"المساء" تعرض تجربة أطفال ومراهقين مع "الصاروخ" و"الحمراء" و"الزطلة"

من التدخين إلى المخدرات.. رحلة عذاب أحرقت أكباد أولياء لإنقاذ أبنائهم

من التدخين إلى المخدرات.. رحلة عذاب أحرقت أكباد أولياء لإنقاذ أبنائهم
  • القراءات: 4140
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

"المسك الحرام" و"الدوبل سينياتورآخر صيحات الإدمان

جائحة "كوروناأثرت على برامج الوقاية ضد المخدرات

أصحاب النفوس الهشة فريسة سهلة بين فكي المروجين

مصالح المكافحة عالجت 17905 قضية وأوقفت 23080 شخص

الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات: تأكيد على مقاربة تنمية المهارات

تسلط "المساء" في هذا الملف الضوء على "مصيبة" المخدرات، التي فتكت بأطفال وشباب في زهرة العمر، في لحظة طيش، حيث رصدت، والبشرية على بعد سويعات فقط من اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، المصادف لـ26 جوان من كل سنة، شهادات مدمنين، عصف بعقول وبيوتهم المخدرات بكل أشكالها وأنواعها، لتحطم فيهم كل جميل، كيف لا وهي شقيقة الخمر أو أكثر فتكا منه في تخدير العقول وتجميد عملها، وحتى إخراج الضغائن أو التحول إلى شخص آخر بفعل الحبوب المهلوسة، على غرار "مدام كوراج" أو "الحمراء" و"الصاروخ"، التي تحول متعاطيها إلى وحش يقع ظلمه على الوالدين أولا، ومن صادفه في الطريق بعد ذلك.

واقع مر ومؤسف ضرب العصب الحيوي في المجتمع، وهو الشباب، ولم يستثن حتى أطفال المدارس...غالبا ما تنطلق الحكاية بتجربة أو "رغبة" أو "نفحة"... وكثيرا ما تكون السيجارة بوابة الدمار و"شوك الحياة"، حسب ما أشار إليه محدثونا الصغار وحتى الشباب في شهادتهم، ليتواصل البحث عن نشوة أكبر قد تحققها لفة "حشيش" أو "شمة هيروين"، وهنا نشير إلى ألية الغش التي طالت الحرام المحرم أيضا، وهي تفتيت مصابيح "النيون" التي تستعمل للإضاءة، لتتحول إلى "بودرة" تباع بسعر 6 آلاف دج للغرام الواحد، وما يستنشق متعاطيها في الواقع إلا الزجاج، ليجد أنفه ينزف دما عما قليل. ...وما رصد من شهادات يؤشر لأخطر من ذلك...

وبين هذا وذاك... تكشف أرقام الديوان الوطني للمخدرات بالتفصيل في هذا الملف الخطر الداهم المتسلل عبر الحدود الغربية للبلاد، والذي لم يقتصر على أطنان المخدرات، بل تعداها إلى ما لا يقدر بعدد من سموم المهلوسات بشتى أشكالها وألوانها، والتي كانت لها جهود الهيئات والنظامية وغير النظامية بالمرصاد، لصدها وإنقاذ الشباب الجزائري من عدو غزى الشوارع وهتك حرمة البيوت...

مراهق يعترفالسيجارة الأولى .. خطوة نحو الانتحار

حدثت "المساء" مع أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و16 سنة، وكذا شباب مراهق، حول تجربتهم مع التدخين والمخدرات، حيث وقفنا على واقع مرير جدا، فهناك من الأباء من كان حاضرا مع أول سيجارة فاحت من ملابس ابنه، وآخر أفاق على صراخ المهلوسات التي تمكنت من الصغير... رحلة دمار في دهاليز الضياع، صال فيها وجال الأطفال وسط ضغط المروج واستنزاف الصحة والمال، أمام الجسد النحيل الذي حالت المخدرات دون معرفته النمو السليم ... هي شهادات تدمي القلب، جمعناها لكم لتجارب مريرة انطلقت من التدخين .."القارو" المهدى من صديق أو "زطلة لحباب" بوابة الدمار، يقول سفيان 21 سنة في رحلته مع المخدرات: وضعت أول سيجارة في فمي في سن 14 سنة، كانت التجربة... حاولت من خلالها أن أقول للجميع أنني دخلت مرحلة الرجولة.

