طباعة هذه الصفحة

رقمنة سجلات الحالة المدنية

مصالح ”نموذجية” وأخرى لازمتها البيروقراطية2

مصالح ”نموذجية” وأخرى لازمتها البيروقراطية2
  • القراءات: 3364
❊ ع. د/المراسلون ❊ ع. د/المراسلون

هل حققت رقمنة سجلات الحالة المدنية بالبلديات الهدف المرجو منها؟ وما رأي المواطن الذي كان ينتظر لساعات طويلة أمام شبابيك مصالح الحالة المدنية في طوابير لا متناهية؟ وهل توافقت الجهود المبذولة من طرف الجهات الوصية مع ما هو موجود في الميدان؟ هي استفسارات حملها صحفيو ومراسلو المساء، بحثا عن إجابات انحصرت بين الرضا والاستياء، وبين معطيات أخرى ذهب من خلالها المستجوبون إلى إظهار الجوانب الإيجابية أكثر من تلك المتعلقة بالمتاعب التي مازالت في بعض الحالات ترهق المواطن، فرغم أن بعض البلديات تجاوزت أزمة الطوابير والاكتظاظ الذي كان يميز مصالحها، خصوصا خلال فترات الدخول المدرسي والاجتماعي، إلا أن البعض الآخر مازال يئن تحت وطأة الممارسات البيروقراطية التي لم يقض عليها التطور التكنولوجي. وما زاد الوضع تأزما في مصالح أخرى، ضعف التكوين والأخطاء المرتكبة في تسجيل الأسماء والألقاب، وهو ما كان وراء متاعب، قال عنها الكثير من المواطنين إنها كوابيس مازالت تلاحق قاصدي البلديات، هذا المشهد شذت عنه بعض المصالح التي اعتبرت، وفق ما ورد في تصريحات المسؤولين، نموذجية، بالنظر إلى نوعية الخدمات المقدمة، وفي ظرف زمني وجيز، مما أراح المواطنين والمشرفين على تلك المصالح. لكن في المقابل، أثيرت مسألة التكوين المتواصل للإطار البشري المؤهل سواء من حيث التحكم في التقنيات الحديثة أو في التعامل مع المواطنين، الذين يأملون في أن تتجسد الحوكمة الإلكترونية، انطلاقا من البلدية، بهدف ترقية مختلف الخدمات والتخفيف من الاحتقان الذي يعيشه الشارع، بسبب الكثير من الممارسات التي دفعت به للاحتجاج والمطالبة بالرقي إلى مستوى طموحاته.

ع. د

بلدية باتنة  ارتياح للجهود المبذولة لعصرنة المرفق العام

سمحت مختلف الإصلاحات التي تم إدراجها في إطار تجسيد المخطط الوطني لتبسيط الإجراءات الإدارية، منذ سنة 2014، بتسهيل وتسريع عمليات استخراج الوثائق الإدارية على مستوى مصالح بلديات ودوائر ولاية باتنة، حيث سجل  المواطنون ارتياحا كبيرا للجهود المبذولة وفاعلية الخدمات في تيسير حياتهم اليومية.

في هذا الربورتاج، حاولت "المساء" تسليط الضوء على التجربة التي تخوضها بلدية باتنة، التي حظيت في وقت سابق بتشريفات من الوزارة الوصية، تقديرا لما يقوم به الإداريون والأعوان والمنتخبون، كل في حدود اختصاصه، لخدمة المواطن وتحسين أداء المرفق العمومي، وتنفيذا لمخطط عمل الحكومة الهادف إلى تحسين أداء الإدارة العمومية وجعله يتميز بالفعالية والشفافية، قامت البلدية بتجسيد عدة مشاريع هامة في مجال عصرنة المرفق العام، باستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة.

رئيس بلدية باتنة نور الدين ملاخصو .. تحسين نوعية الخدمة والاستثمار في العنصر البشري

في هذا الشأن، أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي نور الدين ملاخسو، أن كل عملية تعنى بتسيير نشاطات الخدمة العمومية، هي تعبير صادق عن نية مشتركة، وذكر المتحدث لـ«المساء"، بخصوص مدى تقدم رقمنة وثائق الحالة المدنية، أن معيار الاستمرارية من أهم المعايير التي يتوقف عليها نشاط تحسين نوعية الخدمة العمومية وضمان ديمومتها، وثمن الجهود المبذولة لترقية الخدمة العمومية، خصوصا بمصالح البلدية المختلفة، مستدلا بالملاحق البلدية التي ساهمت في تحسين نوعية الخدمة المقدمة للمواطنين بتعميم شبكة الأنترنت.

حسب رئيس البلدية، فإن رقمنة سجلات الحالات المدنية التي انطلقت في نهاية 2011، تمت بتسخير أعوان مؤهلين لهذه العملية، بداية بالفصل بين العقود إلى غاية ماي 2012، تلاه حجز المعلومات وإدخالها في النظام بتسخير أجهزة إلكترونية حديثة وعنصر بشري مؤهل لذلك، إضافة إلى توفير وسائل العمل وإنجاز شبكة إعلام آلي على مستوى مكاتب مصلحة الحالة المدنية، وفتح قاعة عمليات مؤمنة ومكيفة خاصة بحجز المعلومات.

