ومرودها الكبير وتوفرها على ثروة مائية معتبرة وتنوع المناخ، إلى جانب التساقط الكثيف للأمطار.

بوجمعة ذيب


عنابة ... الاكتفاء الذاتي مرهون بتنويع المحاصيل

وضعت المصالح الفلاحية لولاية عنابة خطة لتحسين المردود الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ من خلال توفير احتياجات الفلاحين من البذور بمختلف أنواعها. ولإنجاح العملية خلال الموسم الجاري تم توزيع ما يعادل 30 ألف قنطار من الأسمدة الفوسفاتية لفائدة 600 فلاح، مع توفيرها على أوسع نطاق. غير أن غلاء البذور والأسمدة سبّب تراجعا في المحاصيل الفلاحية، لا سيما في شعبتي القمح الصلب والشعير، وهو ما دفع ببعض الفلاحين إلى التوجه نحو نشاطات أخرى.

من جهة أخرى، 44 بالمائة من المنتجين الفلاحيين غير مهيكلين ويمارسون الفلاحة بطرق تقليدية، وهو ما انعكس سلبا على القطاع الفلاحي. وفي هذا الشأن عملت مديرية المصالح الفلاحية على وضع حد لبعض التجاوزات، من خلال إصدار البطاقة المهنية، حيث بلغ عدد المستفيدين منها نحو 2900 فلاح حتى منتصف السنة الجارية، والعملية متواصلة لتأمين قطاع الفلاحة.

‘’الرفيق يؤمّن القطاع 

تحصلت شعبة الحبوب بولاية عنابة على الحصة المالية الأكبر من قرض الرفيق؛ بقيمة 127 مليار سنتيم، استفاد منها الفلاحون وشركاء قطاع إنتاج الطماطم الصناعية خلال السنة الجارية، وُجهت لاقتناء المعدات الفلاحية والبذور بالإضافة إلى الأسمدة الآزوتية، استفاد منها نحو 500 فلاح، حسب الإحصائيات المقدمة. وعلى صعيد آخر، أكدت مديرية الفلاحة أن أكثر من 1686 مستثمرة فلاحية فردية وجماعية تم تحويلها من حق الانتفاع الدائم إلى قانون الامتياز 03 \10 خلال الأشهر الستة الأخيرة، أي بنسبة 76 بالمائة.

وحسب إدارة القطاع فإن 3010 فلاحين استفادوا من هذا الحق، موزعين على بلديات العلمة وعين الباردة والشرفة والحجار. وفي هذا الشأن أرسلت المصالح الفلاحية إعذارات إلى المتقاعسين من أصحاب المستثمرات، للإسراع في تكوين ملفات الانتقال، منهم 85 فلاحا تقدموا مؤخرا لتسوية نشاطهم في إطار قانون الامتياز الفلاحي.

لجنة لتحضير ومتابعة  موسم الحصاد

استحدثت مصالح ولاية عنابة، الأسبوع الماضي، لجنة مختصة في متابعة وتقييم موسم الحصاد والدرس بعد اجتماع المصالح الفلاحية وبنك الفلاحة والغرفة وشركاء القطاع، الذين درسوا مخطط إنجاح موسم الحصاد، من خلال تفعيل قطاع الحبوب ومشتقاته الذي يحتاج إلى دعم ومرافقة لتوسيع المساحات المزروعة الخاصة بالبقول الجافة، على غرار العدس والحمص والفول، في إطار تقليص نسبة الأراضي البور، مع تحقيق الاكتفاء الذاتي في مثل هذه الشعب.

وحسب مديرية الفلاحة، فإن المساحة المخصصة للحبوب خلال موسم 2018 و2019، بلغت 16642 هكتارا، منها 13884هكتارا للقمح الصلب. أما القمح اللين فقُدرت مساحته بـ 1157هكتارا، والشعير بـ 1393هكتارا، والخرطال بـ 208 هكتارات. وفي سياق متصل، سجلت المصالح الفلاحية زيادة في المساحة المزروعة بـ 6.45 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، إذ كانت قدرت بـ 15633 هكتارا. أما المساحة الإجمالية للبقوليات فقدرت بـ 1986 هكتارا، 1036 منها للحمص، و53 هكتارا للعدس، بالإضافة إلى 892 هكتارا من الفول، و4 هكتارات من الفاصوليا والبازلاء (الجلبانة).

لقاء لإنجاح الموسم الزراعي القادم

ويُنتظر أن يُعقد قريبا اجتماع يضم مصالح الفلاحة وفلاحي الولاية، لمناقشة كيفية التعامل مع الآليات الزراعية الجديدة في الموسم القادم كالمكننة، وعليه سيتم توسيع الحملات الميدانية الخاصة بالإرشاد، لا سيما ما تعلق باستخدام الأدوات الفلاحية، وطرق السقي الحديثة للرفع من معدل الإنتاج. وتأتي العملية في إطار النهوض بقطاع الزراعة، خاصة أن عنابة تراهن على تنويع المحاصيل؛ بتوسيع المساحة المزروعة التي ستكون مفتوحة على زراعة عدة شعب؛ منها القمح ومشتقاته.

