تعود كل صائفة ويعتبرها السكان المناطق عقوبة

غلاء أسعار المستلزمات بالمدن الساحلية.. ضريبة موسمية

غلاء أسعار المستلزمات بالمدن الساحلية.. ضريبة موسمية
  • القراءات: 1046
حنان.س/ كريم.ب/ نور بوطيبة حنان.س/ كريم.ب/ نور بوطيبة

أكد مواطنون يقطنون بالمدن الساحلية أنهم يدفعون ضريبة سكنهم القريب من الشاطئ مع كل موسم صيفي بسبب إلتهاب الأسعار التي عادة ما يكون أعداد السياح المتوافدين سببا وراءها، ونفوا في حديث لـ«المساء" وجود ضوابط تنظم الحياة التجارية، إذ تعرف أسعار أبسط الحاجيات زيادة وصفوها بغير المقبولة، مؤكدين أنهم يقعون ضحايا جشع التجار في مواسم العطل، وهو ما يخلق لديهم الكثير من الاضطراب في حياتهم اليومية، فيما وقفت "المساء" على تطبيق سعرين مختلفين بمدينة زموري البحري أحدهما خاص بالسياح والآخر بالسكان الأصليين!

الواجهة البحرية لبومرداس..ازدحام وأسعار ملتهبة!!

تعرف الواجهة البحرية لمدينة بومرداس اكتظاظا كبيرا خلال الصائفة الجارية، حيث يتوافد عليها السياح من كل حدب وصوب للاستمتاع بالاستجمام بين رمال شاطئيها المركزيين الأول والثاني، حيث تتميز المنطقة بمؤهلات طبيعية وسياحية تمكنها من استقطاب أعداد هائلة من السياح السنة تلو الأخرى، وهو ما يخلق حركة تجارية مكثفة سواء بالنسبة لاستئجار السكنات للسياح التي يصل معدل الكراء بها إلى مليون سنتيم لليلة الواحدة، أوبالنسبة للمحلات المتراصة على طول الكورنيش التي تتضاعف الأسعار بها إلى حد جنوني في غياب أي رقابة أو ضوابط.

في السياق، تحدثت "المساء" إلى سكان الواجهة البحرية، وهم أصحاب سكنات خاصة أو فِلل، ممن اعتبروا حدثيهم إلـ "المساء" بمثابة الاستغاثة من "وضع خارج عن كل سلطة رقابية"، يقول مواطن من حي يسمى "البحري" القريب جدا من الواجهة البحرية، مؤكدا أنه ليس فقط أسعار كراء السكنات الذي يلتهب في الصيف وإنما أبسط حاجيات المواطنين مثل الخبز الذي يصل سعره إلى 20 دينارا للخبزة الواحدة وقارورة ماء معدني لحدود 100 دينار. وأرجع المتحدث السبب إلى توافد آلاف السياح والمصطافين من داخل وخارج الوطن على هذا المكان تحديدا ببومرداس نظر لجمال شواطئه وكورنيشه وصخب المكان المفعم بالحركة طيلة موسم العطل.

من جهتها، أكدت قاطنة أخرى بنفس الحي أنها لا تقتني أي شيء من المحلات بالواجهة حتى وإن كانت على مرمى قدم من بيتها، مفضلة بذلك قصد وسط المدينة البعيد لاقتناء مستلزماتها عوض دفع "بروسيه" مثلما تقول، مؤكدة أن التجار يطبقون أسعارا جنونية على مختلف السلع كالخبز والحليب المعلب والسكر والزيت وحتى المثلجات والسكاكر بفعل التوافد الكبير للسياح خاصة منهم المغتربين "أصحاب الشكارة" المستعدين لدفع أي سعر يطلب منهم مقابل قارورة ماء أو علبة جبن طازج أو خبز، ونحن من يدفع ثمن هذا "الهْبال"، تعلق المتحدثة مضيفة "تصوروا أن الفليكسي بـ20 دينارا فقط لأننا قرب الشاطئ!"..

زموري البحري ..مدينة سياحية رهينة لاسمها!!

وبزموري البحري جنوب شرقي ولاية بومرداس كان الواقع مشابها في الكثير من المناحي. فسكان حي "اللوتيسمو" الجامع بين سكنات فردية لأصحابها وبين سكنات جاهزة نصبت بعد زلزال 2003، اشتكوا من نوع آخر من الضريبة الصيفية التي يدفعونها رغما عنهم، فزيادة عن نار الأسعار المطبقة على مختلف الحاجيات فإنهم يشتكون من نفاذها بسرعة بسبب كثرة الوافدين من السياح على الحي.

