الفايسبوك : مزايا بلا حدود ومخاطر بلا قيود

خطر على 8 ملايين طفل جزائري و وراء 90٪ من القضايا

خطر  على 8 ملايين طفل جزائري  و وراء 90٪ من القضايا
  • القراءات: 1208
 أحلام محي الدين أحلام محي الدين
الفايسبوك: آخر تتويجات ثورة التكنولوجيا والاتصال في عالمنا الحديث والأكثر تقريبا بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تكنولوجيا اقتحمت كل المواقع وكل البلدان، بما في ذلك تلك التي لا تملك "عشا ليلة" لكن هذه الإيجابيات العديدة والمختلفة في تقريب المسافات وتطوّر وسائل الاتصال والتواصل بين الأفراد والمجموعات والمؤسسات أصبحت مؤخرا هاجسا يؤرق على الخصوص العائلات، حيث تحوّل هذا الاختراع الذكي إلى شبح مخيف بات "يقطف" الأطفال في كل ربوع الدنيا فيما يشبه "المخدّر".

يكفي أن نعلم أن الجزائر التي تحتل الرتبة الرابعة في إفريقيا من حيث عدد المشتركين (بعد مصر، نيجيريا وجنوب إفريقيا) خطف منها "الفايسبوك" ما يقارب 8 ملايين طفل الذين ألهاهم "الفايسبوك"، عن الدراسة والمراجعة وارتبطوا بشكل يكاد يكون عضويا بهذه الشبكات العنكبوتية.

جريدة "المساء" أعدت ملفا شاملا ومتكاملا حول مزايا وأخطار "الفايسبوك" وهي مزايا بلا حدود ومخاطر بلا قيود. الزميلة أحلام محي الدين تطرقت إلى مختلف جوانب هذا "الفضاء الأزرق" واستطلعت إعلاميين ومثقفين وخبراء ومختصين في علم النفس وكذا متعاملين يقدمون هذه الخدمة، ورصدت أيضا آراء المتتبعين حول الانعكاسات السلبية على المجتمع عموما والأطفال على الخصوص، يكفي أن نعلم أن 8 ملايين طفل جزائري باتوا يواجهون خطر الإدمان والانحراف عبر البوابة الزرقاء، وحسبما ذكره رئيس المصلحة المركزية لمكافحة جرائم المعلوماتية فإن 90 بالمائة من القضايا سببها "الفايسبوك".

وهو ما أجبر الوزيرة فرعون على الدعوة إلى إنشاء هيئة لمكافحة الجريمة.

ذكرت الشركة التونسية المتخصّصة في خدمات وتقنيات الإعلام الآلي "ميديا نت" أنّ عدد الجزائريين المستعملين لموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، بلغ 12.1 مليون مستعمل حتى الفاتح جانفي 2016؛ 64 % منهم رجال و36 % إناث و69 % من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة. وتحتل الجزائر بهذه النتائج المرتبة الرابعة إفريقيا، بعد كل من مصر (27.9 مليون مستعمل)، نيجيريا (14.7 مليون مستعمل) وجنوب إفريقيا (12.7 مليون مستعمل)، الموقع يضمن التواصل السهل، وهو ما يترجم اهتمام رواده بتوسيع دوائر التعارف بعد التواصل مع الأصدقاء ونشر الآراء والدردشة عبر المنتديات المختلفة، بالإضافة إلى توسيع النشاطات "التجارية"، خاصة أنه يكفل الخدمة الإشهارية المجانية، لبيع أبسط الأغراض أو استبدالها، علاوة على تبادل المعلومة بسرعة البرق، لكن رغم المزايا الكبيرة التي يقدّمها، فإنه يعتبر خطرا حقيقيا على الأطفال والقصر وحتى الكبار، بسبب الاحتكاك بالأغراب وما ينجر عنه من مشاكل قد تقود ـ للأسف ـ إلى الانتحار، علاوة على ازدياد معدل الجريمة الإلكترونية التي تدفع الأسرة ضريبتها ويصبح الطفل ضحيتها الأولى من خلال إجرام المتواصلين معه، فيصبح أداة سهلة بين أيدي الانتهازيين والمرضى نفسيا، وهو الخطر الذي يدق المختصون ناقوس خطره في مختلف المجالات ويدعون إلى حماية وتحصين مستقبل الأمة، وهم أطفالنا وشبابنا. "المساء" عملت من خلال هذا الملف على عرض مزايا ومساوئ "الفايسبوك" بلغة الأرقام.


 

الفضاء الأزرق..  للتواصل، الإبداع والتكافل 

لا يختلف اثنان على المزايا والإيجابيات العديدة التي يتيحها موقع التواصل الاجتماعي الشهير "الفايسبوك" لمستخدميه عبر المعمورة التي تحولت بفعل التكنولوجيا إلى قرية صغيرة واضحة المعالم، فقد استطاع هذا الموقع أن يحقق نقلة نوعية في حياة مستعمليه ليس من الطبقة المثقفة والشغوفة بالتكنولوجيا فقط، بل حتى العامة، حيث أصبح العديد منهم يملك حسابات بلغت الملايين، لما يكتنز من معلومات ومعارف وأخبار، مع إمكانية الغوص في مختلف المجالات الإبداعية والحياة الاجتماعية، علاوة على ضمانه خدمة الدردشة والمكالمات المجانية بحضور الأنترنت.

