طباعة هذه الصفحة

فيما استنجد الأطفال بالنافورات، الأودية والسدود

مرافق صرفت عليها الملايير مغلقة في وجه الشباب

مرافق صرفت عليها الملايير مغلقة في وجه الشباب
  • القراءات: 3157
م.أجاوت / المراسلون م.أجاوت / المراسلون

تشكل المرافق والهياكل الرياضية والترفيهية المختلفة، من مسابح وملاعب جوارية وفضاءات استجمام أخرى، المتنفس الوحيد للشباب والأطفال، لاسيما خلال فصل الصيف وحرارته المرتفعة، والمسجل في هذا الصدد، أن العديد من هؤلاء، خاصة القاطنين في البلديات والمدن الداخلية، لا يتمكنون من استغلالها والاستفادة من خدماتها لعدة أسباب، إما لعدم استكمال أشغال العديد منها، أو غلق أبوابها في وجوههم، بحجة الترميم والصيانة، أو بسبب غياب هذه المشاريع أصلا. والأدهى والأمرّ في هذا، أن مشاريع مماثلة خصصت لها ملايير الدينارات لم تستغل بعد، ليجد الأطفال على وجه الخصوص أنفسهم، مجبرين على اللجوء إلى نافورات الساحات العمومية والأودية والسدود... هروبا من حرارة الطقس، في هذا المنحى، حاولت ”المساء” تسليط الضوء على جزء من هذه المشاريع عبر عدد من الولايات.

م.أجاوت


المنشآت الرياضية بسطيف: مشاريع على الورق وأخرى مهجورة

يجمع العارفون في قطاع الشباب والرياضة بولاية سطيف، على أن قطاع الشباب والرياضة استفاد خلال العشريتين الأخيرين من مشاريع ضخمة في مختلف البرامج التنموية، خصصت لها أغلفة مالية جد معتبرة، منها ما أنجز ودخل حيز الخدمة، ومنها من بقي إلى يومنا هذا هيكلا بلا روح، بعد توقف الأشغال به لأسباب تبقى مجهولة، ومنها مشاريع قيل عنها إنها عملاقة، لكنها لم تر النور إطلاقا، في صورة المركب الأولمبي الجديد بأولاد صابر، وأخرى استلمت وبقيت أبوابها موصده في وجه الشباب لأسباب لا يعلمها إلا القائمون على القطاع.

يعد قطاع الشباب والرياضة في عاصمة الهضاب العليا (سطيف)، من القطاعات التي كان لها الأثر البالغ في أجندة المسؤولين، وأخذت نصيبا معتبرا من المشاريع، لما لها من انعكاسات على الشباب والتكفل الأحسن بهذه الفئة من المجتمع، بتوفير أهم المرافق لهم، غير أن الواقع أكد مع مرور الزمن، بأن ما تتضمنه أوراق المسؤولين، وما يوجد على أرض الواقع، خطان متوازيان لا يلتقيان، مما يضع مصداقية القائمين على القطاع على المحك، لاسيما إذا علمنا أن بعض الإحصائيات تتحدث عن أرقام مذهلة لمنشآت ومرافق شبانية لم تفتح أبوابها، رغم استلامها، فضلا عن مشاريع رياضية أخرى لم تنطلق بها الأشغال إطلاقا، لأسباب تبقى مجهولة إلى حد الساعة.

المركب الرياضي... المشروع اللغز

الكلام عن المشاريع الرياضية غير المنجزة في ولاية سطيف، يجرنا لا محالة إلى الحديث عن مشروع المركب الرياضي الجديد بأولاد صابر أو المشروع ”اللغز”، كما يطلق عليه بالمنطقة، وهو مشروع استفادت منه الولاية سنة 2003، خلال زيارة الرئيس الأسبق بوتفليقة إلى سطيف، حيث وعد بإنجاز مركب رياضي بحجم هذه الولاية، كعربون محبة ومكافأة لفريق وفاق سطيف الذي صنع أفراح الكرة الجزائرية في المحافل الإقليمية والقارية، حيث خصص له آنذاك مبلغ 1600 مليار سنتيم، ويتربع على مساحة إجمالية تقدر بأزيد من 80 هكتارا بمنطقة أولاد صابر، في المدخل الشرقي لمدينة سطيف، ويضم ملعب كرة قدم بسعة 50 ألف متفرج، ومضمارا لألعاب القوى، وقاعة للمؤتمرات، وأجنحة فخمة للإقامة، وثلاثة ملاعب جوارية ومواقف فسيحة للسيارات... وغيرها من المرافق الشبانية. بعد الإعلان عن المناقصة الخاصة بالدراسة سنة 2006، تقدمت 26 مؤسسة لسحب دفتر الشروط، اثنتان من الجزائر، والبقية من خارج الوطن، ومنذ ذلك الحين، لم يظهر عن المشروع أي خبر، وأصبح في تعداد المفقودين.

