عادات وتقاليد الأوراس

حفاظ على الشواهد الحية الأصيلة

حفاظ على الشواهد الحية الأصيلة
  • القراءات: 812
ع.بزاعي ع.بزاعي

تشكل الاحتفالات الخاصة برأس السنة الأمازيغية الجديدة ”أمنزو ن ينار” 2971 بالأوراس حدثا هاما، وهي فرصة للحفاظ على الشواهد الحية التي تؤكد الامتداد والأصالة، باعتبارها إحدى التقويمات التاريخية التي تؤرخ لتغلب الملك الأمازيغي ششناق على ملك الفراعنة رمسيس الثالث سنة 950 ق.م، إذ تستحضر عبر ربوع الأوراس، عادات وتقاليد توارثتها العائلات أبا عن جد، وبقيت محافظة عليها إلى يومنا هذا.

ترمز المناسبة إلى الخصوبة والازدهار، بإقامة طقوس خاصة يباشرها سكان المنطقة، حيث يتم بالمناسبة، نحر ديك على عتبة المنزل لإبعاد سوء الطالع، وللتفاؤل بالخير ووفرة المحاصيل. ويعتقد في بعض المناطق، أن من يحتفل بها، سيبعد عن نفسه عين السوء وعواقب الزمن.

إلى جانب ذلك، تقام مراسم محلية قبل أسبوع من حلول رأس السنة الأمازيغية، حيث أشارت إحدى المسنات في حديثها مع ”المساء”، إلى أن الاحتفال بيناير يتم خلال يومين، ففي اليوم الأول يتم إعداد طبق ”ثاروايث” وتسند مهمة إعداده لكبيرة السن في العائلة، ويتكون من الطماطم والبصل تضاف له كمية من الدقيق، ويتحول إلى ”عصيدة”. وعند تقديمه تضاف إليه كمية من السمن أو الدهان. وخلافا للنهار، يتم تحضير طبق الكسكسي خلال الفترة الليلية، وهناك من الأسر من تحبذ ”الشخشوخة”، في حين تنشغل النسوة بتنظيف المنازل، وعند الظهيرة يخرجن رفقة الأبناء من مختلف الأعمار باتجاه البساتين والغابات والمناطق الجبلية المجاورة، لإحضار أنواع مختلفة من الأعشاب الخضراء، تنبؤا بعام فلاحي ناجح.

كما يتم بالمناسبة، تغيير الأثاث المنزلي ويرمى رماد الموقد واثنين من أحجاره ”اينين”، ويبقى الأيمن منها فقط ويترك جانبا، تبركا به ليضاف الجديد، كما يتم إحضار حجرات صغيرة بعدد أبناء العائلة، تطلى بالسمن وتوضع على النار حتى تسود، تنبئ بزواج أحد أفراد العائلة حاضرا أو مستقبلا غير بعيد، حسب درجة اسوداد الحجر.

في الخرجات الاستجمامية، يقوم كل شخص بتقليب سبعة أحجار وينظر أسفلها، فإن وجد نملا، دل ذلك على تكاثر عدد الماشية من ماعز وغنم، أما إذا وجد حشرات، فيعني الأحفاد، والديدان معناها العرائس، أما إذا وجدت حفرا صغيرة فهذا يدل على مخازن المؤونة والمال. كما تتعاون النسوة على إنهاء النسيج القائم قبل دخول السنة الجديدة، وبهذه المناسبة، تخصص للأطفال أساور من الصوف تقدم لهم لضمان نشأتهم في أجواء من الحيوية، مع الرغبة في العمل، كما يتم غزل الصوف وتوضع مواضع الألم في المفاصل، ويسود الاعتقاد أنها مزيلة للضرر، وإن وضعت في اليد فإن الطفل سينال حظا وافرا من العلم، كما تتزين النسوة بالسواك والكحل ويرتدين أجمل ما لديهن من لباس وحلي.

يتجلى نشاط النسوة في النهوض باكرا في رأس السنة الأمازيغية لإعداد طبق ”الشرشم”، وهي مادة القمح التي تغلى في ماء ساخن، تضاف إليها حبات الحمص ”اطنينت” و"الخليع”، وهناك من يضيف لها الذرة المجففة، ويوزع على الجيران، ويقال ”كل شرشومة فرعون”، لتذكيرهم بانتصارات الملك الأمازيغي التي انطلق منها التاريخ الأمازيغي.