المؤرخ عمار محند عامر لـ "المساء":

فرق كبير بين التاريخ والذاكرة.. والتخوين ليس مصطلحا تاريخيا

فرق كبير بين التاريخ والذاكرة.. والتخوين ليس مصطلحا تاريخيا
  • القراءات: 2511
لطيفة داريب لطيفة داريب

أكّد المؤرّخ عمار محند عامر لـ"المساء" وجود فرق كبير بين التاريخ والذاكرة، مضيفا أنّ التاريخ هو مادة علمية تهتم بالوقائع التاريخية والمؤرخون هم أهل الاختصاص فيها. وقال إنّ الحديث عن الذاكرة يقودنا إلى عالم معقد جدا، لأنّ هناك عدة ذاكرات، فهناك الذاكرة الوطنية والذاكرة المحلية والذاكرة العائلية. في هذا السياق، قال عامر إنّ المواطن الجزائري من حقه الاستفسار عن التاريخ لكن هذا لا يعدّ تاريخا بل ذاكرة، مضيفا أن هناك خلطا بين الاثنين، وتابع مجددا "حينما نطلب من المؤرّخين اتّخاذ موقف مع أو ضد ما كُتب أو صُرح في الجرائد، وهو ما حدث مؤخرا في قضية الأمير عبد القادر، نرتكب خطأ جسيما، فمصطلح التخوين ليس في القاموس الأكاديمي للمؤرخ".

وتأسف مدير قسم الأنثروبولوجيا الاجتماعية للتاريخ والذاكرة في المركز الوطني للبحوث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية "كراسك" لطغيان الذاكرة على التاريخ، مضيفا أن كل من هبّ ودبّ أصبح مؤرخا. وأشار المؤرخ إلى أن الضوابط العلمية التي يعتمد عليها المؤرخ لا تخصّ المواطن العادي وليس مجبرا على احترامها، لينتقل إلى واقع تاريخنا اليوم الذي طغت عليه صفة "الخيانة" وهو ما اعتبره مؤسفا للغاية بل "وخيم" إلى درجة كبيرة، ويبرز معضلة علاقتنا بالماضي وكيفية تثمينه وهذه هي الإشكالية. ودعا الباحث في كراسك وهران إلى تثمين الذاكرة من خلال منح الوسائل لمخابر الجامعات ومراكز البحث، وهو ما سيؤدي الى تكوين جدي للمؤرخين، وكذا فتح الأرشيف في الجزائر. كما دعا الدكتور إلى تشجيع طلبة الثانويات في الاهتمام بالعلوم الاجتماعية مثل التاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، مؤكّدا وجود عدد شحيح من المؤرخين والمختصين في العلوم الاجتماعية والفلاسفة وغيرهم وهو ما نتج عنه  فراغ كبير في هذا المجال.

واعتبر محدّث "المساء" أن وظيفة التأريخ أصبح مهنة متاحة للجميع، مقدما مثالا ببعض الأشخاص الذين يدّعون أنّهم مؤرخون ويستقبلون في القنوات الخاصة، وتمنح لهم صفة أو لقب مؤرخ ويقوم بعضهم بتخوين قامة في تاريخ الجزائر، في حين أنّ هذه القنوات نادرا ما تستضيف المؤرخين الحقيقيين. وتمنى عامر لو تفتح قناة "الذاكرة" أبوابها للمؤرخين باعتبار أنّها قناة مختصّة في الذاكرة وأن يتحدّث فيها المؤرخون عن كلّ المواضيع بكلّ أريحية، خاصة وأنّ هناك اهتماما كبيرا للتاريخ الوطني القديم لكن هذا الاهتمام تم توظيفه في بعض الحالات لقضايا معينة. وتطرق الدكتور إلى الدرس الأوّل في التاريخ وهو احترام السياق التاريخي للأحداث، مضيفا أنّ من يتحدّثون عن الأمير عبد القادر يعتمدون على السياق الحالي، متسائلا "أين هي الجهة الشرقية أو حتى الغربية، كنا نعيش وضعا مزريا، وقد قاوم الأمير بما استطاع، فما الجدوى من الاتهامات والابتعاد عن السياق التاريخي وعن العرف السائد آنذاك في المفاوضات والاتفاقيات".

وأضاف قائلا: "حينما نقرأ الرسائل التي كان يكتبها الأمير نفهم الوضع السائد في تلك الفترة، الناس لم يقرؤوا كتابا أو مقالا عن الأمير وتحوّلوا إلى أصحاب الاختصاص، أين التواضع أرجوكم؟". بالمقابل، اعتبر عامر أنّ حجة البعض في عدم فتح الأرشيف، في إمكانية عدم تقبّل الجزائريين فيما سيتم الكشف عنه، باطلة لا معنى لها، بل قضية مفتعلة، حيث أنّه اشتغل على الأرشيف، كما أنّ الأرشيف مقنّن ولا يفتح بطريقة عشوائية.

