الرئيس بوتفليقة يهنّئ الصحافيين ويؤكد :

لا حدود لحرياتكم غير الوطن والدولة والشعب

لا حدود لحرياتكم غير الوطن والدولة والشعب
  • القراءات: 1024
خ.نافع / مليكة. خ/ ع , ونوغي/زهية .ش خ.نافع / مليكة. خ/ ع , ونوغي/زهية .ش

وجه الرئيس بوتفليقة أمس رسالة تهنئة وعرفان ودعم إلى الصحافيين الجزائريين والأسرة الإعلامية عموما بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للصحافة. 

الرئيس أشاد بالتضحيات الجسام المتواصلة لرجال ونساء الإعلام الجزائري منذ المقاومة الوطنية عبر منبر «البصائر» ثم مواكبة مرحلة التحرير بجريدة المجاهد التاريخية وصوت إذاعة الجزائر المكافحة. 

منوها بالصمود الكبير للصحافة الجزائرية مكتوبة ومسموعة ومرئية طوال سنوات المأساة الوطنية التي دفع فيها الصحافيون أرواحهم للدفاع عن الجزائر وأمن الجزائريين والجزائريات والذود عن الجمهورية.

الرئيس بوتفليقة اعتبر أن اختيار هذا التاريخ لم يكن اعتباطيا أو إجراء معزولا بل نابع من سياسة وخيارات تنتهجها الجزائر بحزم وإصرار، وهي تعرف أين تسير. داعيا الصحافيين إلى دعم ومرافقة معركة البناء في جميع المجالات لأن الإعلام ـ كما يؤكد الرئيس في رسالته ـ وسيلة جوهرية لا غنى عنها في معركة البناء الشامل والمتكامل سواء ما تعلق بالديمقراطية والتعددية السياسية وتجذير الحريات، أو فيما تعلق بالاقتصاد والمجال الاجتماعي.

 الرئيس ثمن عملية التشبيب المتواصل في الإعلام الجزائري من خلال قاعات التحرير. وذكر بأن الدستور كرس حقوق حرية الصحافة دون قيد أو حدود إلا ما تعلق بكرامة الناس وحرياتهم وحقوقهم وثوابت الأمة وقيم المجتمع. 

رئيس الجمهورية جدد أمره بالتعجيل في تأسيس سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي نص عليها القانون حتى تكون فضاء آخر لإضفاء المزيد من التفاهم بين السلطة والصحافة المكتوبة من جهة ومساعدة الصحافة الجزائرية على الارتقاء بأدائها في مجالات حرية الرأي وتنوع الأفكار وترسيخ الإيمان بوحدة الأمة والشعب والوطن مهما كانت القناعات والاختلافات. 

لم يفوت الرئيس هذه السانحة ليتطرق إلى تحديات الإعلام الإلكتروني الذي اعتبره تحديا للإعلام الجزائري عموما وللصحافة المكتوبة على الخصوص كونه يقلص من سوقها على سبيل المثال. لابد أن يجري التفكير لوضع ضوابط للصحافة الإلكترونية.

السيد عبد العزيز بوتفليقة أكد أنه كمجاهد، كافح من أجل الحرية ورئيسا للجمهورية وحاميا للدستور ومتشبع ومتمسك بالحريات، يعطي عناية وأولوية خاصة لحرية الإعلام تحديدا. 

حرية الإعلام ترتبط بنقل الحقائق دون سواها. لا سقف لحرياتكم - كما يؤكد الرئيس ـ مخاطبا الصحافيين إلا مصلحة الوطن والشعب والدولة وليس السلطة والأحزاب. هذه هي الحدود والضوابط لا غير. وقبل تجديد التهنئة إلى الإعلاميين، قال الرئيس أنه سيدعم ويؤازر ويدافع عن كل الصحافيين الذين يلتزمون بالضوابط المشار إليها سلفا.  (طالع نص رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس إلى الصحافيين).

رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة اليوم الوطني للصحافة

 بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس (الجمعة)، برسالة عشية اليوم الوطني للصحافة هذا نصها الكامل: 

«بسم الله الرحمن الرحيم 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين 

وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين 

سيداتي، سادتي، 

ها هي ذي الجزائر دائبة على الاحتفال بيومها الوطني للصحافة الذي اخترنا له أن يقام يوم 22 أكتوبر من كل سنة. إن مبادرتنا بسن هذا العيد ليكون خاصا لأسرة الإعلام في بلادنا لها أكثر من غاية. 

