الإعلانات والحملات التحسيسية وجهة جديدة للفنان

مداخيل وتسويق للصورة وانتشار في أوساط الشعب

مداخيل وتسويق للصورة وانتشار في أوساط الشعب
  • 1266
مريم.ن مريم.ن

دخل الفنان الجزائري تجربة جديدة فتحت أمامه آفاقا أوسع، مكّنته من التعاطي مع وسائل إنتاج أخرى عززت حضوره عند الجمهور وزادت من مداخيله التي وفرت له الاستقلالية المالية. كما تدعم هذا الحضور أيضا من خلال الحملات التحسيسية باعتباره الأقدر على إيصال الوعي والأفكار،  بالتالي المساهمة في العمل الاجتماعي، ناهيك عن تجارب أخرى تبقى تحتاج للاستمرارية والتأطير والتقنين. عن بعض هذه التجارب تحدثت "المساء" إلى مجموعة من الفنانين الذين قدموا مساهماتهم في مجال الإشهار والحملات التحسيسية وبعض فيديوهات كليب.

 

بهية راشدي :

للإشهار أهله وأصوله

ترى الفنانة القديرة السيدة بهية راشدي أن هذه التجربة تعد إضافة في مشوار الفنان، وبالنسبة إليها فقد خاضت العمل في مجال الإعلانات وكان ناجحا، وتؤكد أن للإشهار شروط خاصة لا بد أن تتوفر في الفنان، مضيفة أيضا بأنه مسؤولية والعمل فيه أصعب من العمل والتمثيل في الأفلام، على اعتبار أنه صورة تعيد نفسها وتتكرر طوال اليوم، وإذا ما أخطأ الفنان فإن ذلك سيكتشفه الجمهور من خلال الإعادة المتكررة والمشاهد لا يرحم ولا يغض الطرف، بالتالي فالفنان سينتقد ويسقط حتى ولو من خلال اللغة التي تحدث بها في الإعلان.

من جهة أخرى، اعتبرت المتحدثة أن الإشهار مرتبط بالمصداقية ليكون مؤثرا، بالتالي ناجحا، وأكدت أن كل الومضات الإشهارية التي أدتها كانت ناجحة بشهادة الجمهور. كما أشارت السيدة راشدي إلى أن للإشهار أهله والمختصون في صناعته لهم دراية واسعة بعالم الإشهار والاقتصاد، ومنه حسن تسويق الصورة والمنتوج، وطبعا فإن مخرج الومضة الإشهارية يختلف عن مخرج الدراما مثلا، لكن ـ تضيف السيدة راشدي- هناك أناس في مجال الإشهار لا علاقة لهم بهذا الاختصاص، همهم الوحيد هو الربح السريع وكفى.

بالمناسبة، أشارت الفنانة إلى أن مداخيل الفنان في الإشهار هي ضعف مداخيل العمل في الدراما بـ4 مرات.

بالنسبة للحملات التحسيسية، أكدت السيدة راشدي أنه يشرفها أن تستغل لقطات من بعض أعمالها في الحملات التحسيسية، فمثلا يستغل مشهد من فيلم "امرأتان" الذي مثلت فيه مع عثمان عريوات في التحسيس بالعنف ضد المرأة، على اعتبار أن المشهد يظهر زوجا يضرب زوجته بقسوة، خاصة أن الفنانين أبدعا في أدائه تماما، وهنا تقول "مهما كانت هذه الحملات التحسيسية جادة وذات مستوى، فإنها لا توصل رسالتها كما توصلها  الصورة والصوت، ومشهد "امرأتان" من أروع المشاهد المؤثرة وهو لا يزال يؤثر فيّ إلى اليوم كلما شاهدته. فهذه اللقطة تظهر كيف أنني كامرأة أُهنت من زوجي ولا أستطيع الدفاع عن نفسي كوني ضعيفة ومقيدة بتقاليد تربيت عليها وأحترمها، وهذه الصورة ستبقى حية، لذلك نجحت وأثرت في المشاهد الجزائري".