كما ذكر المسؤول ربط 14 ملحقة بلدية بشبكة الألياف البصرية، لتمكينها من استخراج وثائق الحالة المدنية، بالإضافة إلى الحالة المدنية المركزية الكائن مقرها بحي الزمالة، وتم تحويل مقر مكتب ترقيم المركبات من حي 20 أوت إلى مقر البلدية بالزمالة، يقدم بالإضافة إلى وثائق الحالة المدنية، جواز السفر البيومتري، بطاقة التعريف الوطنية، رخصة السياقة البيومتريتين وتسجيلات الحج ومكتب الانتخابات.

حصيلة تعكس الجهود المبذولة

سلمت بلدية باتنة، في إطار الجهود المبذولة في سبيل تحسين الخدمة العمومية،  116576 بطاقة بيومترية و37330 جواز سفر، كما أنجزت 1058 رخصة سياقة، وفق ما أكده ملاخسو، وهو ما يعزز الطموح لمواكبة التطور الحاصل في الإدارة الرقمية، وحسب المتحدث، فإن الأعوان والتقنيين المكلفين بالعملية، قاموا بمجهودات إضافية انعكس وقعها على الخدمة المقدمة للمواطنين، وعالجت من جهتها مصلحة جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية البيومتريين منذ 22 سبتمبر 2016 إلى يومنا هذا؛ 37902 جواز سفر، في حين تمت معالجة 53316 بطاقة بيومترية.

6 مندوبيات معنية بالعملية

سعيا إلى تخفيف الضغط على البلدية المركزية بحي الزمالة، إلى جانب الإقبال الكبير للمواطنين لاستصدار وثائق الحالة المدنية وبطاقة التعريف وجواز السفر البيومتيرين ورخص السياقة، تم توسيع النشاط لـ06 مندوبيات هي؛ حملة 1. بوزوران، حي الشهداء، حي شيخي، دوار الديس، وبارك أفوراج، وأشار السيد ملاخسو في هذا الخصوص إلى تجنيد أعوان وتقنيين معنيين بالعمليات، في انتظار استلام التجهيزات الخاصة بعملية الرقمنة قبل نهاية السنة الجارية.

وهي العملية التي يراهن عليها المتحدث لحجز المعلومات وإدخالها في النظام، بتسخير أجهزة إلكترونية حديثة وعنصر بشري مؤهل لذلك، إضافة إلى توفير أجهزة إعلام آلي وطابعات لنسخ الوثائق وإنجاز شبكة إعلام آلي على مستوى المندوبات، في انتظار تعميم التجربة.

بخصوص مشكلة الأخطاء المرتكبة في تسجيل أسماء المواطنين وألقابهم، والذي ظهر جليا في عملية الرقمنة، قلل السيد ملاخسو من حدتها، مضيفا أن هذه الحالات نادرة، وتمت معالجة العديد منها من خلال الاعتماد على نظام التسيير الإلكتروني للوثائق، الذي يهتم بصفة أساسية في إنشاء، ترتيب، استرجاع، حفظ، تبادل وبث أكثر من وثيقة، سواء كانت أصلية أو مرقمنة.

إشادة بدور أعوان وموظفي البلدية

في سياق متصل، عبر مواطنون التقت بهم "المساء" بمندوبيات بلدية باتنة، عن ارتياحهم للجهود المبذولة على مستوى الإدارات والمرافق العامة، ويعلقون آمالا كبيرة على مشروع الإدارة الإلكترونية، بتجسيد عدة مشاريع هامة في مجال عصرنة المرفق العام، كما ثمنوا الجهود المبذولة من قبل أعوان وموظفي البلدية، مشيدين برقمنة جميع سجلات الحالة المدنية على المستوى الوطني، وإحداث السجل الوطني الآلي للحالة المدنية، وربط كل البلديات وملحقاتها الإدارية به.

مقارنة بالسنوات الماضية، يلاحظ على مستوى بلدية باتنة وملحقاتها، الآثار الإيجابية لقرارات عصرنة أداءات الإدارة، حيث تلاشت مظاهر البيروقراطية التي سادت قبل سنوات، وزادت معاناة المواطن الذي كان يقضي ساعات طويلة في طوابير لا منتهية أمام شبابيك الحالة المدنية.

عند تقربنا من بعض المواطنين الذين وجدناهم بمصلحة الحالة المدنية في البلدية المركزية بحي زمالة، تباينت ردودهم في شأن الخدمة المقدمة لهم، رغم تخفيف  العديد من الملفات الإدارية، حيث ذكر أحدهم أن البلدية المركزية تشهد اكتظاظا، لأن أغلب المواطنين يفضلونها، كونها قريبة من مقرات عملهم، ويتفادون التعطل عنه.  كما أكد أحد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة أن الأمور تغيرت، حيث تلاشت المظاهر السلبية، وحسبه، فإن الأشخاص المعاقين يحظون باستقبال مميز ويلقون كل المساعدة لتمكينهم من استخراج وثائقهم دون الانتظار في الطوابير.

