انتعاش أدبي بعد ركود "كورونا"

عودة استثنائية لـ"سيلا"

عودة استثنائية لـ"سيلا"
  • القراءات: 1423
 لطيفة داريب لطيفة داريب

بعد ركود ثقافي تجاوز السنتين بفعل جائحة كورونا، انتعشت الساحة الثقافية الجزائرية من جديد وعرفت تنظيم عديد النشاطات الأدبية المتنوعة محلية منها ودولية، تأتي في مقدّمتها الدورة الخامسة والعشرين للصالون الدولي للكتاب بالجزائر الذي عرف نجاحا كبيرا رغم تنظيمه في دورة استثنائية شهر مارس عكس الدورات السابقة التي كانت تنظم أواخر أكتوبر. كانت عودة الصالون الدولي للكتاب بالجزائر أكبر حدث ثقافي ميّز عام 2022، خاصة مع قرار رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بإعفاء كل دور النشر المشاركة في المعرض من تكاليف ايجار الأجنحة، إضافة الى إعفاء المشاركين من الرسوم الجمركية لتكون اسعار الكتب في متناول القراء.

وعرفت هذه الفعالية التي نظمت في الفترة الممتدة من 24 إلى 31 مارس الماضي، مشاركة 1250 عارض من 36دولة، علاوة على تنظيم نشاطات ثقافية متنوعة من بينها ندوات متعلقة بإيطاليا ضيفة شرف الطبعة. كما زار جناح "المساء" عديد الأسماء الثقافية الوازنة وكذا مواطنين سعدوا بمطالعة نسخ من جريدتهم. بالمقابل استقبل الصالون أكثر من مليون و300 ألف زائر و100ألف زائر للمنصة الافتراضية.

ودائما مع الكتاب وبمناسبة انعقاد القمة العربية على أرض الشهداء، نظّم بقصر الثقافة مفدي زكريا، الصالون العربي للكتاب بمشاركة 81 ناشرا، 62 منها جزائرية و19 ممثلا جزائريا لدور نشر عربية من سبعة بلدان، بمجموع أكثر من 15 ألف عنوان في كل التخصّصات. كما عرفت هذه التظاهرة أيضا تنظيم عديد الندوات الثقافية. بالمقابل، شاركت الجزائر في الطبعة 53 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بأكثر من 600 عنوان إلى جانب تنظيمها لجلسات البيع بالتوقيع بمشاركة سبعة أدباء بين روائيين وشعراء. علما أنه تم أيضا إعادة فتح المركز الثقافي الجزائري بمصر.

"كتارا" لجلاوجي وجوائز أدبية محلية

لم يكن حظ الجزائريين حلوا في الجوائز الأدبية العالمية، عكس السنوات الماضية ما عدا تتويج الكاتب الجزائري عز الدين جلاوجي بجائزة كتارا للرواية العربية في طبعتها الثامنة، عن روايته "عناق الأفاعي"، كما حازت الكاتبة نصيرة بلولة بجائزة التميز2022 التي تمنحها مؤسسة "مستقبل مونتريال"، وفوز مليكة رحال بالجائزة الكبرى "موعد التاريخ" عن كتابها "الجزائر 1962، حكاية شعبية"، الصادر عن دار النشر "لاديكوفارت"، وقد تسلمت الجائزة في أكتوبر الماضي بفرنسا، بينما وصلت روايتا "زنقة الطليان" لبومدين بلكبير و"الهنغاري" لرشدي رضوان للقائمة الطويلة لجائزة بوكر العربية.

أما عن الجوائز المحلية، فقد تم تنظيم العديد منها القديمة والجديدة، تأتي في مقدمتها جائزة آسيا جبار التي توّج في طبعتها السادسة، كل من الروائيين عبد الله كروم، محند أكلي صالحي ومحمد عبد الله عن أعمالهم الأدبية باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية على التوالي. بينما عرفت جائزة محمد ديب في دورتها الثامنة، تتويج آمال بوشارب ووليد ساحلي وكلثوم ستاعلي في فئات الجائزة الثلاث العربية والأمازيغية والفرنسية بالترتيب.

من جهتها، نظمت أكاديمية مالك بن نبي مسابقة بعنوان "فكر مالك بن نبي.. نحو مخابر البحث"، وقد فاز بها مجموعة من الدكاترة وهم فازية بوثلجة، نذير الطيار، خديجة عباش، صابرين عال جوهر، ليندة صياد، عائشة عياشي، ياسمينة كتفي، فتيحة سالم، النذير بوملعالي، سكينة العابد، فاطمة بور، خالد مهيدي، عبد القادر مرجاني، عبد الغني بوالسكك، فاروق بن خرف الله، نورة حنيش، خالد بوهند، عبد الحفيظ بورديم، شعيب شنوف، يوسف بوراس وبدران بن لحسن.