القطب الرياضي مقرس تحفة لم تر النور

مشروع القطب الرياضي السياحي مقرس لا يقل أهمية عن المركب الرياضي أولاد صابر، ويختلف معه من حيث الأقدمية، حيث يعود تاريخ تسجيله إلى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، ويضم في أوراقه العديد من المرافق الهامة، منها مضمار لألعاب القوى، وبيت للشباب بطاقة استيعاب 50 سريرا، وملاعب لكرة القدم، وقاعات للترفيه. لكن الأقدار أبت إلا أن يبقى مجرد حبر على ورق، إلى غاية مجيء الوالي زوخ في مطلع سنة 2010، إذ أبدى نيته في إعادة بعثه من جديد وإخراجه من درج النسيان، بتخصيص غلاف مالي يفوق 30 مليار سنتيم، وأمله في ذلك، المساهمة في تحسين مستوى الشاب الرياضي، وإعطاء المنطقة الوجه اللائق بها، رغم النية التي أبداها زوخ في تجسيد المشروع على أرض الواقع، إلا أن الأمر لم يتحقق، بحيث لا تزال منطقة مقرس إلى يومنا عبارة عن أرض بور.


بوقاعة، نموذج لمشاريع تنتظر: من ينفض عنها الغبار

بالإضافة إلى مشروعي المركب الرياضي أولاد صابر، والقطب السياحي مقرس، توجد العديد من المرافق الرياضية المنجزة، لكنها مهجورة، وأخرى فاشلة لم تقدم ما هو مطلوب منها، بعدما كلفت ثروات طائلة، إلى جانب مرافق شبانية عبارة عن مبان لم تكتمل، وبقيت شواهد منصوبة على سوء تسيير الإدارة، أو لأسباب أخرى منعت من تحقيقها، والدليل على ذلك المنطقة الشمالية للولاية، التي تضم مجموعة من النقاط التي استوجب الأمر الوقوف عندها، لمشاريع استهلكت وقتها بزيادة، ولا تزال مجرد ورشات بسبب عدم مطابقتها، مرورا بفوضوية إنجازها كحال مشروع المسبح البلدي ببلدية بوقاعة الذي عرف تأخرا كبيرا في تسليمه، في غياب التأطير في أغلب المؤسسات، مما يثبت أن جلها لا يسيّر وفق المقاييس المعمول بها. يجمع الكثير على أن افتقار مدينة كبيرة بحجم مدينة بوقاعة لمسبح بلدي، يعد ظلما صارخا في حق أبناء المنطقة التي تعد من أهم مدن ولاية سطيف، لما تتميز به من حمامات معدنية وخصوصيات تجعل منها منطقة سياحية بامتياز، فإلى غاية كتابة هذه الأسطر، يبقى مشروع المسبح البلدي هيكلا بدون روح، في انتظار قرارات صارمة من قبل الوصاية لمعاقبة المتسببين في فشل المشروع، وإعادة بعثه ووضعه حيز الخدمة.

كما تشهد دار الشباب ببوقاعة، تأخرا ملحوظا لاستلامها، هذا المشروع المسجل ضمن مشاريع التنمية القطاعية للولاية، أعطيت إشارة انطلاقه سنة 2009، بفترة إنجاز حددت بـ 12 شهرا، إلا أن المشروع لا يزال يراوح مكانه، رغم تعاقب العديد من الولاة والمديرين التنفيذيين على التسيير المحلي لشؤون الولاية.