عبد السلام بزاعي

نتيجة رقمنة الحالة المدنية بتيارت ... استخراج 6 آلاف وثيقة يوميا

قطعت بلدية تيارت التي تضم أكثر من 500 ألف نسمة، شوطا كبيرا في مجال عصرنة ثماني مصالح الحالة المدنية المختلفة المتواجدة بها، منها المقر المركزي بالبلدية الجديدة وسبع ملحقات موزعة على عدة أحياء، حسب الكثافة السكانية، في هذا الصدد، أكد رئيس مصلحة الحالة المدنية السيد الحاج بوحفرد لـ«المساء"، رقمنة الوثائق الخاصة بالحالة المدنية، على غرار شهادات الميلاد، شهادة الحالة المدنية، الشهادة العائلية، العزوبة، الطلاق، الإقامة، شهادة الحياة، وغيرها من الوثائق، حيث يصل عدد الوثائق المستخرجة يوميا بالمقر المركزي للحالة المدنية، إلى قرابة ثلاثين ألف وثيقة، تضاف إليها الملحقات السبع، ليصل العدد إجمالا إلى ستة آلاف وثيقة يوميا ببلدية تيارت لوحدها.

أوضح نفس المتحدث أن هذا الأمر ليس بالهين، والفضل فيه يعود إلى أعوان وضباط الحالة المدنية. من جهتهم، أبدى بعض المواطنين الذين التقت بهم "المساء" في مقر الحالة المدنية المركزي بطريق الجزائر، ارتياحا كبيرا للسرعة التي أصبحت تميز استخراج وثائق الحالة المدنية، رغم أن ذلك تزامن مع الدخول المدرسي والاجتماعي، وغالبا ما يعرف اكتظاظا، بالنظر إلى الطلب المتزايد على الوثائق الإدارية، وقد واجه المسؤولون، حسب نفس المصدر، الوضع من خلال استحداث عدد معتبر من الشبابيك، وتخصيص أروقة للنساء وأخرى للرجال وذوي الاحتياجات الخاصة، مما ساهم في تقليل وقت الانتظار واستلام كل الوثائق المطلوبة في وقت وجيز.

كما أن رقمنة الوثائق سهلت كثيرا على المواطنين الوافدين من مختلف الولايات، استخراج كل ما يطلبونه من وثائق في أية بلدية، وهذا في حد ذاته "شيء إيجابي"، يقول مصدر "المساء"، قضى على أهم مشكل كان يعاني منه المواطنون الذين يرغمون على التنقل إلى مقر بلديات مولدهم للحصول عليها، وبصفة عامة، فإن إشكالية الطوابير والفوضى أصبحت شيئا من الماضي، بفضل الإجراءات المتخذة في مجال رقمنة الحالة المدنية التي شملت كل بلديات الولاية.

وكعينة أخرى في هذه العملية، نجد بلدية قرطوفة التي يبلغ عدد سكانها ألفي نسمة، التي تحسنت بها كثيرا الخدمات المتعلقة باستخراج وثائق الحالة المدنية، بعد استلام المقر الجديد للبلدية، وتخصيص مصلحة قائمة بذاتها لاستخراج واستلام وثائق الحالة المدنية في وقت قياسي، دون اللجوء إلى الانتظار، كما كان عليه الحال سابقا.

نور الدين خيالي

بلدية سعيدة ... الحد من الطوابير وربح الوقت

كشف السيد محمد عادم، مهندس في الإعلام الآلي ورئيس مصلحة ببلدية سعيدة، عن أن مصلحته استقبلت في إطار تطبيق الأرضية الجديدة، 13276 ملفا، من بينها 12258 ملفا يتعلق باستخراج بطاقة التعريف البيومترية، بينما يخص الباقي جوازات السفر.

أوضح المتحدث أن الملفات المستلمة في إطار الأرضية القديمة بلغ 23173 ملفا بين طلبات بطاقات التعريف الوطنية وجوازات السفر البيومترية، في الوقت الذي سجلت المصلحة مؤخرا، استلام 11253 ملفا، كما أشار المتحدث إلى أن العملية والنظام الجديد وفر الكثير من الوقت وعناء الطوابير على الشبابيك، وقضى على الكثير من الأخطاء التي كانت تصادف المواطن وأعوان الشبابيك، جراء الضغط داخل مصلحة الحالة المدنية. خاصة أن العملية أصبحت تقتصر على التسجيل المباشر عبر الأنترنت باستخدام الرقم التعريفي، لاسيما في حالة طلب جواز السفر الذي لا يستغرق سوى بضعة أيام، مقارنة بالمدة التي كانت تتجاوز الشهرين وأكثر خلال السنوات الفارطة.

كما أوضح المسؤول أن مصالحه تستقبل هذه الأيام بين 60 و120 ملفا، مشيرا إلى أن الضغط يزداد مع كل دخول اجتماعي، مقارنة مع باقي السنة.

للإشارة، عرفت ولاية سعيدة سريان هذا النظام مع بداية عام 2012، كما وُضع حيز الخدمة، خلال ماي الفارط، الشباك الإلكتروني لإصدار رخصة السياقة البيومترية على مستوى بلدية سعيدة، حيث ينتظر من هذا النظام الجديد المتعلق برقمنة الإدارة، الوصول إلى إدارة بدون أوراق وبدون بيروقراطية، والتخفيف إلى أقصى درجة من الإجراءات لفائدة المواطنين، للحصول على الوثائق الإدارية، وضرورة توفير كل الإمكانيات المادية والمعنوية بهدف إنجاح العملية، لاسيما أن استصدار رخصة السياقة البيومترية بالتنقيط يعتمد على عدة معايير، مثل اقتناء المعدات الضرورية، مما يتطلب العديد من الإجراءات الإدارية.

