الدروس الخصوصية كابوس يؤرق بن غبريط

مساس بديمقراطية التعليم و" ضرب" لتكافؤ فرص النجاح

مساس بديمقراطية التعليم و" ضرب" لتكافؤ فرص النجاح
  • القراءات: 1262
حسينة. ل / ل. عبد الحليم حسينة. ل / ل. عبد الحليم

الدروس الخصوصية، من الملفات الساخنة المطروحة على مكتب وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، بعد أن انتشرت بشكل لافت في المجتمع ما استدعى تشكيل لجنة خاصة للنظر في أسباب استفحالها واقتراح أنجع السبل للحد من تناميها. وزيرة التربية التي انتفضت منذ تنصيبها على رأس القطاع، تريد كبح "هذه المدارس الموازية" وضع حد الدروس الخصوصية، تسعى إلى وضع آليات بديلة تضمن نفس الفرص لجميع المتمدرسين لاسيما وأنها طالت حتى تلاميذ التعليم الابتدائي وأصبحت تضر مبدأ تكافؤ الفرص في النجاح وبديمقراطية التعليم التي تعتمدها الجزائر منذ الاستقلال. 

تقارير اللجنة التي نصبت على مستوى الوزارة خلصت في تقريرها إلى أن الدروس الخصوصية تؤثر بشكل كبير على التلاميذ وأوليائهم وتخلق عدم المساواة بين أبناء الجزائريين كون أن العديد من التلاميذ ليست لهم الإمكانيات لمتابعتها رغم الصعوبات التي يواجهونها في دراستهم. كما سجلت اللجنة نقصا في تكوين الأساتذة لا سيما في طرق التلقين وإلقاء الدروس وأساليب المحادثة مع التلاميذ وهو ما تحاول الوزارة تداركه حيث جعلت من بين أولوياتها لسنة 2016، التكوين والتكوين المتواصل. وأظهرت دراسة ميدانية قامت بها مصالح الوزارة أن 52 بالمائة من المتمدرسين تلقوا دروس الدعم أو ما يعرف بالدروس الخصوصية في 2014 ،41 بالمائة منهم في الطور الابتدائي، 48 بالمائة في الطور المتوسط فيما بلغت النسبة بالطور الثانوي 67 بالمائة. 

52 بالمائة من المتمدرسين يتلقون دروس الدعم

سجلت الدراسة التي شملت 23 ألف تلميذ و13 ألف ولي عبر 17 ولاية، أن الشعب المعنية أكثر بهذه الدروس هي الشعب العلمية  والرياضيات واللغات فيما حددت أسباب استفحال الظاهرة في جملة من العوامل منها غياب فعالية جهاز الدعم والاستدراك في أغلبية المؤسسات، نقص تكوين الأساتذة في تقنيات المعالجة البيداغوجية وخوف الأولياء من الفشل الدراسي لأبنائهم. بالإضافة إلى تخوف التلاميذ والأولياء من تذبذب وتيرة التمدرس التي تنعكس سلبا على نتائجهم المدرسي. يلجأ التلاميذ للدروس الخصوصية أيضا، حسب دراسة وزارة التربية،  بسبب كثافة البرامج من جهة والاكتظاظ في الأقسام في العديد من المؤسسات التعليمية مما استدعى اعتماد وزارة التربية العديد من الإصلاحات سيتم تجسيدها تدريجيا في السنوات الدراسية المقبلة. 

وانطلاقا من تقارير مختلف اللجان وتوصيات الجلسات الوطنية التي انعقد خلال السنة الماضية، سجلت وزارة التربية سلسلة من الاقتراحات أهمها إعادة النظر في نظام التقويم التربوي الحالي الذي يعتمد على النقطة وتفعيل جهاز المعالجة البيداغوجية وجهاز الدعم على مستوى المؤسسات، فضلا عن مواصلة تكوين الأساتذة وتفعيل هيئة التفتيش والمؤطرين على مستوى المؤسسات مع مرافقة المشاريع البيداغوجية للولايات التي لا تسجل نتائج مرضية وتفعيل النصوص التشريعية للتقليص من الدروس الخصوصية مع تنظيم جهاز الدعم بداية من السنة الجديدة. وأكد مسؤول بوزارة التربية أن الدروس الخصوصية التي تسيء للمدرسة العمومية وتمس بمصداقيتها، أصبحت تجارة موازية أفرزت علاقة غير أخلاقية بين الأستاذ والتلميذ، علاقة تاجر مع زبون معتبرا أن تحسين الممارسات التربوية في القسم في المدى المتوسط والبعيد هي التي ستقلص اللجوء إلى الدروس الخصوصية. 

