الجندي السابق في صفوف الجيش الفرنسي هنري بويو:

على فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية

على فرنسا الاعتراف بجرائمها الاستعمارية
  • القراءات: 1426
ي. ن ي. ن

أكد الجندي السابق في صفوف الجيش الفرنسي والمدافع عن القضية الجزائرية، هنري بويو، أنه على فرنسا الاستعمارية، أن تدين وتعترف بالجرائم التي ارتكبتها خلال فترة استعمارها للجزائر، داعيا إلى فتح الأرشيف الفرنسي حتى "يتسنى للجميع الاطلاع على هذا الماضي". 

وقال عشية الاحتفال بالذكرى الـ59 لاستقلال الجزائر "إذا لم يكن بالإمكان تضميد الجروح، فإنه يمكن بالمقابل تخفيف الآلام والنقاش حول "الاعتذار"، مشيرا إلى أنه حان الوقت للاعتراف بالجرائم المقترفة باسم فرنسا وإدانتها، وإلا فكيف لها أن تدعي بأنها بلد حقوق الإنسان". ودعا المدافع عن القضية الجزائرية الذي أتم خدمته العسكرية بفيلا "سوزيني"، بالتجارب النووية التي أجريت في الصحراء والتي لاتزال إشعاعاتها تخلف إلى حد اليوم ضحايا ضمن الجزائريين، فرنسا إلى وضع "خطة حقيقية لإزالة اثار التجارب" بهذه المنطقة وإنشاء "مركز علاج" مخصص للأشخاص المصابين بالإشعاعات.

وفي تطرقه إلى التقرير الذي أعده المؤرخ بن جامين ستورا، أشار السيد هنري بويو إلى أنه يتضمن عناصر "إيجابية"، على غرار "الاعتراف بالطابع الاجرامي للاستعمار وجملة من التوصيات الهامة"، متأسفا في هذا السياق لوجود "نقائص كبيرة"، بحيث أن مفهوم الجرائم ضد الانسانية في التقرير "مفهوم ضمني" ويتعلق بالاستعمار فقط وليس بجرائم الحرب والدولة" المقترفة خلال الاحتلال. وأوضح أنه تم التقليل من حجم العواقب الناجمة عن مخيمات الاعتقال التي يطلق عليها بصفة محتشمة اسم التجمعات، قبل ان يتم اللجوء إلى استعمال غاز الأعصاب المسمى في إكس وغازي السارين والنابالم (سائل هلامي)، مضيفا أن عمليات الإعدام الجماعي مجهولة باستثناء حالة اغتصاب واحدة تم الاعتراف بها في الوقت الذي كانت فيه ممارسة التعذيب شائعة.

وبينما اعتبر السيد بويو أن وثيقة ستورا قد صدرت بتكليف من الرئيس ماكرون تحسبا للنقاش الذي سيعقد حتما مع اقتراب الذكرى الستين لاستقلال الجزائر"، أشار إلى أنه منذ نشرها "لم يكن هناك سوى التفاتة واحدة ملموسة" من جانب فرنسا وهي: الاعتراف باغتيال الشهيد علي بومنجل. وقال في هذا الصدد "يمكن أن نتساءل لماذا لا يتم التعامل مع حالة العربي بن مهيدي بنفس الطريقة، مع العلم أنه تعرض للتعذيب والقتل في ظروف مماثلة، بفارق بضعة ايام فقط عن بومنجل، من طرف نفس الجنرال أوساريس؟".

واستنكر المدافع عن قضية استقلال الجزائر قائلا: "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقديم تكريم رسمي لها بهذه الطريقة. لقد قتلت المنظمة المسلحة السرية آلاف الجزائريين وهذا لم يتم تسليط الضوء عليه بشكل كاف في تقرير ستورا. هذا غير لائق بالنسبة لرئيس يعطي دروسا حول الجمهورياتية. إن هذا التكريم لا يبشر بالخير فيما يخص  الاعتراف بمسؤولية فرنسا في هذه الفترة من تاريخنا". كل هذه الحقائق تدفعه إلى التأكيد أنه "يُخشى أن يستخدم هذا التقرير كجدار ناري لإخفاء حقيقة التطلعات المشروعة للجزائريين، بخصوص الاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية وإدانتها".

التعذيب كان يمارس حتى قبل الحرب

وفي رده على سؤال حول التعذيب الذي مارسه المحتل الفرنسي والذي ما فتئ يندد به، أشار المهندس المتقاعد إلى أن "عدة شهادات قبل حرب التحرير تناولت هذه الممارسة المنتشرة في بعض مراكز الشرطة وتعممت تقريبا ابتداء من 1954"، مذكرا بأن الفرنسيين "أدانوا بشدة" لجوء الألمان إلى هذه الوسيلة خلال الحرب العالمية الثانية.   ودعا في سياق آخر إلى "فتح الأرشيف" طبقا للوعود التي قدمها الرئيس الفرنسي في هذا الموضوع سنة 2018، في حين "نلاحظ اليوم انه لم يتم الوفاء بهذا الالتزام وما يزيد الطين بلة هو أننا نشهد منع الدخول إلى العديد من الوثائق التي كان يمكن الاطلاع عليها مسبقا وذلك من خلال المراسيم الصادرة لهذا الغرض في السنوات الأخيرة".

علاوة على ضرورة الاعتراف بمسؤوليات الجرائم المرتكبة في الجزائر، شدد المتدخل على ضرورة أن "يعرف الجميع هذا الماضي بما فيهم الأجيال القادمة"، معتبرا أن "إخفاء الحقيقة لا يؤدي بالضرورة إلى تبرئتها، ما دامت الجروح لم تندمل"، مشيرا على سبيل المثال إلى عبارة "منحدر من الهجرة" التي يقصد ويميز بها "أولئك الذين تذكر أسامائهم  والقابهم ولون بشرتهم بانهم احفاد المستعمَرين ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمهاجرين الآخرين".

وخلص المتحدث بالقول "من الأجدر أن يتم إنشاء بسرعة متحف الاستعمار في فرنسا على غرار متحف العبودية بنانت وان يوجه للتعريف بالسياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر وفيتنام ومدغشقر ...إلخ، مع كل العواقب التي نجمت عن ذلك. مضيفا أنه من غير المقبول تكريم جنرالات على غرار بوجو فما بالك في واجهة مؤسسة مدرسية، في حين ينبغي ان تكون هناك لافتة تسرد ماضي كل الشخصيات التاريخية التي تحمل الشوارع أسمائهم وأن توضع تماثيلهم في المتاحف".