ودائما مع المسابقات حول المفكر مالك بن نبي، وهذه المرة مع البطولة الوطنية للقراءة التي نظمتها وزارة الثقافة والفنون، وفاز بالمرتبة الأولى حيدر العايب وظفرت بالمرتبة الثانية علي واعر مسعودة بينما نالت المرتبة الثالثة سلاف عطابي. بالمقابل، وقف الجزائريون، وقفة واحدة أمام تضحية الشابة دنيا بوحلاسة بحياتها لانقاذ 13 طفلا من الحرائق التي عرفتها الطارف في صيف2022، وفي هذا نظمت "شبكة كفاءة" الثقافية جائزة دنيا بوحلاسة للنصوص الأدبية فاز بها الطبيب الكاتب إلياس لعرافة عن قصته "الجمال الخفي للموت". كما نظمت دار النشر "الحضارة" للتأليف والترجمة والنشر جائزة البطلة دنيا بوحلاسة العالمية وسيتم الاعلان عن أسماء الفائزين قريبا. أما جائزة بلحسن للقصة القصيرة والقصة القصيرة جداً، التي نظّمتها جمعية فسيلة للإبداع الثقافي"، فقد عرفت تتويج محمد الصديق بالجائزة الكبرى للقصة القصيرة عن مجموعته عبثيات، فيما منحت جائزة القصة القصيرة جداً للكاتب بختي ضيف الله عن مجموعته "فيما يشبه كورونا".

محطات احتفالية وتثمين للتراث

احتضنت تمنراست، مراسم الاحتفال الرسمي بيناير، رأس السنة الأمازيغية2972، الذي نظمته المحافظة السامية للأمازيغية وقد حظي هذه السنة برعاية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وتنسيق محكم بين المحافظة ووزارة الثقافة والفنون، وولاية تمنراست. أما في شهر رمضان، فقد نظمت وزارة الثقافة والفنون، منتدى الفكر الثقافي الاسلامي بقصر الثقافة، وهذا كل ثلاثاء طيلة أيام الشهر الفضيل. بينما نصبت في ماي الماضي المجلس الوطني للفنون والآداب برئاسة الأستاذ عبد المالك مرتاض.

كما سطرت وزارة الثقافة برنامجا ثقافيا هاما بالتزامن مع تنظيم الألعاب المتوسطية بوهران، شمل معارض فنية وأفلام سينمائية وتظاهرات للمسرح، بالإضافة إلى تنظيم 9 مهرجانات ثقافية، وتدابير خاصة لتثمين التراث الثقافي والحضاري لمدينة وهران. في حين وضعت برنامجا أيضا بمناسبة الاحتفاء بعيد الاستقلال مثل تظاهرة الرسم للوطن التي أطلقتها الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي والأيام الوطنية للأغنية الثورية.

ووضعت وزارة الثقافة برنامجا وطنيا للنشر مرتبطا بستينية استرجاع السيادة الوطنية، يتعلّق بطبع ونشر 100 عنوان، تتوزّع على الرواية التاريخية باللغتين العربية والأمازيغية وعلى كتب وقصص الأطفال التاريخية وحول أعلام الجزائر وهي منشورات سيتم طبعها في شكلها الاعتيادي وبتقنية البراي أيضا، كما تتضمن هذه العناوين كتبا فاخرة تليق بتاريخ الجزائر ومجدها. كما أطلقت أيضا ورشات التشاور مع الفنانين من أجل الخروج بمقترحات لإثراء المسودة الأولية لمشروع قانون الفنان وقد تم الاعلان عن صدور هذا القانون عام 2023. أما عن الاحتفالات بذكرى اندلاع الثورة المجيدة، فقد تم تنظيم أكثر من 2000 تظاهرة شاركت فيها كل القطاعات الوزارية بما فيها بالطبع وزارة الثقافة والفنون، تضمنت عروضا مسرحية وسينمائية وموسيقية.

ملتقيات دولية بمواضيع مهمة

عرفت الجزائر طوال 2022، تنظيم عديد الملتقيات المهمة من بينها الملتقى الوطني "الأمن الفكري في المجتمع الجزائري (الواقع والمأمول)" المنظم من طرف مركز البحث في العلوم الاسلامية والحضارة بالأغواط، والذي خلص المشاركون فيه إلى التأكيد على ضرورة ترقية الخطاب الديني بما يتوافق ومقتضيات الواقع، ومستجدات العصر، وتعزيز المرجعية الدينية، والتعريف بالرموز الوطنية التاريخية والعلمية، فضلا عن تفعيل التكامل والتعاون والتنسيق بين مؤسّسات التنشئة الاجتماعية وسائر مؤسّسات المجتمع، بما يعزّز الأمن الفكري، خاصة منها التربوية، الإعلامية، الأمنية والقضائية. 

كما نظّم بجامعة باتنة، ملتقى دولي من طرف المديرية العامة للأرشيف الوطني ومركز المخطوطات الوطنية بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أكد فيها مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية، عبد المجيد شيخي أن الملتقى الدولي الجزائري التركي الرابع حول الموروث التاريخي الجزائري العثماني المشترك "فرصة لتثمين تلك الحقبة التاريخية وإبراز أهم خصائصها".