قانون البلدية الجديد.. الإطار الضامن لسيرورة المرفق العام

مجالس 27 نوفمبر خارج الانسدادات وحروب الأحزاب

مجالس 27 نوفمبر خارج الانسدادات وحروب الأحزاب
  • القراءات: 1254
شريفة عابد شريفة عابد

عالجت التعديلات المدرجة لحد الآن، في قانون البلدية معضلة انسدادات المجالس الشعبية البلدية التي تتكرر عشية كل إنتخابات محلية، في إطار صراع المصالح بين الأحزاب السياسية، وعلى هذا الأساس جاء الأمر الرئاسي المعدل لقانون البلدية هذه المشكلة تحسبا للإنتخابات الجارية اليوم في الجزائر، حيث وضع المشرع إجراءات عملية لانتخاب "الأميار"، مراعيا الأغلبية ثم التمثيل داخل المجلس البلدي، كما قلص أجال تنصيب هذا الأخير من طرف ولاة الجمهورية ضمانا لسيرورة تسيير المرفق العام وخدمة مصالح المواطنين.

حسب التدابير الجديدة التي جاء بها النص من المنتظر أن تكون المجالس المنتخبة البلدية القادمة، خارج الحسابات السياسية لأعضاء المجلس المنتمين لتيارات مختلفة، حيث قامت وزارة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الإقليم، بخطوة استباقية من خلال التعديل الذي أدرجته على قانون البلدية عبر وضع الميكانزمات المتعلقة بإنتخاب "الأميار" في أقصر مدة وبخطوات تحول دون حدوث انسداد في عمل هذا المرفق الضروري والحيوي بالنسبة للمواطن.

كما أن نزول النص في شكل أمرية رئاسية، يترجم حرص السلطات العمومية على المضي قدما في ورشات الإصلاح السياسي وضمان خدمة مصالح المواطن، فلم ينتظر المشرع إدراج التعديل ضمن ورشة التعديلات التي تجرى حاليا على قانون البلدية والولاية، اللذان سيقدمان للمناقشة العامة بداية مع الثلاثي الأول من السنة القادمة.

وحسب الإحصائيات التي كشفت عنها وزارة الداخلية في 2018، تمثل حالات الانسداد 2,2 بالمائة من تعداد المجالس البلدية ما يعادل 34 بلدية من إجمالي 1541 مجلس بلدي على المستوى الوطني، غير أن ظاهرة الإنسدادات تبقى ملازمة لهذه المجالس حسب المصالح التي تحرك المنتخبين.

وجاء القانون بشكل استعجالي من أجل معالجة إشكالية الإنسدادات قبيل تنصيب المجالس المنتخبة التي ستفرزها إنتخابات 27 نوفمبر الجاري، لاسيما وان عدد التشكيلات السياسية المتسابقة في الاستحقاق تضاعف كثيرا،  مقارنة بما كانت عليه في المحليات الماضية، وهذا على خلفية الانفتاح السياسي الذي جاء بعد الحراك الشعبي واعتماد تشكيلات جديدة، فضلا عن صعود "الأحرار" كمكون جديد في الساحة السياسية الوطنية.

وشمل التعديل مادتين فقط في القانون وهما المادة 64 والمادة 65 من النص الساري المفعول، إذ تفرعتا إلى أربعة مواد جديدة، تتناول بالتفصيل تحديد آليات تنصيب المجالس المنتخبة بشكل يحول دون انسدادها. وإذ إستهلت المادة الأولى شرح الغرض من الأمر وهو " تعديل وتتممة أحكام  القانون رقم 11-10 المؤرخ في 22 جوان سنة  2011 والمتعلق بالبلدية". تناولت المادة الثانية عملية تنظيم انتخاب رؤساء المجالس الشعبية البلدية، حيث يقترح المشروع، تقليص الأجل المحدد للولاة الجمهورية لاستدعاء المنتخبين الجدد لتنصيب المجلس الشعبي البلدي من 15 يوما إلى 8 أيام فقط".

