سوق "بلاصة العرب" بقلب مدينة الورود

لوحة فنية شكّلتها حلوى "الدراز" احتفالا برأس السنة

لوحة فنية شكّلتها حلوى "الدراز" احتفالا برأس السنة
  • القراءات: 1538
رشيدة بلال رشيدة بلال

يستقطب سوق "بلاصة العرب" الواقع بقلب مدينة الورود، تزامنا والاحتفال بدخول السنة الأمازيغية الجديدة، أعدادا كبيرة من المواطنين من داخل الولاية وخارجها؛ بغية اقتناء ما يُعرف بحلوى "الدراز"، التي تُعد تقليدا لا بد منه للاحتفال بالمناسبة. وفي المقابل، سارع التجار إلى تزيين محلاتهم بأشهى الحلويات والمكسرات لاستقطاب زوار السوق؛ الأمر الذي حوّل السوق إلى لوحة فنية مفعمة بألوان الحلويات، التي تباينت بين الحلقوم، والشكولاطة، وحلوى الدراجي، والمكسرات، والحلويات التقليدية؛ كحلوى السميد، والكفتة المحضَّرة من الزبيب والعسل والمكسرات.

يقف زائر سوق "بلاصة العرب" الذي يُعد من أقدم الأسواق العريقة بولاية البليدة، على حجم التحضيرات التي يوليها التجار قبل عدة أسابيع من الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، حيث يسارعون إلى توفير كل ما يمكن أن تحتاجه العائلات من لوازم للاحتفال، والتي تنحصر بين وجبة العشاء، التي تتطلب "دجاج عرب" الذي يباع في أزقة السوق؛ من أجل تحضير طبق تقليدي للاحتفال بالمناسبة، وبين التنويع في مختلف الحلويات، التي يُشترط أن تكون حاضرة في ما يسمى بـ "الدراز"، إلى درجة أن المتجول في السوق يعجز عن التمييز بين المحلات؛ لكثرة تشابهها من حيث التحضيرات، وتزيين واجهات المحلات بالألوان والأضواء، التي تعكس رمزية الاحتفال؛ إذ تكاد كلها تتشابه في عرض نفس السلع، ولكن بطريقة تظل مختلفة، خاصة في مجال عرض السلع لاستقطاب الزبائن.

وأكد بعض التجار في معرض حديثهم إلـى "المساء"، أن "الاحتفال بدخول السنة الأمازيغية خاصة بعدما تم ترسيخه وأصبح يوما وطنيا، جعلهم يحرصون كل الحرص، على إعطاء المناسبة كل ما تستحقه من اهتمام؛ لمساعدة الأسر على إحياء عدد من التقاليد التي تتزامن وهذا اليوم، خاصة ما تعلق منها بتحضير وليمة العشاء، واقتناء حلوى الدراز، التي توزَّع على كل أفراد الأسرة؛ تفاؤلا بدخول سنة حلوة على الجميع".

وفي السياق، أشار تاجر آخر: "رغم أن كل الأسواق على مستوى ولاية البليدة تبيع حلوى "الدراز" وغيرها من المستلزمات التي تقتنيها الأسرة للاحتفال برأس السنة الأمازيغية، غير أن الأغلبية يفضلون التردد على سوق "بلاصة العرب"؛ من أجل الاستمتاع بمنظر ما يُعرض من جهة، واختيار ما يحتاجون إليه، والذي يحرص فيه كتاجر، على توفير أجود الأنواع، خاصة في مجال المكسرات؛ كاللوز والجوز والقسطل والبندق"، لافتا، بالمناسبة، إلى أن بعض أنواع المكسرات على غرار اللوز، رغم ارتفاع سعره والذي يصل إلى 1300 دج للكلغ الواحد بينما يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الجوز 1900 كلغ ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحلويات العادية إلى 600 دج، إلا أن الأغلبية يقتنون حاجتهم بغية الاحتفال بالمناسبة، وإسعاد الأطفال".

وحسب ما جاء على لسان بعض النسوة من سكان مدينة الورود، فإن زيارة سوق "بلاصة العرب"، تحوّلت، هي الأخرى، إلى تقليد، لا بد منه عند الاحتفال بدخول السنة الأمازيغية. وحسبهن، فإن السوق يحوي كل ما يحتجن إليه من أجل الاحتفال بالمناسبة؛ من حلويات، ومكسرات، وحنة، وحتى بعض الأكسيسوارات المرتبطة بالتقاليد الأمازيغية؛ كالسلال والمحارم، مشيرات إلى أن أسعار بعض أنواع المكسرات على غرار اللوز والجوز، تسجل ارتفاعا، ومع هذا يقبلن على الشراء كل واحدة حسب حاجتها وقدرتها؛ لأن الاحتفال يفرض عليهن إعطاء المناسبة حقها؛ تيمّنا بسنة جديدة، وسعيدة.

وأشارت السيدة وحيدة بن يوسف إلى أن السبب الرئيس الذي جعلها تزور السوق، هو البحث عن نبات "الجمار"، الذي لا يباع إلا في سوق "بلاصة العرب"، والذي يُعد من رموز الاحتفال بالمناسبة؛ حيث يتم انتزاع لب نبات الجمار وأكله، وهو تقليد، دأبت عليه العائلات البليدية، إلى جانب شراء عدد من المكسرات والحلويات المحضَّرة منزليا، على غرار الكفتة.

وعلى صعيد آخر، سطرت السلطات المحلية على مستوى ولاية البليدة ممثلة في مديرية السياحة والصناعات التقليدية وغرفة الصناعات التقليدية، برنامجا ثريا ومتنوعا للاحتفال بالمناسبة؛ من خلال تنظيم عدد من التظاهرات والمعارض في مختلف بلديات الولاية، على غرار بلدية الشريعة؛ حيث يتم عرض كل التقاليد المرتبطة بالمنطقة؛ من لباس تقليدي، وأكلات شعبية متوارَثة، وحتى بعض العادات والأغاني الشعبية، التي يتم ترديدها احتفالا بالمناسبة.