الصحفية سهيلة الهاشمي:

"ضيف التحرير": موعد لايعترف بحدود الأسئلة

"ضيف التحرير": موعد لايعترف بحدود الأسئلة
  • القراءات: 2267
مريم. ن  مريم. ن

اكتسبت الإعلامية سهيلة الهاشمي شهرة واسعة عند الجمهور الجزائري من خلال حصتها الصباحية اليومية "ضيف التحرير". وترسخ هذا الوجود بفضل المهنية العالية والتفاني في العمل والوفاء للمستمع أكثر من أي شيء آخر، بالتالي أصبحت هذه الإذاعية مصدر معلومة موثوقة وهمزة وصل بين المواطن والمسؤول.

إلتقتها "المساء" بالقناة الإذاعية الثالثة، واستعرضت معها هذه التجربة الإعلامية الناجحة، وكذا جوانب أخرى من يومياتها كصحفية وامرأة تراهن على التميز وعلى أن تكون عنصرا فاعلا في مجتمعنا.

* تحرصين على توفير أجواء ملائمة قبل الشروع في عملك، لماذا؟

- أعتبر ذلك شيئا مهما بل وضروريا، لأنه يعطيك الراحة والتركيز أكثر. وكما لاحظت، فإن علاقتي بكل زملائي، بمن فيهم الصحفيون والتقنيون وغيرهم جد جيدة، وهم يبادلونني الاحترام ومشاعر الود والتقدير ونحن نلتقي يوميا ونتحدث عن العمل وعن أشياء أخرى كثيرة، نأكل معا ونضحك تماما كما يفعل أعضاء الأسرة الواحدة، فنحن قبل كل شيء أهل ونعيش معا في الإذاعة أكثر من الوقت الذي نعيشه مع عائلاتنا.

* يصفك البعض بالشخصية العامة، فما تعليقك؟

- أعتبر نفسي صحفية فقط، أنا واحدة من أبناء هذا الشعب أعيش يومياته مثله تماما، بالتالي فأنا مطلعة على اهتماماته وتطلعاته، فأجتهد في إيصال صوته إلى المعنيين بنزاهة ومهنية.

* ارتبط اسمك بحصة "ضيف التحرير"، ماذا عن هذه التجربة الناجحة؟

- أرى أن النجاح ثمرة للمصداقية والالتزام باهتمامات الجمهور لذلك، كما لاحظت في الأستوديو، أحرص على استقبال آراء وأسئلة الجمهور على المباشر حين يكون المسؤول حاضرا وأنقلها باسمه، علما أنني كنت فيما مضى أستقبل الأسئلة عبر الهاتف واليوم نستعمل "الفايسبوك". كما تعزز النجاح بفعل السبق في المعلومة وإعطائها في وقتها المناسب، مع تبسيطها ليفهمها عموم المستمعين الذين هم مواطنون بالدرجة الأولى، بالتالي تكون أقرب وأوضح، كما أحرص على رسم خارطة اللقاء بنفسي.

* ماذا عن الرقابة وهل لها مكان في حيز العمل؟ 

- لا رقابة عندي إطلاقا، فأنا أطرح ما أشاء وكيفما أشاء أسئلتي. وأثير من خلالها كل المجالات والمواضيع سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها.

أنتهج أيضا الأسئلة المباشرة والواضحة وأتجنب كل ما له علاقة باللف والدوران، وأفرض على الضيف مهما علت مسؤوليته أن يكون مثلي واضحا وملما ومباشرا، وأن يحترم الوقت مثلي كي لا ندخل في تحاليل وكلام عام قد لا يهم بصفة مباشرة ومؤثرة المواطن، بل إن الإطالة تنفر المستمع وتجعله يملّ ويتعب وهو في الساعات الأولى من الصباح. من جهة أخرى، أحرص على إعطاء المساحة كاملة للضيف وليس لي، باعتباره المصدر الأول للمعلومة، ولست أنا، وأحرص على راحته وراحة المستمع، لذلك قسمت الحصة رغم قصرها إلى فقرتين.

* تستضيفين شخصيات مهمة وفاعلة، كيف يتم ذلك؟ 

—- يتم بشكل عادي، وهؤلاء لا يأتون للحصة من أجل سهيلة الهاشمي، وإنما من أجل المصداقية التي اكتسبتها الحصة، لذلك يلبون الدعوة على الفور، زد على ذلك، فإننا من خلال هذا الموعد نكسر بعض المعاملات الرسمية الجافة ونوفر للضيف أجواء عائلية مريحة،  ونستقبله قبل الحصة في قاعة الضيوف مع فنجان قهوة صباحي، وفي أجواء نشطة وأمام هذا الترحيب يدخل الضيف إلى الأستوديو باطمئنان وبثقة أكثر. من جهة أخرى، أحاول أن لا أثير بشكل كبير وتفصيلي موضوع الحلقة قبل البث، ماعدا بعض الرتوشات الخفيفة كي لا أجهد الضيف، وحتى لا أبدو كأني ألاحقه أو أحاصره.