منصور حليتيم


المرافق الشبانية ببرج بوعريريج: هياكل بدون روح وأخرى في ”خبر كان”

تبقى العديد من المرافق الشبانية المتواجدة ببلديات ولاية برج بوعريريج، رغم أنها المتنفس الوحيد للشباب، مغلقة في أوجههم، إما بسبب تجهيزها، أو لعدم توفر اليد العاملة بها، أو بقائها كيانا بلا روح، كما نجد في المقابل عدة مرافق شبانية جاهزة، لكن الشباب عزفوا عن التوجه إليها واستغلالها، ولمعرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك، قمنا بزيارة العديد من المرافق الشبانية في بلديات الولاية، للاطلاع على كثب على هذا القطاع الأكثر اهتماما من قبل عنصر الشباب.

أول محطة كانت لنا في الولاية، وبالتحديد في حي ”1044 مسكنا” الذي يقطنه أزيد من ستة آلاف نسمة، حيث أكد لنا بعض الشباب أن حيهم، رغم أنه يعتبر من أكبر الأحياء على مستوى عاصمة الولاية، إلا أنه يفتقر للمرافق الشبانية على غرار الملاعب الجوارية ودور الشباب، رغم وعود السلطات لهم، إلا أنها بقيت مجرد حبر على ورق، وهو نفس الأمر بالنسبة للعديد من أحياء الولاية، أما جنوب الولاية، فزرنا بلدية تقلعيت وعبر لنا شباب البلدية عن تذمرهم لعدم وجود مرافق ترفيهية من شأنها أن تمتص الكم الهائل من الشباب العاطل عن العمل، وأبسطها ملعب جواري، وببلدية اليشير الواقعة غرب الولاية، وجدنا عكس ذلك، أي أن الهياكل موجودة لكن غير مستغلة، كما هو موجود بقرية لاشبور التي تتوفر على مكتبة بلدية، من المفروض أن تستغلها السلطات المحلية، إلا أنها بقيت مجرد جدران وغير مستغلة إلى حد الساعة. تعاني المنطقة الواقعة شرق الولاية هي الأخرى، نقصا فادحا في المرافق التي لها علاقة بالشباب، على غرار بلدية خليل التي طرح سكانها في مختلف المناسبات، انشغالهم على المسؤول التنفيذي الأول بالولاية، مطالبين بتدعيمهم بمشاريع شبانية من شأنها أن تكون متنفسا لهم، وتحمي أبناءهم من ولوج عالم الإجرام، ورغم صعوبة التضاريس بالجهة الشمالية وافتقارها للمرفق الشباني، إلا أن شباب الجهة قاموا باستغلال وتحويل مساحات جرداء إلى ملاعب جوارية أصبحت متنفسا لهم، كما هو الحال ببلديتي تفرق والماين، في حين يتوجه أغلب الشباب إلى ولاية بجاية لقربها منهم، من أجل السباحة لانعدام المسابح الرياضية في جهتهم، وفي كل جهة، نجد أن أغلب الشباب يطالبون بتدخل السلطات المحلية سواء من أجل توفير هذه المرافق، أو إرجاع هيبتها لها، خاصة أن بعضها أصبح وكرا للمنحرفين والمجرمين. وتبقى العديد من الهياكل الشبابية والرياضية في ولاية برج بوعريريج، رغم صرف الملايير عليها بدون أي استغلال من قبل الشباب، في حين نجد البعض الآخر يطالب بأبسط مشروع ترفيهي شبابي كمسبح، أو ملعب جواري، أومكتبة لقضاء وقت فراغهم.

ردا على تساؤلات المواطنين، تنوعت ردود المسؤولين حول هذا الأمر، فمنهم من أرجع الأمر إلى انعدام العقار لإنجاز مثل هذه المرافق الشبانية، كما هو الأمر ببلدية برج بوعريريج، وفي السياق، وعد العديد من رؤساء بلديات الولاية بإعادة الاعتبار للهياكل الشبانية الموجودة في بلديتهم واستغلالها.

من جهته، تعهد والي ولاية برج بوعريريج بكوش بن عمر، بالنهوض بكل القطاعات، بما فيها تلك المتعلقة بقطاع الشباب في الولاية، الذي أولى له عناية خاصة، حيث قام بتدشين العديد من المرافق الشبانية، على غرار ما قام به مؤخرا ببلدية بئر قاصد شرق الولاية، إضافة إلى ذلك، قام بتكريم العديد من الشباب من الذين أثبتوا جدارتهم في هذا الأمر وشرفوا الولاية والجزائر، ووعدهم بالتكفل بهم.

