مؤكـــــدا أن 12 ولايـــة فقـــــط تملـــك القــــدرة الجــبائيـــــــة

مصيطفى لـ «المساء»: 87٪ من الموارد الجبائية لا يتم تحصيلها

مصيطفى لـ «المساء»:  87٪ من الموارد الجبائية لا يتم تحصيلها
  • القراءات: 1397
محمد.ب محمد.ب

لا يتعدى معدل تحصيل الجباية المحلية نسبة 13٪ على المستوى الوطني، وهي نسبة ضعيفة جدا، حسب كاتب الدولة الأسبق للاستشراف بشير مصيطفى، الذي يربط أسباب هذا الضعف، بشكل كبير بضعف أجهزة التحصيل الجبائي، وغياب الصرامة في المتابعة الجبائية، كاشفا في سياق متصل بأن عدد الولايات التي لها القدرة الجبائية لا يتجاوز الـ12 ولاية من أصل الـ48، ما يستدعي اتخاذ إجراءات حكيمة لتثمين الموارد المحلية ومرافقة الجماعات المحلية في استغلال إمكانياتها في تدعيم مواردها الخاصة وتنمية قدراتها على تمويل المشاريع.

مصيطفى الذي قدم أول أمس محاضرة حول موضوع الجباية المحلية بقصر الشلالة بولاية تيارت، أوضح في تصريح لـ«المساء» بأن ضعف استغلال غالبية ولايات الوطن لمواردها الخاصة وعدم قدرتها على التحصيل الجبائي، دفع الحكومة في إطار قانون المالية لسنة 2016، إلى استحداث صندوق وطني للتضامن بين الجماعات المحلية، والذي يفترض من خلاله أن تقوم الولايات التي لها القدرة الجبائية وفائضا في هذه الموارد بالمساهمة في تمويل بعض المشاريع التي تنجز على مستوى الولايات الأخرى. غير أن ضعف عدد الولايات التي تملك هذه القدرة الجبائية والتي لا يتجاوز عددها 12 ولاية، مقابل الارتفاع المستمر في حجم الإنفاق العمومي والتحويلات الاجتماعية، يجعل من الضرورة التفكير في مرافقة الجماعات المحلية في إيجاد طرق أخرى أكثر نجاعة لدعم مواردها المالية.

وإذ أوضح بأن غياب القدرة على التحصيل الجبائي المحلي وضعف الموارد المحصلة في إطار الرسوم شبه الجبائية، أدى بغالبية ولايات الوطن التي تعاني من العجز الجبائي، إلى الاتكال على المخططات القطاعية للتنمية لتمويل المشاريع ذات النفع العام، والتي تتم عن طريق ميزانية الدولة الموجهة للقطاعات، أشار محدثنا إلى أنه حتى الولايات الـ12 التي تملك القدرة الجبائية، والمتمثلة أساسا في الولايات التي تحتضن المنشآت الاقتصادية والصناعية والمنجمية ومناطق النشاط وكذا الموانئ، تعاني هي الأخرى من ضعف التحصيل الجبائي والذي يعود أساسا إلى غياب المتابعة الجبائية الصارمة، مقابل تفشي الظواهر المرتبطة بالغش والتهرب الجبائي.

في هذا الإطار، كشف كاتب الدولة الأسبق أن التحصيل الجبائي على المستوى الوطني لا تتعدى نسبته حاليا سقف 13 ٪، موضحا بأن هذه النسبة لا تعني بأن 13 ٪ من الولايات تعمل على تحصيل الجباية، وإنما تعبر عن مستوى الموارد المحصلة من أصل مجمل الموارد الجبائية التي يفترض تحصيلها، أي أن 87 ٪ من الموارد الجبائية لا يتم تحصيلها من قبل أجهزة ومصالح الضرائب.

وأعطى محدثنا كمثال على هذا الواقع، بعض الولايات كالجزائر العاصمة وورقلة وعنابة، لديها قدرة جبائية في الحسابات، لكن في الميدان والواقع ليس هناك تحصيل جبائي يعكس هذه الإمكانيات الحسابية. «مثلها مثل شركة سونلغاز التي لديها أرباح على الورق الحسابية، لكن في الواقع هي مؤسسة عاجزة بسبب عامل الديون المترتب عن عدم دفع زبائنها لمستحقات الخدمات التي تقدمها».

ويلتقي تصريح مصيطفى مع توضيحات وزير المالية حاجي بابا عمي بخصوص حجم الضرائب والرسوم الجبائية غير المحصلة لدى المؤسسات الاقتصادية والمقدرة في الوثائق الحسابية بـ7000 مليار دينار، والتي لا يمكن حسب ممثل الحكومة تحصيلها بسبب عامل عدم القدرة على الدفع الذي آل إليها أصحابها، ومنها مؤسسات أفلست واندثرت.

في سياق متصل، يعتبر كاتب الدولة الأسبق لدى الوزير الأول للاستشراف، أن ضعف عدد الولايات التي لها القدرة الجبائية، يؤكد ضعف مؤشر عدالة الإقليم في دعم مالية الدولة، غير أن هذا العامل يمكن ـ حسبه ـ أن يتحول إلى فرصة لتحقيق يقظة الإقليم بإدماج الجباية المحلية في مخططات التنمية القادمة.

وأوضح خلال المحاضرة المتبوعة بنقاش، والتي ألقاها أمام جمعيات المجتمع المدني بدار الشباب لقصر الشلالة، أن تحسين وضع الجباية المحلية في أغلب ولايات الوطن، يتطلب تنفيذ إجراءات على مسارين اثنين، من أجل رفع تنافسية البلديات وتحقيق جاذبية الإقليم. حيث يتحقق المسار الأول ـ حسبه ـ بإطلاق نسيج واسع من المؤسسات الاستثمارية بمعدل يتراوح بين 6 و8 ٪ من عدد سكان الإقليم، وبتدخل مباشر من القطاع الخاص أو بالشراكة الاستراتيجية بينه وبين القطاع العام.

فيما يتحقق المسار الثاني ـ حسب نفس المتحدث ـ بإعادة نشر الخدمات وتحسين ظروف حياة السكان بتدخل مباشر من الدولة.

يرتبط تحقيق النتائج المتوقعة من هذه الرؤية التي تمتد لسنوات حسب المحاضر، بتثبيت السكان في بلدياتهم، عبر إطلاق الوظائف القارة للشباب وتنويع مصادر الإنتاج، من خلال اختيارات الاستثمار والمزايا النسبية لكل ولاية، «ليكون فيما بعد من السهل على الحكومة تطبيق التخطيط الجبائي المحلي على أساس أرباح الشركات وثروة الإقليم»، وهو ما يفيد بشكل كبير في تحقيق لامركزية التخطيط الجبائي وتحسين التحصيل الجبائي. بمناسبة لقائه بفعاليات المجتمع المدني ببلدية قصر الشلالة، دعا مصيطفى جمعيات ولاية تيارت إلى تبني مقاربة متطورة في 

العمل الجمعوي، تقوم على التفكير في مستقبل الجماعات المحلية وضبط أهداف محددة تخص تنمية الإقليم خاصة في البلديات التي توصف بالمهمّشة. مشيرا إلى أن طريق تحقيق هذه الأهداف يمكن أن تكون بتنظيم ندوات نقاش شهرية تتوج بنشريات لليقظة وتتضمن توصيات عملية، إلى جانب إطلاق مبادرات فنية محلية تجمع النخبة حول عمليات لإحصاء الموارد المحلية وتحليل معطيات الإقليم بغرض توظيفها في فئات الرسوم التي يمكن تحصيلها.