إنها تروم أول ما تروم غاية أداء واجب العرفان للإعلام الوطني لاضطلاعه بمرافقة ومؤازرة مطالب شعبنا الأبي ومقاومته منذ مرحلة الصحوة من خلال منبر «البصائر» الشهير إلى مرحلة ثورة أول نوفمبر المجيدة، حيث رافق إبانها فريق تحرير جريدة المجاهد التاريخية وصوت إذاعة الجزائر المكافحة دوي رشاشات مجاهدينا الأشاوس وصرخات أبناء شعبنا وبناته تحت ما كان الاستعمار الغاشم يسلطه عليهم من قمع وتعذيب. 

بهذه المناسبة، يأبى عليّ الواجب إلا أن أنوّه ببسالة الإعلام الوطني وصموده بكل روافده السمعية والمرئية والمكتوبة، إبّان المأساة الوطنية، ذلكم الإعلام الذي نهض في الداخل وعلى الصعيد الخارجي برسالة الدفاع عن أمن الجزائريين والجزائريات، والذود عن بقاء الجمهورية، ومن أجل عودة الوطن الغالي إلى سابق عهده بالسلم والأمن والأمان. 

هذا، وأترحم في هذا المقام، على شهداء الواجب الوطني من الإعلاميين الجزائريين رجالا ونساء. 

أما الغاية الثانية من سن هذا العيد الوطني للصحافة في بلادنا فهي تتمثل في التعبير عن قناعتنا الراسخة بأن الإعلام وسيلة جوهرية لا غنى عنها لمواكبة معركة البناء في جميع الميادين الاقتصادية منها والاجتماعية، وسيلة لا مناص منها من حيث ما تسهم به في ترقية التعددية السياسية وبناء صرح الديمقراطية وتعميم الحس المدني، ووسيلة أساسية في عملية إيصال واقع الجزائر إلى عالم يتميز بهيمنة  لا شفقة فيها ولا رحمة للضعفاء والمستضعفين. 

سيداتي، سادتي، 

إن سن اليوم الوطني للصحافة هذا ليس إجراء معزولا بل هو نابع من سياسة وخيارات تنتهجها الجزائر بحزم وإصرار وهي تعرف إلى أين تسير. 

ففي هذا السياق، نعتز بكل ما سخرته الجامعة الجزائرية في سبيل تكوين خرّيجيها في الإعلام في مختلف أنحاء الوطن. وإننا نفتخر ويحق لنا ذلك، بالدفعات والوجوه الشابة التي أصبحت تملأ قاعات تحرير جرائدنا العديدة، وتزيد، ولله الحمد، من جاذبية شاشاتنا وقنواتنا التلفزيونية. 

وفي نفس النهج، لقد اعتمدت الجزائر تشريعا يحق لنا أن نفتخر به إذ بوأ بلادنا في المكانة الرفيعة من حيث الاعتراف بحرية الإعلام وترسيخها. وفي هذا المضمار، جاء الدستور المعدل في بداية هذه السنة ليؤكد بصريح نصه تكريس حرية الصحافة بكل أشكالها دون أي قيد إلا ما تعلق بكرامة الناس وحرياتهم وحقوقهم، وكذا تكريس حرية بث وترويج المعلومات والأفكار والصور والآراء بحماية من  القانون وفي ظل احترام ثوابت شعبنا وقيمه. ونفس هذا التعديل الدستوري، كرس أيضا حق المواطنين في الحصول على المعلومات عبر الصحافة. 

إن كل هذه المكاسب التي جاء بها تعديل الدستور، أو أكدها تأكيدا أوضح جاءت مواكبة لخطوات ملموسة إيجابية قطعناها في تجسيد قانون الإعلام ميدانيا و على رأسها تلك التي جاءت بتأسيس سلطة الضبط السمعي البصري التي نأمل أن تساهم في ترقية هذا المجال من الإعلام الوطني، وأن تساعده على الوصول إلى المزيد من الاحترافية ومن خدمة المجتمع أوفى خدمة وأحسنها. 

