"المساء" ترصد واقع سوق المكملات الغذائية في الجزائر

خلطات "خطيرة" تباع بالمقاهي وقاعات الشاي

خلطات "خطيرة" تباع بالمقاهي وقاعات الشاي
  • القراءات: 2596
زهية. ش زهية. ش

❊ باحثون عن السمنة وآخرون عن القوام الرشيق ضحايا مكونات مجهولة المصدر

انتشار لافت لخلطات "سحرية" في غياب تقنين هذا النشاط

الإشهار الزائف روّج لمستحضرات بها تركيبات صيدلانية

يعرف استخدام المكملات الغذائية والخلطات التي تباع بمختلف محلات الأعشاب، إقبالا متزايدا من قبل فئة واسعة من المواطنين، من النساء والرجال وحتى الأطفال بالنظر إلى حملات الترويج لهذه المواد على أنها تعالج بعض الأمراض وحتى المستعصية منها، وتزيد في الوزن، وأحيانا على أنها تعطي الطاقة وحتى الرشاقة للجسم رغم أن أضرارها أكثر من منافعها، خاصة تلك التي تدخل في تركيبتها مواد صيدلانية؛ حيث تحولت إلى تجارة مربحة لكثير من الأشخاص، الذين يبيعون خلطات لا تستند إلى أي مصدر طبي، تجعل الباحثات عن القوام الرشيق، أو الممتلئ، أو التخلص من الوزن الزائد، أو تكثيف الشعر، والرجال الراغبين في الحصول على عضلات ونشاط وزيادة في الوزن، يلجأون إلى تناول العديد من الخلطات مجهولة المكونات والمصدر رغم ارتفاع أسعارها، في انتظار أن يتم تقنين هذا النشاط الذي يمارسه كل من هبّ ودب.

وما ساهم في انتشار هذه التجارة مواقع التواصل الاجتماعي، التي تروج لبعض المكملات والخلطات على أنها ذات فعالية سريعة، حيث تباع عن طريق توصيلها للزبون، ودون عرضها في المحلات. هذه الأخيرة التي تحولت، هي الأخرى، إلى شبه صيدليات، تقدم فيها التوجيهات والنصائح من قبل بائعي الأوهام لزبائنهم، مثل ما ذكرت إحدى السيدات لـ "المساء"، أشارت إلى أنها واحدة من ضحايا إحدى الخلطات التي استعملتها لتكثيف شعرها، فوجدت نفسها مصابة بالغدة الدرقية رغم أن صاحبها أكد أن مكوناتها طبيعية ونتيجتها سريعة؛ الأمر الذي أكدته إطار بمكتب مراقبة المنتجات الغذائية لمديرية التجارة لولاية الجزائر، التي أشارت إلى أن الإقبال ناتج عن الشعارات الجذابة والملفتة لاستقطاب المهتمين؛ على غرار "تسمين الأرداف"، و«خسارة الوزن في أسبوع"، و«ترطيب الشعر في دقيقة".. وغيرها من الشعارات التي تجعل الباحثين عن القوام الممتلئ أو التخلص من الوزن الزائد من كلا الجنسين، يتهافتون عليها، في حين أنها لا تستند إلى أي مصدر طبي، وتبقى مكوناتها مجهولة، ومشبوهة، وغير مضمونة الفعالية.

وبالرغم من أن المكملات الغذائية غير مصنفة على أنها أدوية، إلا أنها تروَّج وتباع في بعض الصيدليات على أنها تساعد في علاج بعض الأمراض، وتعمل على تخفيف آلام بعض الأمراض؛ مثل القولون العصبي، وآلام الظهر، والصداع، والبروستات، وحتى بعض الأمراض المزمنة والمستعصية؛ كالسكري، والضغط الدموي، فضلا عن بيع بعض المكملات لفتح الشهية والموجهة للأطفال؛ ما يستدعي التعجيل بتشريع وضبط سوق المكملات الغذائية، في ظل الانتشار غير المسبوق لاستهلاكها، مثل ما وقفت عليه "المساء" في هذا الاستطلاع.

 


 

رئيس منظمة حماية المستهلك مصطفى زبدي لـ"المساء": حذار من المكملات الغذائية والخلطات مجهولة المصدر

من جهته، حذّر رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، في تصريح لـ"المساء"، من استهلاك الخلطات مجهولة المصدر والتركيبة، وتلك التي تباع بدون وسم تجاري بالنظر إلى الأنواع الكثيرة التي يروجها بائعو الوهم الصحي للمواطنين، مشيرا إلى وجود خلطات تدمَج بها بعض المكونات الكيميائية غير الطبيعية بدون أخذ بعين الاعتبار صحة المستهلك، مما يؤدي، مثل ما أشار، إلى آثار سمنة، أو تقوية العضلات، أو الرغبة الجنسية، والتي تصاحبها أضرار وخيمة على مستعملي المستحضرات شبه الصيدلانية والخلطات العشبية، التي يروَّج لها على أساس أنها تعالج أو تقوي البدن.