سميرة عوام


أدرار ... من الفلاحة المعاشية إلى المحاصيل الكبرى

أصبحت ولاية أدرار ذات طابع فلاحي مميز، بعد أن تحولت من الزراعة المعاشية بالواحات إلى الاستثمار في المحاصيل الكبرى، التي أعطت مردودا جيدا خلال السنوات القليلة الماضية، ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني الرامي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، مما أدى بالسلطات والقائمين على قطاع الفلاحة، إلى توسيع المساحات المسقية، وتشجيع المستثمرين الخواص. وتتمثل إمكانيات الولاية في التربة الخصبة ووفرة المياه، ناهيك عن المناخ الملائم لعدد كبير من المزروعات، الأمر الذي جعلها قطبا فلاحيا تراهن عليه الدولة لرفع الإنتاج وتنويعه من سنة إلى أخرى، حتى تضمن الاكتفاء الذاتي، خاصة فيما تعلق بالقمح الصلب.

وأوضحت مصادر من مديرية الفلاحة بأدرار، أن المساحة الإجمالية للأراضي الفلاحية تقدر بنحو 373556 هكتارا، إلا أن المساحة المستغلة لا تتعدى 34649 هكتارا، وأن المساحة المسقية تقدر بـ 27681 هكتارا. وتتوفر أدرار على 27460 مستثمرة، 21515 منها على شكل واحات، و5945 خاصة بالاستصلاح.  ومن حيث الموارد المائية المستغلة، أوضحت المصادر أن قطاع الفلاحة يعتمد على 227 بئرا عميقة، بطاقة 9200 لتر في الثانية، زيادة على 6626 بئرا عادية (15 ألف لتر في الثانية)، بالإضافة إلى 827 فقارة (3600 لترا في الثانية).

وينقسم القطاع الفلاحي بولاية أدرار إلى ثلاثة أقسام، تتمثل في الواحات، والاستصلاح والرعوي. يعتمد الأول على السقي بنظام الفقارات، ويرتكز على النخيل وبعض الزراعات المعاشية، منها الحبوب والأعلاف والخضروات. ويعتمد الثاني على أنظمة السقي الحديثة كالتقطير والرش؛ من خلال ضخ المياه من الآبار العميقة والعادية، فضلا عن الرش المحوري. ومن أهم المزروعات فيه الحبوب والخضروات المحمية والحقلية، فضلا عن النخيل. وأما الثالث (الرعوي) فيعتمد أساسا على تربية المواشي بما فيها الأغنام والماعز والإبل، علما أنّ هذا القطاع ينتشر بالخصوص في المناطق الحدودية، مثل برج باجي مختار وتيمياوين وبعض الجهات الرعوية الأخرى؛ مثل عين بلبال وبوبرنوس وغيرهما.

وقد تم في السنتين الأخيرتين إنتاج 150300 قنطار من الحبوب، 8600 منها ببلدية أدرار، و1633 قنطارا بمنطقة سبع، فيما بلغ محصول تينركوك 959 قنطارا. وعن الأعلاف، فقد أنتجت ولاية أدرار 340349 قنطارا، 8930 منها بدائرة شروين، و33505 قناطير بتيميمون، فضلا عن 32795 قنطارا برڤان.  وعن الحبوب الجافة فقد تمّ خلال هذه الفترة، إنتاج 66327 قنطارا، 11250 منها بزاوية كنتة. وبشأن محصول التمور فقد تمّ جني 782268 قنطارا، حيث وصل إنتاج منطقة تيمي إلى 51288 قنطارا، فيما بلغ إنتاج منطقة دلدول 23818 قنطارا.

وبالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الفلاحين بغية ترقية القطاع الفلاحي، إلاّ أنه يشهد العديد من المشاكل التي تقف حاجزا أمام تقدمه، التي تتمثل في نقص منسوب مياه الآبار العميقة بمناطق الاستصلاح الكبيرة نظرا لقدمها وتآكل أنابيب الضخ، فضلا عن غياب هياكل التخزين والتبريد لحفظ فائض المنتوج، زيادة على انعدام وحدات التكييف والتصنيع، وعدم ملاءمة المخطط الهيكلي للمديرية التقسيم الإداري للولاية، مما يشكل عائقا في متابعة وإنجاز مختلف مشاريع التنمية الفلاحية، بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة الكهرباء، وانعدامها في بعض المناطق مثل أوڤروت وتيميمون.

بوشريفي بلقاسم