وأغتنم هذه المناسبة السعيدة لأناشد أسرة الصحافة المكتوبة والسلطات العمومية المعنية أن تعملا معا بغية التعجيل بتأسيس سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي نص عليها القانون. ونأمل أن تكون هذه الهيئة، هي الأخرى، فضاء لإضفاء المزيد من التفاهم بين السلطة والصحافة المكتوبة من جهة ولمساعدة الصحافة الجزائرية على الارتقاء بأدائها لا في مجالات حرية الرأي وتنوّع الأفكار والقناعات فحسب، بل وحتى في ترسيخ الإيمان بأننا شعب واحد موحد وبأن بلدنا بلد واحد لا بديل لنا عنه كانت ما كانت القناعات والاتجاهات.  

سيداتي، سادتي، 

أود كذلك أن انتهز هذه الفرصة لأتطرق لأول مرة لموضوع يشكّل تحديا جوهريا لأسرة الإعلام وللجزائر كلها وهو موضوع الإعلام الإلكتروني الذي يهيمن اليوم على المعمورة كلها. إنه تحد للإعلام الوطني وللصحافة المكتوبة منه بالدرجة الأولى كونه يقلص من سوقها على سبيل المثال. وإنه تحد للجزائر برمتها من حيث أنه يأتي في أغلب الأحيان من بلدان أجنبية، ويمكن من التعبير تلميحا إما للشتم والتجريح أو لزرع أفكار هدّامة أو حتى للتهجم الصريح على شعبنا وعلى بلادنا بدون تورع. إن الصحافة الإلكترونية باتت محل تفكير قصد وضع ضوابط لها في دول أخرى، وأملي أن نتمكن، إعلاميين ومسؤولين في الدولة ومجتمع مدني، من إعمال التفكير معا حول هذا الموضوع بالنسبة لبلادنا. 

سيداتي، سادتي، 

لقد وافقت بكل اعتزاز على أن يكون موضوع جائزة رئيس الجمهورية  لهذه السنة «المرأة عامل أساس في التنمية الاقتصادية والاجتماعية». فكيف لا وأسرة الإعلام الوطني تتكون في معظمها من صحافيات وكيف لا، كذلك، والمرأة الجزائرية صنعت تاريخ الجزائر وتصنع الآن حاضرها ومستقبلها. 

وأغتنم هذه الفرصة لأسدي التحيّة لمجاهداتنا الشهيدات منهنّ واللائي قضين نحبهنّ واللائي ما زلنّ يتنظرنّ اللواتي ساهمنّ بكل اقتدار وفعالية في ثورة نوفمبر المظفّرة ثورة المجاهدين والمجاهدات الذين نعتهم المستعمر بالإرهابيين آنذاك  المجاهدات التي تجرأت بعض الأصوات الحاقدة ووصفتهنّ بالإرهابيات معاذ الله. 

وفي الجزائر المستقلة للمرأة وجود ودور وفعالية في جميع المجالات، ولها ما لها من الصمود كلما ألمت بالجزائر محن أو صعاب. إن ذلكم ما جعلنا نفسح أكثر فأكثر مجال السياسة من خلال الدستور والتشريع، وكان الأمر كذلك من خلال المراجعة الأخيرة للدستور إذ أناط بالدولة مهمة السهر على ترقية المناصفة بين المواطنين والمواطنات في مجال العمل. 

سيداتي، سادتي  

كما تعلمون تواجه الجزائر اليوم تحديات شتى سواء أتعلق الأمر بالحفاظ على أمنها واستقرارها في محيط متوتر، أم تعلق بمواصلة مسارها المتجدد على درب البناء والتشييد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا. أمام هذه التحديات كلها يشكّل الإعلام الوطني طرفا أساسا في صنع الرأي العام وفي تعبئة القدرات وشحذ العزائم والهمم. إنني بصفتي مجاهدا كافح من أجل الحرية  ورئيسا للجمهورية وحاميا للدستور  متشبّع ومتمسك بالحرية عامة وتخصيصا بحرية الإعلام بالذات. وإنني أكن الاحترام والتقدير لأبناء وبنات بلادي الذين اختاروا هذه المهنة النبيلة مهنة الصحافة والإعلام. 