أحرص أيضا على أن أستضيف الضيف المعني بالحدث وأتجنب أن أكون اعتباطية، بمعنى أنني أختار الضيف المناسب في الوقت المناسب أو أستضيف كل من له علاقة بالحدث،  حتى وإن لم يكن وزيرا أو مسؤولا.

عندما أحضر الحصة وأختار الموضوع، أتصل مثلا بالوزير وأشرح له الموضوع وأطلب منه الحضور للرد على الحدث الذي يشغل الرأي العام الوطني، فيوافق على اعتبار أنه سبق له وأن تدخل عبر برنامجي مرات عدة. ولكي يطمئن بنفسه المواطنين ويرفع عنهم أي لبس أو معلومات أو إشاعات مغلوطة، وعلى الرغم من الأجواء العائلية التي تسبق البث، لكن عندما تبدأ الحصة سأكون أنا سهيلة الصحفية، وهو الوزير المسؤول، أي أن كلانا يؤدي مهمته المحددة. أضيف أيضا، أنه اليوم تبدلت الأمور وأصبح المسؤولون على اختلاف مستوياتهم يولون أهمية لجانب الاتصال ودوره المهم في المجتمع وفي حياة المواطن، لأن غياب المعلومة الصحيحة والموثوقة والرسمية سيسبب العديد من المشاكل. الكل يرى كيف أصبح الاتصال موجودا بحيوية في كل المجالات من السياسة والاقتصاد، لذلك يستجيب الوزراء للحصة ولغيرها من وسائل الاتصال والإعلام سواء في القطاع العمومي أو الخاص. المسؤول الذي يملك المعلومة لا يبخل بها ويستعد لاعطائها لأي صحفي أو لأية جهة إعلامية، وليس شرطا أن تكون سهيلة الهاشمي بعينها، فمثلا اليوم استقبلت الوزير عبد المجيد تبون وفي المقابل ستستقبله مؤسسة إعلامية أخرى قد تكون "النهار" أو "الشروق" أو "المساء" أو غيرها، فحتى الوزراء والمسؤولون يجتهدون في دحض الإشاعة كي لا تسود، وأنا فخورة بجيل من المسؤولين والوزراء الذين يحملون وعيا راقيا ولهم تصور عملي لمهمة الإعلام والاتصال.

* هل تعتبرين أن لغة البرنامج لعبت دورا في نجاحه؟ 

-— لا أبدا، بل أرى النجاح مبني على المضمون أولا وأخيرا، وعلى تجنب لغة الخشب، علما أنه وفي بعض الحصص، استضفنا شخصيات عربية على المباشر، كما حدث ذات مرة من قصر الأمم وقمنا نحن بالترجمة، لكننا نحرص عموما على جلب الضيوف الذين يحسنون الفرنسية، على اعتبار أن الحصة ناطقة بالفرنسية، وأكيد أن من لا يحسن هذه اللغة كثيرا فإنه سيضيع وقت الحصة التي تبث على المباشر.

* تعتمدين كثيرا على السبق الصحفي وترينه أولوية، لماذا؟

- —السبق الصحفي هاجسي الأول والأخير لأتفرد بالمعلومة وأكون المصدر الأول لها، مثلا استضفت اليوم الوزير تبون للحديث عن جديد "عدل" (تقول بأنه المسؤول رقم واحد عن ملف السكن) وكم كنت سأكون تعيسة لو سبقني أي زميل أو مؤسسة إعلامية أخرى إليه، وأقول لك إنه سبق وأن نزل مسؤول له علاقة بحدث فرض نفسه على الساحة، وسمعت أن صحيفة عمومية استضافته قبلي، فكدت أجن وهذا من فرط ارتباطي بالحدث والحصة. أنا صحفية وسأبقى كذلك، كما يحدث أن أستضيف مسؤولا معينا، ثم أبرمجه بعدها بفترة لا تتجاوز الـ15 يوما لضرورة ومستجدات يفرضها الحدث، أو لأن هذا الأخير بقي يحوز أهمية كبيرة في الساحة الوطنية، بالتالي لابد من الاستمرار في تزويد المواطن بالمعلومة الصحيحة.

بالنسبة للوزيرة السيدة بن غبريط فإنها مطلوبة، لذلك وبمجرد الحديث عن جديد برمجة الامتحانات المدرسية الرسمية وما أثير حول فترة تنظيمها والأيام المحددة للامتحانات،  استضفتها لتعطي بنفسها المعلومة الرسمية والنهائية.