البداية كانت بسيجارة، ثم تحولت إلى خمسة، فعشرة في اليوم، ثم علبة كاملة، إلى أن جاء اليوم الذي سلمني فيه ابن الجار (قارو زطلة) أو ما يعر ف بـ(المرود)... دخنته ... انتشيت ... سكنت السيجارة في صدري كما يفعل ما اعتقدنا أنها للرجال- صعدت للبيت ونمت كالقتيل، كان سني حينها 16 سنة، قلقت أمي بشأني... أخبرتها أنني مريض وسأكون بخير لاحقا، لكنني كذبت عليها ... رحت أجرب كل ما يقدم لي ... خرجت من المدرسة لأنني لا أصلح للعلم، فقد أثرت المخدرات على تحصيلي العلمي، ومنذ حوالي سنة جربت (الصاروخ) الذي دمر حياتي ... لقد سمعت تسجيلا صوتيا لي من أبي، عندما صحوت ذات صباح لأكتشف أنني حولت هدوء البيت إلى ضجيج لا يطاق.

بل عذبت أهلي بالطاقة السلبية التي انهالت عليهم بها لأكثر من أربع ساعات بلا توقف، كما أخبرتني الوالدة، قيل لي كذبا أني سأشعر بالسعادة عند تناوله، لكني أشعر أنني بت غريبا عن نفسي، فأنا الآن لا أعرف نفسي، فبعدما كنت أبحث عن الجرأة والشجاعة في (الحمراء) التي فقدت بريقها الآن، وملاذ الداخلين الجدد لهذا العالم المخزي..."، مضيفا بقوله: "صحيح أنا صغير العمر، لكنني مثقل القلب، عليل الجسد بسبب المخدرات... أريد النجاة وقد التحقت بالمركز للعلاج من المخدرات منذ أشهر بمساعدة والداي، وقد لاقيت الرعاية اللازمة، حاليا تنقصني الإرادة أتمنى أن أحصل عليها".

صرخة فتاةحبة "صاروخجعلت جسدي للكل

بوجه كسته الدموع وأسف وحسرة على الحال... استجمعت "ن. ر" البالغة من العمر 17 سنة، أنفاسها لتروي قصتها مع حبة "الصاروخ" التي تناولتها في لحظة غصب، بعدما تشاحنت مع شقيقها الأكبر لدخولها متأخرة وقت المغرب إلى البيت بفارق ساعتين عن الوقت المعتاد، فبعد أن اشتد الصراخ بينها وبين شقيقها في غياب الوالدين، حملت حقيبتها الصغيرة وفرت من البيت، حيث قالت هنا: "كنت أعتقد أن الخروج من البيت أمر سهل... قصدت بيت صديقتي على التاسعة ليلا، فلم أجد أحدا... في الطريق وجدت شابا في 22 من العمر، أخبرني أنه سيأخذني إلى بيتهم لأبيت مع أمه وأخته، حينها كنت أبكي ورأسي به وجع رهيب... قال لي خذي هذا الدواء وستكونين بخير... أفقت بعد مدة لأجد نفسي حبيسة في مكان مهجور بجسد عار... فهمت أنني فقدت عذريتي لاحقا، بعدما استغل الشاب وضعي وسلمني لأصدقائه بعد أن قبض الثمن... نجوت والحمد لله بعدما استعملت ذكائي ... قضيتي الآن في المحكمة ... أول ما قامت به أمي المسكينة، هو القيام بتحاليل للتأكد من خلو جسمي من "الآيدز"... لقد ضاعت حياتي بسبب حبة صاروخ".

شهادة طفلاحموا أنفسكم من الفضول... إنه باب الضياع

يروي سيد أحمد، البالغ من العمر 16 سنة، قصته لـ"المساء" قائلا: "بدأت رحلتي مع التدخين والمخدرات في سن 12، رفقاء السوء كانوا وراء ضياعي، كنت أعتقد أن السيجارة تفتح باب (الرجلة).. أول مرة كانت من باب الفضول... ليس لدي أي مشكل في المال لأن والداي يعطياني كل ما أريد... بعد مرور ثلاث سنوات، أردت أن أتوقف، لأنني أصبحت أشعر بالوهن والدوخة، إذ رغبت حينها في العودة لممارسة الرياضة، وكنت وقتداك قد جربت الحشيش أو القنب، إلى جانب (الدواء)، أي المؤثرات العقلية، ومنها الصاروخ، هنا انتبه والداي لوضعي ونصحاني بالابتعاد عن رفقاء السوء وأفعالهم المشينة... اخذت بالنصائح وعملت على ملء الفراغ وتوقفت عنه، لكنني عانيت من التأثير السلبي  للفطام عن التدخين وأصبحت عصبيا جدا، لاسيما مع الوالدة -غفر الله لي- وأطال في عمرها".