وقال، في هذا السياق، إن هناك أرشيفا لا يفتح إلاّ بعد 120 سنة من تسجيل الحادثة التاريخية المعيّنة، مشيرا إلى أنّ الأرشيف لم يفتح ومع ذلك شهدنا فضائح لم تتأت من مؤرخين بل من غيرهم، لأنّ المؤرّخ يملك رؤية هادفة باردة وموضوعية للحدث التاريخي. وأكّد المتحدّث أن الأرشيف حقّ من الحقوق في الدولة الجزائرية الديمقراطية، وبالتالي من حق الجزائري أن تفتح له أبواب الأرشيف في إطار قانوني، فهناك أرشيف عادي وآخر معقّد والجزائر لها قانون في هذا الشأن إلاّ أنّه لا يطبّق.

وعاد عامر إلى الحديث عن قضية تخوين شخصيات وطنية، وقال إنّه "لا يجب أن نخوّن آباءنا وأمهاتنا، فاليوم نبدأ بالأمير ثم ننتقل إلى المقراني وعميروش وبن مهيدي وغيرهم"، مشيرا إلى أنّ "التخوين ليس بمصطلحا تاريخيا بل هو مصطلح ديماغوجي". وأضاف "إنّنا في التاريخ لا نتّهم الآخرين بالخيانة مثلما يحدث في السياسة، معتبرا أنّ المواطن البسيط يمكن له أن يصف من خانوا القضية الجزائرية بـ"الحركى، مضيفا بقوله: لكن أن يتمّ تخوين الأمير عبد القادر ومصالي الحاج والرئيس بومدين فهذا غير مقبول البتة".

لطيفة داريب

 


 

خلال ندوة تاريخية ببسكرة.. جرائم فرنسا الاستعمارية لا تسقط بالتقادم

توجت أشغال الندوة التاريخية المنعقدة بقاعة المحاضرات بمتحف المجاهد العقيد محمد شعباني ببسكرة، أمس، بإصدار جملة من التوصيات، لعل أبرزها مطالبة فرنسا بالاعتراف الرسمي والقانوني بجرائمها البشعة، وتقديم الدلائل الدامغة من خلال ملفات تتضمن أرقام، والتأكيد على أهمية ملف المفقودين.

وشملت تلك التوصيات حث النخبة المثقفة على تحمل مسؤولياتها في تدوين التاريخ الوطني، مواكبة للمجهودات التي تقوم بها السلطات الرسمية، وإعطاء ملف الذاكرة أهمية كبيرة، لاسيما المتعلقة بالفترة الاستعمارية، الاستمرار في مطالبة فرنسا باسترجاع ما أخذته من أرشيف ورؤوس الشهداء وجماجم أبطال الثورات الشعبية، ولا يتعلق الأمر حسب تلك التوصيات بتاريخ احتلال الجزائر فقط، بل ما قبل تلك الحقبة، على غرار قضية مدفع بابا مرزوق. وتضمنت أيضا العمل على تشكيل لجنة وطنية تضم مؤرخين وحقوقيين ومختصين في القانون الدولي لتحقيق النتائج المرجوة، وتشجيع الباحثين والطلبة على كتابة تاريخ الجزائر وتكوين مختصين في كتابة تاريخ ثورة التحرير المظفرة، وتكوين باحثين ومختصين في الأرشيف لتأهيلهم في كيفية وآليات التفاوض مع فرنسا حول عملية استرجاع الارشيف للحد من اية مراوغة فرنسية في هذا المجال، والعمل على ترميم مراكز جيش الاحتلال الفرنسي التي تعتبر دليل مادي على  تلك الجرائم.

فضلا عن المطالبة بحصر وترميم وصيانة مراكز التعذيب ببسكرة، لأنها تعتبر دليلا ثابتا على تلك الجرائم الوحشية ضد المواطنين العزل، ومحاولة ترجمة ما كتبه الفرنسيون حول تاريخ فرنسا بالجزائر من أجل الرد عليها. وثمّن، في هذا الشأن، الطاهر جمعي، رئيس جمعية تاريخ بلادي للتراث والثقافة مجهودات رئيس الجمهورية التي كللت باسترجاع جماجم بعض الشهداء، مؤكدا أن العمل لا يزال طويلا وأن ما قامت به السلطات العليا في البلاد يعد عربون وفاء لهؤلاء الأبطال، مشيرا في معرض مداخلته المطولة إلى ملحمة معركة الزعاطشة التي تكبد فيها العدو خسائر في أفراده، حيث قتل 1500 جندي.