آسيا عوفي


لتغطية النقص المسجل في منشآت الترفيه بمعسكر: رحلات يومية نحو الشواطئ للأطفال والشباب

في غياب أية مبادرة من شأنها توفير فضاءات ومساحات الاستجمام والرياضة، تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة، اتخذت مديرية الشبيبة والرياضة بولاية معسكر، العديد من الإجراءات الميدانية التي تمس بالدرجة الأولى كل المرافق الرياضية والترفيهية، خاصة فيما يتعلق بالاستغلال المجاني للمسابح طيلة فصل الصيف، مع تنظيم رحلات يومية نحو الشواطئ القريبة لفائدة الأطفال والشباب.

كشف مدير الشبيبة والرياضة للولاية، مهدي ناوي، أن قطاعه يتوفر على ستة مسابح، اثنان بمعسكر وواحد بكل من سيدي قادة والمحمدية وتيغنيف  وسيق، والتي تم الإقرار بفتحها مجانا أمام أطفال وشباب الولاية.

تشهد هذه المسابح منذ فترة قصيرة، توافدا كثيفا للأطفال والشباب من جنس الذكور فقط، كونها المتنفس الوحيد لهم، الأمر الذي دفع القائمين عليها إلى العمل بنظام الأفواج، لتمكين الجميع من الظفر بلحظات الاستجمام والترفيه في ظروف جيدة. مضيفا أنه تم الشروع منذ الفاتح جويلية الجاري، في تنظيم رحلات يومية إلى مختلف الشواطئ القريبة في إطار برنامج ”المخطط الأزرق”، الذي من المفترض أن يتواصل إلى غاية نهاية شهر أوت المقبل، لفائدة أطفال وشباب كامل بلديات الولاية. وينتظر أن يستفيد من هذه العملية ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل.

بالتزامن مع الرحلات اليومية، وفي إطار المخيمات الصيفية، توجه هذا الإثنين 318 طفلا إلى مركز العطل والترفيه لولاية عين تموشنت، وينتظر أن يرتفع عدد المستفيدين من ذلك، إلى 3000 طفل من العائلات المعوزة المقيمة بمختلف بلديات الولاية. نتيجة لقلة المسابح أو انعدامها أصلا بأغلب بلديات الولاية، أصبحت النافورات التي تعد على أصابع اليد الواحدة، مقصدا للأطفال والشباب،  وتحولت أمام مرأى السلطات إلى مسابح على الهواء الطلق، رغم رداءة مياهها وخطورتها على الصحة العمومية.

انتقد الكثير من مواطني الولاية، غياب المنشآت الترفيهية بأغلب البلديات. ولتدارك الوضع، أطلقت سلطات الولاية مجموعة من المشاريع لصالح الشباب، أهمها إنجاز 124 ملعبا جواريا عبر مختلف قرى وبلديات الولاية، بالإضافة إلى إعلان مديرية الشباب والرياضة، عن تكسية 16 ملعبا بالعشب الإصطناعي.

لا تتوفر ولاية معسكر على ما يكفي من المنشآت الترفيهية والرياضية لتلبية حاجيات الأطفال والشباب من الجنسين، خلال الفترة الصيفية لهذا العام، ويتأزم الأمر كثيرا بالبلديات الريفية المنعزلة، التي لا يجد بها الأطفال الذين لم تسمح لهم ظروفهم المعيشية ما يمكنهم من الاستمتاع بعطلتهم الصيفية، غير البحث عن أماكن تواجد الظل والجلوس بساحات لا تتوفر في غالبيتها حتى على نافورة تلطف الجو الحار.

في عاصمة الولاية مثلا، ما يزال مسبحان تابعان لبلدية معسكر غير مستغلين منذ سنوات عديدة، لأسباب تتعلق بتسرب المياه، وهي الحجة التي يرفضها شباب المدينة جملة وتفصيلا، خاصة أنه كان بإمكان مسؤولي البلدية تسجيل عمليات ترميم وتهيئة المسبحين وفتحهما أمام أطفال وشباب المدينة والمناطق المجاورة.

 ع. ياسين