ومن ثمّة لا أجيز لنفسي مناشدة أي كان منكم  أيّتها السيدات والسادة ولا مخاطبتكم بمنطق الأبوّة حول مصالح بلادنا وشعبنا، بل أهيب بكم فقط أن تنقلوا الحقائق دون سواها. وأهيب بكم أيضا أن تجعلوا نصب أعينكم الجزائر كوطن ودولة وشعب الجزائر ومصالحها وليس السلطة وليس أي تيار سياسي كان. 

فمن هذا المنطلق وهذا الاتجاه وهذه الضوابط والحدود ستجدونني على الدوام إلى جانبكم مؤازرا لكم ومدافعا عن حقوقكم وداعيا ساعيا إلى ترقية مهنتكم وتيسير ازدهارها. فهنيئا لكم بهذا اليوم الوطني للصحافة الوطنية، وأتمنى لكم  جماعة وفرادى مزيدا من النّجاح والتمكين والازدهار في جزائر السّلم والمصالحة. 

عاشت الجزائر». 

 

الأستاذ ابراهيم ابراهيمي:  قوة الصحافة في التزامها بأخلاقيات المهنة 

يرى أستاذ الإعلام والاتصال السيّد إبراهيم براهيمي، أن حرية التعبير في الجزائر مرت بعدة بمراحل، فبعد الاستقلال كان الصحافيون يتمتعون بالشرعية التاريخية والثقافة الواسعة مثل رضا مالك، الذي كان على رأس جريدة "المجاهد" وزرداني الذي كان مديرا لجريدة الشعب باللغة الفرنسية، ومحمد بوديا الذي اغتاله الإسرائيليون سنة 1973.

في فترة السبعينيات أخذت الصحافة مسارا آخر إذ أصبحت تحت مظلّة النظام لكنها كان لها دور ايجابي بدفاعها عن مبادئ إنسانية سامية في العالم، كما هو الشأن لاستقلال الشعوب، لكن للأسف الجانب النّقدي لم يكن موجودا لكون الصحافة كانت لصيقة بنظام الحزب الواحد.

 بعد أحداث أكتوبر 88، كانت هناك ولادة عسيرة للاحترافية  وأصبح الصحفي يلعب دورا كبيرا خلال العشرية السوداء، حيث كانت الجزائر معزولة تماما بسبب الإرهاب، كما أن الرأي العالمي لم يكن واعيا بالوضعية الاستثنائية التي عاشتها البلاد.

خلال هذه الفترة برز أيضا  دفاع الصحافيين عن مبادئهم وحرياتهم وكان هناك انسجام بين كافة أطياف المجتمع في الدفاع عن الحريات الإنسانية ضد الإرهاب والامبريالية آنذاك. 

 من مزايا الولادة العسيرة هو إنشاء نقابة حرّة للصحافيين، إذ لأول مرة لم يطلب الصحافيون السكن والأجور بل أضحوا يطالبون باحترام مبادئ المهنة. واعتبرت هذه المرحلة من أهم المراحل في ممارسة المهنة بالسماح لهم بإنشاء مؤسسات تابعة للصحافيين لأنه معروف في كل البلدان أن الصحافة إما  تابعة للسلطات الإدارية وإما للسلطات المالية.

في المرحلة الراهنة يمكن للصحافة أن تكون قوة إذا التزمت بمبادئ أخلاقيات المهنة، لكن يجب الإقرار بأن أغلبها لا تمتثل لها، فمن بين 140 جريدة يومية توجد 20 فقط تدافع عن مبادئ المهنة ولا تبحث فقط عن المال.

 فيما يتعلق بالسمعي البصري تخوّفاتنا في السابق تحولت اليوم إلى واقع في ظل الفوضى الكبيرة التي يعيشها القطاع، فمن بين 20 محطة تلفزيونية خاصة نجد محطة إذاعية واحدة، كنا ننتظر أن يكون عدد المحطات الإذاعية  أكبر من القنوات التلفزيونية لأنها أقل كلفة، لكن تبين أن وراء ذلك أهداف إيديولوجية أو مالية لبعض الأطراف وهو ما يشكّل خطرا على التلفزيون في ظل عدم وجود إستراتيجية لمواجهة هيمنة المحطات الأجنبية، رغم ما لدينا من ثروة فكرية هائلة بعضها فضّل الهجرة إلى الخارج، في حين بقيت أخرى على الهامش مفضّلة التزام الصمت.

