سوق افتراضي على صفحات "الفايسبوك" لا تحكمه القيود ولا القوانين

جزائريون يبيعون السيارات، الذهب، الهواتف والإسمنت.. والأسلحة

جزائريون يبيعون السيارات، الذهب، الهواتف والإسمنت.. والأسلحة
  • القراءات: 660
إعداد: زبير.ز إعداد: زبير.ز

عرفت وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "الفايسبوك"، تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت من وسائل تعارف، صداقة ودردشة إلى وسائل لتحقيق الربح والحصول على الأموال وتبادل السلع في سوق افتراضي لا يعترف لا بالحدود ولا بالسجلات التجارية ولا بالقيود، وأصبح المشتركون في هذه المواقع يتبادلون السلع من مختلف الماركات وبمختلف الأسعار، من خلال عرض المواد المراد بيعها في الصفحة الخاصة بكل شخص أو ضمن صفحات تم إنشاؤها خصيصا لهذا الغرض، وتعرف مشاركة كبيرة تصل أحيانا إلى عشرات الآلاف.

الهواتف النقالة أكبر السلع المعروضة

يلقى سوق بيع الهواتف النقالة عبر صفحات "الفايسبوك" رواجا كبيرا بين متصفحي هذا الموقع الاجتماعي، حيث يتم عرض مختلف ماركات الهواتف النقالة واللوحات الإلكترونية وبآخر الصيحات، ويجتهد البائع في تقدم صورة مناسبة للسلعة المعروضة، مع تقديم جميع المواصفات التقنية الخاصة بالجهاز. وفي بعض الأحيان يقدم السعر الذي يحدده وفي أحيان أخرى يضع الهاتف دون تحديد ثمنه وعلى المشتري اقتراح السعر المناسب، حيث يقترحه أحيانا ليشاهده كل متصفحي هذه الصفحة وفي أحيان أخرى يتم التستر عن السعر من خلال الدردشة بين البائع والشاري عبر خدمة الرسائل الخاصة حتى لا يطّلع الفضوليون على تفاصيل الصفقة، ويستعمل غالبية الباعة عبارات أصحبت معتادة على هذه الصفحات، وهي "يا خواتي سومو بلا عكيس"، أي من فضلكم اقترحوا أسعاركم دون المبالغة في تخفيض ثمن السلعة.

أجهزة تلفاز، ألعاب فيديو وكاميرات

تلقى أيضا أجهزة التلفزيون رواجا عبر صفحات "الفايسبوك" والمواقع المخصصة لمثل هذا النوع من التجارة، حيث يتم عرض آخر صيحات أجهزة التلفاز التي تمتاز بالدقة العالية للصورة أو ما يعرف بالـ” أش دي" أو حتى "4 كا"، كما تعرض أجهزة تلفزيونية ثلاثية الأبعاد ولواحقها من نظرات وسماعات، ويكون ثمنها في غالب الأحيان أقل منه في المحلات، خاصة أن جل هذه الأجهزة تكون مستعملة ولو ليوم واحد، ويجتهد أصحاب هذه الإعلانات في الترويج لأجهزة ألعاب الفيديو في شكل الـ” بي أس بي 3 و4" وهي أجهزة "بلايستايشن"، كما تعرض في هذه المواقع كاميرات رقمية حديثة، يقول أصحابها بأن مصدرها أوروبا يقتنيها في الغالب أشخاص مهاجرون عبر ما يعرف بـ«سلعة الحقيبة"، وتقدم بأسعار مغرية وتنافسية.   

محلات، سكنات، إسمنت وأراض فلاحية للبيع

لم تقتصر المبادلات التجارية عبر "الفايسبوك" على الهواتف النقالة فقط، بل تعدتها لتشمل المحلات التجارية، حيث يتم عرض موقع المحل ومساحته والثمن المطلوب، كما يتم عرض بيع السكنات أو تبديلها بسكنات أخرى، حيث وقفنا في العديد من الإعلانات على عروض تروج لبيع سكنات فردية أو شقق في العمارات، ويتم عرض صورة للمنزل من الداخل والخارج والطابق وحتى صور عبر القمر الصناعي للموقع، مع وضع رقم هاتف صاحبه لمزيد من الاستفسار، ويتم عرض حتى فيلات وسكنات راقية عبر هذا الموقع لجلب مشترين بعيدا عن الوكالات العقارية والسماسرة، وآخر ما جادت به صفحات "الفايسبوك"؛ عرض قطع أرضية بعقود رسمية أو عرفية للبيع وحتى قطع أرضية فلاحية في مختلف أنحاء البلاد، يؤكد أصحابها بأنها قطع أرضية بعقود رسمية، وهناك قطع أرضية فلاحية بها محاصيل زراعية وأشجار مثمرة وكذا مرافق ومنازل للسكن يتعدى ثمنها الـ100 مليار سنتيم، كما ورد في أحد العروض.

