مؤرخون يشيدون بالجزائر

دبلوماسية حل النزاعات وتصدير السلم

دبلوماسية حل النزاعات وتصدير السلم
  • القراءات: 1759
 زولا سومر زولا سومر

أشاد مؤرخون وسياسيون بدور الدبلوماسية الجزائرية الداعية للسلم والاستقرار والتي يسجل لها التاريخ سعيها الدائم لحل النزاعات بطرق سلمية بنبذ سياسة العنف والحرب وتفضيل سياسة الحوار حفاظا على الأمن وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وكذا رفضها لأي وساطة أجنبية في إدارة شؤونها الداخلية، وتميزها باستقلالية القرار في كل الفترات الصعبة التي مرت بها البلاد، محتفظة بقرارها السياسي المستمد من مبادئ الدبلوماسية الثورية التي تمكنت من إسماع صوت الثورة في المحافل الدولية وإخراج الثورة من المحلية إلى العالمية لتحقق بذلك انتصارات على أكبر قوة عالمية وهي فرنسا المدعومة بالحلف الأطلسي.

أرجع متدخلون في الندوة التي نظمها مجلس الأمة أمس حول موضوع «الدبلوماسية الجزائرية من دبلوماسية تقرير المصير إلى دبلوماسية تصدير السلام» النجاحات التي ظلت تحققها الدبلوماسية الجزائرية إلى تشبثها بقيم الدبلوماسية الثورية المحنكة التي وضعت مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار. 

وأكد المجاهد وعضو مجلس الأمة صالح قوجيل في كلمة ألقاها خلال هذه الندوة أن الدبلوماسية الجزائرية اليوم تسير على نهج استقلالية القرار الذي عرفت به منذ الثورة التحريرية وحتى في الفترات الصعبة التي مرت بها البلاد، برفض التدخل في شؤونها الداخلية سواء كانت أمنية أو عسكرية. فإبان الثورة، اتفق قادتها في بيان أول نوفمبر على أن دم الثورة لن يكون إلا جزائريا محضا حيث رفضت الدبلوماسية آنذاك كل اقتراحات المساعدات التي عرضت عليها من قبل رؤساء عرب وأجانب أمثال لحبيب بورقيبة، محمد الخامس، جمال عبد الناصر والزعيم تيتو الذين اقترحوا على قادة الثورة تزويدهم بمتطوعين في جبهات القتال، واتفقوا على أن تكون هذه المساعدات مادية فقط بدعم الثورة بأموال وأسلحة وليس بجنود.

وأضاف السيد قوجيل أن الثورة كانت ترفض كل أشكال الوساطة الأجنبية التي عرضت عليها في التفاوض مع سلطات الاستعمار الفرنسي وتمكنت من إنجاح هذه المفاوضات وتحقيق أهداف الثورة والشعب الجزائري بكفاءة وحنكة دبلوماسية. وفي هذا السياق، ذكر المتدخلون في الندوة بدور الدبلوماسية الحالية في إحلال السلام في المنطقة بسعيها الدائم للتقريب بين الأطراف المتنازعة ودعوتهم للجلوس إلى طاولة الحوار لحل نزاعاتهم بطرق سلمية حفاظا على الاستقرار والأمن في المنطقة وتفاديا لظهور الصراعات المسلحة والتدخلات العسكرية الأجنبية. حيث يشهد لها الجميع بدورها الساعي إلى حل الأزمتين المالية والليبية بعرض تجربتها في مجال السلام والمصالحة الوطنية مثلما أكده السيد عبد الرزاق بارة مستشار رئيس الجمهورية، مضيفا أن الجزائر صدرت السلام إلى مالي، النيجر وليبيا، كما تركز دوما في تعاملها مع باقي الدول على احترام سيادتها وحدودها ورفضت التدخل العسكري حفاظا على الأمن. ورغم أن موضوع الندوة تناول شقين تاريخي وحاضر «الدبلوماسية من تقرير المصير إلى تصدير السلام»، فإن جل المداخلات ركزت على دور الدبلوماسية إبان الثورة التحريرية ولم تعط للدبلوماسية الحالية حقها الكافي.

فقد أشار الدكتور عبد الوهاب خالد أستاذ في التاريخ إلى أن الدبلوماسية خلال الثورة عكست الجانب الراقي للثورة الرامي لتحقيق الحرية والسلام حيث تمكنت من نقل الثورة من المحلية إلى العالمية وأدخلتها أروقة الأمم المتحدة بالرغم من تستر الإعلام الفرنسي على الحقائق آنذاك غير أن رواد الدبلوماسية الجزائرية أرادوا لها أن تكون نبراسا يقتدى به عند منظري الحركات التحررية في العالم في مجال السلم والمصالحة.

ودعا الأستاذ إلى الاستلهام من هذه الدبلوماسية التي تمكنت من هزم فرنسا الاستعمارية، مطالبا بغرس قيمها النبيلة في الجيل الصاعد الذي يجهل وقائع تاريخه. مؤكدا أهمية الوعي التاريخي كجزء من الهوية الوطنية والذي يجب تحقيقه من خلال إدراج هذه القيم في المنظومة التربوية.

من جهته، أكد الدكتور يوسف حميطوش أستاذ بجامعة الجزائر على الدور الذي لعبته الدبلوماسية الجزائرية في تدويل القضية الجزائرية وجعلها رهانا سياسيا لكسب التأييد والدعم الخارجي لثورة التحرير الوطنية منذ مؤتمر باندونغ ثم في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتوقف المتحدث عند دور الحكومة الجزائرية المؤقتة في تعزيز المسار الدبلوماسي للجزائر ومرافقة معركة التحرير ونجاحها في مفاوضات إيفيان إلى غاية تحقيق الاستقلال، متمسكة بوحدة القرار ورفض أي تدخل أجنبي لدعم هذه المفاوضات التي تبينت فيها حنكة الدبلوماسية الجزائرية المدافعة عن السلم والداعمة للحل الإنساني.