الأئمة يستنكرون الظاهرة ويقرّون:

تفعيل دور المجالس العائلية يقلّل من حالات الخلع ويحفظ الأسر

تفعيل دور المجالس العائلية يقلّل من حالات الخلع ويحفظ الأسر
  • القراءات: 502
رشيدة بلال رشيدة بلال

يرى الشيخ بن يمينة إمام مسجد الكوثر بولاية البليدة، أن اللجوء إلى فك الرابطة الزوجية عن طريق الخلع، ارتفع في السنوات الأخيرة؛ حيث أصبحت الزوجة تسارع إلى المطالبة بهذا الحق الشرعي بمجرد أن يبدي الزوج تعنّتا، أو يرفض منحها حريتها، موضحا: "رغم تسجيل حالات يكون فيها للزوجة الحق الكامل في الاستنجاد بهذا الطريق الشرعي مثل الحالات التي يرفض فيها الإنفاق عليها أو يعنّفها، غير أننا لاحظنا في حالات أخرى، أن هناك مبالغةً في استعمال هذا الحق؛ حيث يوظَّف في غير محله، وبعيدا عن الشروط الواجب توفرها؛ الأمر الذي جعله طريقا سهلا لفك الرابطة الزوجية".

وحسب الإمام بن يمينة، فقد أشرف، مؤخرا بمعية عدد من الأئمة، على محاولة رد زوجة مصرّة على الخلع، عن موقفها؛ إذ ألحت على التحرر من زوجها الذي رفض أن يطلقها. "وبعد عدة محاولات تمكنا من إقناعها بالعدول عن رأيها  والصبر على زوجها؛ للحفاظ على أسرتها من التفكك.

وهي واحدة من العديد من الحالات التي يتم معالجتها"، مشيرا إلى أن مجالس الصلح تلعب دورا كبيرا في منع الأسر من التفكك، خاصة تلك التي تحتوي على الأبناء الذين يكون مصيرهم الضياع؛ يقول: "من أجل هذا نحاول في كل مرة، إصلاح ذات البين؛  حتى لا نشجع على استسهال الخلع وهدم الأسر، لا سيما إن كانت الأسباب  واهية ويمكن تجاوزها أو الصبر عليها".

الخلع، حسب الشيخ بن يمينة، شأنه شأن أي طريق آخر أقره القرآن والسنة  لفك الرابطة الزوجية، ولكن لا بد أن يكون وفق ضوابط وشروط، وأن يُستعمل  كما يجب؛ يقول الإمام: "وإن كنت أعتقد أنه أصبح من الضروري العودة إلى  تفعيل دور المجالس العائلية التي كانت في ما مضى، تلعب دورا كبيرا في إصلاح ذات البين بين المتخاصمين. وكان لها الدور الكبير في حماية الكثير من الأسر من التفكك. هذه المجالس التي تراجع دورها في السنوات الأخيرة بعدما أصبح قرار فك الرابطة الزوجية يتم بالإرادة للمنفرد، وبدون أخذ رأي العائلة الكبيرة".

المرأة تلجأ إلى الخلع بسبب كثرة الأعباء وإهمال الزوج ماديا

من جهته، يقول عبد الله بونجار إمام المسجد الكبير بالبليدة، بأن ظاهرة الخلع من الظواهر الدخيلة عن المجتمع الجزائري، بعدما أصبحت المرأة تطلب الخلع لأسباب تافهة، بعيدة عن تلك التي أقرها الدين، والتي تُبنى على الضرر؛

يقول: "حيث يُفترض أن اللجوء إلى الخلع يكون عند وقوع الضرر عليها، ولكن ما يحدث هو العكس؛ لذا نحاول، من جهتنا، أن ننصح ونوجه الحالات التي نلمس فيها نوعا من عدم الفهم لاستعمال هذا الحق المشروع؛ فنبحث عن الأسباب، ونحاول الإصلاح ما أمكن؛ حفاظا على تماسك الأسرة"، مشيرا إلى أنه بحكم الممارسة اليومية للحالات التي يجري معالجتها، فحالات الخصام بين الزوجين مرجعها، في الأساس، إلى تفاقم المشاكل العائلية؛ إذ أصبح للمرأة أعباء كثيرة بخلاف الماضي؛ حيث كانت مهامها واضحة، محصورة في إدارة شؤون البيت والأولاد".

ويوضح الإمام بونجار: "أما اليوم فأصبحت المرأة تقوم بمهام أخرى، وفي كثير من الأحيان تحل محل الرجل، كل هذه العوامل شجعتها على اللجوء إلى الخلع هروبا من الأعباء"، لافتا إلى أن حتى مفهوم الزواج بين كلا الطرفين، غير واضح؛ إذ لم يعودا يفهمان حقيقة بناء الأسرة. ونجد أغلب الحالات التي  تلجأ فيها المرأة إلى الخلع، تكون بسبب كثرة الأعباء، وإهمال الزوج، خاصة من  الجانب المادي.

ومن بين العوامل التي شجعت على الخلع، حسب الإمام عبد الله بونجار،  التكنولوجيا، التي أصبحت، هي الأخرى، لها تأثير كبير على العلاقات الزوجية؛ حيث يتم تجريب ما يتم عرضه على صفحات التواصل الاجتماعي حتى وإن لم تكن تتماشى مع الشريعة الإسلامية، بدون اللجوء إلى أهل الاختصاص في ظل  ضعف دور المجالس العائلية، التي كان يتم فيها مناقشة بعض القضايا المصيرية. وفي الختام يقول: "لكن، اليوم، أصبح كل شخص يرغب في اتخاذ قراره بنفسه؛ ما يعكس تأثير التغيرات الاجتماعية حتى على العلاقات الأسرية".