من المنتظر، حسب نفس المصالح، تنفيذ مشاريع أخرى في إطار رقمنة الإدارة، على غرار استبدال البطاقة الرمادية بوثيقة بيومترية خلال السنة الجارية، وإصدار الدفتر العائلي البيومتري في مطلع السنة المقبلة.

ح.بوبكر

بين التثمين والشكاوى ... البيروقراطية والأخطاء تلاحق مواطني تيزي وزو

يشتكي سكان العديد من بلديات ولاية تيزي وزو، جملة من المشاكل والتعقيدات التي تواجههم عند استخراج وثائق الحالة المدنية، إذ عوض أن يجدوا تسهيلات وتكفلا بمطالبهم في وقت وجيز، يضطر المواطنون إلى مواجهة تبعات البيروقراطية، إضافة إلى الطوابير الطويلة والأخطاء الواردة في الوثائق المستخرجة، وغيرها من المشاكل والتعقيدات التي أثبتت أن دخول الرقمنة حيز الخدمة لم يساهم قط في تحسن الخدمة العمومية، طالما أن شكاوى المواطنين ظلت نفسها. 

"فيروس البروقراطية" الذي لا يزال يخيم على مصالح الحالة المدنية بولاية تيزي وزو، لم يغير من معاناة المواطنين، رغم المجهودات المبذولة من طرف مصالح وزارة الداخلية لرقمنة مختلف المعاملات في مصالح الحالة المدنية والإدارات، لضمان التكفل بمطالب المواطنين المتعلقة باستخراج الوثائق الرسمية في وقت وجيز، حيث أن المشاكل والتعقيدات لا تزال شبحا يطارد كل من يقصد مقر البلدية لاستخراج وثائق الحالة المدنية، وضعية لم تعد مطاقة، على اعتبار أنها ما زالت تسجل عبر أغلبية البلديات، والمشهد واحد يتكرر على مدار أيام السنة، رغم الشكاوى.

مسلسل معاناة مستمر... إلى أين المفر؟

تتواصل معاناة المواطنين مع أعوان الحالة المدنية بشكل يومي، حيث أثارت هذه الوضعية غضب واستياء الكثيرين، فمن جهة، تماطل أعوان البلدية في خدمة المواطن، ومن جهة أخرى "المعريفة" التي يتخطى من خلالها الكثيرون حشود المواطنين المتسمرين في الطابور، إذ لم يسلم منها الشيخ ولا المريض، ناهيك عن المعاملة السيئة التي تبدر من الأعوان العاملين في شبابيك الحالة المدنية، فعند البعض منهم، لا قيمة للوقت ولا المسؤولية، وقد لا يعيرون اهتماما حتى لرؤساء المصالح، في غياب الرقابة.

قائمة النقاط السوداء التي لا تزال تقف عقبة أمام تقدم مصالح الحماية المدنية وتحسن الخدمة العمومية كثيرة لا تعد ولا تحصى، أضحت محور نقاش المواطنين في البلديات والأماكن العمومية والحافلات وغيرها، حيث أصبح استخراج الوثائق مشروعا يحتاج إلى دراسة معمقة واستعمال كل الوسائل للاستنجاد بهذا وذاك، لكن في نهاية المطاف، يصاب المواطن بخيبة أمل، ليتبادر إلى الذهن سؤال "إلى أين المفر؟".

مشاكل كثيرة لم تتمكن البلديات من التخلص منها، وهو ما استدعى البحث فيها، ووجدت "المساء" خلال جولة قامت بها إلى بعض بلديات الولاية، بعض المصالح في وضعية "مهجورة"، حيث يقضي الأعوان وقتهم في الحديث والراحة، لأن عدد المواطنين الذين يقصدونها يوميا قليل، في حين يشهد البعض الآخر طوابير لساعات قبل فتح الأبواب، كما أنها تكتظ بالمواطنين طيلة اليوم، وبمقارنة الحالتين، فإن الخدمة العمومية متوفرة في الأولى، لكنها شبه منعدمة في الثانية، حيث أن نظام الرقمنة أضحى مجرد "إجراءات" لا أكثر، والدليل أن استخراج شهادة الميلاد باللغتين العربية والفرنسية يتطلب الوقوف في طوابير لأكثر من ساعة، وأحيانا يستغرق الوقت ساعتين، وهنا يفتح المجال للبيروقراطية والمحاباة كتأشيرة لقضاء الحوائج في أقل وقت ممكن، بينما الذي يفتقر لـ«المعريفة"، يضطر إلى الانتظار إلى أن يحين دوره، كما أنه ورغم تسجيل معلومات الحالة المدنية للمواطن في جهاز الكمبيوتر، لكن يرجع الأعوان دائما إلى سجلات قديمة ممزقة وقراءتها جد صعبة، وتعتبر مضيعة للوقت، حيث عوض التكفل بخدمة أربعة مواطنين في 15 دقيقة، يتم التكفل بخدمة مواطن واحد في 45 دقيقة، إن كان العون "نشيطا"، وهي ميزة في أوساط أعوان أغلب البلديات.