* هل تعتبرين أن المعلومة مرتبطة فقط بالوزراء والمسؤولين الرسميين؟ 

- — لا بل أسعى أولا وراء مصدرها الأول الذي قد يكون خبيرا في شؤون البترول مثلا أو طبيبا أو نقابيا أو فردا من المجتمع المدني.

* كيف هو تجاوب الجمهور مع الحصة؟ 

-— إلى حد الآن هو رائع، والدليل هو رسائل المستمعين عبر "الفايسبوك" الذين  يشجعونني ويهنئونني ويشكرونني، وبعضهم يقول لي؛ "لقد سألت نفس السؤال الذي فكرت فيه أو الذي نويت طرحه".

* حصتك أصبحت مصدر معلومات لبعض وسائل الإعلام، ما تعليقك؟ 

- —أعتبر ذلك شيئا إيجابيا يحسب للحصة. هذا دليل على أننا سباقون للمعلومة، لذلك تستغلها بعض وسائل الإعلام وتأخذ منها الجديد، كما أن الحصة تصور وقد تبث مقاطع منها في نشرات الأخبار. 

* هل حدث وأن تغيب ضيف من ضيوفك عن الموعد وكيف تداركت الأمر؟

- نادرا ما يحدث ذلك. وأذكر أنني أعلمت أحدهم بأنني برمجته وأعلمته بذلك قبل أسبوع من البث، لكن قبل ساعة من الموعد يرسل لي رسالة عبر الهاتف يعتذر فيها. حينها سارعت إلى استبداله لتجاوز الفراغ وأكون في الحدث، واستضفت شخصية اليوم الموالي التي لبت الدعوة قبل لحظات من البث ومرت الحصة بنجاح.

صحيح أن ذلك يقلقني ويربكني، لكنني أتغلب على هذه المواقف بدم بارد لأستطيع الاستمرار، ولكي لا يحس المستمع بأي ارتباك، وأحمد الله أنني نجحت في ذلك.

* ماهي الأمور التي تزعج سهيلة في العمل؟ 

- أنا أمقت كلمة العجز وتجاوز المعلوم، لذلك تزعجني كثيرا عبارة "ما لحقتش وماقدرتش"، وأرى أن الصحفي إذا تجاوزه الخبر أصبحت المعلومة عنده ميتة ولا معنى لها.

* تجربتك الإعلامية هل اقتصرت على "ضيف التحرير"؟

-— عملت رئيسة تحرير مكلفة بالريبورتاج، بالتالي كنت متابعة للأحداث الوطنية. في بداياتي عملت مع الراحلة غنية شريف ومريم ياسين وكانت حصة "ضيف التحرير" تسمى "فطور الصباح"، وعندما تسلمتها فتحتها على كل القطاعات ولم أحصرها فقط في السياسة، لكنني ملتزمة بالعرفان لهؤلاء ولأستاذي ورئيسي السيد الشاذلي بوفروة الذي تشربت منه صنعة الصحافة، والذي لا يزال معي إلى اليوم منذ أن دخلت الإذاعة سنة 1996. 

أذكر أنني عندما أردت الالتحاق بالعمل ولكي أجري المسابقة بالإذاعة، تحدثت هاتفيا مع السيد بوفروة، فطلب مني الحضور في اليوم الموالي، فقلت له؛ ولكن سيدي غدا يوم عيد وطني، فرد؛ "لا أعياد في العمل الصحفي، أنت ملزمة بالعمل وإلا لا تعملي صحفية".

عملت في التحقيقات والروبورتاج عبر مختلف مناطق الوطن واكتسبت الخبرة واطلعت على مختلف الميادين والاهتمامات. 

* كيف هي حياتك الأسرية ويومياتك بالقناة الثالثة؟

—-  أعتبر حياتي الخاصة ملكا لي وحدي، لكنني أقول أنني قريبة جدا من عائلتي ومن أمي التي أقدسها، رغم أن العمل يأخذني من عائلتي البيولوجية وأجد نفسي مثلا أنني لم ألتقي إخوتي لمدة يومين كاملين، حيث أكون طوال اليوم في العمل. لكن في المقابل لي عائلة أخرى بالإذاعة الوطنية، أفرادها يحبونني وأحبهم وتطورت العلاقة الإنسانية معهم تماما كالأهل فنحن واحد لا يفرقنا أي شيء، رغم أننا أحيانا نصرخ في وجه بعضنا ونتصادم، لكن كل ذلك من أجل العمل. القناة الثالثة ألتحق بها صباحا وقد أغادرها ليلا لأنام فقط، وأجد نفسي أحيانا عصبية وغير منضبطة من فرط الالتزامات، لكن مساري في العمل يبقى صارما أطبقه على نفسي أولا، ثم على الآخرين. أنا سعيدة وفخورة أيضا بزملائي الذين لا تقل شهرتهم عني، ومنهم الصحفي جبور في القسم الرياضي الذي بإمكانه العمل أمام الميكروفون لمدة 16 ساعة كاملة، فهو جهاز قائم بذاته ويعمل أكثر مني، وهو حقيقة مرجعا معتمدا.