المحامي نجيب بيطام: المواطن مصاب بـ"تخمة" حرية التعبير

قال المحامي نجيب بيطام إن حرية التعبير من الحقوق المرسخة في الدستور، مشيرا إلى أن الجزائر عرفت تطورا معتبرا في هذا المجال خاصة في السنوات الأخيرة، لدرجة أن المواطن أصيب بـ«التخمة" جراء هذه الحرية وأضحى يعتقد بأنها تسمح له بالمس بأعراض الناس، في ظل عدم وجود متابعات على مستوى القضاء، رغم تجاوز الحدود التي رسمتها القوانين والدستور بالنسبة لقطاع الإعلام.

المتحدث أوضح لـ«المساء" أن حرية الإعلام عرفت قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة ولا أدل على ذلك من رفع التجريم عن أعمال الصحفي أو عن الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها خلال ممارسته للمهنة. وذلك في الوقت الذي تصر فيه بعض القنوات التلفزيونية على تجاوز الحدود التي رسمتها القوانين.

بيطام اعتبر أن رفع التجريم يعد تطورا معتبرا في الجزائر وأن ذلك  غير موجود في الكثير من الدول، إذ يكفي إجراء مقارنات مع دول من العالم الثالث وإفريقيامثلا .

المحامي الذي يعد عضوا في رابطة حقوق الإنسان أوضح أن  الخطوات المشجعة التي حققتها الصحافة الجزائرية لا تعني بأنها  خالية من الشوائب، بل مازلنا –كما أضاف- نشهد المساس بمبادئ حرية التعبير لكن ليس بالمستوى الذي ينذر بالخطر.

المحامي أكد أن نضال الصحافيين كفيل بأن يوصل إلى حل تفاوضي مع السلطة حول هذه المسالة، مضيفا أن وسائل الإعلام لا تحسن التعامل في بعض الحالات مع الوضع السائد في البلاد أي ما يسمى بالنظام العام.

المتحدث قال في هذا السياق إن بعض وسائل الإعلام المكتوبة تؤجج الوضع ولا تراعي مبدأ المصلحة العليا للبلاد، مما يضطر السلطة في بعض الحالات إلى تجاوز حدود تعاملها مع بعض المسائل. وأوضح أن  هذا الأمر لا يقتصر على الجزائر فقط بل هو موجود أيضا في الدول الغربية كفرنسا التي شهدت تفجيرات في باريس العام الماضي، عندما  أوقفت الدولة الفرنسية صحفيا كتب مقالا ينتقد فيه تأخر تدخل  مصالح الأمن في هذه الأحداث وهو ما اعتبر مساسا بالنظام العام.

المحامي خالد بورايو  ...الصحافيون الجزائريون حققوا إنجازات كبيرة

ثمّن المحامي خالد بورايو، في تصريح لـ«المساء" الإنجازات التي حقّقها الصحافيون الجزائريون خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه لم يسبق لأي نخبة وطنية وأن  حققت مثل هذه المكتسبات الكبيرة في المجتمع الجزائري، لا سيما خلال العشرية السوداء، إذ دفع رجال الإعلام ثمن وقوفهم إلى جانب كلمة الحق في محاربة الإرهاب.

   بورايو أوضح أن الصحافة الجزائرية أضحت منبرا للمواطنين لطرح انشغالاتهم  وشكاويهم قصد إيصالها إلى السلطات المعنية.

رغم ما تتمتع به الصحافة الجزائرية من حرية بعد تكريس التعددية الإعلامية، أوضح المحامي أن قيودا مازالت تمارس على الصحافيين وحرية التعبير لا سيما فيما يتعلق بالترخيص لإنشاء الجرائد والقنوات التلفزيونية، مضيفا أن ذلك يعد تراجعا عن المبادئ المكرسة في قانون الإعلام لسنة 1989.

كما طالب بورايو، بضرورة فتح المجال للمعارضة للإدلاء بآرائها  ومواقفها عبر التلفزة الوطنية وفسح المجال للرأي والرأي الآخر، من منطلق أن ذلك يعد ركيزة الديمقراطية.

المحامي ميلود براهيمي: حرية التعبير في الجزائر محترمة

وصف المحامي ميلود براهيمي حرية التعبير في الجزائر بـ«المحترمة "عموما، مشيرا في تصريح لـ«المساء" إلى أن أحداث أكتوبر فتحت المجال للتعددية الإعلامية التي ولدت نخبة رائدة من الصحافيين المحترفين، الذين ناضلوا من أجل الارتقاء بمبادئ الحرية لا سيما خلال العشرية السوداء.

