عادات سكيكدة

عندما تمتزج الأصالة بالمعاصرة

عندما تمتزج الأصالة بالمعاصرة
  • القراءات: 810
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

يُعد فصل الصيف بالنسبة لجل العائلات السكيكدية، الموسم الوحيد والأمثل لإقامة الأفراح والأعراس، حسب العادات والتقاليد الموروثة حتى وإن امتزجت فيها الأصالة بالمعاصرة خاصة بالمدن الكبرى، ليبقى القاسم المشترك بين أطياف كل الأسر السكيكدية باختلاف المناطق التي تقطن بها، لباس العروسين، وليلة الحنّاء، ويوم الزفاف، وأطباق الحلويات التقليدية والطعام المقدّم.

ومن عادات وتقاليد سكان سكيكدة في الأعراس التي تظل تقليدا موروثا، أن تنطلق الاحتفالات قبل ثلاثة أيام من حفل الزفاف. وأول خطوة يجب أن يلتزم بها العروسان على حد سواء، هي التوجه إلى الحمّام، وهي عادة مرسخة عند العديد من العائلات التي ماتزال متمسكة بها، لأنها تعتقد أن الذهاب إلى الحمّام بالنسبة للعروسين، سيجلب لهم السعادة، ويقوي العلاقة الزوجية، ويجلب الحظ الجميل. وعادة ما تذهب العروس رفقة أقرب صديقاتها، لتتطهر استعدادا لحفل زفافها، وسط أجواء من المرح والفرح. وأهم ما يميز الليلة الأولى من العرس السكيكدي الذي يدوم ثلاثة أيام، أو كما يُطلق عليه "ليلة الحنّة" التي تكون مخصصة بدار الزوجة، ولا يتم خلال تلك الليلة من العرس الخاص بالنساء، دعوة إلا الأقارب، وفيه توضع الحناء للزوجة، التي يجب عليها بعدها، أن تتجنب الأعمال المنزلية.

وخلال تلك الليلة تغني النساء الأغاني التراثية، والخاصة بالأعراس، بينما توضع الحناء المتبقية على أيدي الفتيات العازبات لجلب الحظ لهن.  أمّا الليلة الثانية، وهي التي تسبق حفل الزفاف، فتقوم فيها العروس بإخراج التصديرة، وهي الستائر، والسجاد، والملابس، وغيرها، إلى بيتها المستقبلي، وسط زغاريد النساء وفضول الجيران، في حين يقوم الزوج عند بعض العائلات، بإرسال الهدايا والحناء إلى عروسه. وفي الليل بعد السهرة وسط الغناء والزغاريد وبحضور بعض المدعوين من أهل الزوجة وأقاربها، يتوجه أهل الزوج لوضع الحناء للزوجة. وفي اليوم الثالث من العرس أو كما يعرف بيوم الزفاف، ترتدي العروس الفستان الأبيض الذي يتم كراؤه من المحلات الخاصة، بعد أن تتزين وتذهب عند الحلاقة، كما ترتدي الحلي. ويرتدي الزوج بدلة أوروبية الطراز. وفي المساء يتوجه أهل الزوج على متن سيارات فاخرة، لإحضار عروسه إلى قاعة الزفاف. ويحضر البعض فرقة موسيقية تراثية، وكذا فرق البارود عند إخراج العروس من بيتها، والبعض يستعمل الشماريخ.

وتُستقبل العروس بالتمر والحليب، بينما تُرش عند بعض العائلات، بماء الزهر وبعض الحلويات. وقبل التوجه إلى القاعة حيث ينتظرها المدعوون، لا بد للموكب أن يقوم بجولة إلى البحر، ويقوم الزوجان رفقة أهلهما، بأخذ صور تذكارية. وعند وصول العروس إلى القاعة تجلس في المكان المخصص لها. أما زوجها فيذهب مع أصدقائه للتنزه. وبعد منتصف من الليل وبعد أن يتعشى المدعوون ويرقصون، يأتي الزوج إلى القاعة، ويجلس بجانب عروسه في المكان المخصص لهما. وبعد أن يضعا خاتمي الزواج ينصرفان من القاعة وسط زغاريد وأهازيج النساء. ومن عادات السكيكديين أن يقيم الزوج عادة مع أهله وأصدقائه، وليمة، تكون في أغلب الأحيان ليلة الأربعاء، يطلق عليها ليلة "الحنّة"، حيث يقوم أصدقاؤه بوضع الحنّاء على يديه، ويهدونه المال بعد أن يتناولوا طبق الكسكسي التقليدي باللحم أو بعض الأطعمة التقليدية على وقع الموسيقى، وأغلبها عصرية، يرقص فيها الجميع.

وما يميّز أعراس سكيكدة أيضا، أنواع الألبسة التي تتزين بها العروس أو أقاربها يوم الزفاف، وأغلبها تقليدية، تعبّر معظمها عن الموروث الثقافي والتراثي، سواء للمنطقة أو الجزائر، وأبرزها "الكاراكو" و"البدرون" و"القويط" والجبّة القسنطينية والقفطان، وكل هذه الألبسة ترتديها المرأة السكيكدية في الأعراس، بعضها يتم كراؤها من المحلات الخاصة، وهذا ما تلجأ إليه العائلات بسكيكدة، أمام غلاء مثل هذه الألبسة. وعلى عكس الماضي، فإنّ جل العائلات السكيكدية أصبحت تفضّل إقامة أفراحها بقاعات الأفراح رغم غلائها، إذ يتجاوز سعر الليلة مع كل الخدمات، 30 مليون سنتيم. وعن سبب تفضيل القاعات أرجع العديد ذلك إلى ضيق المساكن، وعدم القدرة على استيعاب المدعوين، بينما اعتبرها البعض موضة فقط، ونوعا من التفاخر ليس إلاّ.