المؤسف في الأمر، أن تقديم الدفتر العائلي لاستخراج أية وثيقة غير مقبول، حيث يشترط أعوان البلديات إرفاقه ببطاقة التعريف الوطنية، ليتم تحرير وثائق تشوبها أخطاء في الأسماء عند الترجمة من الفرنسية إلى العربية، مع تدوين علامة متزوج أحيانا، وأحيانا أخرى يتحول المتزوج إلى أعزب، وغيرها من الأخطاء التي كان على أعوان البلدية التكفل بها عند بداية تسجيل المعلومات الشخصية لكل مواطن، وتحيينها من حين لآخر، مع تغيير الحالة المدنية للمواطنين، وهو ما يحل بشكل نهائي، مشكلة الأخطاء والتصحيح الذي أضحى يتطلب الانتظار.

كما يواجه بعض المواطنين بشكل يومي، مأساة تقاذف المسؤولية من مكتب لآخر، عندما يتعلق الأمر باستخراج وثائق الأولياء من مواليد الحقبة الاستعمارية، إذ منهم من لا يملك أية وثيقة، لكن يضطر إلى استخراج ما يؤكد صلته بالجد أو الجدة، وبالنسبة للذين دونت معلوماتهم في سجلات قديمة تحتاج إلى عدسة مكبرة، فإن حصولهم على الوثائق يتطلب أحيانا الاستنجاد بالمحاكم، بإصدار أمر في هذا الخصوص.

الحديث عن مأساة المواطنين في البلديات لا يتوقف عند هذا الحد، فبعض الأعوان يعتبرون البلدية ملكا لهم، حيث نسوا أن تواجدهم في هذا المكان ليس إلا لخدمة المواطن، ولولاه لما استدعى الأمر التفكير في الرقمنة التي أدرجت من أجل تسهيل وتحسين نوعية الخدمات، والمؤسف في الأمر، أن ما تضمنته قرارات الوزارة شيء، وما نراه في الواقع شيء آخر.

إجراءات الوزارة ضربت عرض الحائط

شهدت جل بلديات تيزي وزو، أشغال تهيئة وتوسيع وعصرنة، توازيا مع إدراج مصالح جديدة خاصة، على غرار المتعلقة بالنظام البيومتري لاستخراج الوثائق الرسمية، كما تم إنجاز مقرات جديدة وغيرها من الأشغال التي سمحت بإعطاء وجه جديد للمباني، لكن لا شيئ تغير من ذهنيات أعوان البلديات، التي غاب معها مفهوم البلدية ودورها في حياة المواطن، حيث تعد "مكانا لممارسة المواطنة وإطارا لمشاركة المواطن في تسيير الشؤون العمومية، طبقا لأحكام القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب 1432 الموافق لـ22 جوان 2011"، غير أن هذا المفهوم الذي تعمل مصالح وزارة الداخلية على تكريسه في الميدان ضرب عرض الحائط، إذ رغم مجهودات عصرنة الخدمة العمومية، مازال المواطن يصطدم بواقع آخر.

خلال جولة "المساء" في بعض البلديات، لمست واقعا جد مؤسف، حيث قال مواطن من بلدية اعزازقة "إن الوضع لن يتغير مهما بذلت الدولة من جهود، لأن الرقابة غائبة بشكل كلي في هذه المجالس"، مضيفا أن التسهيلات التي تغنت بها الدولة لم ترق بعد إلى مستوى يبعث الراحة التامة في نفوس المواطنين، الذين يضطرون إلى التوجه باكرا إلى البلدية لاستخراج الوثائق"، مشيرا إلى غياب ملف تجديد أو تحرير رخصة السياقة، بحجة الانتقال إلى النظام البيومتري، مضيفا أنه كان الأجدر التحضير مسبقا للدخول في النظام البيومتري، عوض توقف المصلحة عن استقبال الملفات،  ليتم الانتقال من مرحلة الوثائق الخطية إلى الوثائق البيومترية دون انقطاع الخدمة، كما أن التأخر لا يزال يطبع عملية تسيير مصالح البلديات دون استثناء، إلى جانب خروج أغلبية الأعوان من العمل على الساعة الثالثة والنصف زوالا، ليبقى عدد قليل منهم يواجهون الضغط، في سباق مع الزمن قبل 30 دقيقة من غلق البلدية أبوابها، مما يسمح بخدمة بعض المواطنين ومغادرة البعض دون الحصول على الخدمة المطلوبة، بالتالي العودة في اليوم الموالي.

قال مواطن من بلدية عين الحمام، إن استمرار شبح البروقراطية الذي يطارد قاصدي المصالح البلدية، بات بحاجة إلى دراسة من أجل إيجاد حل له، حيث أن معاناة المواطنين عند استخراج الوثائق لا تزال نفسها، والدليل الطوابير التي تشهدها مختلف المصالح، ويصبح الوضع أكثر تعقيدا مع التسجيلات المدرسية والجامعية وغيرها، مما يؤكد أن الرقمنة لم تساهم في التخفيف من معاناة المواطنين.

