الفن التشكيليّ يحقق الاستثناء

تواصل الأجيال كرّس المواهب وحقق الإنجازات

تواصل الأجيال كرّس المواهب وحقق الإنجازات
  • القراءات: 2253
مريم. ن مريم. ن

شهد الفن التشكيلي الجزائري استمرارية في العطاء والإبداع. وأكمل جيل بعده جيل مسيرة خطت بالروائع والإنجازات الفنية والأدبية والأكاديمية، وكانت لكل جيل بصمته، ونفسه المستمد من المرحلة التي شهدها بكل تغيراتها ومستجداتها، لكن العهد بقي، والبصمة والهوية الجزائرية ترسخت رغم تزاحم الألوان والاتجاهات.

بوكروي الطاهرلهم فضل علينا

قال البروفيسور بوكري إن الجيل الذي سبق جيله كان له الفضل في استمراره بالفن، وبلوغ أعلى المراتب، خاصة منها المراتب العلمية. وأضاف محدث "المساء": "من الأساتذة الذين شجعوني الفنان بشير يلس، سواء في الدراسة، أو في الرسم، وهو مؤسس المدرسة العليا للفنون الجميلة بعد الاستقلال. ورغم مقامه كان لا يبخل عنا ـ نحن الشباب ـ حينها، ويعطينا الخبرة والفرص، ويرسلنا إلى الخارج كي نتعلم، كما كانت الحال معي، حين أرسلني إلى إيران لأواصل دراستي في المنمنمات.

وتحققت النهضة في هذا الفن، وتعززت مع جيلي والجيل الذي تلاني، لتظهر تقنيات لم تكن من قبل، ناهيك عن الإبداع والاستثمار، وحتى الوعي بقيمة هذا الفن، وذلك كله بفضل أساتذتنا ومن سبقونا من الذين كوّنونا وقدّموا لنا أسرار الفن، والتي نقدمها، نحن بدورها، لتلاميذنا، ما ولّد الاستمرارية، وهو أمر مهم في نهضة ونضج الفن التشكيلي الجزائري وسمعته في الداخل والخارج، عكس، مثلا، مجال المسرح، الذي انطفأت شمعته، ولم يبق له وهجه الذي كان في الماضي، وكذلك الحال مع السينما، التي غابت روائعها اليوم".

ويرى المتحدث أن تواصل أجيال الفن والثقافة أمر غاية في الأهمية، إذ لا يمس فقط أهل الصنعة، بل هو مشروع مجتمع، يساهم في بناء الفرد الجزائري، ويعطيه زاده من الوعي والجمال وحب الانتماء إلى الهوية والوطن. وغيابه يعني التشتت والضياع وقطع البحار بحثا عن جنّات وهمية، وهذا الأمر تفطنت له الدول والأمم المتحضرة، وجعلت من الثقافة عجلة مهمة في التنمية، وفي بناء صورة البلد كما كانت الحال مع أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، حينما عملت على أن تكون مركز الكون في الثقافة، وما كان لذلك من أثر.

عبد القادر بومالةعملت مع أستاذي جنبا إلى جنب 

أشار الأستاذ بومالة إلى أن مساره الفني والعلمي كان مع الجيل الذي سبقه والذي لم يبخل عنه بشيء، بل عمل مع أستاذه يلس جنبا إلى جنب، في زخرفة قبة الصخرة بمقام الشهيد، وغيرها من المشاريع، وكانت تجمعهما أيام طويلة من البحث، ويستفيد كلاهما من الآخر. كما أكد المتحدث أن جيل الرواد حرص على تثمين عنصر الهوية الجزائرية، فأراد توريثها الأجيال بأمانة.

وبالنسبة لجيل اليوم، لا بد له من التكوين في الأكاديميات والمعاهد، علما أن النهضة الفنية عندنا، تراجعت نوعا ما، وهذا لقلة الدعم، وغياب الحافز؛ فما فائدة أن يكون جيل جيل آخر مادامت النتيجة واحدة، وهي التهميش!

سعيد بوغرورأعطيت تلاميذي خبرة 30 سنة

أكد الفنان بوغرور أنه التحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة سنة 1964 تخصص فنون إسلامية، ولاقى الدعم من أساتذته، ثم أصبح، بدوره، فنانا وأستاذا، أعطى ما لديه لتلاميذه طيلة 30 سنة تدريسا، ولم يبخل يوما، لذلك يقول: "على جيل اليوم أن يكتسب التقنيات العلمية والمعرفية للنجاح، علما أن هناك فنانين متمكنين وبارعين، شقوا طريقهم بثبات".

عمر مقدميالأجيال أدّت ما عليها

يُعد الفنان التشكيلي عمر مقدمي من جيل الشباب، يشق طريقه في عالم الفن من خلال المعارض واللقاءات، والاحتكاك بأساتذته من الفنانين الذين سبقوه. وأكد لـ "المساء" أن أساتذته لم يبخلوا يوما، وأعطوه ما يلزم من معارف وتقنيات. وتَشرّب منهم حب الفن والتواضع، وعدم الكف عن البحث، قال: "أساتذتنا لا يردون واحدا منا، ويدعموننا في النظري والتطبيقي حتى بعد التخرج. وهذه الاستمرارية ولّدت المواهب الجديدة"، لكنه يرى أن الفنان التشكيلي، اليوم، لا يعاني من صراع الأجيال، بل يعاني من تراجع هذا الفن في الساحة. ولم يعد الرسام أو النحات والخطاط وغيرهم في نفس مرتبة المغني أو الممثل.

أحمد امقران زرقةعلينا إقناع الشباب بأن الفن لا يولِد الفقر

يشغل الأستاذ زرقة منصب أستاذ في المدرسة العليا للفنون الجميلة، وقد التحق بعالم الفن منذ سنة 1968، ودرّس 5 سنوات بفلورونس، ومارس عدة اختصاصات في المنمنمات والتجريدي والكلاسيكي وغيرهما، وقدّم عدة منجزات، منها مجسم دلفين باسطاوالي سنة 82. وبعد دراسته بإيطاليا قدّم الكثير من الأعمال، منها لوحات وطوابع ومجسمات، وأكثر من 100 لوحة. ويقول إن معلمه كان الفنان يلّس، الذي تكفل بتلاميذه، ودرسهم، وبحث لهم عن وظائف بعد التخرج، فكان المعلم والأب، ما يعكس استمرارية الأجيال. وما يميز كل الفنانين عبر الأجيال، هو ذلك الحب والتواصل والجنون ومتعة الرسم. وكما كانت العلاقة طيبة ومستمرة مع المعلم، كانت نفسها مع تلاميذ زرقة، الذين يحبونه، ويتعاونون معه، ويطلبون استشارته، وهو يقنعهم دوما بأن الفن ليس فقرا كما يروّج البعض، "بل إذا أعطيته أعطاك". ويقول: "أقول لهم أنا خير مثال؛ كنت فقيرا وأصبحت عندي كل الإمكانيات المادية، وكذلك يجب أن يكون تلاميذي".

طالع أيضا/

* رسام تاريخ الجزائر.. مدرسة فنية شكّلتها ريشة حسين زياني

* عبد القادر بن دعماش  لـ "المساء": لكل جيل لونه وقوّته

*قدماء المسرح بقسنطينة يعودون من دار الثقافة "مالك حداد".. التأكيد  على فتح الأحضان  للجيل الجديد