ويقول سيد أحمد ناصحا: "أنصح الأطفال والمراهقين أن يحموا أنفسهم من الفضول... توقفوا عندما ينتابكم الفضول بالتجربة لأول مرة، لا تستمعوا لصوت الشيطان  ولا تستسلموا لشهوة تناول أول سيجارة أو مخدر حتى لا تصبحوا رهائن، لأنه صعب جدا الخروج منها لاحقا ... لا تمسكوا (الزطلة) من أي شخص يقول لك (هذه تع الحباب)، هو لا يحبكم،  بل يعطيها لكم لتشتروا منه لاحقا، وتصبحوا رهينة لديه، فهو يراكم المال الذي يجنيه لاحقا ولا تهمه صحتكم"، يضيف هذا الشباب بقوله: "لدي أصدقاء لا يستهلكون المخدرات، لكن باتوا يتاجرون فيها من أجل  المال... الكسب السريع... الآن أعمل بكل جهدي لحماية نفسي... أريد أن أصبح بطلا في رياضة (الصاندا) وأن أكون فخرا لوالدي".

"المسك الحرام" للتضليل ... شمة من بقايا مصابيح

اختار شاب يعرف تفاصيل عالم الضياع، يخشى على أبنائه وأبناء الغير أن يقدم نصائح للآباء، من خلال منبر "المساء"، حيال الطرق الجديدة التي بات ينتهجها المروجون والمستهلكون، يقول: "أنصح الآباء بمراقبة أبنائهم، فمن وجد في جيب ابنه قارورة مسك صغيرة، لابد أن يفتحها ليعرف ما بداخلها، لأن المروجين ابتكروا طرقا جديدة في الترويج لزيت الحشيش من خلال وضعه في تلك القارورات، ليصبح جاهزا للاستعمال لاحقا، وهو مخصص للأطفال والمراهقين، كما أنصح الأباء بمراقبة الأبناء، بداية من السؤال عن الطريقة التي يصرف بها الأبناء المال، كم تعطي ابنك؟ وفيما استعمله؟

 مضيفا بقوله: "منذ أسبوع، صادفت شابا يحمل فتاة في 20 من العمر على متن دراجة نارية، جاء يبحث عن مروج ليأخذ منه جرعة هيروين، كان يسأل عنه، سألته بلطف عما يريد، في البداية خشي من الوقوع بين يدي الشرطة، وأراد الهروب وعدم الإجابة على سؤالي... فقال بأنه جاء لشرائها لفتاة ترتعش حاليا ولا تستطيع المقاومة" بسبب ما وصفه بـ"المونك"، قلت له: "سامحك الله لما لا تنقذ هذه الفتاة من الضياع بدل المساهمة في إغراقها .. اعتبرها أختك ولا تضيع حياتها"، وأضاف قائلا: "وما شاهدته أيضا هو شراء البعض لجرعات الهيروين المغشوشة التي يعمل فيها المروجون على بيع مواد التبليط الرقيقة جدا، مثل "لوندوي" التي تستعمل في ترقيع الجدران أو زجاج (النيون) المصابيح التي تهرس لينزف أنف من شمها لاحقا بالدم".

أضاف المتحدث أنه يوجد نوع جديد من المخدرات يطلق عليها اسم" دوبل سيناتور"، وهي نوع من الكبسولات التي تفرغ من محتواها العلاجي وتستبدل بأدوية أخرى تنطلق من نوعين من الأدوية المخدرة، وهنا مدلول الإسم، يجيب عنه، إذ لا يعرف نوع الادوية الممزوجة فيها وتعتبر خطرا عظيما على الصحة والعقل".

طالع أيضا/ 

 

* مديرة الاتصال بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها تكشف لـ "المساء": مقاربة الوقاية المبكرة صمام أمان للشباب والوطن

* إحصائيات هيئات الوقاية الثلاث تكشف: أطنان من السموم تأتي من الحدود الغربية

* تعرف على أنواع المخدرات.. كتيب يكشف الستار عن أنواع المخدرات

* الاستشارية والمرشدة الأسرية حياة بركوكي تؤكد لـ"المساء": الوعي الأسري سد منيع في وجه التأثيرات السلبية

* أخصائيون ينبهون: حماية الأبناء مسؤولية على عاتق الآباء