وأوضح زبدي أنه تم اكتشاف حالات تضررت بعد استهلاكها مكملات غذائية وبعض الخلطات، منها حالات صحية خطيرة جدا، قد تؤدي بالشخص إلى الوفاة في حال الإفراط في استهلاكها، مشيرا إلى أن المنظمة سبق أن قامت بالتحسيس والتوعية لحماية المستهلك، خاصة ما تعلق بالمكملات والمستحضرات الخاصة بزيادة أو خفض الوزن، والمواد الموجهة لمعالجة أمراض الجلد، وتساقط الشعر، والقولون العصبي... وغيرها.

وفي هذا الصدد، دعا المتحدث المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر، وتفادي استهلاك الخلطات المجهولة التي تباع بداعي التسمين والتداوي، في انتظار استكمال النصوص القانونية والتنظيمية التي تضبط تسويق هذه المنتوجات، التي قد يؤدي استهلاكها إلى الإصابة بأمراض مستعصية؛ كأمراض القلب، والكبد، والفشل الكلوي، وقرحات معدية، والتي قد تصل في بعض الأحيان، إلى الوفاة.

 


 

  لمياء والي مختصة في التغذية لـ"المساء": ضرورة التشخيص واستشارة المختصين

على خلفية الإقبال الكبير على الأدوية والمكملات الغذائية وخلطات الأعشاب التي يتناولها الأشخاص لأغراض التسمين وكسب الطاقة وأحيانا الرشاقة، اتصلت "المساء" بالمختصة في التغذية لمياء والي، التي حذّرت من تناول المكملات بدون وصفات طبية أو تشخيص من المختصين؛ لتجنب المخاطر والأضرار الناتجة عن الاستهلاك المفرط لهذه الأخيرة.

وأوضحت المتحدثة أن استعمال المكملات الغذائية أصبح في الوقت الحالي، موضة وليس لتعويض النقص في بعض الفيتامينات والمعادن، مثلما هو معمول به؛ حيث يستهلكها الكثيرون بدون حاجة الجسم إليها، مشيرة إلى أن خطورتها تكمن في الإفراط في استعمالها، أو سوء استخدامها.

وحسب المتحدثة، فإن المكملات الغذائية التي راج استخدامها تسمى المأكولات الخارقة التي تعطي مفعولا سريعا. وهي موجهة لأشخاص معيّنين، وفي وقت معيَّن. وتُستعمل بدون تداخلات دوائية، غير أنها أصبحت مطلوبة بكثرة في الآونة الأخيرة. وتشهد إقبالا كبيرا ولافتا من قبل مختلف الفئات العمرية، خاصة الشابات والسيدات، وحتى الرجال الراغبين في اكتساب كيلوغرامات إضافية، أو حتى خسارة الوزن؛ نتيجة الفوضى التي تميز هذا النشاط الذي يمارسه أشخاص غير مختصين في التغذية، وهم إما بائعو الأعشاب والمروجون لهذه التجارة، أو أشخاص استفادوا من دورات بسيطة في الحميات الغذائية، وجعلوا من أنفسهم مختصين في التغذية، ويقدمون خلطات ومكملات بدون خضوع المعني للتشخيص، وبدون معرفة حالته الصحية بصفة عامة وإن كان أصيب في ما سبق، بمرض مزمن أو غيره.

وشددت المختصة في التغذية على ضرورة استخدام المكملات الغذائية والخلطات بعد استشارة المختصين لفترة محددة، حتى لا تضر بالصحة، خاصة ما تعلق برياضة كمال الأجسام، وعدم الاستعمال العشوائي لهذه المواد والمسمنات، التي أصبحت تُستخدم كمواد أساسية، لا كمكملات.

 


 

سفيان غريبي مفتش رئيسي في قمع الغش لـ"المساء": حجز وإتلاف مكملات وخلطات تتضمن مواد صيدلانية فعالة

أكد، لـ"المساء"، سفيان غريبي مفتش رئيسي في قمع الغش بمديرية التجارة لولاية الجزائر، أن أعوان الرقابة لا يتوانون في سحب المكملات الغذائية والخلطات من السوق، وإتلافها على الفور في حال عدم احترام الشروط المنصوص عليها في القانون العام المتعلق بحماية المستهلك؛ لكونها مصنفة، حاليا، كمواد غذائية، وتخضع للقانون 18-09 المِؤرخ في 10 جوان 2018، المعدل والمتمم للقانون 09-03 المؤرخ في 25 فيفري 2009، المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش، مشيرا إلى حجز كمية من المكملات الخطيرة التي تدخل في تركيبتها مواد صيدلانية فعالة.