براهيمي أقر بوجود بعض الانحرافات من قبل بعض الصحفيين الذين تعدوا على أخلاقيات المهنة لا سيما في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن ذلك مرده نقص التاطير وفهم مبادئ المهنة من قبل الصحفيين الشباب. 

المحامي أوضح أن التجربة الجزائرية رائدة في مجال الحرية على مستوى الدول العربية والإسلامية رغم ما يشوبها من نقائص، مؤكدا انه يمكن العمل أكثر لتحسين الأوضاع وتطوير التجربة.

فاروق قسنطيني: وفود أجنبية معجبة بحرية التعبير في الجزائر

  أكد رئيس اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، أن حرية التعبير في الجزائر تحسنت بشكل معتبر وأنه شخصيا التقى الوفود الأجنبية وسفراء من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الذين أعربوا له عن إعجابهم بالحرية التي تتمتع بها الصحافة في الجزائر.

قسنطيني قال في تصريح لـ«المساء" إن الصحافة في الجزائر حرة  وتعلن عن أفكارها بكل جرأة إلى حد تجاوز الحدود، داعيا في هذا السياق إلى الارتقاء بالخطاب الإعلامي إلى المستوى المطلوب.

كما أوضح أنه بالرغم من وجود جرائد همها الوحيد هو جمع الأموال  حتى إذا تعلق الأمر بالمساس بالحياة الشخصية للآخرين، إلا أن  هناك وسائل إعلام أخرى معروفة باحترامها لقوانين المهنة.

الدكتور لعقاب بمنتدى "الجمهورية" بوهران... الصحافة المكتوبة تعيش مرحلة تحول حرجة

أكد الدكتور محمد لعقاب أستاذ بكلية الإعلام بجامعة الجزائر، أن الصحافة المكتوبة تعيش حاليا مرحلة تحول حرجة على المستوى العالمي بسبب الأزمة المالية التي يعرفها العالم، زيادة على التوجه نحو إنشاء الصحافة الإلكترونية التي ستقتصد تكاليف الطباعة والتوزيع.  وخلال تنشيطه ـ بمنتدى جريدة "الجمهورية" أول أمس ـ لمحاضرة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للصحافة حول واقع الإعلام في الجزائر، قال الدكتور لعقاب إن قطاع السمعي البصري جاء ليعزز الحيوية التي يشهدها قطاع الإعلام والاتصال ببلادنا منذ عقدين من الزمن، موضحا أن الإذاعة الجزائرية الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي بإمكانها إيصال مشاكل وانشغلات ساكنة ولايات الوطن للسلطات المحلية وتبليغ الإجراءات التي تتخذها هذه الأخيرة، وهو مهم جدا باعتبارها الأكثر انتشارا حاليا ببلادنا. 

ويرى المحاضر أن رمزية هذا اليوم الوطني الذي يحتفي بالصحافة الوطنية تكمن في دلالتين، هما أن السلطات العمومية تولي أهمية كبيرة لقطاع الإعلام ودوره في المجتمع من حيث أنه الجسر الذي يقرب بينها وبين المواطنين، وكذلك أن وسائل الإعلام في العالم بصفة عامة أصبحت هي الفاعل الأساسي في حياة المجتمعات سواء أثناء السلم أو في أوقات الأزمات، ولذلك لابد من وقفة سنوية حتى نقيّم ما تحقّق من مكاسب وما سجل من نقائص لتطوير القطاع.

الأستاذ كمال راشدي: لا وجود لقناة تلفزيونية قانونية واحدة في الجزائر

قال أستاذ الإعلام السيّد كمال راشدي، أن دستور 1989 كرس حرية التعبير في شقيها السياسي والإعلامي، وذلك بإنشاء الأحزاب والجمعيات وتعزيز التعددية الإعلامية في البلاد التي كانت تجربة رائدة رغم حداثتها آنذاك، مضيفا أن تجاوزات تلك الفترة لم تسجل من قبل الإعلاميين، بل كانت من طرف السياسيين لاسيما في بداية التسعينيات وهو ما أدخل الجزائر في متاهات العشرية السوداء.