يضع بعض العارضين إعلانات لبيع الإسمنت، حيث يعرضون كميات كبيرة من أكياس الإسمنت، على غرار ما وجدناه في أحد الصفحات التي تروج لبيع 50 ألف طن من الإسمنت بسعر المصنع، ويؤكد الناشر أن صاحب الصفقة مستعد للتنازل عليها للمشتري بثمن مغر.  

ذهب، فضة ومجوهرات من مختلف الأصناف

المتطلع على عروض البيع عبر صفحات "الفايسبوك" لا يتفاجأ من عرض الحلي كالسلاسل والخواتم للرجال والنساء، حيث يتفنن العارضون في تقديم صور جميلة للحلي الذهبية. وفي آخر إعلان، وضع عارض من ولاية جيجل 32 قطعة ذهبية أو ما يعرف عند النساء بـ«الويز"، واشترط البائع تسويق سلعته جملة واحدة. كما يعرض العديد من الباعة الحلي الفضية،  خاصة تلك القادمة من بلاد الأناضول أو ما يعرف بحلي "حريم السلطان". تجد النساء ميسورات الحال أيضا غرضهن من خلال العروض المقدمة للحلي المغلفة بالذهب أو ما يعرف في الأوساط الشعبية وعند الباعة بـ«البلاكيور"، يكون ثمنه في متناول النساء مقارنة بالذهب الحقيقي الذي عادة ما يكون سعره باهظا. كما تعرض هذه الصفحات ساعات رجالية ونسائية أصلية بأثمان باهظة أو مقلدة، أو كما يقولون؛ من الدرجة الأولى وبأثمان معقولة.

ويجتهد بعض الناشرين عبر صفحات "الفايسبوك" في عرض الملابس بمختلف الماركات ومن عدة دول، حيث تجد في العديد من الصفحات مخزونا كبيرا من الألبسة الرجالية والنسائية، يريد صاحبه التخلص منه وبيعه بثمن مغر. 

سيارات، دراجات نارية وأسلحة للبيع

من الصفحات التي يكثر عليها الطلب عبر "الفايسبوك" تلك التي تروج لبيع السيارات، حيث أنشأت هذه الصفحات سوقا موازيا للسوق الشعبي وأصبحت الصفقات تبرم بين البائع والمشتري دون الحاجة إلى الوساطة، حيث تتم الصفقة بعد معرفة كل تفاصيل السيارة ورؤية صورتها، من خلال تبادل أرقام الهاتف، إذ يتم بعد تحديد مكان لإجراء فحص أخير للسيارة قبل تحديد السعر المناسب الذي يرضي الطرفين، وقد وجدت في هذه الطريقة العديد من النساء فرصة سانحة لبيع مراكبهن بعيدا عن أجواء السوق التي يكثر فيها السماسرة والتي لا تقصدها النساء عادة.

نفس الشيء بالنسبة للدراجات النارية والدراجات الهوائية التي يجلبها المهاجرون من أوروبا، حيث يتم عرض تفاصيل السلعة وتحديد ثمنها قبل الدخول في المفاوضات التي تكون غالبا عبر خدمة الرسائل الخاصة أو الهاتف، والغريب أن كل شيء أصبح يباع ويشترى من سوق "الفايسبوك" حتى الأسلحة التي تعرضها بعض الصفحات، إلى جانب عصا البيزبول وهي رياضة لا تجد من يمارسها عندنا في الجزائر وإنما تستعمل هذه العصا التي يبلغ ثمنها 1500 دج في الغالب عند الشجارات، كما وقفنا على "فايسبوكي" يبيع بندقية صيد، يضع ماركتها ويتفاوض بشأن ثمنها عارضا صورا لها من دون أي حرج. 

كتب ودروس خصوصية على "الفايسبوك"

تستغل العديد من الأطراف إبحار عدد كبير من التلاميذ والطلبة عبر صفحات "الفايسبوك" من أجل الترويج للدروس الخصوصية لمختلف المواد وخاصة الأساسية منها، على غرار العلوم الطبيعية، الفيزياء والرياضيات لشعبة العلوم التجريبية، اللغات والفلسفة للشعب الأدبية، حيث تكثر هذه العروض عند الدخول المدرسي ومع اقتراب فترة الإمتحانات. حتى أن مدارسا خاصة أنشأت صفحات لها عبر هذه الوسيلة للتواصل الاجتماعي، تعرض فيها خدماتها قبل الدخول المدرسي بمدة قصيرة، وتبرز مزاياها. كما استغلت بعض دور النشر هذه التكنولوجيا من أجل الترويج لعدد من المنشورات والكتب التي تطبعها في مختلف التخصصات  المدرسية منها والخاصة بالمطالعة الواسعة في سبيل زيادة عدد المشترين.  