مقابل هذا أوكلت للمجلس الشعبي البلدي المنصب من قبل الوالي، مهمة انتخاب "المير" الجديد خلال فترة أقصاها 5 أيام بعد تنصيب أعضاء المجلس، على أن تعقد الجلسة تحت رئاسة المنتخب الأكبر سنّا ويتم وضع مكتب مؤقت للإشراف على استقبال الترشيحات وإعداد قوائمهم وفق أحكام المادة الثالثة المعدلة للمادة 64 مكرر.

ووفقا لذات المادة، يقدم المترشح من ضمن القائمة الحائزة على الأغلبية المطلقة، للمقاعد وفي حال عدم حصول أي قائمة على الأغلبية المطلقة، يمكن للقوائم الحائزة على 35 بالمئة على الأقل من المقاعد تقديم مرشح عنها. كما عالجت نفس المادة الحالات الاستثنائية الخاصة بعدم حصول أي قائمة على هذه النسبة من المقاعد، حيث يمكن لجميع القوائم تقديم مرشح عنها.

وحدد النص طبيعة الانتخاب التي تكون سرية، ومتبوعة بالإعلان عن رئيس المجلس الشعبي البلدي الفائز الذي تحصل على الأغلبية المطلقة، وإذا لم يتحصل أي مترشح على الأغلبية المطلقة من الأصوات، يتم تنظيم دور ثان بين المترشحين الحائزين على المرتبتين الأولى والثانية، ويعلن فائزا المترشح المتحصل على أغلبيه الأصوات. وفي حال تساوي الأصوات المتحصل عليها يعلن فائزا المترشح الأكبر سنّا.

في انتظار توسيع الصلاحيات ولامركزية التسيير

وقد شكلت نقطة إعادة الصلاحيات المنتخبين بالمجالس الشعبية البلدية والولائية إحدى القواسم المشتركة لأغلبية المترشحين للانتخابات، حيث تم الإجماع على ضرورة معالجة هذا الإشكال في التعديل المرتقب لقانوني البلدية والولاية.

واستند المترشحون من مختلف التشكيلات إلى قاعدة أن منتخب بدون صلاحيات هو واجهة شعبية بدون فعالية في الميدان، حيث تمكنه الصلاحيات الموسعة من اتخاذ القرارات التي تكون في صالح من منحوه الثقة. بالإضافة الى هذا طالب المترشحون، بتغير النظرة المركزية في تسيير الشأن المحلي من خلال إدراج تعديلات  تمكن المنتخبين من المبادرة في مجالات الاستثمار، الصناعة، الفلاحة والعقار ، وأن يكونوا شركاء فعلين للإدارة في اتخاذ القرارات، "وليس أميارا مكلفين برفع النفايات وتصليح شبكات الصرف الصحي وغيرها من المشاكل التي تعد ثانوية مقارنة بالمشاكل الخاصة بالتنمية الاقتصادية الخلاقة للثروة".

المجتمع المدني شريك فعلي في اتخاذ القرار

ويبرز ضمن الإصلاحات المرتقبة على قانوني البلدية والولاية مكون المجتمع المدني كعنصر جديد في صنع القرار، في إطار الصلاحيات الجديدة التي منحها له الدستور الجديد، حيث ينتظر أن يصبح للمجتمع المدني سواء كان جمعيات محلية كلجان الأحياء أو جمعيات، دور كامل في اتخاذ القرارات داخل المجالس الشعبية ومع الإدارة المركزية، من خلال التأشير على المشاريع ذات الأولوية للمواطن وتلك التي يعتبرها مستعجلة مهما كانت طبيعتها.

وسيمكن إصلاح القانون القادم للبلدية والولاية، من تحقيق رضى المواطن واستقرار الجماعات المحلية وتفادي الاحتجاجات، باعتبار أن صوت الساكنة سيسمع عبر ممثلي المجتمع المدني في اتخاذ أي قرار.