 الفنان محمد عجايمي

سفير الثقافة الجزائرية 

أشار الفنان محمد عجايمي إلى أنه لم يخض تجربة الإشهار، لكنه في المقابل شارك بكثافة في الحملات التحسيسية والتوعوية، من ذلك مشاركته في الأسبوع الإعلامي للأمن الوطني إبان العشرية السوداء، وكان فيها يوعي الناس بخطورة الإرهاب ويواسي أرامل شهداء الواجب الوطني، حينها كان يبكي الناس من شدة التأثر ويكتسبون المزيد من القوة في سبيل الصمود.

أكد محدث "المساء" أيضا أنه يستغل الأعمال الدرامية من أجل تبليغ رسالة للمجتمع، تحافظ على خصوصيتنا الثقافية والاجتماعية وقيمنا النبيلة، ومن يمس بذلك يرفض العمل معه، لذلك قال أنه رفض دور شرطي يحاول سرقة بنك ورفض دور القايد أو أعمال أخرى تمس صورة المرأة والأم الجزائرية.

كما شارك عجايمي في حملات تحسيسية وخيرية لفائدة اليتامى ومراكز العجزة وزار ديار الغربة وساهم في بعض المناسبات التاريخية هناك، منها إحياء ذكرى 17 أكتوبر بباريس، علما أن عجايمي هو سفير فوق العادة للثقافة الجزائرية عبر العالم.  

دائما وفي إطار هذه الحملات، تجند الفنان عجايمي لمحاربة بعض الآفات،  منها المخدرات، وكتب كلمات 300 أغنية ملتزمة في شتى المواضيع الاجتماعية، وشارك أيضا بصوته في بعض هذه الحملات.

 الفنان كمال بوعكاز 

مجال الإشهار يحتاج إلى ضبط 

أشار الفنان بوعكاز إلى أن الإشهار يحتاج إلى الوجوه المعروفة من رياضيين وممثلين ومطربين وغيرهم من المشاهير، لأنهم الأقرب للجمهور.

مجال الإشهار ليس جديدا في بلادنا، كما أكد المتحدث، لكنه ظل غائبا وساحته عذراء بسبب نقص وتفعيل القوانين وضبط العلاقات بين مختلف المتعاملين.

بالنسبة لكمال بوعكاز، فقد اشتغل خارج التمثيل، من ذلك منشط إذاعي، مما أكسبه خبرة أكثر خاصة في تناول القضايا الاجتماعية، لكنه في المقابل يرى أن من يخوض مجال الإشهار أو الحملات التحسيسية عليه أن يكون كفؤا ولديه المؤهلات اللازمة، لكنه عبّر عن تحفظه من أداء إشهارات خاصة بالسلع والخدمات، عكس الحملات ذات المنفعة العامة البعيدة عن أية دعاية لأي تيار أو حزب معين، كما عبر عن استعداده للمشاركة في كليبات وطنية.

الباحث نصر الدين بغدادي 

من يبيع الصابون ليس بفنان 

يرى الدكتور بغدادي أن الإقبال على المجالات المتعلقة بالإشهار والحملات أمر جديد وصُنّاعه يطلبون دوما الوجوه المعروفة لتسويق المنتج، كما يشير إلى أن الفنانين بدورهم يحبون وفرة المداخيل المالية وأحيانا لا يهتم بعضهم بمضمون ما يقدمونه، ولو كان على حساب فنهم أو مشوارهم المهني الزاخر، وهو أمر وصفه بـ«التبهديلة"، فلا يعقل مثلا ـ حسبه- أن يعرض شخص مشهور عالميا زراب عادية، فهذا يمس بقيمته.

لكن المتحدث ثمن الحملات التحسيسية، منها المتعلقة بمحاربة العنف ضد المرأة مثلا، أو التبرع بالدم أو مساندة الفقراء، خاصة في رمضان، وأحيانا تبرع فنان أو رياضي مشهور بصك أمام الجمهور ليكون القدوة.