رحلات بحرية، حج وعمرة

اغتنمت العديد من الوكالات السياحة عبر مختلف أنحاء الوطن فرصة انتشار فضاء "الفايسبوك"، حيث أصبحت تروج لمنتوجها السياحي عبر هذه الصفحات لمختلف الوجهات سواء داخل الوطن، خاصة المدن الساحلية أو المدن الداخلية والجنوب الكبير، وحتى خارج الوطن نحو البقاع المقدسة من خلال السياحة الدينية للحج والعمرة بالعربية السعودية، أو نحو وجهات أخرى وعلى رأسها تركيا، مصر، الإمارات العربية المتحدة، تونس والمغرب، ويتم وضع صور للمناطق المروج لها وأسعار الرحلة بالنسبة لكل شخص وتواريخ الانطلاق، أغلب الصور التي يتم نشرها خلال فصل الصيف؛ صور حية لفنادق وحمامات السباحة بهدف إغراء المتصفح.

وقد اغتنم بعض الأشخاص العاديين هذه الفرصة ليقوموا بعرض منازلهم الخاصة الواقعة على شواطئ البحر، قصد تأجيرها لمن يريد قضاء عطلة صيفية بالقرب من البحر، ويحدد الثمن ابتداء من 5000 دج لليلة الواحدة.

٫٫... حتى الأعضاء البشرية تباع في "الفايسبوك"

من أغرب ما وقفنا عليه في مواقع البيع والشراء عبر "الفايسبوك"؛ بيع الأعضاء البشرية، حيث عرض شاب من ولاية الجلفة يبلغ من العمر 26 سنة، فص كبده من أجل البيع، مؤكدا أنه في صحة جيدة وأنه لم يدخن في حياته يوما ولم يتناول المشروبات الكحولية، في إشارة منه إلى سلامة وصحة كبده، وبرر تصرفه هذا بضائقته المالية وحاجته الملحة للمال، ولم يكن رد المعلقين على هذا الإعلان سوى الدعاء لهذا الشخص بالفرج من الله ليفك ضائقته المالية، في حين تهكم البعض الآخر على هذا التصرف وأبدى عدد قليل من المعلقين استعدادهم لمساعدة هذا الشاب في أزمته المالية.   

جامعي يريد تجارة مربحة

دفعنا الفضول للاتصال بأحد الباعة عبر صفحات "الفايسبوك" يروج لبيع أوان منزلية من سكاكين للمطبخ وأجهزة كهرومنزلية...، يقول بأنها من سويسرا، إلى جانب أدوات ومعدات ميكانيكية. استفسرنا منه عن كيفية رؤية البضاعة، فقدم لنا رقم هاتفه وبعد الاتصال به حدد لنا موعدا وأعطانا العنوان الذي كان في أحد أحياء قسنطينة المشيدة حديثا، والتي تضم مجموعة من المنازل على شكل فيلات بسطح عين الباي. عندما وصلنا اتصلنا بصاحب الرقم الهاتفي، طلب منا الانتظار قليلا وكانت مدة الانتظار حوالي نصف ساعة، بعدها عاود الاتصال بنا ليسأل عن مكان تواجدنا وعندما حددنا له المكان، لم تمر إلا ثوان قليلة حتى ظهر شاب في مقتبل العمر كان يقود سيارة جديدة، طلب منا أن نتبعه وعلى بعد حوالي عشرات الأمتار وجدنا منزله، فتح لنا باب مرأب كبير أسفل المنزل الذي يقطن به، دخلنا وطلب منا غلق الباب حتى لا نثير انتباه الجيران، وجدنا سلعا مكدسة فوق بعضها، حينها أخبرنا بأنه يدرس في الجامعة وأنه يريد الحصول على بعض الأموال لتأمين مستقبله وبأن والده مقيم في فرنسا وهو الذي يرسل له هذه السلع من سويسرا عن طريق بعض الوسطاء الذين يؤمنون السلعة إلى غاية وصولها إلى قسنطينة، ليتصرف فيها هذا الشاب بمعرفته مستغلا وسائل الإعلام المتطورة، على غرار بعض المواقع الإلكترونية المشهورة وحتى "الفايسبوك".