هضبة بني سنوس بتلمسان تخرج عن المألوف

"كرنفال ايراد".. مهرجان تنكري بدلالات عميقة

"كرنفال ايراد".. مهرجان تنكري بدلالات عميقة
  • القراءات: 721
  نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تخرج منطقة بني سنوس بولاية تلمسان "بطابعها الأمازيغي"، عند الاحتفال برأس السنة الجديدة يناير، عن المألوف في طريقة استقبالها لهذه السنة الجديدة، حيث يميزها المهرجان الشعبي الاستعراضي "كرنافال ايراد"، الذي يعني اللبؤة، حيث يتنكر فيه المحتفلون، في أزياء أسود ولبؤات، في جو من البهجة والسرور، إذ تحمل الحيوانات دلالة عميقة في ثقافة تلك المنطقة الشعبية وذاكرة أهلها، نظرا لتحديات قساوة الطبيعة هناك، ومشقة الحصول على الرزق.

 

وسط التلال الجبلية، تمتد مدينة بني سنوس، التي عاصرت عدة حضارات ولا تزال تحافظ على عاداتها، من تلمسان، وصولا إلى منطقة الريف في المغرب، تعد من أقدم الحضارات بشمال إفريقيا، تمسكت قبائلها بالعادات والتقاليد العريقة، اشتهرت بني سنوس بأنها مقصد الملوك الزيانيين والموحدين والمرابطين، أصل قبائلها من البربر الذين يتحدثون الشلحية، وهي لغة أمازيغية محلية، حيث يحافظ سكان المنطقة، على عادة إقامة حفلات "ايراد"، احتفاء بنصر زعيم الأمازيغ ششناق على الملك الفرعوني رامسيس، في المعركة التي دارت رحالها في جبال بني سنوس، سنة 950 قبل الميلاد، وتقام هناك العديد من مظاهر الاحتفاء بليلة رأس السنة الأمازيغية.

وحسب المؤرخين من المنطقة، فإن أصل الاحتفال بـ«ايراد"، راجع للتاريخ والبيئة التي يعيش فيها السكان، فالعجوز عند بني سنوس تلقب باللبؤة، كونها رمز الهمة والوقر والنشاط، كما أن المحاصيل الزراعية والحيوانات تعبر عن شدة ارتباط سكان المنطقة بطبيعتهم، وتدل على الثقافة الشعبية التي لا تتجزأ عن البرية التي يعيشونها، وهذا ما يعطي ذلك المفهوم لـ«كرنفال ايراد".

سكان بني سنوس يحتفلون بـ«ايراد"، بتنكرهم بأزياء الأسد واللبؤة والشبل، أي صغير الأسد، ويخرجون إلى الشارع منذ الصباح أحيانا ثلاثة أيام قبل رأس السنة، للرقص والغناء والاحتفال في أجواء تميزها عن باقي احتفالات المنطقة بالدربوكة والبندير، وهي آلة الطبل المحلي للمنطقة، يستمتع بها خصوصا الأطفال الذين يجدون متعة الهروب من هؤلاء المتنكرين بالركض والضحك.. ويهتف شباب المنطقة المتنكرين بأغان شعبية "اطاح الليل حنا جيرانكم حلو بابكم"، بعد تجمعهم في ساحة صغيرة بالقرية وتوجههم جميعا إلى ضريح الولي الصالح "سيدي أحمد"، في أجواء احتفالية استثنائية، يقصدون بعدها إحدى البيوت التي تتميز بالأحواش العربية، ويدخلونها بعد سماح أهل البيت لهم، يتناولون ما طاب من تحضيرات أهلها، ثم يدعون لهم بالخير والبركة ويواصلون مشوارهم بين أزقة القرية.

كما تحضر العائلات التلمسانية كغيرها من العائلات الجزائرية، لاستقبال السنة الأمازيغية، بمجموعة من الأكلات الشعبية وأطباق من الحلويات والمكسرات، يقول صنهاجي، حيث تنطلق التحضيرات منذ الصباح، يتم عادة تحضير الكسكسي بالخضار السبع، و«البركوكس بـ«الخليع" وهو اللحم المجفف، وكذا "التريدة"، إلى جانب تحضير العديد من الحلويات المحلية، كـ«الغريوش، الغريبية، الكعك، البغرير والمسمن".