أما بالنسبة لمشاركة ممثلين معروفين في كليبات غنائية، فعبّر عن رفضه المطلق للفكرة، إذ أن المغني يبقى مغني وكذلك الممثل وظهورهما في عمل واحد سيقضي على أحدهما، وهنا يقول: "أكيد أن نجما سيقضي بظهوره على الآخر أو يأخذ مجال الآخر، وهذا لم يكن سابقا، إذ لم يكن يظهر عبد الكريم دالي مثلا مع النجم رويشد وهكذا"، وهذه الأمور تجر إلى عدم احترام الثقافة والدوس على الكفاءة.

 آمال حيمر 

تجارب ناجحة

أكدت الممثلة آمال أن لديها في مشوارها الفني العديد من التجارب الخاصة بالإعلانات والحملات التحسيسية، أولاها عندما كانت طالبة بالمعهد العالي لفنون العرض ومهن السمعي البصري، حيث صورت مع زميلتها ومضة خاصة بنصائح خاصة بالإسعافات الأولية، بعدها اشتهرت بحملة خاصة بمرض سرطان الثدي ضمن "أكتوبر الوردي" انطلق منذ سنتين بمبادرة من جمعية "أمل"، تبث على التلفزيون ولاقت استحسان الجمهور، ثم جاءت ومضة خاصة بفريضة الحج بالاشتراك مع الفنان صالح أقروت، تخص التحضيرات اللازمة لأداء هذا الركن، واتصل بها الجمهور ليشجعها.

تقول آمال: "هذه تجارب تضاف إلى مسار الفنان، لكنني أفضل الحملات التحسيسية الهادفة على إعلانات السلع، ماعدا إذا كان المنتوج صحيا ومفيدا للمواطن، أي أن الترويج يكون للمفيد وليس للمنتوج في حد ذاته، سواء كان قهوة أو شايا، بالتالي أحس وكأنني قدمت شيئا نافعا للمجتمع وأفرح بذلك، أو مثلا أشارك في علاج آفة معينة وهكذا".

الأستاذ عبد القادر بن دعماش 

المداخيل تنفيس للفنان 

أكد السيد بن دعماش أن الفنان إنسان عادي يسعى إلى تقديم نفسه للجمهور أو تحسين دخله وهذا ليس عيبا، ومنه فالأمر بالنسبة له عادي حينما يبيع الفنان الصابون أو أي منتوج آخر، فكبار نجوم العالم باعوا هم أيضا المنتوجات المختلفة، بالتالي هذا ليس بدعة تحدث فقط في الجزائر، كما أن الفنان يساهم في رواج منتوج بلاده واقتصادها الوطني، وطبعا فإن له المؤهلات وعلى رأسها النجومية وحب الناس له، وهو بذلك أيضا يبيع صورته ويربح "الفلوس".

بالنسبة للحملات التحسيسية، لابد أن يطلب فيها موافقة الفنان أو المنتج والمخرج لتستغلها الجمعيات مثلا، أو وسائل الإعلام، وهذا يدخل ضمن التقاليد العالمية، وبالنسبة للفيديو كليب فإن مشاركة الممثلين لم تبدأ أمس ومن روادها المخرج موسى حداد الذي قدم أول فيديو كليب مع بوعلام شاكر، ثم تطور الأمر بعدها.

هذه المجالات سمحت للفنان بتوسيع مداخيله وتحقيق ربح أكثر وأن ينتج الكثير ويضمن الاستقلالية المالية، لكي لا يبكي حاله الرديء، وهنا أشار إلى سياسة الضمان الاجتماعي التي استفاد منها الفنان والتي كشفت العجب،  حيث وقفت على مأساة الفنان الجزائري الذي يموت فقيرا، بالتالي جاءت هذه الأساليب الجديدة لتنتشله مما كان فيه، حتى لا تتكرر المأساة.