في السياق، حدثتنا أم مصطفى التي استوقفناها وهي بطريقها إلى موقف الحافلات، تقول إن الصيف بالنسبة لها عقوبة مضاعفة، فزيادة عن الجلبة والصخب التي يحدثها المصطافون والغلاء الذي تعرفه مختلف الحاجيات، فإنها تصطدم بواقع مر آخر وهو نفاذ المستلزمات في وقت مبكر من النهار بفعل التهافت الكبير للسياح عليها.

وتؤكد ذات المتحدثة أنها كثيرا ما تقصد مدينة زموري مضطرة للتبضع أو حتى شراء أكياس الحليب، هذا الأخير الذي ينفذ قبل التاسعة صباحا ـ حسب تأكيدها ـ وهو ما يجعلها "تتربص" بمواعيد قدوم الشاحنة المزودة بهذه المادة الحيوية حتى تأخذ نصيب أسرتها منه قبل "هجوم" المصطافين عليها، مثلما تقول.

وبالمثل، تقول مواطنة أخرى تقطن بموقع البيوت الجاهزة باللوتيسمو مؤكدة أنه إذا لم تأخذ احتياطها بشراء الخبز عند الثامنة صباحا على أكثر تقدير، فإنها تضطر لتحضيره بالمنزل (أي تحضير خبز الدار) أو ترسل أولادها إلـى زموري، وهذا بسبب التهافت الكبير على هذه المادة الأساسية سواء من طرف المصطافين أوالمطاعم التي يعرف نشاطها انتعاشا ملحوظا خلال هذه الفترة.

في السياق يؤكد محمد العامل بالمخبزة الوحيدة بالحي أمر التهافت الكبير على الخبز بسبب التوافد الكبير للمصطافين، وقال إن مخبزته تنتج في الأيام العادية 1500 خبزة يوميا، ليتضاعف العدد اليوم إلى 3000 خبزة يوميا بفعل إقبال المصطافين "ورغم ذلك نسجل عجزا لتلبية الطلب بفعل المخيمات الصيفية والمطاعم ومحلات الأكل السريع وحتى الطلب العادي للسكان والوافدين على المكان، ولا يمكننا مضاعفة الإنتاج بسب قدم العتاد لـ«الكوشة" وعدم اتساعها".

تطبيق سعرين: أحدهما للسياح وآخر لسكان المرسى!

من جهته، يؤكد تاجر مواد غذائية بنفس الحي أمر تضاعف أسعار المستلزمات في الصيف، مؤكدا أن الموسم الصيفي يؤثر في منحى الأسعار صعودا وهبوطا، وقال إن كل الحاجيات من مواد أساسية وخضر وفواكه تخضع لقانون العرض والطلب "وعليه لا يمكن الجزم بأن التجار يعمدون إلى رفع الأسعار بسبب الصيف.

نفس التاجر أكد لنا أن السلع الوحيدة التي تعرف زيادة في أسعارها بالمدن المحاذية للشواطئ هي المياه المعدنية والمشروبات الغازية، ملفتا إلى أن سعر قارورة ماء معدني بزموري البحري وصل إلى 40 دينارا، أما على الشاطئ فسعرها قد يصل إلى 100 دينار سواء لدى الباعة المتجولين أوفي المطاعم. أما سعر قارورة كوكا كولا سعة 2 لتر فقد قفز إلى 140 دينارا، وهو نفس ما أكده لنا فاتح صاحب مساحة تجارية "سوبيرات" بمنطقة المرسى بزموري البحري، مؤكدا أن الطلب الكبير على المياه والمشروبات الغازية يجعل أسعارها كالبارومتر في تزايد إلى حين عودة السياح إلى ديارهم وانتهاء الموسم الصيفي.

