الأطلس البليدي

تشبُّث بالهوية الأمازيغية

تشبُّث بالهوية الأمازيغية
  • القراءات: 1756
ي.ص ي.ص

يحتفل سكان ولاية البليدة وخاصة القاطنين منهم بالقرى الواقعة على مستوى سلسلة الأطلس البليدي، وعلى غرار باقي ولايات الوطن، بحلول السنة الأمازيغية الجديدة المصادفة لـ 12 يناير من كل سنة، بإحياء عادات وتقاليد ورثوها عن الأسلاف، تعود إلى قرابة 3 آلاف سنة، تعكس تمسّكهم بهويتهم الأمازيغية.

على عكس سكان مدينة البليدة القاطنين بالمناطق الحضرية الذين تخلوا عن العديد من العادات والتقاليد التي تميز الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971 حيث يقتصر الاحتفال على ليلة 12 يناير فقط، لازالت العائلات المنتمية للأعراش القاطنة على مستوى جبال سلسلة الأطلس البليدي، محافظة على عادات وتقاليد تعود إلى آلاف السنين، حسبما أوضح، لوأج، مهتم بالتراث الأمازيغي بالمنطقة، معمر بن سونة. وأضاف السيد بن سونة أن جميع الأعراش القاطنين على مستوى سلسلة الأطلس البليدي على غرار السماتة (غرب الولاية) وبني صالح (جنوب غرب) وبني مسعود (جبال الحمدانية) وعرش غلاي القاطنين بطريق الشريعة وبني ميصرة المتمركزين بمنطقة حمام ملوان (شرقا)، لازالوا محافظين إلى غاية الآن، على عادات وتقاليد أسلافهم في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، والتي تشكل جزءا من هويتهم الأمازيغية.

وحسب المتحدث، فإن الاحتفال بحلول يناير الذي يورَّث من الأب إلى الابن ومن جيل إلى آخر، له نكهة ومكانة خاصة عند سكان هذه المنطقة بالنظر إلى رمزيته التي ترتبط بالانتماء إلى أرض الأجداد، لافتا إلى أن مظاهر الاحتفالات وعلى عكس باقي ولايات الوطن، تنطلق ابتداء من اليوم العاشر من جانفي، وتستمر على مدار ثلاثة أيام. فالاحتفال بحلول يناير تسبقه تحضيرات عديدة، منها إعادة طلاء المنازل، واقتناء أوان فخارية جديدة، بالإضافة إلى تغيير أحجار ”الكانون” الذي يُستعمل في طهي أطباق يناير، وفقا لنفس المصدر، هذا إلى جانب توجه النسوة نحو البساتين والغابات المجاورة، لجمع الأعشاب التي تُستعمل في طهي عدد من الأطباق التقليدية المحلية.

وعملا بمقولة ”نهار حشيش ونهار عيش ونهار ريش”، تقوم ربات البيوت في اليوم العاشر من جانفي، بتحضير الأطباق المكونة من أعشاب غابية وخضروات، على غرار طبق ”الحشلاف” المطهو بأعشاب الجبل، وطبق ”قطّع وارمي” و"التبيخة” المكوَّنين من جميع أنواع الخضر، و"بطاطا فليو” الطبق المفضَّل عند البليديين.

وفي اليوم الثاني يتم تحضير مختلف الوصفات المصنوعة من العجائن، على غرار”البغرير” و"الخفاف” و"المعارك”؛ تيمنا بسنة حلوة، وكذا طبق ”الكسكس” و"البركوكس”، فيما يجتمع أفراد العائلة كبيرا وصغيرا، في اليوم الثالث، على مائدة العشاء لتناول الطبق الرئيس المحضَّر من لحم الدجاج والعجائن؛ إذ تفضّل أغلب العائلات البليدية تحضير طبقي ”الفطاير” و"الرشتة”.

ومن بين التقاليد التي تنفرد بها هذه المنطقة، تخصيصُ نصيب أفراد العائلة الغائبين بعد انتهاء العشاء، لعابري السبيل أو المحتاجين، يضيف السيد بن سونة، وحتى الحيوانات يخصَّص لها نصيبها؛ في صورة تعكس أسمى صور الرحمة والتآزر والتلاحم.

وتجسيدا لهذه القيم الإنسانية، يضيف السيد بن سونة، يحرص الجيران والأقارب على تبادل الأطباق المحضَّرة بهذه المناسبة، التي لا تحلو بدون ”الدراز”، المكوَّن من مختلف أنواع المكسرات والحلويات والفواكه، التي تُسكب فوق رأس الطفل الأصغر بالعائلة بعد وضعه داخل ”قصعة” (طبق كبير)؛ تيمنا بسنة مليئة بالخير، ليتكفل بعدها أكبر أفراد العائلة بمنح كل واحد نصيبه بالتساوي.