عبد الكريم تفرقنيت الإعلامي وأستاذ الصحافة يتحدث عن المشكل:

"حراس البوّابة" يؤجّلون الحصول على أخبار دقيقة

"حراس البوّابة" يؤجّلون الحصول على أخبار دقيقة
  • القراءات: 1010

أكد الإعلامي وأستاذ الصحافة بكلية العلوم السياسية وعلوم الإعلام بجامعة الجزائر 3 لــ "المساء" بشأن الموضوع المطروح، أن في واقعنا الوصول إلى الخبر يخضع إما لمبدأ المفاضلة السياسية؛ أي الولاء والتأييد، أو للمصالح؛ سواء كانت ذاتية أو براغماتية؛ لهذا تضيق دائرة وهامش تمكين الصحفيين من الوصول إلى مصدر الخبر والحصول على المعلومة، وطالما أن المهنية والاحترافية لم تأخذا طريقهما إلى الوسط الإعلامي وإلى هيئات ومؤسسات وجمعيات المجتمع سواء كانت حكومية رسمية أو غير الرسمية مثل الأحزاب والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني عموما، فإن إشكالية الوصول إلى مصدر الخبر تظل محل تساؤلات واستفهامات كبيرة. وأفاد الأستاذ تفرقنيت بأن توفير الأطر القانونية لا يكفي وحده ولو كان في الدساتير وقوانين الإعلام، وحتى في مواثيق الشرف التي يضعها الصحفيون لتنظيم مهنتهم، هم يطالبون بالوصول إلى مصدر الخبر، ويسعون للدقة وتفادي المعلومات غير الصحيحة، لكن طالما أن الظروف الموضوعية والذاتية ليست مهيأة بطرق كاملة لتقبّل فكرة تسهيل مهمة الصحفي وتزويده بالمعلومة، فلا جدوى من وضع جملة "المطلوب من السلطات العمومية تسهيل مهمة حامل هذه البطاقة" إذا لم تترسخ في قواعد وأسس معاملة إعلامية حقيقية بعيدة عن الاستعراضية والبهرجة وتزييف المشهد، وهذا يكون عن طريق تحقيق مبدأين رئيسين؛ هما الحق في الاتصال، والحق في الإعلام. 

وقال المصدر إنه حتى في الدول التي لها تجربة ديمقراطية عريضة، فإن الخوف من الإعلام والخوف من صحافة حرة غير خاضعة لأمزجة السياسيين وضغوط رجال المال والأعمال، لم يزُل نهائيا؛ فقد هدّمت السلطات الأمريكية حظيرة السيارات، بل أوقعت كل المبنى الذي تقع فيه الحظيرة، التي هي المكان الذي تم فيه اتصال الصحفي بمصدره، وتم فيها تسريب معلومة التصنت الشهيرة على الحزب الديمقراطي، والتي بعد نشرها في الصحافة استقال إثر وقعها الرئيس الأمريكي نيكسون في منتصف سبعينيات القرن الماضي. التشريعات الأمريكية تذهب إلى حدّ جعل الصحفي يقاضي من لا يعطيه معلومات هي بحوزته، هذا ما يجعل الجميع ملزمين بضرورة تمكين المواطن من حقه في المعلومة. أما عندنا فلا أحد يمكنه مقاضاة مسؤول يبرر تهربه من منح المعلومة؛ بحجة وجوده في "اجتماعات ماراطونية ومستمرة لفترات طويلة"، أو إغلاقه خط هاتفه أو غيرها من التبريرات الواهية.. بعض خلايا الاتصال في الهيئات الرسمية والمؤسسات تلعب دور حراس البوابة، الذين يمنعون الوصول إلى الخبر.

إضافة إلى عدم وجود أطر قانونية رادعة، يمكنها معاقبة من يمنع الوصول إلى المعلومة، فإن ثقافة الشفافية في تسيير المعلومات والأخبار تكاد تكون غائبة في مجتمعاتنا الانتقالية، فممارسات التكتّم والوصاية على الجمهور وانتقاء المعلومات والأخبار التي يرى حراس البوابة أنها تناسب المواطن أو أنها لا تليق بأن تكون محل نشر أو بث، تطغى على ذهنيات القائمين بالاتصال والمتحكمين في المعلومات والأخبار على الساحة الإعلامية الوطنية، بدل فتح المجال والتخلي عن "الأبوية الزائفة" التي تساهم في الإغلاق والصمت والتكتم الإعلامي والتعتيم عن المعلومات، قال محدثنا، مضيفا: "من هنا يسود منطق الإشاعة، التي تصبح بديلا عن الخبر الصحيح، ويتم الابتعاد عن إبراز المصدر، فيكثر استعمال عبارات مثل "مصادر مطّلعة" و«مصادر متطابقة" وهكذا، والتي تمتزج فيها الإشاعات أو المعلومات غير الصحيحة والأخبار غير المتأكد منها، وتصبح عمليات الدقة في الأخبار والتأكد من صحتها أمرا صعبا بالنسبة للصحفي؛ كون المصادر مغلقة أو شحيحة على الأقل. وأي مسؤول نشر في ظل هذه الظروف إذا توخّى التشدد في النشر، فإنه لا ينشر أخبارا طيلة عدة أيام، أو أنه يكتفي بنشر الأخبار الرسمية فقط، وهنا تغيب مبادرات الصحفيين، وتُمحى الصحافة الاستقصائية من قاموس العمل الصحفي.

واختتم الأستاذ تفرقنيت بالقول إنه أمام ظاهرة "الغلق" و«الخوف في الصحافة"، والممارسات والتصرفات التي لا تشجع على عدم فتح المجال للنقد وللرأي الآخر، بل يذهب البعض إلى اعتباره تسويدا للوضع وتثبيطا للعزائم؛ إذ يصبح الوصول إلى مصدر الخبر والحصول على المعلومة من الأمور الصعبة، وبالتالي فإن الحديث عن ضرورة التزام الصحفي بأخلاقيات المهنة الصحفية هو من الشؤون المؤجلة إلى حين تكريس ثقافة "سيولة أو تدفّق الخبر" على نطاق واسع، وعندها يمكن أن نتحدث عن الموضوعية وعن الدقة، بل وعن الأمانة في نقل الخبر.