وبمحاذاة "السوبيرات"، تحدثنا إلى شابين قالا إنهما يقطنان بالمرسى، لما سألناهما عن ظاهرة غلاء الأسعار في الصيف لم يتوانيا عن تأكيدها ولكنهما لفتا إلى ظاهرة أخرى، حيث يعمد تجار المرسى إلى تطبيق سعرين مختلفين أحدهما خاص بالسياح والآخر بالسكان الأصليين، حيث أكد نبيل أن سعر قارورة الماء المعدني قد يصل إلى 50 دينارا "ولكن البائع لا يتجرأ ويبيعني القارورة بهذا السعر لأنه يدرك غدا بعد انتهاء الصيف أنني لن اشتري منه وقس على ذلك بالنسبة لكل السكان ومعنى ذلك غلق المحل التجاري، إذ يطبق التجار كما ترون سعرين مختلفين سواء للمواد الغذائية أو المطاعم"، فيما يبدي زميله فتحي بعض الليونة على تصرف تجار المرسى بقوله إن المنطقة سياحية على خلاف باقي أيام السنة التي تعرف ركودا مخيفا، خاصة في غياب التنمية المحلية ونقص الكثير من الخدمات لاسيما الخدمات الصحية المقتصرة في قاعة علاج موصدة الأبواب على طول الخط، إلى جانب غياب صيدلية وأمور أخرى "لذلك فإنه من الطبيعي للتجار أن يستغلوا مناسبة الصيف حيث تنتعش المنطقة لرفع الأسعار وتحقيق بعض الربح".

جدير بالذكر أن بالمرسى حانوت واحد لبيع الخضر وآخر لبيع الفواكه يفتحان فقط برسم الموسم الصيفي ويوصدان بعدها وهما أصلا عبارة عن مساحة على قارعة البولفار ـ مثلما يسمى - مغلقة بالقصب، أما الأسعار المطبقة فأقل ما توصف أنها مُحرقة لتزيد بذلك من حرارة الأجواء حرا آخر، فالبطاطا بـ60 دج والطماطم بـ150 دينارا والفلفل الحلو بـ100 إلى 150 دينارا، الدلاع بـ80 للكلغ والبطيخ بـ55 دج والعنب بـ300 دج..فمن يزايد!! والأمر لا يقف هنا فسعر الكيلوغرام من اللحوم البيضاء وصل إلى 360 بزموري البحري و410 دينار بمدينة تيقزيرت حسب أصداء وردت إلينا من هناك، وسعر لحم الخروف وصل إلى 1350 دج حسب مصطاف من ولاية البيض استأجر شاليه بحي اللوتيسمو بزموري البحري، أما السلع ذات الاستهلاك الواسع مثل العجائن والسكر ومواد التنظيف فهي الأخرى عرفت زيادة ولكنها طفيفة قد تصل على أكثر تقدير 5 دنانير ولكنها تبقى زيادة موسمية تشكل ضريبة لسكان المدن الشاطئية..

غلاء فاحش لأسعار المواد الغذائية ببومرداس   تجار متحايلون ومصطافون يدفعون الضريبة

تشهد أسعار أغلب المواد الغذائية على الشريط الساحلي الشرقي للعاصمة وصولا إلى بومرداس إلتهابا محسوسا وارتفاعا جنونيا مع حلول موسم الاصطياف، وبات التجار يفرضون أسعارا خيالية، مغتنمين فرصة توافد المصطافين وتهافتهم على اقتناء ما يلزمهم من مواد غذائية، حتى لو كان سعرها غير معقول.

الجولة الاستطلاعية التي قادت "المساء" نحو بعض المحلات المتخصصة في بيع المواد الغذائية، كشفت التغير الحاصل في أسعار هذه المواد، حيث عمد أغلب التجار من أصحاب المحلات التجارية المتواجدة على الشريط الساحلي إلى الزيادة في تسعيرة المواد الغذائية، تتراوح ما بين 10 دنانير إلى غاية 50 دينارا في المنتوج الواحد، ضاربين عرض الحائط بكل التعليمات والقوانين المنظمة للنشاط التجاري.

قارورة الماء بـ 100 دج والمراقبة غائبة

سألنا صاحب محل لبيع المواد الغذائية، عن سعر قارورة ماء باردة فأكد لنا أنها بـ 50 دينارا، في حين بلغ سعرها عند أحد المحلات المتواجدة بشاطئ قورصو الرئيسي 100 دينار، وهي الأسعار التي باتت تنفر المصطافين، لكن أمام غياب البديل باتوا مرغمين على اقتنائها.

وأكد أحد التجار، أن الزيادة المعتمدة في بعض أسعار المواد الغذائية، قد تشمل بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع، فالتاجر من حقه رفع سعر الماء بعد تبريده في الثلاجة واستهلاكه للكهرباء، شأنه شأن المشروبات الغازية، على الأقل لضمان هامش الربح لديه، مشيرا إلى أن مديرية التجارية لا تتدخل في الأسعار وتحديدها، المهم هو إشهار الأسعار على المنتوج.

