ثمن توسيع الحريات، لوراري لـ’’المساء":
مشروع الدستور قوض آليات الانفراد بالحكم
- القراءات: 832
أكد دكتور القانون الدستوري، رشيد لوراري، في تصريح لـ"المساء"، أن مشروع تعديل الدستور، قوض آليات الانفراد بالحكم، بداية بتقييد العهدات الرئاسية وتحقيق التوازن المرن بين السلطات، مقابل تعزيز تدخل مؤسسات الرقابة، مثمنا عاليا التوجه العام للسلطات نحو فصل المال عن السياسة، مما سيضع حدا لعمليات شراء الذمم، بالتالي انبثاق مؤسسات منتخبة تحظى بثقة الشعب وتلبي مطالب الحراك.
يعتبر الدكتور لوراري، أن حصر العهدات الانتخابية لرئيس الجمهورية في واحدة قابلة للتجديد مرة فقط، هو مكسب يغلق باب الخلود في المنصب، ويكرس مبدأ التداول على السلطة، مما يغلق الباب أمام أجيال كاملة لعيش سيناريو كالذي كاد يدخل الجزائر أزمة حقيقية.
ضمن هذا التوجه الجديد، يوازن المشروع بين السلطات الثلاث (التنفيذية، القضائية والتشريعية)، بعد التعديلات جد الهامة التي أدرجت على السلطة القضائية، مثلا، والتي كانت تحت وصاية الجهاز التنفيذي بامتياز في دستور 2016. يستند لوراري في هذا الحكم، على أهم تغيير مس السلطة القضائية، من خلال إعادة النظر في طبيعة تركيبة المجلس الأعلى للقضاء في المشروع، المكون من أغلبية منتخبة من القضاة، فـ15 عضوا يختارون من قبل زملائهم، فيما ينحصر عدد القضاة المعينين في 6 فقط، 2 منهم من قبل الرئيس، و2 من قبل رئيس المجلس الشعبي الوطني و2 من قبل رئيس مجلس الأمة، مثمنا نزع رئاسة المجلس الأعلى للقضاء من وزير العدل، والتي اعتبرها مكسبا. ويرأس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقضاء، وهو منتخب يستمد شرعيته من الشعب، وليس عضو في الحكومة، وهنا يكمن الفرق، حسب الأستاذ.
الاعتبار الآخر الذي ذكره المتحدث، هو نية السلطات في إحداث قطيعة مع عمليات شراء الذمم واستعمال المال الفاسد في السياسة، لأنه كلف البلاد كوارث وانزلاقات خطيرة جدا، ودمر الثقة بين الحاكم والمحكوم. وإذ أثنى لوراري عاليا توسيع المشرع لمجال الحقوق والحريات، فقد أشار إلى أن النص جاء بـ 23 حقا خاصا بحرية إنشاء الجمعيات والعناوين الإعلامية المختلفة وحق التظاهر وغيرها، متخليا عن الآليات الإدارية القديمة، من خلال استبدال الترخيص المسبق والاعتماد بالتصريح فقط، مثلما جاء في المادة 53 وغيرها، كما سيصبح حل الجمعيات والعناوين الإعلامية، مرتبطا بقرار "قضائي" وليس "إداريا"، كما يمكن الحق في التظاهر أيضا، وهي إضافات إيجابية تضع حدا للقرارات السالبة للحرية والنشاط. كما اعتبر أن الأحزاب السياسية حققت مكسبا ديمقراطيا في مجال نشاطها، ستتحدد معالمه أكثر بعد صدور القانون الخاص بها، بعد الاستفتاء على الدستور.صحح المشروع الدستوري أيضا "الممارسات القديمة"، من خلال إعادة الاعتبار للشباب، وهو مكون هام بـ 75٪ في تركيبة المجتمع، إلا أن دوره ظل مهمشا وثانويا ومناسباتيا فقط، حيث يعد رفع الجمود عن المجلس الأعلى للشباب، أمرا في غاية الأهمية، مدعوما بالمجتمع المدني الذي يعد أغلبية عناصره من فئة الشباب. كما أشاد لوراري بتوسيع المشروع إلى مجالات تدخل الجيش الوطني الشعبي، في إطار حفظ مهام السلم والاستقرار، من خلال إمكانية مشاركته في مهام حفظ السلام الأممية والإفريقية والعربية، وخلص في الأخير، إلى أن المكاسب التي جاء بها المشروع تدفع الجميع إلى التصويت عليه، لأنه سيضع الجزائر على سكة الحداثة والعصرنة، ويعزز من استقرارها وأمنها الوطنيين.