كما تأسف مواطن من تيقزيرت، من تصرفات أعوان البلدية، حيث قال إن الرقمنة لم تساهم في إعادة الثقة بين المواطن والبلدية، طالما أن الخدمة العمومية لا تزال رهينة البيروقراطية، مما ترتب عنه تذمر المواطنين الذين يحتجون باستمرار مع تراكم الانشغالات والتماطل في التكفل بها، وهو ما ينتج عنه غليان واحتجاجات مع كل دخول اجتماعي.

أضاف مواطن آخر من بلدية تيزي وزو، أن مسلسل التماطل والتأخر في خدمة المواطن لا يزالان مستمران، فاستخراج أدنى وثيقة يتطلب ساعات لتحريرها، مضيفا أن الوقت الذين يقضيه الأعوان في الحديث فيما بينهم، يتجاوز بكثير الوقت الذين يستغلونه في تحرير الوثائق، حيث أصبح الانتظار صفة تطبع البلدية مهما طرأ من تغير، أو اتخذ من إجراءات، مؤكدا أن المواطن يعاني دائما، لأنه لا توجد رقابة على البلديات في هذا المجال، ثم إن التوظيف دون اعتبار الكفاءة والتأهيل، ينتج عنه ما تعيشه البلديات اليوم.

بين هذه الآراء والشكاوى، أكد بعض المواطنين أن الدولة تعمل باستمرار على تحسين الإطار المعيشي العام، إذ رغم شكاويهم، ثمنوا الإجراءات المتخذة بعد إدراج النظام البيومتري والتخفيف من عدد الوثائق المطلوبة في الملفات، في حين أكدوا أنه على الدولة العمل على تغيير الذهنيات في البلديات، لتكون الخدمة العمومية فعلا في المستوى، كما يحري الأمر في الدول المتقدمة.

الموظفون يتبرأون و«الأميار" يثمنون

في حديث مع بعض أعوان البلديات حول ما أتت به الرقمنة، أكدوا أنها سهلت عمل الموظفين ببعض المصالح التي يتمتع العاملون على مستواها بالراحة التامة، لكن هناك مصالح تشهد اكتظاظا وإقبالا يوميا، وهو ما يصعب إرضاء الجميع، حيث توجد ضغوط وأحيانا لا يستوعب المواطن ما تنص عليه القوانين، مما يولد خلافات ينتج عنها تماطل في الخدمة، إلى حين تقديم توضيح للمحتج، كما أن بعض البلديات تشمل كثافة سكانية عالية وأخرى تقل فيها درجة الضغط.

أجمع رؤساء البلديات على أن الخدمة العمومية سجلت تحسنا كبيرا، والكل يشهد على الأمر، حيث لم تعد هناك شكاوى كالسابق، مثل الاكتظاظ، ما عدا خلال فترة الدخول الجامعي والمدرسي، موضحين أن قرار رقمنة مصالح البلديات يعتبر "نجاحا كبيرا" للدولة في هذا المجال، الذي خطت بفضله البلديات خطوة كبيرة، سمحت بحفظ حقوق الموظف والمواطن أيضا.

أكد بعض الأميار أن البلديات تعمل على تطبيق قرارات وزارة الداخلية التي تلح باستمرار على ضمان خدمة المواطن، والتكفل بانشغالاته، حيث يقول رئيبس بلدية أزفون، حسن واعلي، إنه عملا بهذه القرارات، تحرر  البلدية جواز سفر استعجالي في مدة ثلاثة أيام، كما تحرر أول رخصة سياقة بيومترية، وأن التحديث والجديد مستمر في سبيل تحسين نظرة المواطن للبلدية التي يعتبر طرفا أساسيا فيها.

يضيف رئيس بلدية اقرو حميد تاسين، أن قرار رقمنة الحالة المدنية وإدراج النظام البيومتري بالبلديات، كان قرارا صائبا، موضحا أن الدولة أتت به لتحسين الخدمة العمومية، مضيفا أنه قبل إدخال المعلومات المتعلقة بالمواطنين في قاعدة البيانات الوطنية، كانت هناك بعض الأخطاء، ليتم مع الوقت، تصحيحها من طرف الأعوان، كما ذكر أن البلدية تعاني من مشكلة في عدد الموظفين، حيث أدى نقص الأعوان إلى تكفل موظف بعدة مسؤوليات، منها عملية استخراج وثائق الحالة المدنية، استخراج الوثائق البيومترية ورخصة السياقة وغيرها، مؤكدا على مطالبة الجهات المعنية بتدعيم البلدية بأعوان إضافيي،ن لكن لا يزال المطلب معلقا.        

س.زميحي

رفعت مشاكل عويصة ... ثورة في الخدمة العمومية

يجمع المواطنون والمسؤولون وموظفو الحالة المدنية بلديات وهران، على الأهمية البالغة للرقمنة التي طالت سجلات الحالة المدينة وتسييرها، مما رفع الكثير من المشاكل عن الموظفين والمواطنين الذين كانوا يتنقلوا لمئات الكيلومترات من أجل استخراج وثائق الحالة المدينة.

تعد المديرية المركزية للحالة المدنية التابعة لبلدية وهران، أكبر مصلحة للحالة المدنية على المستوى الوطني، حيث تضم لوحدها أكثر من نصف مليون مسجل، مع تنامي عدد المسجلين الذي يصل سنويا إلى حدود 100 ألف مسجل، مقابل نحو 5 آلاف عقد زواج وحوالي 20 ألف حالة وفاة، الأمر الذي يشكل ضغطا على المصلحة التي تقوم يوميا بتلبية الطلبات، بفضل النظام المعلوماتي للرقمنة الذي ربطت به المصلحة كباقي مصالح الحالة المدنية عبر الوطن، مما رفع المشاكل عن عمال الشبابيك.