وأوضح غريبي أن المشكل الأساس في سوق الأعشاب والمكملات الغذائية، يكمن في غياب قانون يضبط هذا النشاط؛ حيث يخضع حاليا للرقابة التجارية، مثله مثل المواد الاستهلاكية الأخرى، في انتظار صدور نصوص قانونية تنظم هذا النشاط، مشيرا إلى ضبط مواد وخلطات خطيرة على صحة مستهلكيها، خاصة بعض المكملات الغذائية، وكذا خلطات الأعشاب الموجهة للتسمين، ومنح الطاقة والنشاط، التي يتم الترويج لها على أساس أنها مفيدة وسريعة الفعالية رغم المشاكل الصحية الخطيرة التي يمكن أن تخلّفها، ومن بينها الفشل الكلوي، وهشاشة العظام، والتوقف المفاجئ لعضلة القلب... وغيرها من المتاعب الصحية.

وفي هذا الصدد، أشار المتحدث إلى أن هناك بيانات إجبارية يجب إظهارها حول اسم المنتج، والعنوان، وتسمية المنتوج، والمكونات، وطريقة الاستعمال، وكذا تفادي الادعاءات العلاجية والصحية لجلب الزبائن. ويُعد ذلك من المخالفات التي تؤدي إلى سحب المنتوج، ومتابعة صاحبه قضائيا، مع فرض غرامات معتبرة، قد تصل إلى إغلاق المحل بالنظر إلى خطورة بعض المواد والخلطات التي تُعرض للبيع، مضيفا في هذا الصدد، أن كل من هبّ ودب أصبح يمارس الطب البديل، ويغري زبائنه بوصفات يسميها خلطات سحرية، تعالج كل الأمراض، وتعطي رشاقة للجسم، وغيرها من الادعاءات والنصائح التي تضر أكثر مما تنفع؛ فهناك من يقدم خلطات مجهولة المكونات لزبائنهم، منهم مرضى السرطان، بحجة سر المهنة، وينصحونهم بالتوقف عن تلقي العلاج الكيميائي.

وما يزيد من خطورة بعض الخلطات، يقول محدثنا، وضع المادة الفعالة الصيدلانية ضمن محتوى المكملات الغذائية؛ ما يشكل خطرا كبيرا على مستهلكيها، مشيرا إلى التعليمة التي أصدرتها وزارة التجارة سنة 2022، من أجل سحب مجموعة من المكملات الغذائية التي تدخل في تركيبتها مواد فعالة ذات الاستعمال الصيدلاني من السوق.

وتتواصل عملية سحب هذه المواد التي انتشرت تجارتها كثيرا، والتي تباع حاليا في المقاهي، وقاعات الشاي، ومحلات بيع الأعشاب، والصيدليات، كمكملات غذائية وليست أدوية؛ إذ تشكل هذه الأخيرة خطرا كبيرا على الصحة العمومية، خاصة في حال تجاوز الكمية أو الجرعة المطلوبة، فضلا عن استعمال مواد ممنوعة، ولا تدخل إطلاقا في تركيبة المكملات الغذائية وحتى التجميلية.

وحسب حصيلة الرقابة على تسويق المكملات الغذائية التي تدخل في تكوينها مواد فعالة صيدلانية، فقد تم في السداسي الثاني من سنة 2022، تسجيل 575 تدخّل، وتحرير 27 محضرا، وحجز 121٫91 كلغ من المكملات، فيما تتواصل العملية بناء على تعليمة وزارة التجارة التي لاتزال سارية المفعول، والتي صدرت بعد تحقيق معمق، كشف المتحدث عن تسويق مكملات غذائية في شكل شكولاطة، وعسل، ومربى غير مطابقة تضر بصحة مستهلكيها في حال استهلاكها بصفة عشوائية، خاصة العسل الذي يروَّج بعلامات مختلفة، ومشروبات في شكل منشطات، ومتوفرة بكثرة مقارنة بالعلامات الأخرى؛ حيث تباع هذه المكملات الخطيرة جدا بقاعات الشاي، والمقاهي وحتى الصيدليات رغم تحذيرات المختصين في التغذية، من خطورة استعمالها.