تختلف المنتديات والصفحات والمجموعات الموجودة على "الفايسبوك" التي تعنى بالمرأة، حيث تجد حواء عبر صفحاته المتنوعة والكثيرة حلولا فعالة لمشاكلها العاطفية، الاجتماعية والعملية، وتحرص المنتديات التي تديرها سيدات متزوجات أو عازبات على طرح أسئلة تتحول إلى محور نقاش من طرف عضوات المنتدى، اللائي يقمن بدورهن، بتقديم مجموعة من الحلول التي تراها كل واحدة منهن مناسبة، انطلاقا من تجربتها في الحياة أو اختصاصها، ويكون عدد الردود بقدر عدد الناشطات بالصفحة.

«الملابس التقليدية" و«تصديرة العروس"، صفحات لها نصيب الأسد من التواجد على "الفايسبوك،" وهي الصفحات التي تستقطب بدورها أعدادا كبيرة من المهتمات، مثل الخياطات اللواتي يسعين لاستقطاب زبونات جدد، حيث ينشرن إبدعاتهن من خلاله، وهي الطريقة التي ينتهجها حتى أكبر مصممي الأزياء العالميين، كاللبناني علي بيضون الذي يعرض أعماله عبر صفحاته بصورة دورية ومغرية من خلال ارتدائها من طرف النجوم. كما تعمل الناشطات عبره على عرض اللباس التقليدي الجزائري للتعريف به في كل الأماكن، حسبما أشارت إليه حياة، منشطة صفحة "لباس بلادي"، في حديثها إلينا قائلة: "اللباس التقليدي الجزائري ثري جدا ويستحق التقدير والحفظ والتعريف به عبر العالم، خاصة أنّ هناك مصممين يقتبسون منه تصميمات مختلفة، إلا أنهم لا يذكرون مصدرها، ولأنني أغار على تراث بلادي، حاولت من خلال هذا الموقع أن أعرّف به". 

الحلاقة والتجميل وكذا الطبخ أيضا من الصفحات الرائدة والقوية في الموقع. تساعد المرأة على الاهتمام بجمالها وأناقتها وكذا رعاية أسرتها، مع الحفاظ على صحتها من خلال الغذاء الصحي السليم الذي تؤمّنه بعض الصفحات، منها صفحة "الدواء الأخضر" التي تشرف عليها الأستاذة والباحثة شعباني فوزية، التي أشارت في حديثها لـ«المساء"، إلى أنها نذرت هذه الصفحة لخدمة العامة وإفادتهم مما وهبها الله تعالى من علم. 

الترفيه، النكتة والألغاز عناصر أساسية وجوهرية في الموقع، فإذا وجدت عزيزا يضحك أو يقهقه بدون سبب، فاعرف أن ما يتابعه من فيديوهات أو صور أو تعليقات وراء تلك الضحكة التي باتت متنفسا للكثير من عشاق الموقع، وغالبا ما يكون تعدد الزوجات أو الخيانة الزوجية مادة دسمة تحصد الآلاف من التعليقات والمشاركات في النشر. 

دروس التنمية البشرية ودوراتها وبرامجها أيضا تحتل الريادة على صفحاته، خاصة أن الكثير من المدربين عبر الوطن العربي أو الأكاديميات، لهم صفحات وشبكات يعملون من خلالها على جذب وجلب مشاركين في التكوينات، التي ينظمونها والتي يتم التحضير لها لقرابة شهر أو أشهر أحيانا لتحسين جودة الحياة، حسبما يشير إليه أصحابها. 

الأدعية والأمثال والحكم هي القلب النابض لمنشورات الناشطين الذين يكثفون من حضورهم خلال المناسبات الدينية، على غرار قدوم شهر رمضان، عيد الفطر أو عيد الأضحى، حيث يتبادل الرواد طريقة تحضير الحلويات والأطباق وأيضا طرق تقسيم الليل والنهار في العبادات خلال هذه الأيام المباركة، كما لا يغفل الرواد عن الاحتفال بالأعياد الوطنية بطريقة تعكس عشق أبناء الجزائر لوطنهم الغالي، خاصة أنها ممزوجة بشوق المغتربين الذين يضعون بصمات تدمي القلب من خلال التعبير عن حالة الاغتراب التي يعيشونها. 

«فلسطين في القلب" هو الشعار المتداول من قبل الرواد، إذ يشتعل "الفايسبوك" عبر العالم العربي مع أي هجوم إسرائيلي على فلسطين، حيث تنتشر الفيديوهات التي تفضح الظلم والعدوان، لتزيد من عمق الجرح العربي، كما نلمس الحماس القوي للشباب الجزائري في التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، دون إغفال معاناة الشعوب العربية التي باتت هاجسا يؤرق الغيورين على الأوطان ومحبي الوحدة والتلاحم. 

أشار بعض محدثينا من الشباب والجنسين، إلى أن هذا الموقع ساعدهم على إيجاد أصدقاء أصبحوا حقيقيين بعدما حدث التعارف من العالم الافتراضي، حيث اجتمعوا ببعضهم البعض وتبادلوا أطراف الحديث وجها لوجه، بعد عملية الغربلة التي تمت بفعل الدردشة، وهناك علاقات تطورت لحب وينتظر أصحابها الضوء الأخضر للإفصاح عنها، وآخرون بصدد وضع الخطوات اللازمة للارتباط. كما سجلت صفحات "الفايسبوك" مختلف صور التكافل الاجتماعي، كما هو الحال عندنا، حيث عشنا تفاصيل نداءات الإحسان والرحمة، إذ تم من خلاله إطلاق "تليطونات" مساعدة المرضى والمحتاجين للقيام بعمليات ناجحة خارج الوطن، وتقاسمنا كذا هاجس اختطاف الأطفال وفرحة عودة المخطوف منهم.