وللوقوف على أهمية الرقمنة بمصالح الحالة المدنية، اقتربت المساء من عدد من المواطنين القادمين من مختلف ربوع الولاية، أغلبهم مواليد خارج ولاية وهران، يقصدون المصلحة لاستخراج الوثائق، وفي هذا الشأن، أكد السيد غوتي.م من مواليد منطقة بني سنوس، ولاية تلمسان، أنه كان يقطع مسافة طويلة إلى غاية بلدية بني سنوس لاستخراج الوثائق، مع دفع مصاريف التنقل ذهابا وإيابا والانتظار طيلة اليوم لاستخراج شهادة الميلاد، غير أنه وبفضل الرقمنة، رفعت المشاكل وتم تسهيل عملية الحصول على وثائق الحالة المدنية.

كما أكد مواطن آخر من مواليد ولاية أدرار، أن ما نعيشه اليوم من تسهيلات في الحالة المدنية لم نكن حتى نحلم به، خاصة أمام المشقة التي كنا نعيشها، وأشار إلى أنه كان يضطر سنويا إلى التنقل إلى غاية ولاية أدرار، لاستخراج وثائق الحالة المدنية لكامل عائلته، وبكميات كبيرة بهدف استعمالها في مختلف الملفات، وأضاف أن مشقة كبيرة كان يتحملها عند الطلب على الوثائق خلال السنة، خاصة في الشتاء، مما يضطره إلى التنقل والتغيب عن العمل، لكن رفع الغبن عنه اليوم بفضل الرقمنة التي مكنت من استخراج الوثائق من مقر سكنه.

كما أكد عدد من المواطنين، سهولة العملية وإمكانية استخراج الوثائق من أية بلدية، مما يوفر لهم الوقت ويساعد على حل المشاكل التي كانت مطروحة سابقا، ويؤكد المواطنون أن عملية الطلب على الوثائق للسكان خارج الولاية، كانت تستغرق في بعض الأحيان شهرا كاملا للحصول على وثيقة الميلاد الأصلية، التي قد تستغرق أكثر من ذلك، حسب بُعد الولاية، خاصة بالنسبة لسكان الجنوب الكبير والولايات الشرقية للبلاد.

تخلص من الضغط وتراجع في الأخطاء

من جانبهم، كشف أعوان الشبابيك بمصالح الحالة المدنية، عن أن مشاكل كبيرة رفعت عن عاتقهم، خاصة أن عملية استخراج الوثائق كانت تتطلب سابقا، جهدا كبيرا، بالبحث في السجلات القديمة التي تحمل، ليتم تدوين المعلومات على الورق مباشرة باستعمال القلم، وهو ما كان يتسبب في كثير من الأحيان في أخطاء كثيرة مع الضغط الكبير الواقع على عمال الشبابيك والأرشيف، خاصة ببلدية وهران.

أكد أحد العمال أن عملية استخراج وثائق الحالة المدنية الأصلية لسكان البلدية، كانت تستغرق أكثر من أسبوع أمام تذمر المواطنين، في الوقت الذي كان العمال يبذلون مجهودات كبيرة للبحث في السجلات، فيما تكون بعض السجلات القديمة غير واضحة الكتابة أو مسجلة باللغة الفرنسية، وهو ما يوقع الموظفين في المشاكل ويبقون في مواجهة غضب المواطنين، غير أنه وبفضل الرقمنة، رفعت كامل المشاكل وأصبحت العملية تقتصر على نسخ الوثائق بعد مراقبة المعلومات على مستوى السجل الوطني للحالة المدنية، مع تسجيل تراجع كبير في الأخطاء التي كانت تسجل سابقا. 

الرقمنة ثورة في الخدمة العمومية

من جانبه، كشف مدير الحالة المدنية لبلدية وهران، فوضيل بونصابية، عن أن ما تحقق خلال السنوات الأخيرة في مجال الحالة المدنية، ثورة في الخدمة العمومية، خاصة أن مشاكل كبيرة وعويصة كان يواجهها المواطنون في استخراج الوثائق سابقا، والمتعلقة بالتنقل إلى غاية مكان الميلاد، والانتظار لمدة طويلة بغية الحصول على الوثائق الأصلية، وهو ما كان يشكل مطلبا ملحا لدى السلطات العليا للبلاد، من أجل رفع الغبن عن المواطنين، من خلال العمل على رقمنة السجلات ونسخها، والتي امتدت إلى كل وثائق الحالة المدنية حاليا، من الميلاد والزواج والوفاة وشهادة الميلاد الخاصة.

