أسعار السلع والخدمات بالمناطق الساحلية

كابوس يفسد الراحة والاستجمام

كابوس يفسد الراحة والاستجمام
  • القراءات: 628
/  رضوان.ق / رضوان.ق

جشع التجار حوّل نعمة السياحة والراحة والاستجمام إلى كابوس يلاحق المصطافين أينما حلوا وارتحلوا، ويطال حتى سكان المناطق الساحلية الذين أحرقت جيوبهم نار الأسعار الملتهبة التي يوقدها التجار كل موسم اصطياف "ترحيبا" بالوافدين من مختلف الولايات والأقطار... وقد بلغت درجة الجشع ذروتها، حسبما تشير تقارير مراسلي "المساء"، منها أن قارورة الماء المعدني المبرد ببومرداس وصلت حدود 100 دج، وكيس الحليب بعنابة يبلغ 80 دج، وغيرها من المواد الغذائية واسعة الاستهلاك التي تضاعفت أثمانها، ولم يجد السياح والسكان على حد سواء تفسيرا مقنعا لذلك... فأينما وليت وجهك شطر المناطق الساحلية بالشرق أوالغرب أوالوسط، تلفحك نيران الأسعار وتنفرك تصرفات الجشعين، لكن رغم ذلك فالمواطنون الباحثون عن الراحة والتسلية وكسر الروتين والضغط بقبلون على مضض هذه التجاوزات، كونهم لا يجدون البديل ولا خيارلهم، ولا يلمسون تدخلات مصالح المراقبة التي تكتفي دائما بالتطمينات.   

تعرف أسعار المنتجات الغذائية والمواد الواسعة الاستهلاك بشواطئ وهران ارتفاعا غير مسبوق، تجاوز كل المعقول وذلك مقارنة بباقي السنوات الماضية، حسب زوار السواحل الوهرانية، حيث قدرت الزيادة بين 30 و70 دج في بعض المنتجات في وقت يبقى فيه المصطاف يدفع ثمن الزيادات في غياب تام لمصالح مديرية التجارة وقمع الغش.

أعرب مئات المواطنين من قاصدي شواطئ الكورنيش الوهراني عن استغرابهم للارتفاع الكبير في أسعار المواد الاستهلاكية بمختلف أنواعها أمام غياب وسيلة لردع هذه الزيادات، خاصة على مستوى المحلات التجارية والنظامية والتي أصبح مسيروها يفرضون تسعيرة تختلف من محل إلى آخر.

وحسب بعض المواطنين، فإن هذه الزيادات تبقى بعيدة عن القدرة الشرائية للمواطن، موضحين بأن الاستغلال بلغ أوجه بشواطئ وهران، فحيثما تقدمت نحو الشواطئ تجد الأسعار تختلف وترتفع، وقد أكد مواطنون بأن التجار يستغلون موسم الصيف والسياحة لفرض تسعيراتهم، خاصة أنهم يعلمون بأن معظم قاصدي الشواطئ ليسوا من سكان المدينة الأمر الذي اعتبره المصطافون استغلالا وابتزازا بكل معنى الكلمة.

وأوضح أحد المصطافين بالقول: "كيف يعقل أن تصل تسعيرة قارورة ماء معدني 60 دج وثمنها الحقيقي يقدر بـ 30دج"، موضحا بأن ثمن القارورة يختلف أيضا إن كانت باردة أو دافئة، حيث يعرض عليك البائع الثمن حسب برودة وسخونة الماء معربا عن انزعاجه لهذه الوضعية.

وهو ما ذهب إليه أيضا مصطاف صادفناه بشاطئ الأندلسيات الذي يعد قبلة للمصطافين من كل أرجاء الوطن ومن خارجه، قائلا بأن ما يحدث بشاطئ الأندلسيات خارج كل القوانين لأن الأسعار بلغت ذروتها، حيث أوضح المتحدث بأن الأسعار ترتفع كلما تقدمت نحو شاطئ الأندلسيات بدليل، ـ يضيف المتحدث ـ أن قارورة مشروب غازي تعرض في المحلات بوسط المدينة بـ 70دج، وشواطئ عين الترك معروضة بـ 100دج، وبالأندلسيات تصل إلى 150دج وهي مفارقة عجيبة لا تجدها إلا بشاطئ الأندلسيات.