الأستاذ راشدي، لم يشاطر رأي البعض الذي يرى أنه كان هناك تضييق على الحريات في تلك الفترة في ظل  الأوضاع الصعبة التي مرت بها البلاد، مشيرا إلى أن الوضع كان يقتضي أن تنظم هذه الحرية لفائدة  المصلحة الوطنية لا سيما وأن وسائل الإعلام كانت تستغل من قبل أطراف داعمة للجماعات الإرهابية لم تتوان في ترويع وترهيب المواطنين.

المتحدث أوضح أنه كان لزاما على السلطات آنذاك مراقبة نشر المعلومات خاصة الأمنية منها، وقد حدث ذلك في حرب الخليج الأولى عندما قام "البنتاغون" بغربلة ما كان ينشر في الصحافة. فهو ليس إبداعا جزائريا لا سيما وأن البلاد كانت في حالة طوارئ، لكن في المقابل يجب تسجيل مسألة إنشاء المحاكم الخاصة التي كانت تحاكم الصحافيين وهي محطة سوداء في مسار الصحافة في الجزائر، مثلما أضاف. 

كما أوضح أنه بعد سنة 2000 بدأت الأمور تعود إلى مجراها الطبيعي بانتفاء عملية محاكمة الصحافيين ورفع الضغوطات القانونية التي كانت تمارسها السلطة عليهم. لكن يجب الاعتراف  ـ كما قال ـ في المقابل بأن العشرية السوداء كان لها انعكاس سلبي على ممارسة الصحافة، حيث أصبحت تلتزم بالقوانين. وكقانونيين لم نعد نفرّق بين ما يجب نشره وما لا يجب نشره خاصة مع فتح قطاع السمعي البصري.

المتحدث أشار إلى أن بعض الإعلاميين لا يخضعون لا للضمير ولا للقاعدتين الأخلاقية والقانونية قائلا في هذا الصدد "نتفهم بأن حماس الصحافيين الشباب ربما يؤدي في بعض الأحيان إلى التهور لا سيما فيما يتعلق بنشر المعلومة، في حين كان يفترض تأطير هؤلاء الشباب".

السيّد راشدي، استطرد في هذا الصدد بأن وزير الاتصال أشار إلى وجود  5 قنوات تلفزيونية قانونية غير أنه في  نظره لا توجد ولا واحدة قانونية لأنها موجودة كقنوات قائمة بذاتها، الجزائر تعتمد مكاتب هذه القنوات وليس قنوات بكاملها التي لا وجود لها أصلا في الخارج، فضلا عن أنها لا تخضع لا للقانون الجزائري ولا للأجنبي، كما يجب التنبيه إلى أن بعض القنوات أضحت تمارس  الفتنة وتمس باستقرار البلد .

كما أكد ضرورة تنصيب هيئات لضبط العمل الإعلامي في قطاع السمعي البصري لاسيما وأن القانون ينص على إنشائها في حدود 24 شهرا. والأمر نفسه بالنسبة للصحافة المكتوبة ـ يضيف أستاذ الإعلام ـ الذي دعا إلى إيلاء هذه المهمة لأهل المهنة في ظل احترام المصلحة الوطنية التي يجب أن تكون القاسم المشترك بين كافة وسائل الإعلام، غير أن  الجانب التجاري أضحى يطغى على المعلومة، حيث أصبحت بين أيدي مجموعة قليلة توجهها حسب مصالحها.

السيّد راشدي، قال إنه  ليس من مهمة الوسيلة الإعلامية أن تكون فاعلا سياسيا أو أن تلعب دور المعارضة، فالصحافة العمومية يجب أن تقوم بدور الخدمة العمومية، كما أنه على الصحافة المستقلّة ألا تكون تابعة لا للسلطة ولا للمعارضة.

في الفترة الراهنة وبعد التعديل الدستوري سجل أستاذ الإعلام قفزة نوعية في حرية التعبير والنشاط السياسي، بمنح الفرصة للأحزاب لاقتراح القوانين على مستوى المجلس الشعبي الوطني، علاوة على ترقية العمل السياسي للمرأة وتحرير الاستثمار في الجانب الاقتصادي. موضحا أنه في قطاع الإعلام أصبحت حرية الإعلام حرية دستورية وألغيت الصفة الجنائية عن الصحفيين. واقترح السيّد راشدي، في هذا الصدد تعديل قانون العقوبات وإخراج كل ما له علاقة بجرائم الصحافة وإدراجه ضمن قانون الإعلام ، فضلا عن تشريع قوانين تساير أحكام الدستور.