كذلك الحال مع جويدة عزوق في قسم الولايات والرائعة مريم عبدو في القسم الدولي من خلال حصتها المشهورة "مسار التاريخ"، ونحن نكمل بعضنا البعض لتقديم رسالة إعلامية في المستوى للمستمع الجزائري. 

أبقى أيضا وفية لما تعلمته من أساتذتي، وعلى رأسهم بوفروة الذي رسخ فيّ سمة التحضير والكتابة وتجنب الارتجال، باعتبار أن كل أمر نتعلمه ولا نتركه للصدفة والارتجال، لذلك وحتى اليوم، أكتب حتى كلمة "صباح الخير" على وثيقة التقديم وأنا أدخل الأستوديو وأسجل كل المعلومات اللازمة ولا أتركها للصدفة، وكل يوم أكتشف الجديد في مهنتي. كما أنني أتعلم من الناس ومن تواصلي الإنساني والاجتماعي معهم، لذلك لا يرضينا إلا أن نكون رقم (1) في مهنتنا وفي سعينا إلى توفير الخدمة العمومية، وأثمن جهد القناة الثالثة وبعبقرية العاملين فيها، من خلال تلاحم كل الأجيال فيها، مما انعكس على مستوى التكوين وتوثيق المعلومة والمضمون، وهو الأمر الذي يعنينا ويعني الجميع.

الأستاذ الشاذلي بوفروة :

 سهيلة لها امكانيات 

لا تعرف المستحيل

يعتبر الشاذلي بوفروة مسؤول بالقناة الثالثة أن تلميذته سهيلة لم تتغير منذ أن رآها سنة 97 وهي وفية لمهنتها وتحب أن تتعلم من الذين سبقوها في المهنة لذلك حققت ما حققته. مؤكدا أنه تنبأ بطاقتها التي لا حدود لها منذ اليوم الأول ، كما أنه بدوره لم يتغير اتجاهها ويظل يراقبها ويشجعها .

أول درس تعلمته منه وهو الالتزام وأن الصحفي ليس ملكا لنفسه بل لمهنته وجمهوره .

شجع المعني سهيلة على التعاطي مع السياسة التي لم تكن تميل إليها كثيرا في عملها وذلك لإيمانه بقدراتها التي لا تعرف الحدود. كما حثها على الكتابة وعلى التسجيل بالورقة والقلم كي لا تترك مجالا للفراغ او الارتجال فيضيع معها كل شيء بنته وظل يحثها على التعلم لان العلم والاكتشاف لا حدود لهما .

المصور ماسي بريهمات لـ"المساء" :

نستفيد من "ضيف التحرير" كأي مستمع عادي

التقت "المساء" عند زيارتها لاستوديو حصة "ضيف التحرير" لسهيلة الهاشمي، بالتقني ماسي، وهو شاب في مقتبل العمر مكلف بتصوير الحصة بالكاميرا، قصد وضعها تحت تصرف الوسائل الإعلامية التي تريد الحصول عليها وعلى ما فيها من معلومات تهم الجمهور.

بالنسبة لماسي فإنه لا يكتفي فقط بالعمل وإنما ينخرط في مضمون الحصة نتيجة الموضوعات التي تثيرها وارتباطها بالحدث، ومن ذلك تركيزه على الحصة التي حضر فيها وزير السكن باعتباره شابا ينتظر سكنا يبني فيه حياة أسرية جديدة.

ماسي تحدث لـ"المساء" عن احترافية سهيلة وتواضعها المفرط مع التقنيين وتعاونها والاحترام والصرامة التي تفرضها أثناء العمل وعلى الجميع، مما أكسبها الاحترام وكذا سعي الجميع للعمل معها، وقد هتف في أذن "المساء" أنه يفضلها على غيرها من الصحفيين، لذلك يسعد بالعمل معها حتى ولو كلفه ذلك المزيد من الجهد والوقت.

كما أشار ماسي إلى أن العلاقة بين سهيلة وطاقم العمل ومع كل الزملاء من الإذاعة لا ينتهي بمجرد العمل، فهي متواضعة ومرحة وتخلق أجواء حميمية سواء في قسم التحرير أو في المطعم أو في فضاء الإذاعة عموما، والناس كلهم يعرفونها ويحدثونها دونما بروتكول وهذا هو ـ حسبه ـ سبب نجاحها وحب الناس لها.