أكد مدير الحالة المدينة بأن مديرية الحالة المدنية لبلدية وهران، كانت نموذجية على المستوى الوطني في استخراج شهادة الميلاد الخاصة في  شهر مارس 2014، ومنه فتح المجال أمام المواطنين من كل ربوع الوطن لاستخراج شهادات الميلاد الأصلية من كل البلديات، دون التنقل إلى غاية مكان الميلاد، وأضاف المتحدث أن عملية الرقمنة ساهمت في حل مشاكل الأخطاء التي كانت تسجل بفضل عملية النسخ الآلي والإلكتروني، مما خفف من مشكل الأحكام القضائية التي كان المواطنون ملزمون بتقديمها لتصحيح الأخطاء، وأوضح أنه في حال وجود خطأ في السجلات، فإن المواطن غير ملزم بالتنقل إلى المحكمة لإيداع طلب التصحيح، حيث تتكفل مديرية الحالة المدنية بمهام التنقل واستخراج الأحكام وتجنيب المواطنين عناء التنقل.   

رضوان.ق 

تلمسان ... قضت على البيروقراطية ولم تقلص الضغط

ثمّن رؤساء بلديات ولاية تلمسان، على غرار مغنية، الرمشي، بلدية تلمسان، الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية، باعتمادها رقمنة مصالح الحالة المدنية، إذ أصبح على حد قولهم، استخراج جميع الوثائق يتم عبر هذا السجل الموجود على مستوى البلديات، مما قلل وساهم في تخفيف الضغط وطول مدة الانتظار.

 

أضاف المسؤولون أن عملية رقمنة سجلات الحالات المدنية بالبلدية، التي انطلقت في نهاية 2011، ساهم في امتصاص غضب المواطنين وشجاراتهم التي اعتادتها مصالح الحالة المدنية ككل دخول اجتماعي، نتيجة الضغط الرهيب، إلى جانب تحسين الخدمة العمومية، من خلال اختزال وقت استخراج وثائق الحالة المدنية في وقت قصير جدا، وأقل من ساعتين، مع تطوير وتعزيز الشفافية في المرافق العمومية والابتعاد عن المحسوبية والبيروقراطية وكسب ثقة المواطن.

وهو أيضا ما استحسنه كثيرا المواطنون، مستثنين بذلك، فترة الدخول المدرسي التي يزداد فيها الطلب دوما على الوثائق الإدارية، بعد ما أصبح بإمكان أي مواطن، إثر استحداث سجل وطني آلي للحالة المدنية، الحصول على وثائقه من أي فرع أو ملحقة بلدية، بما ساهم في تخفيف عبء التنقل عليه، فضلا عن التقليص من عدد وثائق الحالة المدنية وتمديد أجل صلاحية بعضها، كمدة صلاحية عقد الميلاد، حيث ورد ذلك في المادة 63 ـ 02 من قانون الحالة المدنية المعدل والمتمم على أن أجل صلاحية عقد الميلاد يحدد بعشر (10) سنوات، ما لم يحدث تغيير في الحالة المدنية للشخص المعني، بعد ما كان أجل صلاحية هذا العقد محددا بسنة واحدة.

عوائق تحول دون ترقية المرافق العامة

لا ينفي ذلك وجود مجموعة من العوائق والعراقيل التي حالت دون ترقية المرافق العامة، وتقديم خدمات عمومية ذات جودة عالية ـ حسب بعض رؤساء البلديات ـ وأهم هذه العوائق، عدم وجود موظفين مختصين في المجال، مع عدم تكوين الكثير منهم في مجال استخدام التكنولوجيا الحديثة، إلى جانب محدودية تدفق شبكة الأنترنت في الجزائر، وهو ما يشكل عائقا في أداء الوظائف الحديثة.

وجد في هذا الصدد، بعض المواطنين في الأيام القليلة الماضية، صعوبة في استخراج وثائق الحالة المدنية من بعض البلديات الأم بالولاية وكافة الفروع التابعة لها، بسبب توقف الشبكة المعلوماتية الخاصة بالسجل الوطني، وقد تسبب ذلك في تشكل طوابير وازدحام بالمصلحة المركزية لمصالح الحالة المدنية، مما خلف تذمرا لدى المواطنين الذين انتظروا طويلا، على أمل عودة الشبكة للخدمة، حيث استدعى الأمر تدخل تقنيين مختصين لإصلاح الخلل.

كما أن رقمنة سجل الحالة المدنية ببلديات الولاية، أظهر بعض السلبيات، من بينها ازدياد توافد المواطنين الوافدين على ولاية تلمسان، الذين يفضلون استخراج الوثائق من الشبابيك المخصصة لذلك، والتي تعرف يوميا إقبالا كبيرا جدا، وظهور بعض الأخطاء على مستوى شهادات الميلاد، مما استدعى تصحيحها من طرف الجهات المختصة. بالموازاة، أصبح المواطنون يجدون صعوبة في استخراج الوثائق من فروع الحالة المدنية لبلديات الولاية على مستوى القطاعات الحضرية والأحياء المختلفة، بسبب تذبذب في تزويدها بمادة الورق الأبيض المستخدم في طباعة الوثائق الإدارية، خاصة شهادات الميلاد رقم 12 المستخرجة عبر جهاز الإعلام الآلي، في حين تسبب عجز البلدية في توفير مادة الورق بفروع الحالة المدنية، في سخط واستياء المواطنين، حيث يعجز الأعوان عن استخراج شهادة الميلاد لانعدام الورق، في حين أن احتياجاتها تتجاوز ثلاث رزم على الأقل لاستخراج نحو 1500 وثيقة يوميا.

ل.عبد الحليم