كما أن ذلك لا يتوقف عند هذا الحدث، فمحلات الأكل تفرض هي الأخرى تسعيرة خاصة، حيث لا يمكنك تناول أي وجبة تقل عن 1200دج، وهي التسعيرة التي لا يمكن لجميع المواطنين مجاراتها والتماشي معها.

كما أعرب مواطن عرّفنا على نفسه بأنه أستاذ جامعي، بأن على السلطات التدخل قصد إنعاش السياحة الداخلية، موضحا بأن فرض مثل هذه التسعيرة لا تحفز على خلق سياحة داخلية وتنموية. وقد أشار المتحدث إلى أن غياب ثقافة استهلاكية لدى المواطنين دفع إلى تنامي مثل هذه الظواهر المناسباتية مقدما مثلا لشهر رمضان والأعياد الدينية وما يترتب عنها خرق القوانين والتشريعات المعمول بها.

بالمقابل، تقربنا من صاحب محل تجاري بمنطقة الأندلسيات والذي أوضح بأنه يعمل منذ سنوات بهذا المحل والذي يعرف إقبالا كبيرا من الزبائن، وقد صرح التاجر بأن التسعيرة المفروضة على الزبائن معقولة، حسب وصفه مستدلا بعدة تبريرات أولها أن محله لا يعرف مثل هذا النشاط سوى خلال موسم الصيف وباقي أشهر السنة يبقى بدون عمل، مضيفا أن كل المنتوجات التي يعرضها يشتريها من وسط مدينة وهران ما يجعله يدفع تسعيرة مرتفعة لجلبها للزبائن بشاطئ الأندلسيات، وهو ما يدفعه لفرض هذه الزيادات التي يدفعها ضمن تسعيرة المنتجات المعروضة للبيع.

وعن الزيادات التي تقارب 100 بالمائة في بعض المنتجات، أكد المتحدث بأن ذلك معمول به وبرضا الزبون الذي يشتري دون أن يرفض هذه الزيادة، موضحا بالقول "نحن نعرض السلع بأسعار والزبون حر في الشراء".

كما توجهنا إلى شاطئ الصنوبر الواقع ببلدية وهران، حيث أكد صاحب محل تجاري بأن التسعيرة المفروضة موسمية بسبب الطلب، موضحا بأن "التجار غير الشرعيين المنتشرين بالشواطئ يعرضون سلعا بأثمان تتجاوز ما نعرضه نحن وتلقى إقبالا من الزبائن لذلك نحن أيضا نتماشى مع هذه التسعيرات".

كما كشف بائع غير شرعي وضع طاولة أمام مدخل مسكن مقابل للشاطئ بأن هذه التسعيرة مؤقتة، موضحا بأنه لا يشتغل طيلة السنة ولذلك يغتنم فرصة موسم الصيف بتحويل مرآب مسكنه العائلي لمحل تجاري لعرض المواد الاستهلاكية للبيع بأثمان باهظة.

وأضاف المتحدث بأنه يجلب هذه السلع من مدينة وهران ويعرضها للزبائن بالشاطئ مباشرة، حيث يجنبهم مشقة البحث عن محل تجاري وسط مدينة عين الترك لذلك يفرض هذه التسعيرة والكل يشتري دون تردد حسب قوله. 

والغريب في الأمر أنه وحتى بعض المنتجات التي وضعت عليها أسعار تحدد ثمنها تعرف زيادة على غرار إحدى منتجات المشروبات الغازية التي كتب عليها بالبند العريض 100 دج والتي تباع بمبلغ 200دج وهو نفس الشيء بالنسبة لنوع من الجبن الذي كتب عليه مبلغ 120 دج ولكنه يباع بمبلغ 180 دج للعلبة الواحدة.