وشدّد الدكتور عادل رزيق أستاذ القانون بجامعة بسكرة على أهمية مطالبة فرنسا الاعتراف بجرائمها، أن أركان الجريمة متوفرة، مشيرا إلى قواعد القانون الدولي لاسيما ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي تحظر استهداف المدنيين، متأسفا لقيام فرنسا بجرائم يندى لها الجبين. وقال الوالي عبد الله أبي نوار، إن أبطال الجزائر قدموا النفس والنفيس لاستعادة الاستقلال وطرد المستعمر إلى غير رجعة، وعلى جيل الاستقلال النهوض بهذا البلد الذي يتمتع بكل المؤهلات، مشدّدا على ضرورة الانخراط في العملية التنموية التي تعمل السلطات العليا في البلاد على تحقيقها، والتي تعد عربون وفاء للشهداء.

تجدر الإشارة إلى أن النشاط تخلله تكريم رئيس الجمهورية نظير قيامه بعمل جبار حول استرجاع جماجم الشهداء، وتكريم أحفاد الشيخ بوزيان، منهم محمد الصغير البالغ من العمر 100 سنة، الذي حرص على حضور هذه الندوة التاريخية التي تابع خلالها الحضور شريط وثائقي حول كرونولوجيا استرجاع جماجم  الشهداء، ومعركة الزعاطشة والمجازر التي اقترفها أربيون وزمرته في حق سكان الزعاطشة.

نورالدين. ع

 


 

احتفالات عيدي الشباب والاستقلال بقسنطينة.. مواكب استعراضية..مسابقات وتدشين مشاريع تنموية

شهدت ولاية قسنطينة، ابتداء من الفاتح جويلية، وبمناسبة الاحتفالات بالذكرى 59 لعيدي الشباب والاستقلال، المصادفة للخامس جويلية من كل سنة، عديد النشاطات التي أطرتها مختلف المديريات تحت إشراف السلطات الولائية وبمشاركة عدد كبير من الشباب المؤطرين عبر جمعيات المجتمع المدني أو الجمعيات الفنية، الثقافية والرياضية. ونظمت عشية الحدث، مديرية الشباب والرياضة بالتنسيق مع مديرية الثقافة وبلدية قسنطينة، مواكب استعراضية انطلاقا من دار الثقافة مالك حداد باتجاه المسرح الجهوي بوسط المدينة، عبر شارع المقاومة باتجاه نقطة الدوران "الهرم" نزولا إلى شارع عواطي مصطفى إلى ممرات بن بولعيد وصولا إلى ساحة الفاتح نوفمبر والاستقرار بساحة أحمد باي "دنيا الطرائف" حيث تم تقديم مختلف العروض الرياضية.

وحسب رئيس مصلحة الرياضية بمديرية الشباب والرياضة، السيد عبد الحميد هوام، فإن القافلة الاستعراضية ضمت العديد من اللوحات الفنية والرياضية التي نشطها أطفال وشباب من مختلف الجمعيات الرياضية في عديد الرياضات على غرار الرياضات القتالية وعلى رأسها الملاكمة، الجيدو والكارتي بحضور الدمى العملاقة والمهرجين. احتفالات 5 جويلية بقسنطينة، التي ميزها تنظيم عديد الدورات الرياضية بين الأحياء في مختلف الفئات، عرفت تنظيم مسابقة وطنية للفروسية في القفز على الحواجز، تم تنظيمها من طرف نادي نجم الشرق ببلدية عين عبيد بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة بحضور السلطات الولائية ورئيس الاتحادية الجزائرية للفروسية وشهدت هذه الدورة على امتداد أيّامها الثلاثة، انطلاقا من الفاتح جويلية، منافسات قوية بين الفرسان في مختلف الفئات أشبال، أواسط وأكابر، ليتم في آخر المسابقة تكريم الفائزين والفائزات.

من جهتها، اغتنمت دار الثقافة والفنون مالك حداد المناسبة، من أجل تنظيم يوم 5 جويلية، استعراض تاريخي ضخم، يحاكي مظاهر الفرحة بالاستقلال سنة 1962، من خلال إشراك تشكيلة سيارات قديمة تعود لسنوات الخمسينيات، حافلات عتيقة شاركت في مسيرات الاستقلال، وفود بالزي التقليدي من ملايا وحايك ولباس تقليدي لرجال ونساء يرفعون الأعلام الوطنية بالإضافة إلى مشاركة فرق الفرسان والبارود، كما شملت الاحتفالية تنظيم معارض في الفنون التشكيلية، الصور التاريخية، الكتب التاريخي وعرض كوريغرافي لجمعية جسور مع تقديم عرضا مسرحيا بعنوان "مسيرة كفاح" من إخراج عمار صيمودة. احتفالات الخامس من جويلية بعاصمة الشرق، ميزها أيضا، نشاطات تارخية بحضور الأسرة الثورة، كما عرفت المناسبة تدشين بعض المشاريع الشبابية على غرار الملعب البلدي ببلدية زيغود يوسف الذي يتسع لـ2000 متفرجا، والذي حمل اسم الشهيد بوشريحة عباس، كما عرفت المناسبة توزيع عدد معتبر من السكنات في مختلف الصيغ.

زبير. ز