الدكتور خوجة في محاضرة بالمدرسة العليا للشرطة:  خطوات هامة تحققت في علاقة الأمن بالصحافة

أكد الدكتور محمد خوجة والأستاذ بمعهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أول أمس بالمدرسة العليا للشرطة، "علي تونسي" بالعاصمة، أن الأمن الوطني حقق خطوات هامة في علاقته مع وسائل الإعلام وانفتاحه عليها، من خلال اعتماده على آليات مختلفة للاتصال والسعي لتحقيق إعلام أمني هادف والتقرب من المواطن.

وأشار المتحدث في مداخلة له، بمناسبة اليوم الوطني للصحافة المصادف لـ22 أكتوبر، تحت عنوان "جهود المديرية العامة للأمن الوطني في ترقية الإعلام الأمني، من خلال الإستراتيجية الإعلامية المنتهجة في مجال الاتصال المؤسساتي"، إلى أن هذا الاتصال، تحول إلى عنصر مهم في غرس الثقافة الأمنية وتدعيم ثقافة المواطن، وانتقال الشرطة الجزائرية من الحضور المجسد  إلى التأثير في المجتمع من خلال اعتماد عدة آليات للاتصال.

وذكر المحاضر، أن هناك إستراتيجية جديدة للعمل الجواري للشرطة الجزائرية، من خلال الاستثمار في تكوين العنصر البشري، والبحث عن فضاءات أخرى للتواصل مع المواطن، وكيفية التأثير عن طريق الإقناع وليس عن طريق التخويف، وذلك باستعمال عدة طرق، منها النشاطات الاتصالية التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني.

و في هذا الصدد، أشار إلى منتدى الأمن الوطني، الذي وصل إلى الطبعة الـ123، يعد لبنة لتطور الاتصال الأمني، وفرصة للتشاور حول الظواهر التي تحدث في المجتمع وكيفية محاربتها، حيث بإمكان هذا المنتدى الإعلامي ـ يقول المحاضر ـ أن يتحول في المستقبل إلى مؤسسة قائمة بذاتها.

من جهة أخرى، أشار إلى التحديث والتشبيب الذي عرفته مؤسسة الشرطة، والخطوات التي قطعتها فيما يخص الاتصال بوسائل الإعلام، وتمكينهم من الحصول على المعلومة الأمنية ومعالجة المواضيع بشفافية، حيث تطورت العلاقة في السنوات الأخيرة بين مديرية الأمن الوطني والصحافة، وتجسيد مبدأ حق المواطن في معرفة ما يحدث في محيطه، خاصة أن غياب المعلومة يؤدي إلى تضليله. 

ومن بين الآليات التي تم اعتمادها لترقية الإعلام الأمني وتقريب الشرطة أكثر من المواطن، حسب الدكتور خوجة، مكتب السمعي البصري الذي يعد تحولا نوعيا في النظر للصورة، وإدراك ضرورة مخاطبة المواطنين عن طريقها، فضلا عن مكتب الإعلام الأمني وأهميته في التواصل والسماح للمواطن بمعرفة مختلف المعلومات التي يرغب فيها، والحرص على تواجد الشرطة في صفحات التواصل الاجتماعي، وفي المعارض التي تنظم فيها أيام إعلامية والأبواب المفتوحة، لخلق علاقة شراكة وتعاون بين الأمن والمواطن، خاصة أن فعاليات الصالونات يتواجد فيها المواطنون بكثرة، إضافة إلى الاعتماد على مكتب إذاعة الأمن الوطني، ومجلة الشرطة ومكتب العلاقات العامة، الذي يسهل الاتصال بكل فعاليات المجتمع المدني والباحثين والطلبة للحصول على المعلومات والتوجيه وإعداد البحوث العلمية.

يذكر أن مديرية الأمن الوطني كرمت بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، في ختام الندوة التي نظمتها، الأستاذ السابق في معهد علوم الإعلام والاتصال زهير إحدادن الذي تسلمت ابنتاه الجائزة نيابة عنه.