علي الحاج طاهر:

لو اشترت الدولة أعمال الفنانين لحققت ثروة

لو اشترت الدولة أعمال الفنانين لحققت ثروة
  • القراءات: 808
لطيفة داريب لطيفة داريب

قال الناقد والكاتب علي الحاج طاهر بأن سوق الفن التشكيلي موجود في الجزائر، لكن بشكل غير ناضج وغير منظم، كما أنه لا يخضع للمراقبة ولا حتى للدعم من طرف الدولة، أو المؤسسات الحكومية وحتى المؤسسات الخاصة. بيد أنه يتطلب إنشاء سوق للفن التشكيلي، نظرة سياسية وثقافية تعني الدولة والقطاع الخاص معا، وفي مقدمتها كل المؤسسات التي تهتم من قريب أو من بعيد بالثقافة. هذا يعني أنه يجب أن يكون هناك وعي بأهمية الفن على جميع الأصعدة، سواء الثقافي منه مثل التراث الحي، أو كقيمة اقتصادية وصناعية.

المتحدث يؤكد أن الثقافة تمنح الملايين من الدولارات في الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى في دول أخرى مثل فرنسا واليابان وألمانيا، وتقدم أيضا الملايين من الدولارات لتونس والمغرب، في حين تكلف في الجزائر الكثير من الأموال من دون أن تحقق أهدافها. لهذا اعتبر أنه لكي يتم إنشاء سوق للفن التشكيلي يجب أن تشتري المتاحف أعمال الفنانين الجزائريين والأجانب، وتقدم ميزانية معتبرة (مئات الآلاف من الأورو) للجنة الاقتناء كي تقوم بمهمتها، وتقتني التحف المهمة والعالمية، ليس بالضرورة أن تكون لوحات شهيرة، بل يمكن شراء رسومات ونقوشات لفنانين دوليين، إفريقيين وعرب.

متاحفنا لم تشتر أكثر من 400 عمل فني

يضيف الحاج الطاهر أن متاحفنا لم تشتر أكثر من 400 عمل فني لفنانين جزائريين وأجانب منذ الاستقلال. في حين أن متحف الفنون الجميلة بالجزائر  اشترى أكثر من 800 عمل فني منذ إنشائه سنة 1930 إلى غاية سنة 1962. وهو ما اعتبره الناقد الفني خطأ كبيرا. مضيفا أن الجزائر المستقلة أضاعت ملايين الفرص لجمع أعمال فنانين جزائريين وعالميين،  مثل بيكاسو ودالي ودوكونينغ وجونس وجاسبر وكل عظماء القرن العشرين، واليوم تقدر هذه الأعمال بثروة كبيرة، حتى أعمال إسياخم وخدة وعلي خوجة (الذين حسب المتحدث كانوا يتوسلون لكي تقتنى أعمالهم حينما كانوا على قيد الحياة) لم يُهتم بأعمالهم. كما طالب علي الحاج طاهر بضرورة أن تعتبر وزارة المالية شراء الأعمال الفنية ذات فائدة كبيرة، ليقدم مثالا بإيران التي اقتنت الكثير من الأعمال الفنية الراقية وحققت اليوم ثروة، حيث تستقطب آلاف السياح لزيارتها، مشيرا إلى أن العمل الفني لا يعرف أبدا انخفاضا في قيمته المالية بل العكس تماما، ليدعو إلى تكوين الصحافيين والنقاد في الفن التشكيلي وكذا دفع المؤسسات الخاصة والعمومية لشراء هذه الأعمال،  خاصة أمام خفض قيمة الرسومات بالنسبة للمنتوجات الثقافية. كما تساءل بحيرة عن تنظيم بنك خارجي مستقر في الجزائر لمعارض دولية، في حين أن أكبر  المؤسسات الجزائرية لا ترفع  حتى أصبعها الصغير لصالح الفن الجزائري، لأنها لا تدرك أهمية الفن ولا حتى قيمة إنشاء تراث فني يمكن أن يحقق ثروة للبلد. لهذا دعا الناقد الفني إلى تشجيع فتح الأروقة الخاصة ومنح الورشات للفنانين لكي يتمكنوا من الإنتاج الإبداعي، كما يجب على المؤسسات أن تستعين بالفنانين لتصميم منتوجاتها، وإن لم يتحقق ذلك ـ  فحسب صاحبنا ـ لن نتمكن من إنشاء سوق للفن التشكيلي.

واقع الفن التشكيلي مرتبط بواقع الفنون الأخرى

في المقابل، اعتبر المتحدث أن الجزائر لا تضم الكثير من المنشآت الثقافية، فهي لا تحتوي إلا على عشرات قاعات السينما، في حين  كانت تضم 460 قاعة سنة 1962. كما أنها لا تضم مسرحا في كل ولاية، ونفس الشيء بالنسبة للأروقة، إذ لا تحتوي الجزائر إلا على عشرات الأروقة، وهو نفس العدد الذي نجده في مدينة تونسية. لهذا أكد المتحدث أن الثقافة هي كل هذا ولا يمكن أن نفصل بين الفنون التشكيلية والفنون الأخرى التي يجب أن تتحد جميعها خدمة للبلد، مضيفا أن هناك عشرات من مدارس الفنون الجميلة في الجزائر لكن يسلك عدد قليل فقط من خريجيها طريقا محترفا والبعض الآخر يصحبون فنانين أحرارا، لكن لا أحد يّوظف في مؤسسة وطنية لكي يصمم منتوجاتها، في حين نستورد تصاميم من الخارج. كما أكد علي الحاج طاهر أنه لا يمكن أن يكون هناك تطور صناعي بدون «ديزاين» وفن، مضيفا أن أصحاب المؤسسات يستوردون حتى ملصقات القارورات، في حين يمكن صنعها محليا، فليس هناك إدراك بأن الفن والثقافة يمكن من خلالهما صنع الثروة الاقتصادية، لهذا لم يتم التفكير في خلق إستراتجية ثقافية.

أما عن مساهمته في مجال الفن التشكيلي من جانب النقد الفني، فقال علي الحاج طاهر بأنه تخصص في النقد التشكيلي منذ بداياته في عالم الصحافة، حينما كان طالبا في الجامعة، فعمل في «الجزائر أكتياليتي» و«المجاهد» و«ريفوليسيون أفريكان» وفي عناوين أخرى. وكتب عدة مؤلفات من أهمها «موسوعة الشعر الجزائري باللغة الفرنسية» في جزئين، وكذا مؤلفين صدرا مؤخرا حول الفن التشكيلي الجزائري وهما  «المؤسسون» و«التجريد والطليعية» وكذا بعض  الدراسات حول فنانين جزائريين من بينهم هاشمي عمور.