نبيلة طالبي بالقرش مسيرة وكالة كراء السيارات:

لا أعترف بوجود مهن رجالية وأخرى نسائية

لا أعترف بوجود مهن رجالية وأخرى نسائية
  • القراءات: 1672
 رشيدة بلال رشيدة بلال

 اختارت السيدة نبيلة طالبي بالقرش، مهندسة في البيولوجيا خريجة جامعة هواري بومدين عالم  كراء السيارات لأنها، كما تقول، لا تعترف  بوجود مهن رجالية وأخرى نسائية، وأن «الفرق الوحيد يكمن في النجاح من عدمه في أي مجال يتوقف على حب الفرد لمهنته ومدى استعداده  لتقديم الأفضل وتحمل الصعوبات وتجاوز العراقيل»، «المساء» تقدمت من السيدة نبيلة، المربية،  التاجرة والمهندسة ورئيسة جمعية (ضوء القمر الخيرية) لتسليط الضوء على كفاحها في سبيل أن تثبت للقريب والبعيد أن المرأة قادرة على العطاء وتحقيق النجاح.

أبت السيدة نبيلة طالبي، في بداية حديثها إلا أن تبدأ من يوم تخرجها من الجامعة والتوجه نحو الحياة المهنية، حيث كانت المحطة الأولى في التعليم، اشتغلت معلمة أول الامر وبعد أن  تزوجت  ورزقت ببنتين  كانت غريزة الأمومة أقوى من أن تتمسك بعملها، فما كان منها إلا أن عادت الى دورها البيولوجي، غير أن القدر أراد أن تعود أدراجها للعمل بعد أن فقدت رفيق دربها وكان لزاما عليها  البحث عن عمل لتلبية احتياجات أسرتها الصغيرة.

ذهب تفكيرها الى وضع ثلاثة مشاريع كان أولها الإشراف على مطعم، والثاني  فتح محل للألعاب، وآخرها فتح محل لكراء السيارات، وبين هذا وذاك قادها فضولها إلى خوض تجربة جديدة على الرغم من أن كل محيطها العائلي والأصداء حاولوا قدر الإمكان  إثناءها عن ذلك بتخويفها من خوض هذه التجربة من منطلق أنها لا تفهم في السيارات وانه مجال  صعب فشل في إدارته حتى الرجال وبالتالي حظها كإمرة  لن يكون أوفر.

غير أن هذا لم يزدها إلا إصرارا على  إثبات العكس وأنها الأقدر على النجاح فيه ولعل ما حمسها أكثر لهذا المشروع دون غيره انه مكنها من  التوفيق بين التزاماتها العائلية من جهة وبين الإشراف على تسير العمل عن بعد بالاعتماد على الهاتف.

وتقول المتحدثة: "كانت الانطلاقة بسيارتين واليوم أشرف على وكالة تحوي عددا من السيارات ولا أخفيكم لكثرة الطلب أصبحت عاجزة عن تلبية رغبات زبائني في الحصول فوريا على سيارة ".

وحول الصعوبات التي  واجهتها خاصة وأنها لم تكن  تملك أدنى فكرة عن عالم كراء السيارات، أكدت أن افتقارها للخبرة المهنية في المجال كلفها  الكثير، حيث تعرضت  في أكثر من مرة لبعض الممارسات منها إلحاق أضرار بالسيارة وبحكم أنها لم تكن تملك خبرة في السيارات كان من الصعب عليها اكتشاف سبب العطب وبتوجيهها للإصلاح استغرق ذلك وقتا الأمر الذي الحق بها خسائر مالية وكان هذا  أول درس عملي تعلمته.

فضلا عن إقدام البعض من  طالبي الكراء على تغير العجلات وسرقة البطارية وغيرها من قطع الغيار الأخرى فيما  اتجه البعض الآخر الى استغلال السيارة في بعض أعمال التهريب  وحتى في ارتكاب بعض الجرائم، وشيئا فشيئا تقول "بدأت أتعلم خبايا المهنة وأدرس الأشخاص قبل الموافقة على الكراء، ولعل أول ما قمت به قبل أن  يكون لدي معرفة بكل مكونات السيارة دهن كل أجزائها بطلاء الاظافر لأتيقن من أن  قطع الغيار لم تغيير  غير أني سرعان ما تخليت عن هذا الحل بعد أن أصبح لدى معرفة واسعة بكل مكونات السيارة.

بعد مضى أكثر من ثماني سنوات على ممارستها حيث كانت  تعتبر السيدة الثانية في الجزائر التي ولجت هذا العالم الصعب، أصبح في إمكانها التمييز بين زبائنها ومعرفة من يستحق أن تقدم له سيارتها  لقضاء حوائجه وبين من لا تأتمنه على  مورد رزقها حيث قالت :«وضعت قاعدة  للعمل على مستوى وكالتي، حيث امتنع عن  كراء السيارة  لحديثي السياقة والشباب الأقل من 25 سنة من المتهورين الذين  يطلبون السيارات من أجل المغامرة، اذ يقل لديهم الحس بالمسؤولية كما أنهم أكثر عرضة لارتكاب الحوادث أو الإضرار بالسيارة  و ماعدا ذلك أتعاقد من  كل من يقصد وكالتي".

وحول مدى تقبل المرأة في عالم كان الى وقت قريب حكرا على الرجال من منطلق أنهم  الأقدر على فهم عالم السيارات، أكدت محدثتنا أنها  باقتحامها عالم كراء السيارات وتطفلها على هذه المهنة الرجالية غيرت هذا المعتقد واثبت  لكل من شكك في قدراتها أن المرأة قادرة على إحداث التغيير وأكثر من هذا تؤكد أن بعض أصحاب وكالات كراء السيارات من الرجال  تقربوا منها  وقدموا لها يد المساعدة بالنظر الى إصرارها وحماسها  ورغبتها في النجاح حيث تؤكد أنها حقيقية دخلت هذا العالم من دون أدنى فكرة عنه سوى انه عمل يقتضي توفر سيارة وزبون للكراء، غير أن التجارب من جهة وتدخل بعض المهنيين من أصحاب الوكالة لدعمها وتحكمها في تقنيات التواصل مع الزبون ساعدها على النجاح.

تشعر اليوم التاجرة نبيلة، بكثير من الفخر لأنها تمكنت من رفع التحدي وأثبتت للمحيطين بها أنها قادرة على النجاح وتمكنت أيضا من تغير بعض المعتقدات التي طالما ارتبطت بالمرأة على أنها الطرف الضعيف وغير قادرة على تجاوز الصعاب وأنها تعتبر فريسة سهلة المنال مشيرة إلى أن  الواقع يقدم دائما نماذج تدل على أن المرأة  ذكية وقادرة على الادارة وهي أفضل بكثير من الرجل في تحمل المسؤولية وتضرب مثلا بنفسها تقول: "تمكنت بعون الله من التوفيق بين عملي بالوكالة وبين تربية بنتاي والإشراف على تسير الجمعية التي أسعى من خلالها الى دعم الفئات الهشة وتطلع في القريب العاجل للترشح على مستوى المجالس البلدية لأني املك طموحا لا حدود له".