تلاميذ: لا يمكننا الاستغناء عنها وأساتذتنا ليسوا في المستوى

مع اقتراب المواعيد الكبرى للامتحانات، يشرع التلاميذ في رحلة البحث عن أساتذة أكفاء يضمنون لهم ولو نسبة من النجاح ولا يهم ما قد يدفعه الأولياء فالمهم هو فهم الدروس والتمكن من حل التمارين. ويقول "محمد.ل" المترشح لامتحان شهادة الباكالوريا دورة جوان 2016 "الدروس الخصوصية مهمة جدا خاصة للذين على أعتاب الامتحانات كما أن الثانوية التي ادرس فيها، لا تخصص في أجندتها ساعات إضافية لطلبتها، ولكن ما دفعني أكثر للاستفادة من هذه الدروس هو عدم فهمي بتاتا لما يقدمه لنا بعض الأساتذة في مواد هامة بالنسبة لي وهو أمر يعني جميع زملائي في القسم، فالاستعانة بالدروس الخصوصية أصبحت ضرورة، فماذا لو لم تكن لي الإمكانيات لمتابعة الدروس الخصوصية ؟. أما "فتيحة.م" طالبة في الثانوية فتقول أنها أصبحت مدمنة على الدروس الخصوصية كونها تعودت عليها منذ الطور الابتدائي "لا أتصور نفسي بدونها ولا يمكن أن اكتفي بالدروس التي أتلقاها في الثانوية خاصة وأنني أعاني من مشكل في التركيز ولا استطيع المتابعة في القسم". أما "سعيدة.و" التلميذة التي اختارت متابعة دروس خصوصية في المواد الأساسية وهي الرياضيات والفيزيائية، اعترفت بالظروف المزرية التي تدرس فيها من اكتظاظ والمكان غير اللائق (مستودع) وبالأسعار التي ترتفع باستمرار إلا أن ذلك لا يهمها بقدر ما يهمها فهم الدروس وتعزيز تحصيلها الدراسي.  

مختصة في البيداغوجيا : المرافقة داخل المدرسة أنجع من الدروس الخصوصية

تؤكد مختصة في البيداغوجيا مسؤولة بوزارة التربية، أن الدروس الخصوصية ظاهرة مجتمعية إنما تتم بموافقة الأولياء وخارج أسوار المدرسة، جاءت بناء على إدراك ولي الأمر لضعف معين للتحصيل العلمي لابنه ثم تطورت مع الوقت لتصبح ظاهرة مزايدة بين الأولياء داخل الحي الواحد وحتى داخل المدينة . المتحدثة تعتبر أن المرحلة الابتدائية تتطلب المتابعة الهادئة للتلميذ كمرحلة قاعدية لا ينبغي أن تشوش على التلميذ بحكم السن والكفاءات الختامية لهذه المرحلة التي يجب أن تحقق صيرورة دراسية سليمة للتلميذ.المرافقة هنا مهمة، تضيف محدثتنا "مرافقة الولي للأستاذ والتلميذ في كل المراحل وعلى الخصوص في المرحلة الابتدائية كونها هي التي تضمن مرحلة مفصلية في التعليم المتوسط" وتقول المسؤولة: "لا شك في أن المرافقة داخل المدرسة، أنجع من الدروس خارجها خاصة عندما تجرى بطرق غامضة ومشبوهة في بعض الحالات". ورافعت في هذا المجال من اجل المرافقة المسؤولة بين المدرسة والعائلة الكفيلة بان تحقق الانسجام الداخلي للمتعلم من خلال تحبيب الحياة المدرسية للتلميذ ليصبح من هنا الاجتهاد محفز للنجاح.


 

أطرتها مصالح الشرطة:

170 درسا تحسيسيا لفائدة التلاميذ بتلمسان

 

في إطار عمليات التحسيس التي باشرتها مصالح أمن ولاية تلمسان طيلة سنة 2015، بالتنسيق مع مديرية التربية للولاية، أحصت خلية الاتصال والعلاقات العامة لأمن تلمسان تأطير 170 درسا تحسيسيا لفائدة تلاميذ مختلف الأطـوار التعليمية على مستوى الولاية، بالإضافة إلى الدوائر. هذه العمليات التحسيسية تناولت مواضيع السلامة المرورية، جرائم المخدرات، الاستعمال السيئ للأنترنت. علما أن العملية لاقت استحسان التلاميذ الذين استفادوا كثيرا من الحضور الميداني لإطارات الأمن العمومي، الشرطة القضائية وخلية الاتصال والعلاقات العامة، بهدف توعـية وحماية هذه الشريحة الهامة من المجتمع من الآفات التي تهـدّد مستقبلها، كما تأتي في إطار تفعيل الأهـداف التي حـدّدتها المديرية العامة للأمن الوطني، تجسيدا لمبدأ الشرطة الجـوارية.