من المناجم إلى الفلاحة والبنى التحتية..  الهدف تثمين الموارد الوطنية

مشاريع استراتيجية لتنويع الاقتصاد وتعزيز السيادة

مشاريع استراتيجية لتنويع الاقتصاد وتعزيز السيادة
  • 203
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

منجم غارا جبيلات رافعة للتحول الاقتصادي وبناء صناعة حديدية

الفوسفات المدمج استثمار هام في مجال الأسمدة

طريق تندوف - الزويرات ممر استراتيجي نحو العمق الإفريقي 

مشروع "بلدنا" القطري استثمار ضخم لتقليص فاتورة استيراد الحليب واللحوم

مشروع الحبوب بتيميمون نموذج لشراكة جزائرية - إيطالية في خدمة الأمن الغذائي

بادرت الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية، بتجسيد عدد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى في قطاعات حيوية؛ كالمعادن والبنى التحتية لتثمينها، إلى جانب إطلاق استثمارات هامة في قطاع الفلاحة بالجنوب، الذي يُعد بمثابة سلة غذاء الجزائريين، وهذا في إطار مساعي تحقيق الأمن الغذائي، وتقوية الاقتصاد الوطني، وتنويعه،  وبالتالي تحصين السيادة الوطنية بما يواكب التحولات الإقليمية والدولية الراهنة.

تواصل الجزائر تجسيد العديد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، التي تم إطلاقها خلال السنوات القليلة الماضية في قطاعات حيوية؛ سعيا لتحقيق الاكتفاء والسيادة في العديد من القطاعات، على غرار المشاريع الهامة لاستغلال احتياطات الحديد بولاية تندوف، والزنك والرصاص في تبسة، والزنك ببجاية، التي تستهدف تثمين الموارد الطبيعية الوطنية.

ولتثمين الموارد الطبيعية للبلاد ضمن منظور شامل، تعكف السلطات العمومية على إنجاز الخطين المنجميين الغربي والشرقي للسكة الحديدية؛ لتثمين واستغلال هذه المناجم، وكذا تشييد مصانع التكرير لمعالجة المواد المستخرجة، وعدم تصديرها كمادة أولية؛ ما يدرّ عائدات على الخزينة العمومية، ويلبّي احتياجات السوق الوطنية.

وفي هذا الإطار، تجري الأشغال لاستغلال وتثمين منجم الحديد بغارا جبيلات، الذي يُعد كأحد أهم محركات التحول الاقتصادي في الجزائر، ورافدا استراتيجيا للتنمية الوطنية، حيث تقترب أشغال ربطه بالسكة الحديدية نحو تندوف وبشار، من الانتهاء، ومن ثم باتجاه الموانئ للتصدير بغرب الوطن، وهو ما يجسد الطموح الوطني لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز السيادة الاقتصادية، وبناء صناعة حديدية متكاملة وتنافسية، قادرة على تلبية الحاجيات الداخلية، والتصدير.

ومن المرتقب إنجاز مدينة منجمية، ووحدات تحويل لمعالجة الحديد المستخرج في عين المكان؛ ما سيقلّص من واردات المواد الأولية، ويحفز الإنتاج الوطني من الفولاذ، سعيا لتطوير الصناعة والبنى التحتية، علما أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وضع حجر الأساس لمشروع مصنع المعالجة الأولية.

وعن مشروع الفوسفات المدمج بتبسة الذي يهدف إلى وضع الجزائر كواحدة من الدول الرئيسة المصدّرة للأسمدة، فتتقدم أشغال إنجازه، حيث تم إطلاق الأشغال التحضيرية لإنجاز مركب التحويل وإنتاج الأسمدة بوادي الكبريت في سوق أهراس بالموازاة مع مباشرة أشغال وحدة صناعة الأسمدة في سكيكدة.

ويتضمن مشروع الفوسفات المدمج أيضا، إنجاز خط سكة حديدية تجري الأشغال على مستواه، لتسهيل استغلال وتثمين الفوسفات المستخرج، ونقله نحو مصانع التحويل، وميناء عنابة.

ونفس الأمر بالنسبة لمنجم الزنك والرصاص في بجاية، الذي يُعد قاطرة للتنمية المحلية، ورافدا هاما للاقتصاد الوطني، حيث يعرف تقدما في مجال الدراسات، والإنجاز.

ومن بين أهم مشاريع البنى التحتية التي تتواجد قيد التجسيد طريق تندوف - الزويرات على مسافة تتجاوز 800 كلم، والذي يمثل ممرا هاما للجزائر نحو دول غرب إفريقيا عبر موريتانيا، وشريانا حقيقيا يربطها بسوق واعد، إلى جانب الخط الاختراقي للسكة الحديدة أو كما يطلق عليه "الخط العابر" للصحراء، الذي يُنتظر منه أن يفك العزلة عن العديد من الولايات التي يمر بها.

وبالنسبة لأهم المشاريع الهامة قيد التجسيد في القطاع الفلاحي، فتتعلق باستثمار مشروع "بلدنا" الزراعي المتكامل لإنتاج الحليب المجفف بالجزائر في ولاية أدرار، باستثمار إجمالي يقدر بـ 3.5 مليار دولار، الذي يسير بخطى ثابتة نحو التجسيد بعد إطلاقه في 2024، إذ تم، مؤخرا، التوقيع على عقود المرحلة الأولى من الإنجاز بقيمة تتجاوز 500 مليون دولار. ويُنتظر من هذا الاستثمار المساهمة في تلبية حاجيات السوق الوطنية من الحليب المجفف، واللحوم الحمراء، وبالتالي تقليص الاستيراد والتبعية للخارج في هذا المجال.

ومن بين أهم الاستثمارات في هذا المجال أيضا، المشروع المتكامل لإنتاج الحبوب والبقول الجافة والعجائن الغذائية بولاية تيميمون بالجنوب، على مساحة تقدر بحوالي 36 ألف هكتار، والمنجز من طرف الشركة الجزائرية الإيطالية " BF الجزائر"، والذي انطلق فعليا خلال الموسم الفلاحي 2024- 2025. ويتم بحث فرص توسيعه ليشمل إنتاج اللحوم الحمراء، إذ يُنتظر منه المساهمة في تلبية حاجيات السوق الوطنية في هذا المجال، وتقليص الاستيراد.

دعم الترسانة التشريعية بقوانين جديدة 

ومن جهة أخرى، تدعمت الترسانة التشريعية والقانونية للبلاد خلال الفترة الأخيرة، بالعديد من القوانين في إطار استكمال مواءمتها مع أحكام دستور 2020، والتزامات الجزائر الدولية.

وفي هذا السياق، صادق البرلمان على العديد من القوانين، أبرزها مشروع قانون المالية لسنة 2025، ومشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم، وقانون يتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، بالإضافة الى قانون يتضمن تعديلا في قانون الإجراءات الجزائية، وقانون الأوقاف، وآخر متعلق بالتعبئة العامة، إضافة إلى قانون ينظم النشاطات المنجمية، وآخر يهدف إلى مكافحة التزوير واستعمال المزور، إلى جانب مشروع قانون لمكافحة تبييض الأموال. كما تمت المصادقة على قانون يتعلق بحماية المعطيات الشخصية.