ويضيف موزع المياه المعدنية بالجملة، أن هامش الربح الذي قد يحققه في قارورة الماء ذات سعة 1.5 لتر، لا يتعدى دينارين (2)، فيما يجني التاجر صاحب المحل التجاري المحاذي للشريط الساحلي أزيد من 40 دينارا كهامش ربح صافي، مؤكدا أن تجارة المياه المعدنية تعد من أكبر أنواع التجارة رواجها خلال موسم الاصطياف.

محلات الأكل السريع تحافظ على رهانها

المطاعم، ومحلات الأكل السريع، حافظت تقريبا على نفس التسعيرات المعتمدة على مدار السنة، حيث يقل الإقبال على المطاعم، بالنظر إلى توجه أغلبية المصطافين لمحلات بيع الأكل السريع المحاذية للشواطئ، غير أن أصحاب المحلات أكدوا لنا أنهم ضاعفوا عملهم خلال الفترة المسائية والليلية لاستقبال العدد الكبير للزبائن والمصطافين، غير معتمدين بذلك على أسعار جديدة، فهمهم الوحيد هو جلب أكبر قدر ممكن من الزبائن الذين حوّلوا وجهتهم إلى الشواطئ.

أعوان مديرية التجارة في مهمة صعبة

الزيارات الميدانية التفقدية لأعوان مراقبة السلع وقمع الغش التابعين لمديرية التجارة، لم يعودوا قادرين على متابعة كل صغيرة وكبيرة على مستوى المحلات، لاسيما تلك المتخصصة في بيع الأكل السريع والمطاعم أمام العدد القليل للمراقبين وتواجد معظهم في عطلة سنوية، حيث يقومون بزيارات تفقدية لمعاينة نوعية السلع وكيفية عرضها للزبون في ظروف صحية ملائمة، متناسين بذلك الأسعار الفاحشة التي باتت معتمدة على مستوى المحلات المتواجدة بالشريط الساحلي، والأهم لدى أعوان المراقبة التأكيد على اعتماد الأسعار بالنسبة للمواد الغذائية المدعمة وعدم الزيادة فيها، وكذا التركيز على جانب النظافة، وإشهار الأسعار في المحل، إذ عادة ما يتلاعب بها التجار ليبقى الزبون مستهلكا من الطراز الأول. 

عبد العزيز بلقايد رئيس بلدية سطاوالي لـ"المساء"  لجنة خاصة لضمان استقرار الأسعار وسلامة المواد الغذائية

أكد السيد عبد العزيز بلقايد رئيس بلدية سطاوالي، أن البلدية قد وضعت مخططا خاصا بالموسم الصيفي من أجل تنظيم البرامج المسطرة لهذه الفترة من السنة التي تشهد إقبالا متزايدا من السياح المتوافدين من جميع ربوع الوطن ومن خارجه والذين قال إنهم يعدون بالملايين. 

وفيما يتعلق بالأسعار التي قد تتضاعف بفعل التوافد الكبير للسياح على هذه المدينة الساحلية، أكد المتحدث أن مصالح البلدية نصبت لجنة خاصة بالموسم الصيفي لتشديد الرقابة على الأسعار خلال الصيف، كونها الفترة الزمنية التي يستغلها العديد من التجار لرفع أسعار الكثير من المستلزمات وعلى رأسها الخضر والفواكه والكثير من المواد الغذائية الأخرى. "إلا أن الهيئة التابعة لمصالح الرقابة تسهر بشكل دائم على تحقيق استقرار الأسعار، ومنع كل التجاوزات ومعاقبة كل من يحاول استغلال موسم الاصطياف لفرض منطقه في الأسعار"، يقول المسؤول في تصريح خاص لـ«المساء".

ومن مهام تلك اللجنة "تشديد الرقابة والسهر على صحة المواطن التي تبقى هي الانشغال الرئيسي لنا، وذلك بمراقبة صلاحية المواد الغذائية المباعة والتي يسبب تلفها في تسممات غذائية تزداد حدتها خلال الموسم الصيفي حين ترتفع درجات الحرارة"، يضيف.

للإشارة، انطلق برنامج البلدية ـ حسب السيد بلقايد ـ قبل شهر رمضان المعظم ويتواصل دور اللجنة على مدار السنة لتحقيق الراحة فيما يخص الأسعار وسلامة المواد الغذائية المستهلكة.

❊ نور بوطيبة