نادية مزنان طبيبة منسقة بالمصلحة الجوارية برج الكيفان لـ"المساء":

للمرأة.. ميزاتها الخـاصـة في ادارة شؤون الغير

للمرأة.. ميزاتها الخـاصـة في ادارة شؤون الغير
  • القراءات: 728
حاورتها: نور الهدى بوطيبة حاورتها: نور الهدى بوطيبة

تجسّد الطبيبة المنسقة بمصلحة الطب الجواري لبرج الكيفان ببلدية باب الزوار نادية مزنان، الصورة المثالية للمرأة الجزائرية القويّة، التي تحدّت صعاب الحياة والتمييز الذي طالها لكتابة اسم لها في تخصّصها الذي رغم أنّه لم يكن خيارها الأول لظروف سنعرفها خلال الحوار الذي أجرته المساء معها إلاّ أنّ عزمها وبراعتها، وصدقها خاصة، جعلها تعشق عملها وتؤديه على أكمل وجه.

بداية عرّفينا على الدكتورة نادية مزنان؟

أنا جزائرية، أؤمن بإمكانات حواء، وعلى قناعة تامة بأنّ لها ميزات خاصة في تأدية الأمانة.. من عائلة مثقفة، كانت دائما تدعم الذكر والأنثى للدراسة، ولا فرق بينهما، فكنت أتلقى التشجيع العائلي لمتابعة دراستي والتفوّق فيها، كانت رغبة والدي دائما التخرّج والتخصّص في مجال الطب، إلاّ أنّ هذا التخصّص لم يكن يستميلني، بل كنت أعشق البحث العلمي، وأرغب في أن أصبح باحثة في علم المحيطات، نظرا لشخصيتي الفضولية، فدائما ما كنت أبحث لمعرفة غموض العالم وما تحويه المحيطات، فكان خياري الأوّل بعد الحصول على شهادة البكالوريا، بمعدل جيّد، أما خياري الثاني فكان البيطرة، وبعدها الطب، لكن القدر شاء أن يكون عكس رغباتي، ففي تلك المرحلة من حياتي، فقدت أعزّ ما لديّ في الحياة أبي، أمي وأخي، في حادث لا يزال يشكّل غموضا بالنسبة لي، حينها قرّرت أن أحقّق آخر ما رغب فيه والدي، وحينها توجّهت نحو تخصّص الطب، فرغم أنّالدراسة لم تكن سهلة إلاّ أنّه بعزيمتي القويّة، ورغبتي في النجاح أتممت الدراسة، رغم كلّ قساوة الحياة في تلك السن، ولم يكن لديّ أقوى سند في الحياة وهما الوالدين.

كيف كانت بداية مسيرتك المهنية؟ وهل كانت سهلة عليك؟

سأجيب عن أوّل سؤال قبل ذلك، لا بطبيعة الحال الأمر لم يكن سهلا مطلقا، بل بالعكس، خصوصا في بداية مساري المهني، فكنت لا أزال صغيرة جدا، فبعد أن كنت طبيبة مقيمة، كان لي فضل أن أؤدي تكويني في المستشفى العسكري عين النعجة، حينها كان المستشفى مزوّدا بأحدث تكنولوجيات العلاج، فحينها كان لي الحظ لاتكوّن على أيادي مختصين لهم الخبرة الكبيرة في مختلف التخصّصات، لكن بعد إتمام الإقامة واجهت بعض المشاكل فلم يكن الشغل متوفّرا حينها، فبعد صعوبات كبيرة بدأت العمل في مصالح جوارية، وفي الاستعجالات، لكن حينها بدأت العشرية السوداء وبدأ العذاب الحقيقي في العمل.

كيف تخطيت تلك المرحلة التي كانت مرعبة، لاسيما كامرأة؟

العشرية السوداء، رغم كونها ذكرى مرعبة للجزائريين، والكثيرون لا يزالون يعيشون مرارتها، لما خلّفته من آثار نفسية بسبب الصدمات العنيفة التي تلقتها عائلات الضحايا ومن عاشوا مشاهد رعب آنذاك، وتسبّبت خناجره من ترك ندبة ظاهرة للعيان، في سنوات التسعينات، لم يسلم منها الطبيب الذي رغم رسالته النبيلة في إنقاذ حياة البشر والعمل الإنساني الذي يؤديه، إلاّ أنّ البعض لم يكن يسلم من وحشية الإرهاب، ولكوني امرأة، تلقيت الكثير من التهديد المباشر وغير المباشر، دفع بي إلى التوقف عن العمل لأربع سنوات، بعد تلك الفترة، عدت للعمل في ثنية الحدّ بولاية تيسمسيلت، لكن الرعب لم ينته بعد، فبدأت حينها العمل في مصلحة التوليد، وكنا نعمل تحت حراسة أفراد الجيش، تحت ضغط وتوتر شديدين.. كانت حقيقة سنوات من الجمر التي أحرقت قلوب الجزائريين، وكان الطبيب غالبا شاهدا على همجية الظلاميين، وبعد سنوات على تلك الحال، كان سبب تحويل مقر عملي إلى العاصمة، حادث المرور الذي وقع لابني وزوجي آنذاك، ما دفعني إلى توجيه كافة اهتمامي لعائلتي ومحاولة الابتعاد عن ضغوط أخرى، وبدأت العمل في المصلحة الاستعجالية للتوليد بعين طاية.

هل كان الأمر أسهل حينها؟

مقارنة بالعشرية السوداء طبعا، ولكوني امرأة، تلقيت الكثير من الصعاب في المجال، لكن معرفتي العميقة بالقانون وأحكام الطب، وخاصة جديتي في العمل، ما جعل الكثيرين يحاولون كسري، لكنّني صمدت وعملت على إعلاء كلمة الحق، والمثابرة وتلقيت الكثير من العوائق، إلاّ أنّني كنت أؤمن بالرسالة التي أحملها، إلى غاية سنة 2021، حينها اكتفيت من تعب المهمة وتخليت عنها، لمواصلة عملي كطبيبة منسقة، لا تحبذ فكرة تلقي كل الشكر والعرفان لها كطرف واحد، بل لها قناعة أنّ نجاح عمل معيّن لا يكون إلاّ بتظافر جهود جميع العمال، من الموظّف البسيط إلى المسؤول.