‘’بهية هزيل أول سائقة "طاكسي" تموشنتية:
سعادة الناس تشجعني وأمي من شحذني

- 1584

اختارت السيدة بهية هزيل الجلوس خلف مقود سيارة الأجرة، مثيرة انتباه كل من يشاهدها في مدينة عين تموشنت، فهي أول تموشنتية تقتحم الشوارع بمركبتها لتسجل حضور المرأة في هذا العالم الذي كان حصرا على الرجال. "المساء" تحدثت إليها ونقلت لكم تفاصيل اختيارها لهذه المهنة.
❊ كيف بادرت إلى ذهنك فكرة قيادة طاكسي؟
❊❊ أنا ابنة مدينة عين تموشنت، لم يحالفني الحظ لإتمام دراستي، فتوقفت في المتوسط، عملت سابقا في أمور خفيفة، فأنا أيضا أحب الخياطة، كما حاولت الحصول على شهادة في الطبخ، لكن مدة التكوين طويلة، لتتبادر إلى فكري بعدها قيادة طاكسي بدل البقاء دون عمل، خاصة أن والدتي الحاجة بن جريد مامة وجارتي فريدة من أوائل من نصحوني بهذه الفكرة، وأنا منذ سنة 2005 أقود سيارة اقتنيتها بعد تحصلي على رخصة القيادة، لأتوجه بعد ذلك سنة 2010 إلى "الكناك" والمضي قدما، وبدأت بتكوين الملف الخاص للاستفادة من قرض لسيارة أجرة.
ـ ❊ هل تلقيت تكوينا خاصا لسياقة سيارة الأجرة؟
❊❊ بعدما تحصلت على رخصة السياقة سنة 2005، تقدمت لمديرية النقل بعين تموشنت لإيداع ملفي، بغية الحصول على شهادة خاصة بالسياقة، تلقيت تكوينا لقيادة سيارة الأجرة لمدة 15 يوما، ومن بعدها تنقلت إلى ولاية سيدي بلعباس رفقة لجنة خاصة من البنك لاقتناء السيارة التي تحصلت عليها سنة 2012، ثم زاولت عملي ميدانيا في ماي 2013، وبذلك حققت ما طمحت إليه متحدية طوال مدة تكوين الملف وقلة أرقام سيارات الأجرة بعين تموشنت. في بداية الأمر، تقاسمت القيادة رفقة شخص آخر على طريقة المناوبة لمدة شهر، ثم انسحب بسبب عمله هو الآخر، فقررت الاعتماد على نفسي والحمد لله وٌفّقت في ذلك.
❊ـ ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك؟ وكيف وجدت العمل في هذا المجال؟
❊❊ الحمد لله، لم أشعر بأي نوع من الصعوبات في أداء مهنتي كسائقة سيارة أجرة، ما عدا أنانية البعض في قيادة سياراتهم، فمنهم من لا يحترم قوانين المرور في ظل غياب مخطط سير بالمدينة التي تتوسع أكثر فأكثر بفعل تزايد عدد السيارات التي تزداد في فصل موسم الاصطياف، مع ولوج السياح للولاية. إضافة إلى الازدحام وكثرة الحفر بمختلف الطرق بالأحياء، وهو ما يكون سببا في تعطل المركبات وغير ذلك، فالأمور بخير وجميع الراكبين معي سواء كانوا رجالا أو نساء يحترموني ويقدمون لي أيضا كلمات مشجعة للمواصلة، فأنا أقوم بقيادة المركبة من عدة نقاط بعين تموشنت، وأمرّ بأحيائها بشكل طبيعي جدا لدرجة أنني مررت بجميع الخطوط المخصصة لنا، بالتنقل عبرها ولا يفوتني أن أشكر زملائي في هذه المهنة، فهم يحترمونني كثيرا.
❊ــ ما هي مدة عملك يوميا وما هي المواقف الطريفة التي صادفتيها؟
❊❊ أعمل تقريبا يوميا في كل الأوقات، وفي أية زاوية من ولاية عين تموشنت. أما بخصوص المواقف التي أمر بها، ففي بعض الأحيان تكون نظرات المارة وسائقي السيارات الأخرى الذين يبدأون بالتمعن وتدقيق النظر إلي بطريقة غريبة، للتأكد بأن سيارة الأجرة التي تسير في الشارع تقودها امرأة، وكثيرا ما أقرأ في شفاه الناس ما يريدون البوح به، لكنني مع الأيام تقبلت الوضع، خاصة أنني أمارس عملا حلالا شريفا، أما الباقي فلا يهم.
ـ ❊ـ كيف كان موقف عائلتك من عملك؟
❊ ❊ أهلي يشجعونني كثيرا ولا أستطيع أن أنسى الدور الإيجابي والكبير لوالدتي التي اعتبرتني "رجل البيت"، بعد إخوتي، ولولا دعم أهلي المعنوي لما استطعت إكمال المشوار، دون أن أنسى أخي كمال الذي كان سندا لي.
ـ ❊ـكيف توفقين بين عملك كسائقة والبيت؟
❊ ❊ أساعد والدتي بشكل عادي عند عودتي من العمل، والمسألة تكمن في تنظيم الوقت.
ـ ❊ـ ما هي طموحاتك؟
❊ ❊ أن أسدد قرض السيارة لأن هذا الدّين في الحقيقة هو حق الشعب أولا قبل أن يكون للدولة.
❊ــ هل من كلمة أخيرة؟
❊ ❊ أتمنى أن تأخذ الفتاة الجزائرية عامة، والتموشنتية خاصة، حقها ودورها، وأن لا تتراجع مهما كانت الأسباب، ومن المهم أن تتمتع بثقة كبيرة في نفسها وفي الأمور التي تقدم عليها، وأن لا تكترث بكلام الناس لأنه كثير ولا يشبع جوعان. وأرجو أن يقف الجميع مع تشجيع عمل الفتاة في مجالات عديدة، كسياقة سيارات الأجرة أو حافلات النقل الحضري والدكاكين، لما لا لأن فيه من يحتاج لمثل هذا الشغل، وهو محترم ومحبذ من جميع أطياف مجتمعنا، حفاظا على تقاليدنا وشريعتنا. وما عملي هذا إلا لرؤية بسمة ودعوة أمهاتنا وآبائنا، وكلما نظر إليّ أحدهم وتبسم في وجهي زادني قوة وعزما وحافزا وصبرا على صعوبة مهنتي، لأن المرأة بحاجة إلى مثل هذا الدعم في مجتمعنا، حيث ينعكس نضوج المرأة وبلورة شخصيتها بشكل إيجابي على علاقتها بأسرتها بشكل خاص، وبالمجتمع بشكل عام. أشكر والدتي حفظها الله لي، وأخي كمال وابنه يوسف الذي يبلغ من العمر سنة والعائلة كاملة، وأشكر "المساء" جزيل الشكر على إتاحتها لي فرصة التحدث عبر منبرها الأغر بكل حرية وأعبر عن مدى سعادتي لما وصلت إليه.